تجاوزت أعدادهم ضحايا الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام: آلة الحرب الصهيونية تضع الصحفيين في غزة أهدافاً أساسية لها
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
الثورة /متابعة/حمدي دوبلة
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أمس الأحد، استشهاد صحفيين فلسطينيين اثنين في قصف صهيوني شمالي القطاع، ما يرفع عدد الصحفيين الشهداء منذ بداية العدوان الإسرائيلي إلى 103.وهو مايفوق عدد الإعلاميين الذين قضوا خلال الحرب العالمية الثانية
وأكد المكتب، في بيان: “ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 103 صحفيين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة”.
وأضاف البيان: “هذا الارتفاع جاء بعد ارتقاء الزميل الصحفي محمد يونس الزيتونية، مهندس الصوت في إذاعة الرأي الفلسطينية، والصحفي محمد عبد الخالق العف، المصور في وكالة الرأي المحلية، على يد الغدر الإسرائيلي في محافظة غزة”.
وفي وقت سابق من أمس الأحد، أفاد المكتب الحكومي، في بيان، بأن عدد الصحفيين الذين قتلوا خلال الحرب على قطاع غزة بلغ 101 صحفياً قبل أن يرتفع الرقم مجدداً.
وأدى القصف الإسرائيلي حتى الآن إلى استشهاد 20258 مدنيا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفا آخرين أكثر من 70% من الضحايا من النساء والأطفال، ويقول حقوقيون إن كل الأرقام القياسية السوداء والسلبية فيما يتعلق بالجرائم والانتهاكات وسفك الدماء حطمها الكيان الصهيوني خلال عدوانه الوحشي المتواصل على قطاع غزة بدعم أمريكي غربي مفضوح.
وتخطى عدد قتلى الصحفيين جراء الهجمات “الإسرائيلية” على قطاع غزة في أقل من شهرين، حصيلة قتلاهم خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) التي راح ضحيتها عشرات الملايين وتوصف بالحرب الأكثر دموية في التاريخ الحديث.
ويواصل جيش الاحتلال استهداف المدنيين والصحفيين وعائلاتهم في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر رغم اعتبار الاستهداف المتعمد للصحفيين والمدنيين جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي.
وأعلنت منظمة مراسلون بلا حدود، في مطلع نوفمبر الماضي، تقدمها بطلب لدى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة ضد الصحفيين خلال ما أسمته العنف الإسرائيلي في فلسطين.
قوات الاحتلال الصهيوني كانت قد أكدت في بيان تناقلته وكالات الأنباء العالمية خلال الأيام الأولى لحربها على غزة، أنها “لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين العاملين في قطاع غزة”، علاوة على فرض الجيش “الإسرائيلي” رقابة على الأخبار المتعلقة بغزة في رسالة بعثها إلى وسائل الإعلام في 26 أكتوبرالماضي.
ويصر جيش الكيان على استهداف الصحفيين، رغم أنهم يتمتعون بالحصانة بموجب القوانين الدولية، ويسعون إلى إيصال جرائم الحرب وهجمات الإبادة الجماعية في غزة إلى العالم.
ويفوق عدد الصحفيين الذين قتلتهم القوات الصهيونية في قطاع غزة خلال ثمانين يوما، عدد الإعلاميين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) وحرب فيتنام (1955-1975) والحرب الكورية (1950-1953).
ووفقا لمؤسسة “منتدى الحرية”، مقرها واشنطن وتدافع عن حرية الصحافة، فقد 69 صحفيا حياتهم خلال 6 سنوات خلال الحرب العالمية الثانية، التي أودت بحياة عشرات الملايين من البشر، والمعروفة بأنها الحرب “الأكثر دموية” التي يشهدها العالم الحديث.
كما فقد 63 صحفيا حياتهم في الحرب خلال الاحتلال الأمريكي لفيتنام، الذي استمر قرابة 20 عاما، كما فقد 17 صحفياً حياتهم في الحرب الكورية التي استمرت 3 سنوات، وفق “منتدى الحرية”.
وبحسب لجنة حماية الصحفيين، ومقرها نيويورك، فقد 17 صحفيا حياتهم خلال الحرب الروسية الأوكرانية منذ فبراير 2022م.
واتجهت دولة الاحتلال إلى تعمد استهداف الصحفيين منذ بدء عدوانها على قطاع غزة ولبنان في 7 أكتوبر الماضي بهدف تغييب الحقيقة والتعتيم على جرائمه ومجازره الوحشية بحق المدنيين.
كما تعرض الصحفيون لحالات كالاعتقال والرقابة وقتل أفراد عائلاتهم على يد الاحتلال خلال الفترة نفسها.
وفي 13 أكتوبر الماضي، استهدف الجيش الإسرائيلي منزل المصور الصحفي بوكالة “الأناضول” علي جادالله في غزة، فقد فيها جادالله ما لا يقل عن 8 أفراد من أسرته بمن فيهم والده وإخوته.
وفي التاريخ نفسه، فقد مصور وكالة “رويترز” عصام عبدالله في لبنان حياته، وأصيب 6 إعلاميين جراء استهدافهم من قبل القوات الصهيونية جنوبي لبنان.
إلى ذلك أكدت منظمة “مراسلون بلا حدود”، في تحقيقاتها بالحادثة، تعمد القوات “الإسرائيلية” استهداف الصحفيين رغم وضعهم إشارة “صحافة” على ملابسهم.
كما قتل عدد من أفراد أسرة مراسل قناة “الجزيرة” وائل الدحدوح جراء هجوم نفذه الجيش “الإسرائيلي” على قطاع غزة في 23 أكتوبر، فراح ضحيته زوجته وابنه وابنته وحفيده البالغ من العمر 18 شهرا.
وفي القصف الذي استهدف مدينة خان يونس في الأول من نوفمبر المنصرم قُتل مراسل التلفزيون الفلسطيني محمد أبوحطب و11 فردا من عائلته.
وفي قصف إسرائيلي يوم 5 نوفمبر فقد مصور “الأناضول” محمد العالول أبناءه الأربعة، وثلاثة من إخوته.
وفي 21 من الشهر ذاته، قُتلت مراسلة قناة “الميادين” فرح عمر، والمصور ربيع المعماري، جراء غارة جوية صهيونية في بلدة طيرحرفا خلال متابعتها التطورات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
كما قتلت الصحفيتان آلاء طاهر الحسنات، وآيات خضورة جراء قصف “إسرائيلي” على غزة، فيما حفرت في الأذهان اللحظات الأخيرة للصحفية آيات خضورة مراسلة قناة “الغد”، حينما ظهرت في آخر ظهور لها وقالت: “قد يكون هذا الفيديو الأخير”.
وقُتل مدير رابطة بيت الصحافة الفلسطيني بلال جادالله، من بين أكثر الصحفيين المرموقين في غزة، جراء قصف إسرائيلي بالدبابات في حي الزيتون خلال توجهه نحو جنوب غزة.
وبعد انتهاء “الهدنة الإنسانية” واستئناف الجيش الصهيوني عدوانه على قطاع غزة في الأول من ديسمبر قتل 3 صحفيين في يوم واحد، بينهم مصور وكالة “الأناضول” منتصر الصواف، الذي كان قد فقد والدته وأباه والعديد من أقاربه في هجوم “إسرائيلي” يوم 18 نوفمبر الماضي وأصيب هو حينها بجروح.
وفي معرض استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، تدمرت مكاتب صحيفة “الأيام” و”إذاعة غزة” ووكالة “شهاب” للأنباء، ووكالة “معا” الفلسطينية، وكتب قناة “برس تي في”، وقناة “العالم” الإيرانيتين، ومكتب الوكالة الفرنسية كليا أو جزئيا.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قد أكدت أن الضربتين “الإسرائيليتين” على صحفيين بجنوب لبنان الشهر الماضي هما هجومان متعمدان على مدنيين، يستدعيان تحقيقاً (قضائيا) حول حدوث جريمة حرب”.
إلى ذلك تقدمت منظمات حقوقية ومؤسسات إعلامية عربية ودولية بشكاوى قضائية إلى محكمة الجنايات الدولية وطالبت بمحاكمة قادة الاحتلال بجرم تعمد استهداف الصحفيين والمؤسسات الإعلامية العاملة في غزة وفي كافة المناطق التي يطالها العدوان الإسرائيلي .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة.. ترقب فلسطيني وعرقلة إسرائيلية
تترقب الأوساط الفلسطينية دخول المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن غزة حيز التنفيذ بفارغ الصبر، بعد أن عمدت حكومة الاحتلال إلى عرقلتها، والتملص من استحقاقاتها على مدار الأسابيع الماضية، في محاولة لحصر الخطة في مرحلتها الأولى فقط.
ورغم ضابية المشهد وعدم الوضوح بشأن الموعد المحدد لدخول المرحلة الثانية، قالت مصادر صحفية، إن إدارة الرئيس الأمريكي تمارس ضغوطا على "إسرائيل" لإكمال بنود الخطة المعلنة بشأن غزة، على رأسها "المرحلة الثانية" التي ينتظرها أهالي القطاع بفارغ الصبر، كونها تعني تثبيت وقف إطلاق النار، والبدء بخطة الإعمار. وسط مخاوف من استمرار عرقلتها من قبل حكومة الاحتلال.
وقال موقع "أكسيوس" إن الرئيس الأمريكي يعتزم الإعلان قبل عيد الميلاد الذي سيحل بعد نحو ثلاثة أسابيع عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب في غزة، وتشكيل هيئة حاكمة جديدة لحكم القطاع، كما ذكر مسؤولون أمريكيون.
علام تنص بنود المرحلة الثانية؟
تنص بنود هذه المرحلة على إلى إدارة القطاع بواسطة هيئة حكم انتقال مدنية تتكون من مستقلين فلسطينيين وخبراء دوليين.
كما تتضمن انتشار قوة استقرار دولية في غزة، واستكمال انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الخط الأصفر إلى الأحمر، بالإضافة إلى إزالة أطنان من الركام والأنقاض وبدء إعادة الإعمار.
ولكن قبل البدء في البنود أعلاه، لا بد من "نزع سلاح حركة حماس وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة"، كشرط للتقدم في المرحلة الثانية، وهو الأمر الذي يثير مخاوف الفلسطينيين من وضع هذا الشرط الذي يصعب تحقيقه في المرحلة الحالية، كذريعة لوقف التقدم نحو المرحلة الثانية، رغم وجود مؤشرات أمريكية على إمكانية تأجيله إلى مراحل لاحقة.
خلافات عميقة
وتشير تقارير عبرية إلى أن "إسرائيل" لا تزال تعتبر نزع سلاح حركة حماس بالكامل شرطا غير قابل للتفاوض، وترى أن أي صيغة بديلة مثل تخزين السلاح أو إخراجه مؤقتا من الخدمة، أمر غير مقبول بالنسبة لها، في المقابل، تتحدث أوساط إسرائيلية عن طرح أمريكي جزئي لـ"إخراج السلاح من الخدمة"، على غرار تجارب نزاعات أخرى، وهو ما ترفضه إسرائيل خشية إعادة استخدام السلاح لاحقا، أو تأجيل ملف السلاح إلى ما بعد المرحلة الثانية.
ونقلت "يديعوت أحرنوت" قبل أيام عن مسؤولين إسرائيليين تهديدات صريحة بأن عدم تنفيذ نزع السلاح سيقابل بتدخل عسكري مباشر، ما يفرغ اتفاق وقف النار من مضمونه، ويبقي خيار الحرب حاضرا في أي لحظة.
محاولات لإفشال المرحلة الثانية
ويعتقد رئيس لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، جمال زحالقة أن أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الأولى، لن يتغيّر في المرحلة الثانية لتنفيذ اتفاق ترامب، مؤكدا أنه لا مؤشّرات أنّ حكومة نتنياهو ستبدّل تعاملها في المرحلة المقبلة. العكس هو الصحيح، فهي ستواصل خرقها لوقف إطلاق النار والتضييق على المساعدات وعلى فتح المعابر، وسوف تنقل خروقات المرحلة الأولى كأدوات ضغط ومناورة في المرحلة الثانية.
وشدد زحالقة في مقال له، نشرته "عربي21" على أنه كان من المفروض أن يكون دخول لمساعدات إنسانية كاملة، وفتح للمعابر ووقف فعلي لإطلاق النار، مقابل تسليم المحتجزين في غزة ، لكن "إسرائيل" استلمتهم كما نص الاتفاق، لكنّها لم تدفع الثمن، إلا جزئيا واحتفظت لنفسها بالجزء الأكبر للمقايضة به لاحقا.
ويعتقد زحالقة أن إمكانية التقدم في المرحلة الثانية ليست صعبة فحسب، بل شبه مستحيلة. محذرا من أن الذي قد يحدث في حال انسداد الأبواب السياسية هو العودة إلى الحرب الشاملة في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من المزيد من الكوارث والدمار.
لماذا لا يريد "نتنياهو" المرحلة الثانية؟
يقول الكاتب محمد صابر في مقال له، إن المرحلة الثانية تفرض على "إسرائيل" انسحابا أوسع، ودخولا لحكومة مدنية انتقالية، وتقليصا للسيطرة العسكرية، وهذه المرحلة تعني أنه يجب على "إسرائيل" أن تدفع ثمنا، فيما المرحلة الأولى من الاتفاق كانت مريحة لإسرائيل: إطلاق بعض الأسرى، خفض نسبي للقصف، لا التزامات سياسية، لا انسحاب حقيقيا. أما المرحلة الثانية فتفرض لأول مرة: انسحابا أوسع، ودخولا لحكومة مدنية انتقالية، وتقليصا للسيطرة العسكرية. وهذا أمر يرفضه نتنياهو لأنه سيعني نهاية "حربه" التي يستخدمها للبقاء في السلطة، فتح ملفات التحقيق في فشل 7 أكتوبر، وبدء نقاش جدي حول من يحكم غزة. لذلك جمّد المرحلة الثانية تماما.
ويرى صابر أن سبب رفض نتنياهو للدخول للمرحلة الثانية، لأنه يعيش على حرب لا تنتهي؛ الحرب بالنسبة لنتنياهو ليست معركة، بل وسيلة للبقاء. إذا بدأت المرحلة الثانية ستبدأ لجان التحقيق، وستظهر حقيقة أن "النصر الكامل" مجرد شعار، وسيُسأل: لماذا لم يتم إنقاذ الرهائن؟ لماذا استمر القتل بلا هدف؟.. لذا يبقي نتنياهو الوضع بين: لا حرب شاملة، ولا سلام حقيقيا، بل قتل يومي منخفض الإيقاع.
وإضافة إلى ذلك، قال المحلل السياسي إن هناك خلاف جذري بين مشروعين متناقضين، فحماس تريد وقفا نهائيا للحرب، ورفع الحصار، وضمانات مكتوبة بعدم إعادة الاحتلال، و"إسرائيل" تريد تجريد المقاومة من القوة، ووصاية أمنية دائمة، وحكما مدنيا ضعيفا لا يملك قرارا مستقلا. لذلك تحوّل الاتفاق إلى صدام بين مشروعين لا يلتقيان.