من سيفاجأ لو قطعت العلاقات الجزائرية الإماراتية؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
المقصود بالطبع هنا هو العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، التي تؤكد الكثير من المؤشرات أنها في أدنى درجاتها، بعد التدهور الكبير الذي وصلته، كما عبرت عنه الصحافة الجزائرية في أكثر من مناسبة، وتعليقات الكثير من المسؤولين الجزائريين، بقيت لحد الساعة ضمن دوائر مغلقة. رغم أن العلاقات الرسمية والشعبية كانت دائما في أحسن أحوالها، شكليا على الأقل، منذ استقلال دولة الإمارات، التي ربط رئيسها الشيخ زايد علاقات متميزة مع الرئيس بومدين في فترة السبعينيات، كما كان الحال مع الملك السعودي فيصل، الذي قربته مواقفه العربية والدولية من الجزائر، لتعرف العلاقات بين دولة الإمارات والجزائر تدهورا في المدة الأخيرة، وصلت إلى حد كيل الصحافة الجزائرية اتهامات خطيرة لهذا البلد، عما قيل إنه تجنيد جواسيس لضرب استقرار الجزائر، كما أكدته زعيمة حزب العمال الجزائري، بعد استقبالها من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
العلاقات بين البلدين بقيت من دون عمق شعبي، رغم بعض النشاط السياحي، من قبل الجزائريين – وليس الإماراتيين كما كان يفترض – في علاقاتهم بإمارة دبي تحديدا، التي استقطبت جزءا من رجال أعمال جزائريين، حديثي النعمة، من النوع الذي ظهر خلال فترة حكم الرئيس بوتفليقة، الذي زاد فيه منسوب الفساد بشكل كبير، تحولت على أثره دولة الإمارات إلى ملجأ آمن للأموال الجزائرية المنهوبة، لتصبح قبلة مقصودة للأوليغارشية الجزائرية، التي وجدت ما كانت تصبو إليه من تسهيلات مالية غير شفافة، ونمط حياة يومية استهلاكية لم تجدها في الجزائر.
في حين بقيت العلاقات من قبل الطرف الإماراتي محصورة في رجال أعمال -جزء كبير منهم لبناني وغير إماراتي عموما – بعد الاستثمارات الشحيحة المنجزة على أرض الواقع، انتظرها بوتفليقة طويلا، هو الذي عوّل على علاقاته الشخصية والعائلية مع أبناء زايد، الذين ربط معهم علاقات شخصية، حين كان مقيما في أبوظبي عندما كان مغضوبا عليه في الجزائر. استثمارات لم تكن لترضي بوتفليقة، الذي توفاه الله وهو غير راضٍ على الإماراتيين الذين خذلوه وهم يسوفون في المجيء للجزائر، ولا يستثمرون إلا النزر القليل في ميدان الخدمات، كانت في الغالب لصالحهم – موانئ دبي وبعض العقار والصناعات الميكانيكية الألمانية، احتكرها الجيش الجزائري. استثمارات كان قد عول عليها بوتفليقة عند وصوله للحكم كدليل على قوة علاقاته الدولية، التي جاء لوضعها تحت تصرف الجزائر كرئيس جمهورية.
استمرت الأحوال على ما هي عليه وربما أكثر خلال فترة الاضطراب الذي عاشها النظام السياسي الجزائري، أثناء حكم قائد الأركان السابق قايد صالح، الذي انتشر الكثير من الشائعات، في حينها عن علاقات متميزة يكون قد نسجها هو وبعض رجاله المقربين مع الإماراتيين، على خلفية صفقات مالية تكون مرتبطة، حسب هذه القراءة بشراء الأسلحة، التي تميزت الإمارات بتنظيم الكثير من معارضها الدولية، ما أثار الكثير من المواقف المعارضة، التي تم التعبير عنها داخل مسيرات الحراك الشعبي، الذي وجه سهام نقده لدولة الإمارات ولدورها في الجزائر خلال هذه الفترة الحساسة، التي بدت فيها في حالة ضعف وقابلة للاختراق، كما حاولت ان تنجزه السفارة الإماراتية مع بعض الأوساط الإعلامية والجامعية المعربة، اعتمادا على الإعلام الإماراتي الحاضر بقوة، عكس الإعلام الجزائري، الذي لم ينجح حتى الآن في إنجاز أي حضور دولي أو عربي، رغم الإمكانيات البشرية القابلة للتجنيد، لو وجد وضوح الرؤية لدى صاحب القرار السياسي والدبلوماسي.
عدم نجاح الاختراق الإماراتي للنظام السياسي الجزائري، بعد وفاة قايد صالح المفاجئ، هو الذي دفع الإمارات لتعود بقوة إلى علاقتها القديمة مع المغرب، حيث ترتبط النخب السياسية الحاكمة في البلدين بعلاقات شخصية وعائلية وطيدة، بدأت منذ مرحلة دراسة أبناء زايد في المغرب مع جيل الملك محمد السادس، في فترة حكم الملك الحسن الثاني في المدرسة المولوية. زيادة بالطبع على الخيارات السياسية الوطنية والدولية القريبة، التي وطدها المناخ الدولي الجديد، بعد الإعلان عن اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، على خلفية أزمة الصحراء، التي اتخذت فيها الإمارات مواقف مؤيدة للمغرب، بشكل لا لبس فيه، كما أشار إلى ذلك فتح قنصلية في الداخلة، التي سكتت الجزائر عنه رسميا ولم يتحدث عنه إعلامها. الإمارات التي تتميز سياستها الخارجية بتنمر واضح في الملفات التي تهم الجزائر مباشرة، كما هو الحال في دول الساحل وليبيا وتونس لاحقا، زيادة على القضية الفلسطينية بالطبع، التي يتخذ فيها البلدان مواقف في غاية التعارض.
في وقت لم تعد فيه الجزائر لاحتلال مكانتها التي كانت تحتلها على المستوى الدولي، بعد موجة الاضطراب التي عاشتها خلال التسعينيات، والضعف الذي اعترى القوى الدولية الداعمة لها، وشلّ دبلوماسيتها والهوان الذي عاشته في ملف الدخول إلى البريكس. الإمارات التي تكون بعد هذا التقارب مع المغرب قد حلت الإشكال الأساسي الذي كان يعاني منه هذا البلد المتمثل في الموارد المالية، التي يمكن بواسطتها منافسة الجزائر عسكريا، ورصد الدعم الخليجي له في ملف الصحراء، الذي لم تنجح الجزائر في تسويقه عربيا، ما جعلها تلجأ إلى الفضاء الافريقي الذي تملك فيه أوراقا أحسن، تحاول الإمارات اللعب داخله لصالح المغرب كذلك، إذا صدقنا الصحافة الجزائرية، التي تكلمت عن حضور أوروبي ـ استثمارات مالية – لهذه الدولة الخليجية، تحاول أن تجنده لصالح المغرب في ملف الصحراء، المهم جدا بالنسبة للجزائر. ما جعل الجزائريين يخرجون بانطباع غاية في السوء، وهم يعاينون هذا التحرش الإماراتي بهم على صعيد أكثر من ملف، في غياب شبه كلي للعلاقات بين البلدين منذ مدة، بما فيها الشخصي، بين المسؤولين، كان يمكن ان تضع الملفات على الطاولة لإيجاد نقاط التقاء، قبل استفحال الأمور ووصولها الى نقطة القطيعة، كما تشير إلى ذلك بعض المعلومات الإعلامية المسربة التي تتكلم عن تخفيض في التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى حده الأدنى. قد يكون التمهيد العملي للخطوة المقبلة التي لن تفاجئ أحدا، إذا تم الإعلان عنها، لتبقى العلاقات بين البلدين في حالة جمود كأحسن الفرضيات الممكنة.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العلاقات الجزائرية الإمارات الجزائر علاقات الإمارات سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین البلدین الکثیر من
إقرأ أيضاً:
فرص الكوادر الإماراتية وأثر برنامج المحتوى الوطني محور فعاليات ثاني أيام «اصنع في الإمارات»
أبوظبي (الاتحاد)
أجمع مسؤولون ومختصون في جلسات اليوم الثاني من منصة «اصنع في الإمارات»، على أن تطوير مهارات الكوادر الإماراتية أصبح التزاماً وثقافة متكاملة في مختلف القطاعات، لاسيما مع وجود برامج نوعية لتمكين الشباب الإماراتي مثل برنامج «نافس» وغيره من المبادرات النوعية التي توفر فرصاً جديدة للكوادر المواطنة بالتعاون مع القطاع الخاص.
كما أكد المتحدثون في جلسات «اصنع في الإمارات» على النتائج النوعية التي حققها «برنامج المحتوى الوطني» في تعزيز آفاق نمو الصناعات المحلية وتسريع الصناعات المتقدمة.
وفي إطار تركيز فعاليات اليوم الثاني من «اصنع في الإمارات» على أثر برنامج المحتوى الوطني، شهدت منصته تكريم رواد برنامج المحتوى الوطني من الأفراد والمؤسسات والشركات، بحضور كلٍ من غنّام بطي المزروعي، الأمين العام لمجلس تنافسية الكوادر الإماراتية، وعمر صوينع السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وسلامة العوضي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنمية الصناعية بوزارة الصناعية والتكنولوجيا المتقدمة.
وتم تكريم كلٍ من وزارة المالية ووزارة الاقتصاد وبرنامج «نافس» ومكتب أبوظبي للاستثمار في مجال الشراكات الاستراتيجية لبرنامج المحتوى الوطني. كما فازت «أدنوك» بجائزة أفضل ممارسات المحتوى الوطني. فيما فازت «رافد» بجائزة برنامج المحتوى الوطني المخصصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الوطنية.
وشهدت منصة «اصنع في الإمارات» في يومها الثاني توقيع مجموعة مذكرات تفاهم بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وكلٍ من إعمار، وسلال للغذاء والتكنولوجيا، وكالدس، ومدن القابضة، للانضمام إلى «برنامج المحتوى الوطني».
وفي جلسة بعنوان «التوطين وعام المجتمع»، أكد غنام المزروعي الأمين العام لمجلس تنافسية الكوادر الإماراتية، أنه في ظل رعاية وتوجيهات القيادة الرشيدة، يتواصل تمكين الكوادر الإماراتية من خلال المبادرات مثل برنامج «نافس» وغيره، لافتاً إلى أن تمكين المواطنين في القطاع الخاص هدف رئيسي في برنامج «نافس» الذي ساهم في مضاعفة أعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص إلى أكثر من 137 ألف مواطن، بالإضافة إلى دعم نحو 3000 طالب وطالبة في تخصصات طبية، يحصلون على تعليم متميز وفرص عمل مضمونة بعد التخرج، فضلاً عن توفير نحو 50 ألف جلسة توجيهية للمواطنين في القطاع الخاص، ما ساهم في تعزيز قدراتهم وتمكينهم بشكل فعال.
بدورها، قالت عائشة يوسف، وكيل وزارة تمكين المجتمع إن التمكين هو الهدف الأسمى، وقد أصبح نموذجاً متكاملاً ومساراً يؤكد بأن الإنسان هو المحور الرئيسي في عملية التنمية. وأضافت: «تستند استراتيجيتنا على توفير الفرص التي تساعد الأفراد على النمو، مما يمكنهم من تطوير مهاراتهم. ومن هنا، فإن عام المجتمع هو لحظة وعي وتحفيز للجميع لإحداث تحول إيجابي لأنفسهم وللمجتمع وصناعة المستقبل».
وناقشت فعاليات اليوم الثاني مستقبل الصناعات الفضائية في جلسة بعنوان «التكنولوجيا العميقة والتصنيع الفضائي» بمشاركة كلٍ من سالم بطي القبيسي، المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، وعامر الصايغ الغافري، مساعد المدير العام للهندسة الفضائية بمركز محمد بن راشد للفضاء، وكريم صباغ، المدير العام لشركة «سبيس 42» (Space 42)، وعبد الحفيظ موردي، الرئيس التنفيذي لشركة تاليس الإمارات، والذين أكدوا على أهمية الشراكات في تعزيز البيئة الحيوية المتكاملة للصناعات الفضائية في الدولة.
وانسجاماً مع شعار تسريع الصناعات المتقدمة لهذه الدورة من «اصنع في الإمارات»، شهدت فعاليات اليوم الثاني جلسة تخصصية نوعية من تنظيم مكتب أبوظبي للاستثمار حول تسريع تبنّي تقنيات وحلول الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي في قطاع التصنيع في دولة الإمارات، شارك فيها عمران مالك، مدير مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة «SAVI»، ونيخيل غويل، الرئيس التجاري لشركة «آرتشر» للطيران.
كما ناقشت جلسة رئيسية التعاون في المشهد الصناعي على مستوى الدولة، شارك فيها كلٌ من شريف العوضي، المدير العام والرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بالفجيرة، ومحمد الخضر الأحمد، الرئيس التنفيذي لمناطق خليفة الاقتصادية أبوظبي - مجموعة كيزاد، ورامي جلاّد، الرئيس التنفيذي لهيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية (راكز)، وسعود أبو الشوارب، النائب التنفيذي لرئيس مجموعة تيكوم - القطاع الصناعي.
كما ناقشت جلسة رئيسية تعزيز برنامج المحتوى الوطني لمرونة الصناعات المحلية، شارك فيها كلٌ مع عمر صوينع السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومحمد علي الكمالي، الرئيس التنفيذي للتجارة والصناعة في مكتب أبوظبي للاستثمار، وياسر سعيد المزروعي، الرئيس التنفيذي لدائرة الموارد البشرية والدعم المؤسسي والتجاري في «أدنوك، والمهندس سعيد الرميثي، الرئيس التنفيذي لشركة حديد الإمارات أركان.
كما شهدت منصة اصنع في الإمارات عقد جلسة حوارية تحت عنوان «سد فجوة رأس المال وتحفيز نجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات»، وذلك بتنظيم من صندوق الإمارات للنمو. وشهدت الجلسة التي أدارتها نجلاء المدفع، نائب رئيس مركز شراع، ونائب الرئيس والعضو المنتدب لدى صندوق الإمارات للنمو، مشاركة كلٍ من أحمد النقبي، الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات للتنمية، والدكتور علي السويدي، مؤسس مركز ترميم للعظام والعمود الفقري، وستيفن ويلتون، عضو مجلس إدارة صندوق الإمارات للنمو.
كما استضافت منصة اصنع في الإمارات جلسة حوارية بعنوان «الشركات العائلية: ممكنات رئيسية للنمو والتوسع في القطاع الصناعي»، شارك فيها عبدالرحمن الشيباني، الرئيس التنفيذي لمجموعة القرق.
وقدّم روّاد أعمال من منصة اصنع في الإمارات نصائح للطلاب لتأسيس عمل تجاري. ودعت رائدة الأعمال الإماراتية الدكتورة ريم الجنيبي، مؤسِسة منصة «ستيلر استوديو»، رواد الأعمال للتحلي بالمرونة، والإصرار، والتعلم من الأخطاء.