عضو كنيست: دول مستعدة لاستقبال لاجئين من غزة بشروط
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
في الوقت الذي تطرق فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لما أسماها بـ"الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من قطاع غزة، قال عضو الكنيست، داني دانون، إن هناك "دولا أبدت استعدادها لاستقبال لاجئين" من القطاع.
وأشار دانون في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية، الإثنين، إلى أن إسرائيل "تلقت رسائل من دول مستعدة لاستقبال لاجئين" من القطاع، موضحا أن تلك الدول "من أمريكا الجنوبية وقارة أفريقيا".
وأضاف أن "بعضهم طلب الدفع (تلقي الأموال) وبعضهم طلب أشياء أخرى"، لافتا إلى أن إسرائيل "ستبقى على اتصال مع الأطراف المعنية".
وعرض دانون الذي ينتمي لحزب الليكود، تلك الفكرة خلال جلسة كتلته، الإثنين، في وقت عقّب فيه نتنياهو على الأمر بالقول، إنه "مستعد لتشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين من غزة".
لكنه أضاف مستطردا: "مشكلتنا ليست في السماح بالخروج، بل في وجود دول مستعدة لاستقبالهم".
وطالما عبّرت دول عربية، على رأسها مصر والأردن، عن رفضها "التهجير القسري" للفلسطينيين، وذلك في وقت توجه فيه أغلب سكان القطاع إلى الجنوب بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية، وباتوا قريبين جدا من الحدود المصرية.
واقترحت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، غيلا غملئيل، تعزيز "إعادة التوطين الطوعي" للفلسطينيين في غزة خارج القطاع، لافتة إلى أن فكرة إعادة السلطة الفلسطينية للسيطرة على القطاع "فشلت في الماضي وستفشل مستقبلا".
وتخشى مصر والأردن، مثل الفلسطينيين، من أن تؤدي أي حركة نزوح جماعية عبر الحدود إلى تقويض احتمالات التوصل إلى "حل الدولتين"، وترك الدول العربية تتعامل مع العواقب.
كما أعربت الولايات المتحدة عن رفضها لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ودعمها لـ"حل الدولتين". وفي الوقت نفسه، تؤكد واشنطن على دعمها الثابت لإسرائيل في إطار حربها ضد حركة حماس.
وفي نوفمبر أيضًا، كتبت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، غيلا غامليل، مقال رأي لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، دعت فيه الدول الغربية إلى استقبال سكان القطاع.
ودعت في المقال إلى إعادة توطين للفلسطينيين خارج قطاع غزة، وقالت إن "من المهم أن تتاح لتلك الفرصة لأولئك الذين يبحثون عن حياة في مكان آخر".
وتابعت: "هذه فرصة لأولئك الذين يقولون إنهم يدعمون الشعب الفلسطيني كي يظهروا أن هذه ليست مجرد كلمات فارغة".
وحينها أعلنت السفارة الإسرائيلية في واشنطن، أن تصريحات غامليل تعكس موقفها الشخصي، وليس رأي الحكومة.
وسبق تصريحاتها، قول وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن "الهجرة الطوعية واستيعاب عرب غزة في دول العالم، هو حل إنساني ينهي معاناة اليهود والعرب على حد سواء".
وجاءت تصريحات سموتريتش، تعليقا على مقرح قدمه عضوان في الكنيست الإسرائيلي، بـ"قبول الدول الغربية سكان غزة كلاجئين، وإعادة توطينهم".
ومنذ اندلاع الحرب إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، حثت إسرائيل في 13 أكتوبر/تشرين الأول سكان شمال غزة حوالي 1.1 مليون من إجمالي عدد السكان البالغ 2.4 مليون نسمة على النزوح إلى جنوبي القطاع، محذرة من أنها ستضرب مناطق مختلفة لتدمير مراكز عمليات حماس.
ومنذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا وحشيا على قطاع غزة، خلف أكثر من 20 ألف شهيد و 55 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
المصدر | متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل كنيست غزة لجوء قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل وهندسة سياسة التجويع في غزة
بقلم: د.حامد محمود
مستشار مركز العرب للدراسات الاستراتيجية
القاهرة (زمان التركية)_ “فخ الموت”.. أو “مصيدة الموت”.. بهذه المسميات وصفت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، الوضع في غزة، منتقدة إسرائيل والإدارة الأمريكية والشركات الداعمة لها، وهو ما دفع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على المسؤولة الأممية، واصفة جهودها بأنها “غير مشروعة ومخزية” لدفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات ضد مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أمريكيين وإسرائيليين.
ويُعد هذا القرار أحدث جهد من جانب الولايات المتحدة لمعاقبة من يحققون في الجرائم المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل مع استمرار الحرب في غزة.
وفي الحقيقة، فإنه لا يكاد يمر يوم دون أن يتفاقم المشهد الإنساني في قطاع غزة، حيث تحوّلت مراكز توزيع المساعدات إلى ساحة جديدة للصراع، ليس فقط بين الجوعى واليائسين، بل بين أطراف تتنازعها مصالح ضيقة وسياسات قاتلة. فبينما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في حصاره المشدَّد، الذي حوّل القطاع إلى جحيم لا يُطاق، تبرز تقارير ميدانية عن تورّط عناصر من حماس في عرقلة توزيع المساعدات، بل ومصادرتها لصالح “المقاومة” وأتباعها. المشهد لا يخلو من مأساوية مفرطة: شعب يُذبح جوعًا، وسلطة حاكمة تُحوّل قوافل الغذاء إلى ورقة ضغط، وعدوان إسرائيلي يُحكم الخناق على كل منفذ حياة.
التقارير المتواترة، واللقطات الميدانية المؤلمة، تُظهر بوضوح محاولات متعمّدة لعرقلة وتوجيه مسار المساعدات. الحديث هنا ليس عن الفوضى العفوية التي قد تنجم عن اليأس، بل عن ممارسات منظمة، تُشير بأصابع الاتهام إلى أطراف تسعى لفرض سيطرتها على شريان الحياة الوحيد المتبقي للسكان. وفي هذا السياق، تبرز الاتهامات الموجهة لحركة حماس، والتي تتحدث عن تدخلات تُعيق وصول المساعدات إلى مستحقيها، سواء من خلال الاستيلاء عليها أو تعطيل عمليات التوزيع. إن هذه المحددات – إن صحّت – ليست مجرد خرق للقوانين الدولية، بل هي كارثة إنسانية بحد ذاتها، تُضاف إلى كوارث القطاع اللانهائية. فماذا سيحدث إذا استمرت هذه التهديدات أو اشتدت وتيرتها؟ السؤال لا يحتاج إلى كثير من التكهنات للإجابة عليه؛ فالنتيجة المحتملة هي انهيار شبه كامل لشبكة المساعدات الإنسانية.
تدهور الوضع الأمني حول مراكز التوزيع ليس مجرد قضية لوجستية، بل هو مؤشر خطير على تصاعد حالة اليأس والاحتقان داخل القطاع. فعندما تُعيق المساعدات عن الوصول إلى مستحقيها، تتفاقم الأزمة الإنسانية، ويتحوّل الجوع من مجرد تحدٍّ إلى سلاح. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: من سيتضرر من هذا الوضع؟ الإجابة واضحة ومؤلمة: سكان غزة، الأطفال والنساء والشيوخ، الذين باتوا يعيشون على هامش الحياة، ينتظرون بصيص أمل من شاحنات المساعدات.
إن استمرار هذه الممارسات يعني دفع القطاع نحو شفير الهاوية. فإذا أُجبرت المنظمات الإنسانية على تعليق عملياتها، أو حتى تقليصها بشكل كبير بسبب المخاوف الأمنية، فإن الكارثة الإنسانية ستكتمل فصولها. من سيضمن وصول الغذاء والدواء والماء إلى مئات الآلاف من السكان في حال انهيار هذه الشبكة الهشّة؟ هل ستتمكن الأطراف المحلية من سدّ هذا الفراغ الهائل؟ وهل ستكون قادرة على إدارة عملية توزيع عادلة وشفافة في ظل أجواء الفوضى والتوتر؟ الشواهد الحالية لا تُبشّر بخير، بل تُنذر بمزيد من التعقيدات والمآسي.
ولا يمكن تحميل حماس وحدها مسؤولية هذه الأزمة؛ فالاحتلال الإسرائيلي يتحمّل الجانب الأكبر من الكارثة. فمنذ بداية الحرب، فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على القطاع، منعت بموجبه دخول الغذاء والدواء والوقود، بل وحتى المياه. ثم سمحت لاحقًا بكميات محدودة من المساعدات، لكنها ظلّت غير كافية، ومتعمدة في إبطاء دخولها عبر تعقيد الإجراءات عند معبر كرم أبو سالم.
الأرقام مخيفة: أكثر من نصف مليون شخص في غزة على حافة المجاعة، وفقًا لمنظمة “اليونيسف”، بينما تحرق إسرائيل المحاصيل وتمنع الصيادين من الوصول إلى البحر. بل إن هناك تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي استهدف بشكل متعمد قوافل المساعدات، كما حدث قبل أسابيع، حيث قُتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظارهم للحصول على الغذاء.
السيناريو الأسوأ ليس بعيدًا. فإذا استمرت إسرائيل في تقييد المساعدات، واستمرت حماس في عرقلة توزيعها، فإن النتيجة ستكون مجاعة حقيقية قد تقتل آلافًا دون رصاصة واحدة. الأمم المتحدة حذّرت من أن القطاع على بُعد خطوات من الانهيار الكامل، حيث لم يعُد هناك أي نظام صحي أو أمني قادر على احتواء الأزمة.
السؤال الأهم: من سيتحمل المسؤولية حينها؟ إسرائيل ستُلقي باللائمة على حماس، وحماس ستتهم الاحتلال، بينما الشعب الفلسطيني سيدفع الثمن. المجتمع الدولي، الذي وقف عاجزًا أمام الإبادة المستمرة، لن يكون قادرًا إلا على إصدار بيانات استنكار، بينما تتحول غزة إلى مقبرة مفتوحة.
المأساة في غزة لم تعُد تحتمل المزيد من التسييس. المساعدات الإنسانية ليست منّة من أحد، بل حق أساسي يكفله القانون الدولي. أي عرقلة لها، سواء من الاحتلال أو من السلطات المحلية، هي جريمة ضد الإنسانية. آن الأوان لوقف هذه الآلة القاتلة، وإجبار إسرائيل على فتح المعابر بشكل كامل، وفرض رقابة دولية على توزيع الغذاء لضمان وصوله للمدنيين دون عوائق.
غزة تموت، والوقت لم يعُد يُضيَّع في الصراعات الجانبية. فإمّا إنقاذ شامل، أو كارثة ستُذكر كوصمة عار في تاريخ العالم.
Tags: إسرائيلغزةهندسة سياسة التجويع في غزة