الجزيرة:
2025-07-12@04:53:29 GMT

قانون الهجرة الفرنسي.. الحل السهل لظاهرة معقّدة

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

قانون الهجرة الفرنسي.. الحل السهل لظاهرة معقّدة

توصّل البرلمان الفرنسي- في التاسع عشر من الشهر الحالي، وبعد جدل ساخن- إلى التصويت على قانون الهجرة، حيث حصل على موافقة 349 من النواب، في حين عارضه 186 نائبًا.

وتواصل الجدل بعد التصويت حول التصويت نفسه، فالمعارضون يقولون: إنه بدون 88 من أصوات التجمع الوطني (اليمين المتطرف) ما كان يمكن لهذا القانون أن يمر، في حين تقول الأغلبية الحاكمة، ومَن تحالف معها: إنها استطاعت أن تصادق على هذا القانون دون الحاجة إلى أصوات الجبهة الوطنية.

بغض النظر عن جدل الأرقام والزوايا المختلفة في النظر إليها؛ باعتبار أن التقنيات الحسابية تعطي أعدادًا مختلفة للأغلبية المطلوبة، فإنّه من المؤكد أن الصيغ الأكثر تضييقًا على المهاجرين- والتي أدخلت على النسخة الأصلية- هي التي جعلته يمر بهذه السهولة نسبيًا.

خلافات عميقة

لقد بات من المعروف، الآن، أنه كلّما اشتدت الأزمة الاقتصادية في فرنسا، وتعمّقت الخلافات السياسية، برزت قضايا الهجرة إلى السطح، تحت لافتات متعددة. وهذه المرّة احتدم الخلاف حول ما عُرف بقانون الهجرة.

يتكوّن هذا القانون من ستّ وعشرين مادة، وهو القانون العشرون في خلال أربعين سنة تقريبًا، ولا أظن أنّ مصيره سيكون أفضل من القوانين التي سبقته في هذا المجال تحديدًا؛ لأن أسباب ظاهرة الهجرة السرية تتعمّق أكثر، وما دام أن أسبابها الأولى ما زالت قائمة- وأن الغرب ما زال ينهب خيرات الشعوب الأخرى، ويسلط عليها أنظمة مهمتها الأولى رعاية مصالحه- فإن هجرات التضحية بالحياة من أجل تأمين شروط الحياة ستستمر وبوتيرة أكبر.

لقد يئست الشعوب من تغيير أنظمتها الظالمة؛ لأنها في كل مرة تجد نفسها قد عادت للمربع الأول، فالنظام الرأسمالي هو المتحكّم حتى فيمن ثاروا عليه، وبالتالي لم يبقَ أمامهم من حلّ غير رحلات الموت الشاقة إليه لانتزاع بعض من حقوقهم. فلا يمكن من ناحيةٍ فرملة هجرة الإنسان، وفتح الأبواب على مصراعَيها لحركة الأموال والأشياء من ناحية أخرى.

ما مضمون هذا القانون وما أهم المستجدات فيه؟ وما موقف الأحزاب السياسية منه؟ وما هي الغاية من سنّ القانون؟

تناول هذا القانون المسائل الآتية:

إجراءات ترحيل "المنحرفين"، الإعانات الاجتماعية، تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، تحديد نسبة المهاجرين، الحصول على الجنسية الفرنسية، الإقامة الدراسية، إعانة الدولة الصحية.

المواد الأساسية

ترحيل المنحرفين: في السابق كانت إجراءات الترحيل تشمل فقط الذين يشكلون خطرًا على أمن الدولة، وخاصةً بعد التوسّع في تطبيق قانون الإرهاب. في القانون الجديد تمتد إجراءات الترحيل لتشمل المحكوم عليهم بعشر سنواتٍ سجنًا أو أكثر في قضايا إجرامية. يُشترط للتمتّع بالإعانات الاجتماعية: المنحة العائلية ومنحة السكن وغيرها من الإعانات، الإقامةُ في التراب الفرنسيّ لمدة سنة بشكل قانوني. لم يكن هذا الأمر مشروطًا سابقًا.

تجدر الملاحظةُ هنا أن هناك مسارين متوازيين. كلما ازداد عدد المتنافسين من أصحاب النفوذ على نهب خيرات الشعوب الأخرى، ضعف منسوب النهب، وبالنتيجة تتقلص تدريجيًا إمكانات الدولة، وتعجز عن الإيفاء بالتزاماتها، وتوفير أسباب ما اعتاد عليه مواطنوها من حياة الرفاه، فتلجأ -أول ما تلجأ- إلى قضم حقوق المهاجرين، وتدريجيًا التلويح بحرمانهم منها كليًا.

3- تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين: كانت التسوية ممكنة لكل من اشتغل بشكل غير قانوني، وكل من تحتاج سوق العمل لخدماته. أصبحت التسوية الآن مشروطة بأن تمضي على إقامته غير القانونية ثلاثُ سنوات، وعلى العمل اثنَا عشر شهرًا خلال السنتَين الأخيرتين.

ولكن حتى مع توفر هذه الشروط، فإن الملفات تُدرس حالة بحالة، ويمكن لاعتبارات تقدّرها الإدارة المعنية ألا تفضي بالضرورة إلى منح المترشح إقامة قانونية لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد.

تحديد عدد أقصى للمهاجرين الشرعيين القادمين إلى التراب الفرنسي، ما عدا طالبي اللجوء السياسي، خلال السنوات الثلاث القادمة، في مخالفة واضحة لدستور البلاد.

كان الحصول على الجنسية الفرنسية آليًا لكل من وُلد على الأراضي الفرنسية؛ بحكم حقّ الأرض، ولكن قانون الهجرة الجديد يشترط أن يعبّر المترشّح عن رغبته في الحصول على الجنسية بطلب يتقدّم به بين سنّ السادسة عشرة، والثامنة عشرة، وطبعًا الطلب سيعرض على لجنة للنظر، ويمكن أن تجد ما يستوجب رفضه.

استحداث ضرورة توفير ضمان مالي لكل طالب يريد الحصول على إقامة دراسية. منحة الدولة المخصصة للمقيمين بصفة شرعية لم تلغَ، ولكن الحصول على "إقامة مهاجر مريض" سيتمتع بها فقط من يتعذر معالجتهم في بلدانهم.

موقف الأحزاب السياسية

الفكرة المحوريّة التي تحكم هذا القانون هي تقليص حظوظ فوز التجمع الوطني (اليمين المتطرف) في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ بدعوى أن الاستجابة لمطالبه ورؤيته لموضوع الهجرة، ستسحب البساط من تحت قدَميه.

ولكن- في تقديرنا- هذه مراهنة خاسرة؛ لأن الناخب الفرنسي الذي فقد الثقة في السياسيين التقليديين، يمكن أن يفكّر في إعطاء صوته لأصحاب هذه الأفكار الأصليين لا لمن نسخها عن غيره.

ومع ذلك فقد أحدث هذا القانون بلبلة كبيرة في أوساط الأحزاب السياسية. كتلة الإحياء (168 نائبًا)- وهي الكتلة المؤيدة للرئيس ماكرون- صوّتت لصالح القانون، ولكن 37 من نوابها صوتوا ضده؛ باعتبار أنّ النصّ كانت صيغته النهائية متناقضة مع المعادلة الأصلية "في الوقت نفسه"؛ بمعنى التحكم في الهجرة مع تحسين أوضاع المهاجرين، في الوقت نفسه.

حزب المودام- وهو تقليديًا من أحزاب الوسط (51 نائبًا)- صوَّت ثلاثون منهم لصالح القانون واعترض خمسة نواب، وتحفَّظ خمسة عشر نائبًا. في حين رأى الجمهوريون – (62 نائبًا)- أن فرنسا بهذا القانون، امتلكت الوسائل لاستعادة قدرتها على التحكم في سياستها المتعلقة بالهجرة.

أمّا حزب التجمع الوطني- (88 نائبًا)- فقد صوت بـ "نعم"، مع أنه يعتبر أن النص- وإن حقق تقدمًا ملحوظًا- ما زال بعيدًا عن المطلوب. من ناحيتها صوتت الأحزاب اليسارية- وفي مقدمتها حزب فرنسا المتمردة (75 نائبًا)- واعتبرت أن قانون الهجرة ضرب في العمق الحريات والحقوق الأساسية، وأنها ستعمل على الاعتراض عليه بكل الأشكال القانونية.

هذا القانون في الحقيقة يعكس العجز أمام مسألة الهجرة السرّية شديدة التعقيد. ولن تستطيع القوانين معالجتها مهما كانت صارمة. ما يطلق عليه بالهجرة السرية ظاهرة معقدة، وهي نتيجة لعلاقة الغرب المتمدن نسبيًا مع نفسه والمتوحّش مع غيره.

هي ظاهرة إن لم تعالَج أسبابها المباشرة المتمثلة في سياسة النهب الممنهج لخيرات الشعوب الأخرى، فلن تفلح القوانين في الحد منها، وستتواصل موجات الهجرات عبر البر والبحر متحدّية بذلك كل الحواجز التي وضعتْها دول المرور، وكل الترسانة القانونية التي صنعتْها دول اللّجوء المادي والسياسي.

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قانون الهجرة هذا القانون الحصول على نائب ا

إقرأ أيضاً:

مشروع قانون جديد لحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها

زنقة20ا الرباط

صادق مجلس الحكومة، خلال اجتماعه المنعقد يوم الخميس 10 يوليوز 2025، على مشروع القانون رقم 19.25 المتعلق بحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها، والذي قدمه أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.

ويأتي هذا المشروع في سياق تزايد الإشكالات المرتبطة بظاهرة انتشار الحيوانات الضالة، والتي أصبحت في الآونة الأخيرة تشكل تهديدًا حقيقيًا للسلامة الصحية والسكينة العامة، بالنظر إلى تكاثرها العشوائي في الفضاءات العمومية، وما ينجم عنه من خطر نقل أمراض معدية وخطيرة، إلى جانب مساهمتها في وقوع حوادث السير واعتداءات متكررة على المواطنين.

ويهدف النص القانوني الجديد إلى وضع إطار تشريعي متوازن يُمكّن من ضمان أمن وسلامة المواطنين، مع الحفاظ في الوقت ذاته على كرامة الحيوانات الضالة وتوفير ظروف رعاية مناسبة لها، خصوصًا الكلاب التي تعتبر الفئة الأبرز من هذه الحيوانات في الفضاء العام.

ويؤكد مشروع القانون على ضرورة اعتماد مقاربة علمية وإنسانية في التعامل مع هذه الظاهرة، مسترشدة بـتجارب دولية رائدة وتوصيات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، التي تشجع على أساليب التدبير المندمج لحماية الإنسان والحيوان على حد سواء.

كما يُرتقب أن يُسهم هذا التشريع في بلورة سياسة عمومية متكاملة في مجال تدبير الكلاب والحيوانات الضالة، من خلال التنسيق بين السلطات المحلية والمصالح البيطرية والجماعات الترابية، بما يضمن نجاعة التنفيذ ويحفظ التوازن بين حقوق الإنسان ومتطلبات الرفق بالحيوان.

مقالات مشابهة

  • لموظفي الدولة| لو بتفكر فى إجازة بدون راتب.. اعرف شروط الحصول عليها طبقا للقانون
  • مشروع قانون جديد لحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها
  • نائب ليبي يحذر من تداعيات الانقسام السياسي وطبول الحرب في طرابلس على الهجرة غير النظامية
  • السجن وغرامة 200 ألف جنيه عقوبة التوسط في تهريب المهاجرين بالقانون
  • مشروع قانون التعليم.. التربية الدينية شرط للنجاح ولكن خارج المجموع
  • اليونان تعلق فحص طلبات لجوء المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا لثلاثة أشهر
  • مدبولي: قانون الإيجار القديم لم يتم إقراره حتى الآن
  • إصلاح كرة القدم الإنجليزية يصبح قانونًا بتصويت 415 نائبًا
  • نائب إطاري: مرشحنا لرئاسة الحكومة المقبلة “الحاج إبو إسراء”!!!!!
  • ال باييس: ترحيل المهاجرين يضرب عصب الاقتصاد الأمريكي والعواقب تتسارع