عمّار الدسوقي لـ العرب: الحفاظ على فن الخط مسؤولية الحكومات

 عقد ملتقى كتارا للخط العربي جلسته النقاشية الثالثة تحت عنوان «الخط الكوفي بين الأصالة والمعاصرة»، وذلك مساء يوم أمس الأربعاء بالقاعة (15) بكتارا، بمشاركة الخطاط والفنان التشكيلي عمار الدسوقي، وحاوره المهندس محمد عزمي توكل. 
وناقش الملتقى أصالة الخط الكوفي ومكوناته الحضارية وتطوير هيكليته، وانطلاقه نحو المعاصرة والحداثة مع المحافظة على شخصيته عبر ابتكاراته الجديدة وإبداعاته الخلاقة وطاقاته التعبيرية الملهمة، كما استعرض نهضة الخط الكوفي في العصر الحديث وأنواعه، إلى جانب تناوله لأعلام الخطاطين الذين أحيوا هذا النوع المميز من فن الخط العربي في العالم العربي، فضلا عن استعراضه لمراحل صناعة اللوحة الفنية بالخط الكوفي ضمن التزامها بالقواعد والضوابط والأوزان.

 

زراعة حب الخط
وأكد الخطاط عمار الدسوقي لـ «العرب» أن مسؤولية توريث والحفاظ على الخط العربي تقع على عاتق الحكومات ممثلة في وزارة التربية والتعليم، والمدارس، وأوضح أنه لكي يكون لدينا جيل مهتم بالخط العربي ولكي لا يموت الفنان الخطاط يجب أن يزرع حب الخط في الطفل منذ نعومة أظافره، مشيرا إلى أهمية الخط العربي.
 وعن أهمية الملتقى قال الدسوقي: تبرز أهمية إطلاق هذا الملتقى للتأكيد على هويتنا العربية والإسلامية، حيث يأتي الخط العربي في مقدمة الفنون الراسخة باعتباره أحد أهم مكونات هويتنا العربية والإسلامية الأصيلة القادرة على التواصل مع الآخر، وإحداث الأثر الإيجابي لتقديم رؤية ثقافية جديدة، ذات مضمون ثقافي قادر على إثراء مستقبل شعوب الأمة بزخم ثقافي وفني نابع من تراثنا وحضارتنا العريقة، بحيث يفتح حوارا تفاعليا بناء مع الثقافات الأخرى، ليؤكد أننا ونحن نتطلع للحاق بأسباب العصر الحديث بزخمه العلمي والتقني مستشرفين آفاق المستقبل، فإننا في ذات الوقت نتمسك بكل تراثنا العربي الراسخ الأصيل. 
ونوّه الدسوقي بأن فنون الخط العربي تعبر عن حالة نادرة من حالات الفن البصري المعاصر، إذ جنح مبدعوه ــ منذ زمن بعيد ــ إلى التجريد، وأقاموا علاقات تشكيلية متفردة ما بين سمو الحرف العربي وشموخه، وقدرته على المد والبسط، والاستدارة والاستطالة، والتضاغط والتخلخل، وبين كتلة الحرف العربي المصمته، المشحونة بالحركة، وبين الفراغ المحيط بها، فالحرف العربي قادر على ملء الفراغ بإقامة علاقاته المتفردة والمدهشة بين الظل والنور، والكتلة والفراغ، والخط واللون، في تناغم موسيقي صوفي حالم، يتراوح بين الرهافة والرخاوة والغلاظة والقوة، فالحرف العربي يمتلك طاقة هائلة على الحركة.
وخلال الملتقى، بدأ الخطاط والفنان التشكيلي عمار الدسوقي حديثه بالتطرق إلى تسمية الخط الكوفي، وبداية ظهوره، والسياق التاريخي لتسميته بالكوفي.

إثراء المشهد الثقافي
من جانبها قالت حيية المهندي رئيس قسم المعارض الفنية في كتارا لـ «العرب» إن المؤسسة العامة للحي الثقافي أطلقت ملتقى كتارا للخط العربي بهدف إثراء المشهد الحضاري والثقافي، وتكريس الهوية الثقافية والإبداعية، حيث سيعقد الملتقى شهريا لمناقشة جملة من الموضوعات المتعلقة بفن الخط العربي والفنون الإسلامية المرتبطة به، ومن أجل تسليط الضوء على الإبداعات والأفكار والابتكارات التي تتعلق بهذا الفن الأصيل، وإبرازه بوصفه فنا قائما بذاته يعكس ثراء الثقافة العربية والإسلامية، ويرمز إلى هويتنا وإرثنا الثقافي والحضاري، ويرتبط بشكل وثيق بلغتنا العربية.
وأوضحت أن هذا الملتقى يشكل منصة لمشاركة الخبراء والتعليم المستمر في مجال الخط العربي ولتبادل الأفكار وتعزيز التواصل بين الخبراء والمهتمين بالخط العربي، من أجل تطوير المهارات وتشجيع الإبداع.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر الخط الكوفي الخط العربی

إقرأ أيضاً:

الحرف اليدوية اليمنية .. جذور الأصالة وروح الانتماء

تُعد الحرف اليدوية التقليدية في اليمن من أبرز عناصر الهوية الوطنية والثقافية، حيث شكلت على مدى قرون طويلة أساسًا اقتصاديًا واجتماعيًا، ورافدًا حضاريًا غنيًا يعكس عراقة الإنسان اليمني وعمق ارتباطه ببيئته وتاريخه،  هذه الحرف لم تكن مجرد مهن متوارثة، بل كانت ولا تزال تجسيدًا حيًا لقيم الجمال والمهارة والابتكار الشعبي، حيث تمزج بين الأبعاد الاقتصادية والرمزية والثقافية والدينية، في لوحة تراثية فريدة.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

الحرف اليدوية .. تاريخٌ حي ينطق بلسان اليمنيين

في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، تزداد الحاجة لإعادة الاعتبار لهذه الحرف باعتبارها موردًا غير تقليدي للتنمية، ووسيلة للحفاظ على التراث، وبوابة للهوية الوطنية في مواجهة العولمة والاندثار الثقافي.

تكمن أهمية هذا التقرير في تسليط الضوء على ثروة غير مادية ذات إمكانات كامنة هائلة، وفي إبراز الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه الحرف اليدوية في بناء اقتصاد محلي مستدام، وتحقيق تنمية ثقافية متجذرة في الواقع اليمني، من خلال تمكين الحرفيين وربط التراث بالإبداع العصري .

 

التوزيع الجغرافي للحرف في المحافظات اليمنية

أبرز الحرف التقليدية في صنعاء ، ( صياغة الفضة، الجنبية، الزخرفة الخشبية، صناعة الجلد وتعتبر مركز رئيسي للفنون المعدنية والخناجر)
أبرز الحرف التقليدية في  محافظة ذمار، ( النسيج، التطريز، الفخار، النقش على الأونيكس وهي مشهورة بالأحجار والنسيج التقليدي)
أبرز الحرف التقليدية في  محافظة صعدة، (المعادن، الفضة، الحلي، الجنبية، وتاريخ المحافظة غني بالصناعة اليدوية)
أبرز الحرف التقليدية في محافظة الحديدة، ( الفخار، القلال، أواني الطهي التقليدية كونها بيئة طينية خصبة لصناعة الفخار)
أبرز الحرف التقليدية في محافظة إب (الفخار، الخزف، النسيج، الحرف النسائية حيث ولها دور نسائي كبير في الإنتاج اليدوي)
أبرز الحرف التقليدية في محافظة شبوة/بيحان (صباغة النيلي، السدو، النسيج القبلي )
أبرز الحرف التقليدية في محافظة تعز (الخزف، الفخار، التطريزحيث تشتهر بمشغولات ذات طابع مميز)
أبرز الحرف التقليدية في محافظة حضرموت (صناعة الخوص، الزجاج اليدوي، السعفيات وهي حرف تمتزج بالتأثيرات الهندية)
أبرز الحرف التقليدية في محافظة المهرة، (السدو والسعف، الأدوات البحرية كونها متأثرة بثقافة بحرية وساحلية)

 

الرمزية التاريخية التي ارتبطت ببعض أنواع الحرف اليدوية

الجَنبية  شرف وهوية ، (ليست مجرد سلاح، بل رمز للرجولة والمكانة القبلية ، تُزيَّن يدويًا بنقوش فضية دقيقة وتُرتدى في المناسبات الرسمية ) .

الفضة اليمنية زينة وحماية، (تُستخدم في الحلي والتعليقات والخواتم، وتحمل رمزية دينية واجتماعية )

الفخار دفء الحياة اليومية، (يُستخدم في تخزين الماء والطهي، وتُزينه نقوش تراثية رمزية وتعبر عن الارتباط بالأرض ودورة الحياة اليومية)

 

علاقة الحرف التقليدية بالنهوض الحضاري لليمن

الحرف اليدوية في اليمن ليست مجرد نشاط إنتاجي تقليدي، بل هي تجسيد حيّ لهوية أمة عمرها آلاف السنين،  فهي تعكس علاقة الإنسان اليمني بأرضه، ومهارته في تطويع موارده الطبيعية لتلبية حاجاته اليومية، وفي الوقت ذاته، تعبير فني وثقافي عن معتقداته وقيمه الجمالية ، وتعود جذورها إلى حضارات سبأ ومعين وقتبان، حيث كانت الصناعات الحرفية تُمارس ضمن أنظمة حرفية دقيقة، وبتقنيات متقدمة ، نقش المعابد، المشغولات البرونزية، الأواني الفخارية المزخرفة، والأسلحة المنقوشة… كلها دلائل على أن اليمن القديم امتلك تقاليد متينة في الفن التطبيقي اليدوي ، كذلك العديد من القطع الأثرية المكتشفة في مأرب، شبوة، ظفار، وصنعاء، تؤكد أن الحرف كانت جزءًا من الاقتصاد الحضاري لا مجرد أدوات معيشية.

كما أن الحرف بوصفها ذاكرة جماعية وهوية ثقافية ، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالطقوس الاجتماعية والدينية، مثل الجنبية التي تُهدى في الأعراس، والفضة التي تُستخدم في المناسبات ، كما أن أنماط الزخرفة المستخدمة في النسيج أو الحلي تعكس تنوعاً يرتبط بالثراء الحرفي في جميع المناطق ، حيث يختلف الطراز في حضرموت عن تعز أو صعدة، ما يجعلها خريطة بصرية للهويات المحلية ، وتُحفظ الحرف تقليديًا عبر التوريث الشفهي والتدريب العملي داخل العائلة أو بين المعلم والمتدرب، ما يجعلها تراثًا غير مادي ضمن تصنيف اليونسكو.

 

 دور الحرف التقليدية في الاقتصاد التاريخي والتجارة الدولية

لعبت الحرف اليدوية دورًا رئيسيًا في ربط اليمن بشبكات التجارة العالمية ، حيث كانت تُصدر إلى الهند، الصين، أفريقيا، والخليج العربي عبر موانئ عدن والمخا ، واشتهرت اليمن بـ”الفضة السحرية” و”الفخار المزجج” في أسواق القاهرة واسطنبول ، ومثلت الحرف اليمنية جزءًا من قوة اليمن الناعمة، حيث عُرفت عالميًا بجودتها وتنوعها الفني.

 

الحرف .. مصدر للمناعة الثقافية في مواجهة العولمة

في زمن الغزو الصناعي والرقمي، تظل الحرف اليدوية من وسائل الدفاع الذاتية ضد طمس الهوية وفقدان الخصوصية الثقافية، حيث تُظهر هذه الحرف قدرة الثقافة اليمنية على البقاء والتجدد، وتحفّز الأجيال الجديدة على التمسك بالتراث والعمل على تطويره لا نسيانه ، فهي ليست فقط إرثًا جمالياً، بل هي سجلّ تاريخي، وذاكرة جمعية، ومورد اقتصادي، ووسيلة تعبير ثقافي تُجسد روح اليمن في أدق تفاصيلها، من حواف الجنبية المزخرفة إلى خيوط السدو الممشوقة يدويًا، ومن تراب الفخار إلى نقوش الفضة التي تشعّ بالأصالة.

 

الحرف اليدوية ودورها في السياحة والتنمية

تشكل الحرف اليدوية اليمنية أحد أهم الموارد الثقافية القابلة للاستثمار في مجالات السياحة والتنمية المحلية،  فرغم ما تعانيه البلاد من تحديات، إلا أن التراث الحرفي لا يزال يحتفظ بجاذبيته، ويُعد عاملًا مهمًا في تحفيز الاقتصاد الإبداعي والسياحة الثقافية، حيث تمثل أسواق الحرف في صنعاء القديمة، و تعز، وصعدة، وحضرموت ، وإب ، والحديدة ،  مقاصد سياحية قائمة بذاتها تجذب الزوار بسبب خصوصية المنتجات اليمنية ودقتها، ويُقبل السياح كلما توفرت الظروف الأمنية على اقتناء الحرف اليدوية التي يعدونها هدايا تراثية تعكس ثقافة البلد وتُعزز من مكانته عالميًا.

كما توفر الحرف اليدوية مصدر دخل مباشر لآلاف العائلات، خاصة في المناطق الريفية ، وتمثل وسيلة تمكين اقتصادي للمرأة من خلال الحرف المنزلية مثل التطريز، النسيج، وصناعة الخزف ، ويمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تنشيط الصناعات الإبداعية مثل تصميم المنتجات التراثية، والأزياء المستوحاة من البيئة اليمنية، والديكور الداخلي للمنازل والمقاهي.

 كيف يمكن دعم الحرف في مسار التنمية؟

إنشاء قرى حرفية وسياحية في صنعاء، وبقية المحافظات التي تشتهر فيها صناعة الحرف التقليدية ،  لتكون مراكز إنتاج ومعارض دائمة ، وكذلك تطوير العلامات التجارية للحرف اليمنية والترويج لها عالميًا ودمج الحرف في برامج التدريب المهني لرفع جودة الإنتاج وملاءمته للسوق الحديث كما يمكن أن يتم الربط بين الحرف اليدوية والفعاليات السياحية مثل المهرجانات والمعارض المحلية والدولية.

 

خاتمة

إن الحرف اليدوية اليمنية ليست فقط فنونًا متوارثة، بل لغة ناطقة تُجسد هوية مجتمع، وتروي قصص الإنسان اليمني في الجبل والساحل، في الوادي والصحراء،  وبين المطرقة والإزميل، وبين الإبرة والطين، نشأ هذا التراث الغني الذي لا يزال بحاجة إلى من يحميه ويستثمره في بناء حاضر أكثر إبداعًا، ومستقبل أكثر اعتزازًا بالهوية.

مقالات مشابهة

  • استعراض نماذج ناجحة في التطوير الإداري والابتكار المؤسسي.. ملتقى لتبادل الخبرات والمبادرات التنموية في مناطق السعودية
  • رئيس جامعة دمنهور يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف الثاني لكلية الطب البيطري
  • محافظ المنيا يفتتح ملتقى توظيف الشباب ويؤكد أهمية مد جسور التواصل مع الأجيال الجديدة
  • ملتقى التجار ورواد الأعمال بالداخلية يؤكد على الشراكة والامتثال لبيئة تسوق آمنة
  • جامعة أسيوط تنظم ملتقى تدريبي حول مهارات إعداد وكتابة التقارير الإدارية
  • الرواد والبحث والتطوير.. 6 مسارات في ملتقى تأهيل المرشحين للابتعاث
  • اختتام عروض مسرحية «كيفان قطعة 1» في كتارا
  • الحرف اليدوية اليمنية .. جذور الأصالة وروح الانتماء
  • وفد طلابي من جامعة طنطا يشارك بفاعلية في ملتقى "صُنّاع التأثير" بمعهد إعداد القادة بحلوان
  • وفد طلابي من جامعة طنطا يشارك في فعالية ملتقى صناع التأثير بإعداد القادة