مليون نازح فلسطيني في رفح يفترشون الأرض ويلتحفون السماء
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
القدس المحتلة-سانا
جاهداً يحاول إياد المصري النازح من مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة أن يجد له مكاناً بجانب الطريق في حي تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب القطاع لنصب خيمة من البلاستيك تقيه وأطفاله من البرد القارس بعد ثلاث محطات من النزوح بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي ومجازره المستمرة بحق أهالي القطاع لليوم الـ 84، والذي أدى إلى تدمير مدينته بيت حانون.
يقول المصري الذي بدا عليه الإرهاق والتعب والجوع والعطش لمراسل سانا: هذه المرة هي الثالثة التي أنزح فيها وأنصب هذه الخيمة منذ بدء العدوان.. فالمرة الأولى كانت بعد نزوحي من منزلي في بيت حانون إلى مخيم جباليا شمال القطاع بعد أن نجوت من مجزرة مدرسة الفالوجا التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى بعد تساقط القنابل والصواريخ على المدرسة.
ويضيف المصري: النزوح الثاني كان من مخيم جباليا إلى مخيم البريج وسط القطاع الذي يتعرض لقصف متواصل ونجوت مرة أخرى بأعجوبة، وقررت النزوح للمرة الثالثة أملاً بالنجاة بأطفالي الأربعة واستقريت في هذه الخيمة على قارعة الطريق في رفح.. الوضع صعب جداً هنا.. لا غذاء ولا ماء ولا فرش لهؤلاء الأطفال .. الموت والقهر يحاصرنا في كل مكان في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية والتدمير الشامل الذي ينفذه الاحتلال.
ويتابع المصري: استشهد من عائلتي 67 شخصاً معظمهم ارتقوا داخل مراكز الإيواء التابعة لوكالة الأونروا، والبقية جراء القصف على مدينة بيت حانون التي دمرها الاحتلال بشكل كامل.
مئات آلاف الفلسطينيين نزحوا إلى رفح مع اشتداد قصف الاحتلال الغاشم على مخيمات وسط القطاع وعلى خان يونس جنوبه، أملاً بالنجاة والاحتماء من القصف لكنه لاحقهم حتى في رفح، فلا مكان آمناً كما يؤكد الفلسطينيون في القطاع الذي يحاول الاحتلال كسر إرادة وصمود أهله من خلال سياسة التجويع والقتل.
ويؤكد محمود ناصر الذي نزح إلى رفح أيضاً أن المدينة اكتظت بمئات آلاف النازحين، ومراكز الإيواء توقفت منذ أكثر من شهر عن استقبال النازحين من شمال القطاع ووسطه، ما اضطر آلاف العائلات إلى نصب خيام في الأماكن العامة، وعلى أرصفة الطرقات.
ولفت ناصر إلى أن الوضع كارثي لنحو مليون نازح في رفح.. لا طعام ولا مياه ولا أمان.. فالمدينة تتعرض منذ بدء العدوان لقصف جوي ومدفعي أدى إلى استشهاد وإصابة آلاف الفلسطينيين، ودمار هائل في البنية التحتية.
ويشير ناصر إلى أن رفح تحولت إلى كتلة من البشر لا يجد الإنسان المار بشوارعها موطئ قدم من شدة الازدحام بعد أن تدفق إليها مؤخراً نحو 300 ألف نازح من مدينة خان يونس ومخيمات وسط القطاع.
محمد النباهين من مخيم البريج وسط القطاع أوضح أن الاحتلال قصف مربعات سكنية بأكملها داخل المخيم، وأن القذائف تتساقط بشكل مستمر حتى على مدارس اللجوء التي نزح إليها الآلاف للاحتماء فيها من القصف الإسرائيلي ما دفعه للنزوح إلى رفح.
دلال عواد تروي جانباً من المجازر المروعة التي يرتكبها الاحتلال في مخيم البريج قائلة: طيران الاحتلال ودباباته يطلقون القذائف في كل مكان.. شاهدت جثامين العديد من الشهداء بين أزقة المخيم وقرب دوار الشهداء.. لا أحد يستطيع الاقتراب منهم حتى سيارات الإسعاف، مبينة أن مئات الأسر لازالت محاصرة داخل المخيم ولا تستطيع الخروج منه بسبب كثافة القصف وتدمير الاحتلال للطريق الواصل بين مخيم البريج والنصيرات.
وتشير مؤسسات حقوقية ودولية إلى أن 1.8 مليون فلسطيني باتوا نازحين بلا مأوى يفتقدون الغذاء ويعانون من انتشار الأوبئة والأمراض، محذرة من مخاطر سياسة التطهير العرقي والتهجير التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني منذ بدء عدوانه على القطاع في السابع من تشرين الأول الماضي.
محمد أبو شباب
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: مخیم البریج وسط القطاع بیت حانون فی رفح
إقرأ أيضاً:
سيناريوهات البيك أب والتسلّل البرّي.. ما الذي يتدرّب عليه الطيّارون الإسرائيليون اليوم؟
سلّط التقرير الضوء على اعتماد سلاح الجو الإسرائيلي سيناريو تدريبيًا جديدًا يُعرف بـ"الحدث الانفجاري"، يحاكي تسللات مفاجئة على الحدود من دون إنذار استخباراتي مسبق.
كثّف سلاح الجو الإسرائيلي خلال العامين الماضيين تدريبات طيّاريه على سيناريوهات الدفاع الحدودي والتعامل مع تسلّلات برّية واسعة النطاق، في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، مع التركيز على خفض الارتفاع ورصد أهداف صغيرة من الجو، بحسب تقرير نشرته صحيفة "جيروزالِم بوست" لمراسل الشؤون العسكرية في موقع "والا" العبري أمير بوحبوط.
وأشار التقرير إلى أنّ أحد أبرز التحدّيات التي كشفتها الأحداث يتمثّل في صعوبة تمييز الأهداف الصغيرة من ارتفاعات عالية، مثل مجموعات مسلّحة أو مركبات من نوع "بيك آب"، ما دفع سلاح الجو إلى إعادة النظر في أنماط التدريب التقليدية التي اعتمدت لسنوات على تنفيذ مهام مخطّطة مسبقا من ارتفاعات تصل إلى 20 ألف قدم.
وأوضح التقرير أنّ "الطيران على ارتفاعات عالية يجعل من شبه المستحيل تمييز مركبات صغيرة أو مجموعات مسلّحة على الأرض، ما يفرض خفض الارتفاع إلى مستويات خطرة من أجل توجيه الذخائر بدقّة".
وأكد أنّ الطيران على ارتفاعات منخفضة، رغم ضرورته العملياتية، يعرّض الطائرات المقاتلة لمخاطر كبيرة، من بينها نيران صاروخية وأسلحة مضادّة للطائرات، ما يفرض على الطيّارين العمل في بيئة عالية التهديد تتطلّب تركيزا مضاعفا وقدرة سريعة على اتخاذ القرار.
تدريبات تحاكي "الحدث الانفجاري"وسلّط التقرير الضوء على اعتماد سلاح الجو سيناريو تدريبي جديد يُعرف بـ"الحدث الانفجاري"، وهو إطار تدريبي يحاكي حالات تسلّل مفاجئة على الحدود، من دون إنذار استخباراتي مسبق، وبوتيرة زمنية سريعة تتطلّب قرارات فورية من الطيّارين.
وأوضح أنّ هذه التدريبات تُجرى باستخدام أجهزة محاكاة متقدّمة لطائرات F-16i وF-15، وتركّز على العمل في بيئات غير مألوفة، حيث يُطلب من الطيّارين توليد صورة ميدانية ذاتية، والتعامل مع معطيات متغيّرة، في ظلّ نقص المعلومات وعدم وضوح هوية الأطراف على الأرض.
مقابلة مع أحد الطيّارين المشاركين في التدريبونقل التقرير عن أحد طيّاري سلاح الجو الإسرائيلي، الذي يشارك في تدريب الأسراب المقاتلة على أجهزة المحاكاة المتقدّمة، قوله إنّ طبيعة مهام الدفاع الحدودي تختلف جذريّا عن الضربات التقليدية بعيدة المدى، موضحا أنّ "العمل من دون معلومات استخباراتية كافية، وبإنذار قصير، يفرض على الطيّار اتخاذ قرارات سريعة مع الحفاظ على الهدوء والتركيز".
وأضاف الطيّار أنّ الطيران المنخفض يخلق معضلة دائمة بين مراقبة ما يجري على الأرض والنظر إلى أنظمة الطائرة ولوحات التحكّم، مؤكدا أنّ كل ثانية تمرّ أثناء الهبوط قد تحمل مخاطر ميدانية مباشرة.
سيناريوهات تمتد من غزة إلى جنوب لبنانوأشار التقرير إلى أنّ هذه التدريبات تتيح إلقاء نظرة على قدرات آخذة في التشكّل لدى الطيّارين، تهدف إلى إعاقة اقتراب قوات الرضوان التابعة لحزب الله في جنوب لبنان في حال وصولها إلى الحدود، وتعطيل وصول نحو 100 مركبة من نوع "بيك آب" تقلّ مقاتلين حوثيين أو "جهاديين" من سوريا، إضافة إلى منع مسلّحي حركة حماس في قطاع غزة من عبور ما يُعرف بـ"الخط الأصفر".
Related شاهد: إسرائيل تزعم تنفيذ 70 عملية سرية خاصة وتكشف وثائق في أنفاق "الرضوان" تهدف لاحتلال الجليلإسرائيل تعلن اغتيال "قيادي بارز" في حماس بغزة.. وأضرار كارثية جرّاء المنخفض الجويحزب الله يؤكد اغتيال عقيل وقائد "قوة الرضوان"... و"تفاصيل إسرائيلية " عن العملية لامركزيّة القرار و"الساعة الذهبيّة"ولفت التقرير إلى أنّ أحد أبرز التغييرات التي أُدخلت على عقيدة سلاح الجو يتمثّل في تقليص الاعتماد على مركز القيادة، ومنح الطيّارين صلاحيات أوسع لاتخاذ قرارات مستقلّة خلال الدقائق الأولى من أي تسلّل، وهي الفترة التي يُشار إليها داخل سلاح الجو بـ"الساعة الذهبيّة".
وبحسب التقرير، تهدف هذه المقاربة إلى تسريع الاستجابة ومنع ضياع الوقت في انتظار التعليمات، في ظلّ قناعة متزايدة بأنّ كل دقيقة قد تكون حاسمة في تعطيل التسلّل أو الحدّ من توسعه، إلى حين وصول القوات البرّية إلى الميدان.
من استهداف مركبة إلى تعطيل قوافل كاملةوأشار التقرير إلى تحوّل في تركيز سلاح الجو من استهداف مركبة واحدة مشبوهة إلى تعطيل تهديدات أوسع نطاقا، مثل إغلاق محاور حركة كاملة أو إبطاء تقدّم قوافل كبيرة من المركبات، باستخدام ذخائر ثقيلة لقطع الطرق وتأخير وصول المجموعات المسلّحة.
وأوضح أنّ هذا التحوّل يفرض معضلات عملياتية معقّدة، نظرا لحجم الدمار الذي قد تخلّفه الذخائر الثقيلة، ولاضطرار الطيّارين أحيانا إلى اتخاذ قرارات مصيرية في الميدان من دون تنسيق مباشر مع مركز القيادة.
تنسيق أوسع مع المسيّرات والمروحياتوبحسب التقرير، تشمل التدريبات الجديدة أيضا تعزيزا للتنسيق بين الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والطائرات المسيّرة، بهدف بناء صورة أوضح لما يجري على الأرض، لا سيّما في حالات التسلّل داخل مناطق مأهولة، حيث يصعب التمييز بين القوات الصديقة والمعادية من الجو.
وأشار التقرير إلى أنّ تبادل المعلومات بين الطيّارين ومشغّلي المسيّرات يتيح فهما أدقّ لطبيعة التهديد، ويساعد على توجيه الضربات بشكل أكثر دقّة، في بيئة عملياتية شديدة التعقيد.
دروس ما بعد 7 أكتوبروذكّر التقرير بأنّ الساعات الأولى لهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر شهدت بقاء عدد كبير من الطائرات المقاتلة على الأرض، في ظلّ الاستعداد لاحتمال تصعيد أوسع على جبهات أخرى، وهو ما عزّز لاحقا داخل سلاح الجو الحاجة إلى إعادة تعريف دور الطيران في سيناريوهات التسلّل المفاجئ.
وخلص التقرير إلى أنّ سلاح الجو الإسرائيلي لا يرى أنّ بإمكانه منع أي تسلّل واسع النطاق بشكل كامل، لكنّه يسعى إلى تعطيله وتقليص تأثيره خلال الدقائق الأولى، إلى حين تدخّل القوات البرّية، بالتوازي مع الاستمرار في التدريب على تهديدات إقليميّة أخرى، إلى جانب مهام الأمن الروتينيّة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة