إقرار خطّة عمل المركز المقبلة ومشروع الموازنة الجديدة
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
ترأس رئيس جامعة الخليج العربي الدكتور سعد بن سعود آل فهيد اجتماع مجلس إدارة مركز الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم للطب الجزيئي وعلوم المورثات والامراض الوراثية لإقرار خطة عمل المركز في المرحلة المقبلة وإقرار مشروع الموازنة الجديدة، إلى جانب مصادقة ومتابعة تنفيذ قرارات وتوصيات الاجتماع العاشر للمجلس.
داعيًا إلى أن يواصل المركز مسيرته المتقدمة في إجراء الأبحاث المتعلقة بعلوم الخارطة الجينية، والسعي للتصدي للأمراض الوراثية المستعصية عبر ابتكار الأدوية والعلاجات الوراثية، والاستمرار في تقديم الفحوصات الجينية المتقدمة التي تستفيد منها المستشفيات والمراكز الطبية في البحرين ودول مجلس التعاون. من جانبه، قال مدير مركز الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم للطب الجزيئي وعلوم المورثات والامراض الوراثية الأستاذ الدكتور عبدالمعز بخيت إن الاجتماع استعرض التقرير المرحلي لسير العمل في المركز خلال الاعوام الخمس الماضية، كما تم استعراض إنجازات المركز على صعيد الجودة والاعتماد المؤسسي كاعتمادية الكلية الأمريكية للباثولوجيين (CAP) التي حصل عليها مركز الأميرة الجوهرة للمرة الخامسة على التوالي، لحفاظه على المستوى المتميز من الجودة والإمكانات المختبرية المتطورة، إذ يعد المركز أول مركز في البحرين يحصل على هذه الاعتمادية التي تعتبر من أهم معايير ضبط وسلامة الجودة في العمل التشخيصي المختبري في العالم، إلى جانب تطور عمل المختبرات المتخصصة في الوراثة الخلوية، والوراثة الجزيئية وفحص الأطفال حديثي الولادة، والأمراض الاستقلابية، ومختبرات الأبحاث، وتميز الخدمات والحملات المجتمعية التي ينفذها المركز على نحو مستمر. ولفت الدكتور بخيت إلى أن الاجتماع خرج بعدد من التوصيات المهمة كان أبرزها وضع خطة عمل للعام 2024 تشمل على البرامج والأبحاث ومؤشرات تساعد على الحوكمة للمركز في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. من جهتها، عبّرت الأستاذ الدكتور أمل محمد الهاشم استشارية أمراض الوراثة والامراض الاستقلابية في مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية، وعضو الهيئة الاكاديمية بجامعة الملك فيصل في الرياض عن فخرها بالمكانة العلمية التي حققها مركز الأميرة الجوهرة طوال السنوات الماضية، مشيدة بالإمكانات والمبادرات التي تطلقها جامعة الخليج العربي التي تحتضن كل أبناء دول مجلس التعاون تحت راية خليجية واحدة، مشيدة أيضا بالمستوى العلمي والاكاديمي لأعضاء الهيئة الاكاديمية بكلية الطب والعلوم الطبية وكلية الدراسات العليا الذي اضاف إلى رصيد الجامعة الشيء الكثير. وأشار نائب الرئيس التنفيذي بمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، رئيس قسم الوراثة والطب الدقيق بمستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بالحرس الوطني السعودي، الاستاذ الدكتور ماجد عبدالله الفضل، إلى أن الاجتماع كان فرصة مؤاتية لتبادل الخبرات في المجال الطب الوراثي والتباحث بشأن تكثيف التعاون لتطوير الأبحاث المشتركة والبحث عن حلول جديدة للأمراض الوراثية المنتشرة في دول مجلس التعاون، مؤكدًا أن توحيد الجهود الخليجية في مجال الأبحاث سيسهم بشكل حتمي في تقليل الأعباء والتكاليف ويختصر الوقت بشكل يسهم في الخروج بحلول علاجية جديدة ومبتكرة تحد من انتشار تلك الامراض في دول الخليج العربي.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا دول مجلس التعاون
إقرأ أيضاً:
موازنة مصرية لتسيير الأعمال وليست للتنمية
في الدول المتقدمة يترقب المواطنون صدور الموازنة الحكومية، توقعا لقيامها بزيادة معدلات الأجور والإنفاق على الخدمات العامة وتقديم الدعم للشرائح الفقيرة، بينما في مصر يتخوف المواطن من الموازنة الجديدة في ضوء خبرته التاريخية معها من حيث زيادة الأعباء، مع فرض المزيد من الضرائب والرسوم، وابتلاع تكلفة الدين الحكومي غالبية المصروفات، مما يدفع وزارة المالية لتقليص مخصصات استثمارات الخدمات العامة بشكل مستمر.
وها هي موازنة الحكومة المصرية للعام المالي الجديد (2025/2026) التي بدأ العمل بها مطلع الشهر الحالي وتستمر حتى نهاية حزيران/ يونيو المقبل، حيث بلغت مخصصات فوائد الدين الحكومي فيها 2.298 تريليون جنيه، ومخصصات أقساط الدين الحكومي خلال العام 2.085 تريليون جنيه، لتبلغ تكلفة الدين الحكومي من فوائد وأقساط 4.383 تريليون جنيه. والمثير هنا أن مخصصات تكلفة الدين تلك من الفوائد والأقساط تمثل نسبة 64.8 في المائة من إجمالي الإنفاق في الموازنة البالغ 6.761 تريليون جنيه.
وفي ضوء احتواء الإنفاق في الموازنة الحكومية على ثمانية أبواب، فإن بابي الفوائد والأقساط معا لم يتركا للأبواب الستة الباقية سوى نسبة 35.2 في المائة من الإنفاق، والتي تضمن توزيعها النسبي: توجه نسبة 11 في المائة للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، و10 في المائة لأجور نحو 4.5 موظف يعملون في الحكومة، و6.4 في المائة للاستثمارات الحكومية المتجهة للمدارس والمستشفيات والبنية التحتية، و3.2 في المائة لشراء السلع والخدمات اللازمة لإدارة دولاب العمل في الجهات الحكومية من وزارات ودواوين محافظات وهيئات خدمية، و3 في المائة للمصروفات الأخرى المتجه معظمها للجيش والمجالس النيابية التي سيتم إجراء انتخابات جديدة لها (الشيوخ والبرلمان) في العام المالي، و1.5 في المائة لمساهمات الحكومة في الهيئات الاقتصادية المتعثرة لمساندتها ماليا.
ثلثا الموازنة لا يستفيد منها المواطن
وهذا يعني أن ثلثا الإنفاق في الموازنة يتجه لمجالات لا علاقة لها بتحسين المستوى المعيشى للمواطنين، وإنما يتجه لسداد ديون الحكومة من خلال حصول الجهات المُقرضة للحكومة في الداخل والخارج على فوائد وأقساط ديونها، الأمر الذي يغل يد صانع القرار المالي عن إمكانية رفع مستوى الخدمات الحكومية، التي يشكو منها الجميع خاصة في مجالي التعليم والصحة، وحالة الطرق المتردية التي لا تكاد تنقطع سلسلة الحوادث الدامية عليها.
وها هي الحكومة تعجز عن الوفاء بالمخصصات الدستورية للتعليم والصحة منذ صدور دستور عام 2014، حيث بلغت مخصصات الصحة في الموازنة الجديدة 246.2 مليار جنيه، لتبلغ نسبتها 1.2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي المتوقع بلوغه 20.4 تريليون جنيه، بينما حدد الدستور نسبة 3 في المائة كحد أدنى لها، ونفس الأمر لمخصصات التعليم البالغة 315 مليار جنيه والتي بلغ نصيبها 1.5 في المائة من الناتج المحلي، مقابل نسبة 6 في المائة حددها الدستور كحد أدنى؛ كان من المفترض ارتفاعها بمرور السنوات حتى تواكب النسب الدولية.
كما يصعب على وزارة المالية المسؤولة عن وضع الموازنة، رفع أجور العاملين في الحكومة بشكل يتناسب مع الغلاء الفاحش الذي يعاني منه المصريون، أو علاج النقص الحاد في أعداد المدرسين ونقص الأطباء بسبب السفر للعمل في الخارج، من خلال تعيين الأعداد الكافية من المعلمين والأطباء.
كما يدفع ذلك الحكومة للاستجابة لمطالب صندوق النقد الدولي، بخفض الدعم عن السلع التموينية والمشتقات البترولية والكهرباء وغيرها، ويُحجّم الزيادات الدورية في المساعدات والمعاشات للأسر الفقيرة، ويحول دون إمكانية استجابة الحكومة لاحتياجات المستشفيات الحكومية من أدوية ومستلزمات طبية، مما يدفع تلك المستشفيات لطلب شراء تلك المستلزمات من قبل أُسر المرضى فيها على نفقتهم الخاصة.
تصاعد نسب تغول الدين على الإنفاق
وهذا نفس ما تفعله الجهات الحكومية عندما تطلب من طالبي الخدمات تصوير المستندات على نفقتهم الخاصة، بل وصل الأمر إلى الطلب من المترددين عليها تدبير الورق اللازم لإجراء المعاملات الحكومية، وكذلك قيام بعض رجال الشرطة بإجبار سائقي سيارات الميكروباصات على مرافقتهم خلال المأموريات الشرطية، بلا مقابل رغم غلاء أسعار المشتقات وقطع الغيار.
ومسألة تغوّل تكلفة الدين على الإنفاق في الموازنة ليست بجديدة، ولكنها موجودة منذ سنوات، حيث تشير البيانات الختامية لموازنات السنوات السابقة إلى بلوغ نصيب تكلفة الدين (من فوائد وأقساط) 46.6 في المائة من إجمالي الإنفاق في العام المالي 2021/2022، لترتفع النسبة إلى 53.4 في المائة بالعام المالي التالي، ثم تصل النسبة إلى 60.5 في المائة بالعام المالي 2023/2024، رغم ما حصلت عليه وزارة المالية من موارد من صفقة أراضي منطقة رأس الحكمة بقيمة 510 مليار جنيه، والتي اشترتها الإمارات من مصر خلاله، وتوقعت وزارة المالية بلوغ نصيب تكلفة الدين 64.9 في المائة بالعام المالي 2024/2025 الذي انتهى آخر الشهر الماضي.
فالشاغل الأول لوزير المالية هو تدبير نفقات فوائد وأقساط الدين الحكومي، حتى يستطيع الاستمرار في الاقتراض من الجهات المحلية والخارجية، في ظل إيرادات حكومية تقل عن مصروفات الحكومة منذ سنوات عديدة، وهو ما يمثله العجز المزمن في الموازنة المصرية. وتشير النتائج الأولية للشهور الإحدى عشر الأولى من المالي السابق 2024/2025، لبلوغ العجز الكلي في الموازنة 1.184 تريليون جنيه مطلوب اقتراضها لسد العجز في الموازنة.
عدم تحقق مخصصات الاستثمارات الحكومية
وها هي موازنة العام المالي الجديد قد بلغت قيمة الموارد فيها 3.186 تريليون جنيه، وهي الموارد المتحققة من الضرائب بأنواعها ومن الرسوم والخدمات الحكومية والمنح، بينما بلغ الإنفاق في الموازنة 6.761 تريليون جنيه، وهو ما يتطلب اقتراض جديد خلال العام المالي يبلغ 3.576 تريليون جنيه، ليضاف ذلك إلى أرصدة القروض القديمة للحكومة، مما يزيد من أرصدة ديونها ويتطلب منها تدبير فوائد وأقساط لتلك الديون، مما يعني السير في نفس الحلقة المفرغة، عجز فاقتراض، ثم عجز أكبر فاقتراض أكبر، فديون أعلى، فنسب أعلى لتكلفة الدين في الموازنة لتلْتهم معظم الإنفاق على حساب باقي أبواب الإنفاق.
ولأن أولوية الإنفاق تتجه لسداد فوائد وأقساط المُقرضين خشية الإعسار، وأجور العاملين في الحكومة حفاظا على السلام الاجتماعي، فإن الحكومة تلجأ لخفض الإنفاق على الأبواب الأخرى وأبرزها الاستثمارات الحكومية، والنتيجة أنه في العام المالي 2023/2024 على سبيل المثال أعلنت الحكومة في بداية العام المالي عن تخصيص 587 مليار جنيه للاستثمارات الحكومية، وظلت تتباهي بتلك الأرقام في تصريحات مسؤوليها، لتصدر البيانات الختامية أي النهائية لموازنة ذلك العام المالي بقيمة استثمارات حكومية بلغت 312 مليار جنيه فقط، بنسبة تراجع 47 في المائة عما أعلنته مسبقا.
وهو أمر تكرر خلال السنوات المالية منذ تموز/ يوليو 2013 وحتى العام المالي الأخير، بعدم تحقق ما يتم الإعلان عنه من أرقام للاستثمارات الحكومية في بداية السنوات المالية، ومن ذلك أنه تم الإعلان في بداية العام المالي 2024/2025 عن استثمارات حكومية بقيمة 496 مليار جنيه، بينما أشار البيان المالي للموازنة الجديدة إلى توقع بلوغ تلك الاستثمارات 386 مليار جنيه فقط، ويؤدي ذلك الخفض إلى إطالة فترات تنفيذ تلك المشروعات، خاصة مع ارتفاع التكلفة وارتفاع أسعار مواد البناء والعمالة، وزيادة تكلفة المُكون المستورد في تلك المشروعات مع تراجع أسعار الصرف للجنيه أمام الدولار الأمريكي.
ترقب مزيد من الأعباء على المواطنين
وامتد عدم تحقق ما يتم إعلانه من مخصصات لكثير من بنود الإنفاق، ومنها ما يتم الإعلان عنه من رد أعباء للمصدرين، نتيجة فروق ارتفاع التكلفة المحلية للإنتاج من فوائد مصرفية مرتفعة وتكلفة الفساد والبيروقراطية، لكنه لم يتم الالتزام بما يتم إعلانه من مخصصات في السنوات الماضية، والنتيجة تراكم مستحقات المصدرين لعدة سنوات.
وبدلا من أن تقوم الحكومة بسداد تلك المستحقات المتأخرة للمصدرين، فإنها تخيرهم بين السداد المُعجل بخصم نسبة 15 في المائة منها أو الانتظار لسنوات أخرى، كما تقتطع نسبة منها كمقاصة مع المستحقات الحكومية من ضرائب ورسوم على تلك الشركات المُصدرة، أو تشترط توجيه نسبة من المستحقات إلى خدمات معينة كالاشتراك في المعارض الدولية، كذلك عدم الوفاء بكامل الجزء النقدي السنوي لمستحقات هيئة التأمينات الاجتماعية على الخزانة العامة، وتحويل الجزء المتعثر إلى أوراق حكومية يتم سداد قيمتها في فترة لاحقة.
ومن هنا يمكن اعتبار الموازنة الحكومية المصرية بمثابة موازنة تصريف أعمال، وليست موازنة تنمية تسعى لإحداث نقلة مجتمعية، من خلال تخصيص الموارد اللازمة للتصدي للمشاكل المزمنة التي يعاني منها المجتمع المصري، كالبطالة والأمية والعنوسة والفقر وتدنى مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وسوء حالة الطرق سواء الطرق السريعة ما بين عواصم المحافظات أو داخل المدن، خاصة وأن هناك مخاطر أخرى تحيط بأولويات الإنفاق الحكومي، منها الضمانات التي تقدمها وزارة المالية للجهات المحلية والخارجية حتى تقرض الجهات الحكومية. وهي الضمانات التي بلغت حتى أيلول/ سبتمبر الماضي 4.889 تريليون جنيه، حيث تصبح الوزارة ملزمة بالسداد عند تعثر تلك الجهات عن السداد، مثل هيئة البترول البالغة قيمة ضماناتها 2.770 تريليون جنيه، وهيئة الأنفاق البالغ ضماناتها 455 مليار جنيه، وهيئة السكك الحديدية البالغة قيمة ضمانات قروضها 128 مليار جنيه، كما أن الوزارة ملزمة بسداد قيمة التعويضات المحتملة على الحكومة في قضايا التحكيم المرفوعة عليها، إلى جانب مخاطر المؤسسات المملوكة للدولة ومخاطر الكوارث والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمناخية والصحية.
لذا يصبح المسار الأسهل للحكومة هو زيادة الضرائب والرسوم، كما حدث مؤخرا بزيادة ضريبة القيمة المضافة لأنشطة المقاولات من خمسة في المائة إلى 14 في المائة، وزيادة الضريبة على السجائر والمشروبات الكحولية، وفرض ضريبة على النفط الخام بنسبة 10 في المائة، وإخضاع الوحدات الإدارية في الأماكن ذات السمة التجارية لضريبة جديدة، استجابة لمطلب صندوق النقد الدولي، حتى يقر المراجعة الخامسة لبرنامجه مع مصر كي يتم الحصول على شريحة جديدة من القرض، لكن الصندوق أعلن دمجه للمراجعتين الخامسة والسادسة حتى الخريف المقبل، حتى يدفع الحكومة للمزيد من تلبية مطالبه بزيادة أسعار الوقود والكهرباء ورفع سعر الخبز التمويني، وتحويل الدعم العيني للبطاقات التموينية إلى نقدي، وتقليص الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، وهي الإجراءات التي ستضيف أعباء جديدة على المواطنين.
x.com/mamdouh_alwaly