صحيفة الاتحاد:
2025-08-01@17:18:26 GMT

علي يوسف السعد يكتب: سافر معي إلى بلغاريا

تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT

تقع بلغاريا في قلب أوروبا الشرقية، هي جوهرة مخفية تنتظر من يكتشفها من المسافرين الشجعان؛ بفضل تاريخها الغني ومناظرها الطبيعية المتنوعة ومدنها النابضة بالحياة.. تقدم بلغاريا تجربة لا تُنسى لأولئك الذين يبحثون عن الإثراء الثقافي والجمال الطبيعي، صراحة مؤخراً سمعت بأن المسافرين هناك كان لهم تجربة غير جميلة، ولكن بكل صراحة زيارتي لبلغاريا كانت مميزة.

تبدأ زيارة بلغاريا من عاصمتها صوفيا، ويعود تاريخ هذه المدينة الغارقة في القِدم إلى أكثر من 7000 عام، وتشكل شوارعها شهادة حية على الحضارات المختلفة التي اتخذت منها موطناً لها، تجول في وسط المدينة لرؤية الآثار الرومانية القديمة والكنائس البيزنطية والمساجد العثمانية، وكلها على مرمى حجر من بعضها بعضاً.
قم بالتوجه جنوباً إلى «بلوفديف»، إحدى أقدم المدن المأهولة بالسكان في أوروبا، والتي تُعد متحفاً حياً، حيث يمكنك التجول في متاهة من الشوارع المرصوفة بالحصى والتي تصطف على جانبيها منازل من العصر العثماني المحفوظة بشكل جميل، ومسارح رومانية وحصون قديمة، وتتجلى الروح الفنية للمدينة في مشهدها الفني النابض بالحياة، حيث يمكنك الاستمتاع بالحفلات الموسيقية والمعارض في الهواء الطلق طوال العام.
بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن الشمس والبحر، فإن «فارنا»، جوهرة بلغاريا الساحلية على البحر الأسود، هي وجهة يجب زيارتها، وتُعد مدينة فارنا، بشواطئها النقية ومياهها الصافية وممشى شاطئ البحر الصاخب، ملاذاً للاسترخاء، ويمكنك أن تنغمس في التاريخ في متحف فارنا الأثري، لرؤية أقدم كنز ذهبي في العالم، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 6000 عام.
أفضل وقت لزيارة بلغاريا في الصيف (من يونيو إلى أغسطس)، فهو مثالي لرواد الشواطئ وعشاق الهواء الطلق، مع درجات حرارة دافئة وأيام مشمسة، فيما يوفر الربيع (أبريل إلى يونيو) والخريف (سبتمبر إلى نوفمبر) طقساً أكثر اعتدالًا لاستكشاف المدن والمشي لمسافات طويلة في الجبال، كما يضفي فصل الشتاء (من ديسمبر إلى فبراير) أجواءً سحرية على منتجعات التزلج في بلغاريا، مثل بانسكو وبوروفتس.
تُعد جبال ريلا موطناً لدير ريلا المذهل، وهو أحد مواقع التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ويوفر فرص المشي لمسافات طويلة والتزلج، وطبعا وبدون شك يجب زيارة بحيرات ريلا السبع، وهي مجموعة من البحيرات الجليدية.
ولا تكتمل الزيارة إلى بلغاريا دون الاستمتاع بمأكولاتها اللذيذة، فعليك أن جرب «بانيتسا»، وهي معجنات لذيذة مليئة بالجبن والبيض، أو تمتع بسلطة شوبسكا التقليدية، وهي مزيج منعش من الطماطم والخيار والفلفل وجبن الفيتا.
بلغاريا بلد التناقضات، حيث يلتقي التاريخ القديم بالحياة الحديثة، ويلوح الجمال الطبيعي عند كل منعطف، سواء كنت تستكشف شوارع صوفيا القديمة، أو تسترخي على ساحل البحر الأسود، أو تتنزه سيراً على الأقدام وسط الجبال ذات المناظر الخلابة، وبذلك تقدم بلغاريا مجموعة متنوعة من التجارب التي ستترك لك ذكريات دائمة، لذا احزم حقائبك، واحتضن جاذبية بلغاريا، وانطلق في رحلة لن تنساها.

أخبار ذات صلة علي يوسف السعد يكتب: رحلة طهي عبر إيطاليا علي يوسف السعد يكتب: تبليسي.. جوهرة القوقاز المخفية

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: علي يوسف السعد بلغاريا

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: الفاشر تحتضر ..!

تعيش مدينة الفاشر تحت حصار خانق تفرضه ميليشيا الدعم السريع منذ أكثر من عام، في ظل انهيار تام في الخدمات، وظلال مجاعة باتت تُخيّم على سكانها الذين يتجاوز عددهم مئات الآلاف. ورغم هذه الكارثة الإنسانية، لم يتخذ مجلس الأمن الدولي خطوات عملية ترتقي إلى حجم المأساة.

في يونيو 2024، تبنّى المجلس قراره رقم 2736، الذي طالب بوقف الحصار فورًا، وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها، وضمان حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. إلا أن هذا القرار بقي حبراً على ورق، بلا أدوات تنفيذية، بينما تتدهور الأوضاع المعيشية في المدينة بوتيرة متسارعة.

وقد أكد الخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، أمس أن أولويات عمله تتركز في أربعة ملفات أساسية: حماية المدنيين، تسهيل وصول المساعدات، المساءلة، وعدم الإفلات من العقاب، إضافة إلى ضمان حرية عمل المنظمات الإنسانية والحقوقية. وفي لقاء محدود مع الصحفيين،عبّر عن قلقه من استمرار التدهور، مشيرًا إلى غياب أي تطورات ملموسة على الأرض.

في المقابل، صدرت تصريحات متباينة من الحكومة. ففي مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان في يوليو 2025، أعلنت الحكومة السودانية أن رؤيتها الإنسانية تقوم على مبدأ تقديم الدعم للجميع دون تمييز ديني أو عرقي أو جهوي. كما أكدت فتح المعابر والمسارات والمطارات، بما في ذلك المنافذ الخارجة عن سيطرتها – مثل معبر أدري الحدودي مع تشاد – لاستقبال المساعدات، وتم تمديد فتحه لثلاثة أشهر إضافية. وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان رسمي بقبول هدنة إنسانية في الفاشر، استجابة لمقترح من الأمم المتحدة لتأمين وصول المساعدات إلى السكان المحاصرين.

من جانبه، أوضح الفريق الركن الصادق إسماعيل، مستشار مجلس السيادة للشؤون الإنسانية، أن ولايتي شمال دارفور وجنوب كردفان من أكثر المناطق تضررًا واحتياجًا، داعيًا المنظمات إلى تكثيف جهودها بعد فتح المسارات. كما أعلنت الحكومة تشكيل لجنة طوارئ وطنية لدعم مفوضية العون الإنساني.

أما المفوضة سلوى آدم بنية فكشفت عن كارثية موجات النزوح الأخيرة، مشيرة إلى فرار نحو 1.3 مليون شخص من مناطق القتال، بينهم أكثر من نصف مليون من مخيم زمزم إلى الفاشر، وعشرات الآلاف من أبو شوك وطويلة إلى داخل الأراضي التشادية.

ورغم هذه الخطوات الرسمية، تبقى الاستجابة على الأرض دون المستوى المطلوب. فلم يُسجّل أي تحرك عسكري فعّال لفك الحصار أو تأمين خطوط الإمداد نحو الفاشر. والجيش السوداني، رغم امتلاكه القدرات البشرية واللوجستية، لم يطلق حتى الآن أي عملية باتجاه المدينة.. علماً بأن آلاف المقاتلين من القوات المشتركة “حركات سلام جوبا” متواجدون في الخرطوم ، بحسب تقرير لقناة “العربية”. ويرى مراقبون أن الحصار كان من الممكن فكّه سريعًا، لو تحركت هذه القوات المجهّزة لجبهة القتال كما حدث في معارك سابقة أثبتت فيها قدرتها على تفكيك تمركزات الميليشيات.

وما يعمّق المأساة أن الفاشر أصبحت على حافة مجاعة حقيقية. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة بتاريخ 8 يوليو 2025، فإن 38% من الأطفال دون سن الخامسة في المدينة يعانون من سوء تغذية حاد، بينما يعاني 11% منهم من حالات حرجة تهدد حياتهم. وقد وصف والي شمال دارفور، الحافظ بخيت، الأوضاع بأنها “لا تُطاق”، موضحًا أن السكان يعتمدون على “الأمباز” – بقايا الفول السوداني المخصص عادةً لعلف الحيوانات – كغذاء رئيسي، في ظل غياب تام للسلع الأساسية، حيث تجاوز سعر ربع جوال الدخن نصف مليون جنيه سوداني.

وفي تطور لافت، أعلن مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، استعداده للانفتاح على تحالف “صمود”، بل وحتى مع ميليشيا الدعم السريع إذا أبدت التزامًا إيجابيًا، قائلاً: “الجميع سودانيون ويجب أن نتحرك معًا نحو السلام”. وهو خطاب يعكس مرونة تكتيكية وربما سعيًا لبناء تفاهمات جديدة لتخفيف التوتر على الأرض، رغم الانتهاكات الجسيمة التي ما تزال ترتكبها الميليشيا في الفاشر، حسب تقارير محلية ودولية موثقة.

لذلك على المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن، أن يتحمل مسؤوليته في تحويل قراراته إلى أدوات تنفيذية فعالة، تتضمن الضغط الجاد على ميليشيا الدعم السريع، وتفعيل آليات الإسقاط الجوي العاجل للمساعدات، وفرض وقف إطلاق النار الإنساني الذي وافقت عليه الحكومة السودانية.

كما أن على الحكومة السودانية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، بتحريك قواتها نحو الفاشر، وتأمين الطرق والمطار، وفرض واقع ميداني جديد يُنهي الحصار.

فما يحدث في الفاشر ليس مجرد أزمة إنسانية، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة السودانية على حماية مواطنيها، واختبار لمدى جدية المجتمع الدولي في الوقوف إلى جانب المدنيين في مناطق النزاع.

بحسب ما نراه من#وجه_الحقيقة لقد تجاوزت المأساة حدود الاحتمال، وبات الصمت شكلًا من أشكال التواطؤ. وإذا لم تُتخذ خطوات حقيقية خلال الأيام القادمة، فقد تسقط الفاشر ليس فقط تحت الحصار، بل في ذاكرة العالم كنقطة سوداء على جبين الإنسانية.
دمتم بخير وعافية.

إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 30 يوليو 2025م [email protected]

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الفاشر تحتضر ..!
  • الأمكنة تنبض بالحياة من جديد.. أكثر من مليون سوداني يعودون إلى ديارهم
  • رمز تاريخي يحترق... بلوط الشتاء في بلغاريا ينهار تحت ألسنة اللهب
  • الأقصر على مدار 24 ساعة.. قوافل طبية وحملات تموينية وفعاليات جماهيرية تنبض بالحياة
  • د. هاني العدوان يكتب ..
  • أرياف الطائف.. منصات نابضة بالحياة السياحية والترفيهية
  • أرياف الطائف.. منصات نابضة بالحياة السياحية
  • أحمد ياسر يكتب: مصر.. التاريخ والعنوان
  • باسل الطراونة يكتب : عن شخص معالي يوسف العيسوي رئيس الديوان الملكي العامر
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (رصف الدخان)