توصلت دراسة بحثية إلى أن البلاستيك الدقيق لديه القدرة على امتصاص الكادميوم، وهو عنصر فلزي طري يوجد مع النحاس والزنك المستخدم في البطاريات واللحام، ولديه خصائص سمية مباشرة وغير مباشرة، وعند التعرض المشترك للبلاستيك الدقيق والكادميوم يزيد من نسبة تراكمه في الأسماك مقارنة بالتعرض الفردي للكادميوم مما يؤدي لزيادة التأثير السمي له.

وقال الباحث الرئيس مُخلص بن سعيد المرشودي في دراسته التي جاءت بعنوان "التأثير السُمّي المضاف لجزيئات البلاستيك الدقيق على تراكم وسُمّية الكادميوم في أسماك الزرد: "إن الدراسة جاءت من أجل تقييم التأثيرات السامة المباشرة وغير المباشرة للبلاستيك الدقيق عن طريق التعرض الفردي والمشترك للبلاستيك الدقيق والكادميوم في أسماك الزرد وهي من أسماك الزينة وتسمى أحيانًا بالسمك المخطط، حيث سُحقت حبيبات بلاستيك مصنوعة من البولي إيثيلين عالي الكثافة (HDPE) غير المعرضة لعوامل التعرية، والمعرضة لعوامل التعرية إلى جزيئات صغيرة الحجم.

وأوضح المرشودي أن الدراسة أجريت على جزأين؛ في الجزء الأول قُيّمت قدرة البلاستيك الدقيق على امتصاص عنصر الكادميوم عبر طريق تجربة الامتزاز الدفعي، أما الجزء الثاني كان التعرض البيولوجي عبر عدة طرق، وهي عنصر الكادميوم لوحده، والبلاستيك الدقيق لوحده، ومزيج من الملوثين، بعدها تم قياس التراكم الأحيائي للكادميوم، ومعدل إنتاج الميتالوثيونين، وسلوك السمك، والتشريح المرضي كمؤشرات للسمية.

وأشار إلى أن سمك الزرد تعرض لتركيز واقعي بيئيًا من البلاستيك الدقيق (غذاء ملوث بنسبة 0.1% بالبلاستك الدقيق) والكادميوم (50 ميكروغرام / لتر) ومزيج من الاثنين لمدة (21) يومًا، ولقد تم تسجيل نفوق للأسماك بسبب التعرض للكادميوم المنقول بالماء، بينما لم يكن للبلاستيك الدقيق أي تأثير ولم يتأثر نمو الأسماك وحجمها، مقارنة بالتعرض الفردي.

واستطرد: لقد أدى التعرض المشترك لنظام غذائي غني بالبلاستيك الدقيق والكادميوم المنقول بالماء إلى تراكم أعلى لعنصر الكادميوم (على وجه التحديد عند الذكور) بينما لم يتأثر مستوى إنتاج الميتالوثيونين، وهو من أنواع البروتينات عالية الأحماض الأمينية بينما زاد سلوك القلق بشكل ملحوظ بعد التعرض المشترك للبلاستيك الدقيق والكادميوم التي تنقلها المياه.

ووجدت الدراسة أن السلوك الاجتماعي لأسماك الزرد تأثر بشكل طفيف بجمع أنواع التعرضات لاسيما التعرض للبلاستيك الدقيق المتأثر بعوامل التعرية، ولوحظ تأثير بسيط على جرأة الأسماك، وسلوك الأسماك الجماعي، وأظهرت الخياشيم وأنسجة الكبد تغيرات طفيفة بينما كانت معظم الآفات النسيجية المرضية في الأمعاء، وأشارت النتائج النسيجية المرضية إلى قدرة الكادميوم على التسرب من خلال البلاستيك الدقيق والتسبب في تأثير سمي أكثر من البلاستيك النقي.

وبشكل عام تدعم الدراسة فرضية أن البلاستيك الدقيق له القدرة على نقل الملوثات إلى الكائنات الحية، وفي المقابل، كان وجود البلاستيك الدقيق محفزًا للتراكم الأحيائي للكادميوم لكن العملية لم تكن بشكل مباشر والآلية المحددة التي أدت لزيادة تراكم الكادميوم قد تكون غير مباشرة، ومقارنة بالبلاستيك الدقيق غير المشبع بالكادميوم، لم يكن للبلاستيك الدقيق المشبع بالكادميوم أي تأثيرات واضحة على وفيات الزرد، وامتصاص الكادميوم، وسلوك الأسماك، ولكن على مستوى التشريح المرضي، كان لديهم تأثيرات أعلى.

وتسهم الدراسة في فهم بعض الجوانب السمية للملوث البيئي "جزيئات البلاستيك الدقيق"، حيث إن سمية هذا الملوث غير مفهومة بشكل كبير، ويتوقع العلماء أن لهذا الملوث البيئي جوانب سمية عديدة لم تفهم بعد، وحول توصيات الدراسة قال الباحث مخلص المرشودي: إن الدراسة أوضحت قدرة جزيئات البلاستيك الدقيق على التأثير السمي المباشر وغير المباشر على الأسماك وهذا ينذر بضرورة دراسة احتمالية تأثير هذه الملوثات على كائنات أخرى وصولًا بالبشر، كذلك أوصت الدراسة بضرورة دراسة مدى انتشار هذه الملوثات في البيئات الطبيعية كالبيئات البحرية، وبيئات المياه العذبة، والعمل على استقصاء مصادرها الأساسية والثانوية لمعرفة طرق التقليل منها، بالإضافة إلى محاولة دراسة هذه الملوثات بصورة أوسع وأكثر شمولية، حيث يعتقد الكثير من الخبراء أن ما نعرفه عن هذه الملوثات أقل بكثير مما لا نعرفه خاصة وأن هذه الملوثات توجد في البيئة بعدة أشكال وأنواع وأحجام مختلفة.

منجزات متحققة

حقق المشروع البحثي بعنوان "التأثير السمي المضاف لجزيئات البلاستيك الدقيق على تراكم وسمية الكادميوم في أسماك الزرد"، الجائزة الوطنية للبحث العلمي ضمن قطاع البيئة والموارد الحيوية لفئة الباحثين الناشئين لعام2023م، كذلك نشرت نتائج المشروع البحثي في مجلة (Chemosphere) والتي تعد واحدة من أهم المجلات العلمية المحكمة العالمية في المجال البيئي ودراسات التلوث.

الفريق البحثي

تكون فريق المشروع من الباحث الرئيسي مخلص المرشودي "وقد نال من خلال إنجازه للمشروع درجة الماجستير في علم البيئة، من جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء" والمشرف الأكاديمي الدكتور مايكل باري، أستاذ مشارك، جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء، والدكتور حسن بن علي الريسي، أستاذ مشارك، جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء، والدكتور عزيز بن أحمد الحبسي، أستاذ مساعد، جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء.

الجدير بالذكر أن البلاستيك الدقيق "MPs" يعدّ ملوّثًا جديدًا ناتجًا عن الإنتاج الضخم للبلاستيك في العقود القليلة الماضية، ويلوث البلاستيك الدقيق معظم البيئات الطبيعية، لكن البيئات المائية هي الأكثر تضررًا، إلى جانب السمية المباشرة للبلاستيك الدقيق للكائنات المائية، إذ يعمل البلاستيك الدقيق كناقل يزيد من نقل الملوثات الموجودة في الماء إلى الكائنات الحية مما يتسبب في تهديد محتمل للكائنات المائية، ويعد عنصر الكادميوم "Cd" هو أحد الملوثات التي لديها فرصة كبيرة للوجود مع البلاستيك الدقيق جنبًا إلى جنب في البيئات المائية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف عن مفاجأة غير متوقعة عن “داء الملوك”

الجديد برس| ارتبط النقرس لقرون عدة بالإفراط في استهلاك الأطعمة الضارة والكحول، لكن أبحاثا حديثة تشير إلى أن الجينات تلعب دورا أكبر في تطور هذا المرض الالتهابي مما كان يعتقد سابقا. ويعرف المرض سابقا باسم “داء الملوك”، نظرا لانتشاره بين الأثرياء والنخب الحاكمة الذين كانوا يتناولون كميات وفيرة من اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية – وهي عناصر غذائية ترفع مستويات حمض اليوريك في الدم، ما جعلهم أكثر عرضة للإصابة بالنقرس مقارنة بغيرهم من الطبقات الاجتماعية التي كانت تعتمد على أنظمة غذائية أكثر تواضعا. وكشفت دراسة حديثة أجراها فريق علمي دولي، حللت بيانات جينية من 2.6 مليون شخص من 13 مجموعة مختلفة، بينهم 120295 مصابا بالنقرس، عن 377 منطقة في الحمض النووي ترتبط بالإصابة بالمرض، بينها 149 منطقة لم تكتشف سابقا. ورغم أن نمط الحياة والعوامل البيئية تبقى مؤثرة، تؤكد النتائج أن الجينات تحدد بشكل كبير احتمالية الإصابة. ويقول عالم الأوبئة توني ميريمان من جامعة أوتاغو في نيوزيلندا: “النقرس مرض مزمن له أساس وراثي، وليس خطأ المريض. ويجب دحض الأسطورة القائلة بأنه ناتج عن نمط الحياة أو النظام الغذائي”. ويحدث النقرس عندما ترتفع مستويات حمض اليوريك في الدم، ما يؤدي إلى تكوين بلورات إبرية حادة في المفاصل. وعندما يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة هذه البلورات، يشعر المريض بألم شديد. وتشير الدراسة إلى أن الجينات تؤثر في كل مرحلة من هذه العملية، خاصة في استجابة الجهاز المناعي وطريقة نقل حمض اليوريك في الجسم. ورغم توفر علاجات، يحذر الباحثون من أن المفاهيم الخاطئة قد تمنع المرضى من طلب الرعاية. ويضيف ميريمان: “هذه الأسطورة المنتشرة تسبب الشعور بالخجل لدى المصابين، ما يجعل البعض يعاني في صمت بدلا من التوجه للطبيب للحصول على دواء وقائي”. وإلى جانب تحسين فهم أسباب النقرس، تفتح الدراسة آفاقا جديدة للعلاجات، خاصة في مجال التحكم في الاستجابة المناعية. كما يمكن إعادة استخدام أدوية موجودة بالفعل. وأشار ميريمان: “نأمل أن تؤدي الأهداف الجديدة التي حددناها إلى تطوير علاجات أفضل ومتاحة للجميع”.

مقالات مشابهة

  • دراسة صادمة.. وسيلة منع حمل شائعة قد تعرّض النساء لخطر السكتة الدماغية
  • دراسة تكشف عن مفاجأة غير متوقعة عن (داء الملوك)
  • صحة الرئتين في خطر.. دراسة تحدد سببا غير متوقع
  • دراسة: تلوث البلاستيك يؤثر على ذاكرة النحل وعسله
  • المركز الدولي ينشر دراسة رائدة بعنوان «الشهادة الشفوية بين التوثيق التاريخي والإثبات القانوني والتجريم»
  • دراسة تكشف عن مفاجأة غير متوقعة عن “داء الملوك”
  • دراسة: نصف الشباب يفضلون عالمًا بلا إنترنت
  • تلوث الهواء يؤذي عظام المرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث
  • حيوان مفترس قديم بثلاثة عيون يحيّر العلماء.. لا مثيل له بين الكائنات
  • تحذير.. هذا المشروب يسبب السرطان.. دراسة جديدة تكشف التفاصيل