هل تسعى واشنطن لوقف تمدد نطاق الحرب في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
واشنطن- يعكس توجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وآموس هوكشتاين -المبعوث المعني بالملف اللبناني- إلى الشرق الأوسط مخاوف متزايدة في واشنطن من مغبة اتساع نطاق الحرب على قطاع غزة.
وفي إفادة صحفية، أمس الأربعاء، قال مسؤول أميركي رفيع إن بلينكن سيواصل المشاورات الدبلوماسية بشأن الصراع بين إسرائيل وغزة، في حين سيعمل المبعوث هوكشتاين على تهدئة التوترات بين تل أبيب وحزب الله.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، شهد الشرق الأوسط تطورات مثيرة خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت بهجمات نوعية متقدمة لجماعة الحوثيين على سفن تجارية عند مدخل البحر الأحمر، وهو ما استدعى تدخلا عسكريا أميركيا للمرة الأولى.
وأعقب ذلك اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) صالح العاروري في العاصمة اللبنانية بيروت، وانتهت بتفجيرات استهدفت المشاركين في إحياء الذكرى الرابعة لمقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، مخلفة أكثر من 100 قتيل.
أولوية واشنطن
من ناحيته، يقول ديفيد دي روش، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، والمسؤول السابق بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ووزارة الدفاع، إن أولوية الولايات المتحدة الآن هي تهدئة الصراع ومنعه من الانتشار.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أضاف دي روش أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تريد توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، واستشهد "باستيعاب الولايات المتحدة أكثر من 100 هجوم ضد جنودها في سوريا والعراق، وبأنها لم ترد بالقوة المميتة إلا على عدة هجمات".
وتابع أنه "كان هناك أكثر من 20 حادثة أطلق فيها الحوثيون النار على السفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في البحر الأحمر، لكن الرد الأميركي الوحيد حتى الآن كان إطلاق النار على زوارق الحوثيين التي أطلقوا النار منها مباشرة على مروحيات البحرية الأميركية".
ويعتقد أن "الخطر الأكبر لانتشار الصراع في لبنان، حيث كان اغتيال العاروري في قلب منطقة تخضع لسيطرة حزب الله، وقبل يوم واحد من الذكرى السنوية لمقتل سليماني، وهو ما يمثل عملا خطيرا. ومن المؤكد أن إدارة بايدن كانت ستحاول منع إسرائيل من القيام بهذا الهجوم لو علمت به".
وفي تقدير موقف لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المعروف بتبنيه للمواقف الإسرائيلية، ذكر مدير برنامج الاستخبارات ومكافحة الإرهاب ماثيو ليفيت وخبيرة الشؤون العربية حنين غدار أنه "حتى لو لم يسعَ حزب الله إلى حرب كبرى، فلا يمكن استبعاد هذا الاحتمال، سواء عبر الصدفة أو عن قصد".
وغرد تاريتا بارسي نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن -على منصة إكس- معلقا على هذه التطورات بأنها "لحظة خطيرة للغاية، يبدو أن الحرب على مستوى المنطقة أكثر احتمالا يوما بعد يوم".
رسائل متعددة
وأشار بارسي إلى مقتل ما لا يقل عن 100 شخص في انفجار إحياء ذكرى اغتيال الجنرال سليماني. وربط بين هذه التفجيرات واغتيال إسرائيل العاروري في بيروت، وهي خطوة يُنظر إليها -على نطاق واسع- على أنها تهدف إلى إثارة رد فعل من حزب الله.
وفي الأسبوع السابق، قُتل جنرال إيراني في سوريا على يد إسرائيل. وحتى الآن، ردت طهران بشكل غير مباشر على إسرائيل، يضيف المتحدث ذاته.
ويقول بارسي إن تل أبيب تسعى للتصعيد والانتقال من حربها المنخفضة المستوى مع إيران، إلى حرب مفتوحة. وفي الوقت ذاته ومع استمرار الهجمات الإسرائيلية، تتعرض إستراتيجية طهران لضغوط متزايدة، إذ تجادل مزيد من الأصوات في إيران بأن غياب رد قوي يقوض ردعها.
من جانبه، اعتبر ديفيد ماكوفسكي، المسؤول السابق والخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في تغريدة على منصة إكس، أن توقيت مقتل العاروري داخل معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت يحمل رسائل متعددة.
ومن بين هذه الرسائل -وفق ماكوفسكي- أن "تهديدات إسرائيل ذات مصداقية. وعلى وجه التحديد، لا تشككوا في أنها ستستخدم القوة في لبنان بالمعنى الأوسع، وليس فقط ضد مسؤول كبير في حماس"، يقول.
ويضيف في تغريدته، "وفي الوقت الذي تفضل فيه إدارة بايدن العمل الدبلوماسي لتجنب تفاقم الحرب الحالية، تبقى هناك أسئلة عالقة، منها: هل يمكن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي؟ وهل يمكن تنفيذه؟ ومن المحتمل أن تقول إسرائيل إن النتيجة الدبلوماسية مفضلة أيضا، ولكن ذلك ممكن فقط إذا تم ردع حزب الله".
صداع البحر الأحمر
ووسط دعوات متزايدة للرئيس بايدن لإصدار أمر برد عسكري أقوى على الهجمات المتكررة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية بالبحر الأحمر، عقد أعضاء مجلس الأمن القومي اجتماعا في البيت الأبيض، أمس الأربعاء، لمراجعة الخيارات الممكنة، بما فيها توجيه ضربات ضد أهداف للحوثيين في اليمن، وفق تقارير إخبارية.
وحتى الآن، لم يوافق البيت الأبيض على أي من خيارات الضربات على "المتمردين المتمركزين في اليمن التي أعدها الجيش الأميركي".
إلا أن الجيش الأميركي رد على هجوم شنه الحوثيون عليه ليلة رأس السنة، حيث أطلقوا النار على طائرات مروحية تابعة للبحرية الأميركية من قوارب صغيرة، وردت المروحيات بإطلاق النار، وأغرقت 3 قوارب وقتلت 10 مقاتلين.
وأصدر البيت الأبيض بيانا مشتركا، الأربعاء، مع عدد من الدول الحليفة دانوا فيه هجمات الحوثيين، وحذروا من رد محتمل إذا استمرت الهجمات.
وغردت القيادة الأميركية الوسطى "سنتكوم" -التي تشرف عسكريا على المنطقة الممتدة من باكستان إلى مصر– عبر حسابها على منصة إكس، وقالت إن "الحوثيين سيتحملون مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي والتدفق الحر للتجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل توافق وحماس تدرس المقترح الأميركي حول غزة
وافقت الحكومة الإسرائيلية على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، في الوقت الذي تدرس فيه حركة حماس المقترح.
فقد نقلت القناة 12 عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله "نقبل بمخطط ويتكوف الجديد".
وقال نتنياهو لعائلات الأسرى المختطفين بغزة "سنوافق على مخطط ويتكوف الذي نقل إلينا الليلة، حماس حتى اللحظة لم ترد ولا نعتقد أن حماس ستفرج عن آخر رهينة ولكن نحن لن ننسحب من غزة بدون أن نتسلم جميع الرهائن".
وكانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية قالت إنه من المرتقب أن يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم اجتماعا أمنيا محدودا لبحث المسار الجديد الذي طُرح بشأن صفقة تبادل ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ضوء المقترحات الأخيرة التي قدمها ويتكوف.
ولم توضح الهيئة من سيشارك في اللقاء إضافة إلى نتنياهو.
ونقلت عن مصدر إسرائيلي رفيع، لم تسمه، قوله إن تل أبيب تلقت الليلة الماضية المقترح الأميركي.
وقالت إن المقترح يتضمن الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء، إلى جانب تسليم جثامين 10 آخرين، على دفعتين، مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يوما.
وقد كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلا عن مسؤول إسرائيلي، أن اجتماعا عُقد بواشنطن، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بين ويتكوف ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر بشأن قضيتي، الرهائن وإيران، اتسم بالتوتر.
إعلانوبحسب المسؤول الإسرائيلي فإن أن صبر ويتكوف من إسرائيل بدأ ينفد.
حماس وويتكوف
وقالت حركة حماس إنها تسلمت من الوسطاء مقترح ويتكوف الجديد وتدرسه بمسؤولية بما يحقق مصالح شعبنا ووقف إطلاق النار الدائم.
وكانت حماس قالت إنها توصلت الى اتفاق على إطار عام مع ويتكوف، يحقق وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا للاحتلال من القطاع.
وأضافت حماس أن الاتفاق يتضمن تدفق المساعدات، وتولي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق.
وقالت الحركة إن الاتفاق مع ويتكوف نص على إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين، وتسليم جثث، مقابل إطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين بضمان الوسطاء.
بدورها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن مفاوضات إنهاء الحرب ستستمر خلال وقف إطلاق النار.
وأوضحت أنه في حال الاتفاق على إطار عمل، سيتم إطلاق سراح الأسرى المتبقين، أحياء وأمواتا، أما في حال فشل المحادثات، فإن إسرائيل تحتفظ بحق استئناف العمل العسكري، مع إمكانية تمديد وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح المزيد من الأسرى، وفق الصحيفة.
وأضافت بموجب الخطة، ستُستأنف المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر الأمم المتحدة والوكالات الدولية، وستُطلق إسرائيل سراح الأسرى (الفلسطينيين) وفقا للاتفاقيات السابقة.
وتابعت سينسحب الجيش الإسرائيلي إلى مواقعه قبل الهجوم (في مارس/آذار)، محافظا على وجوده على طول ممر فيلادلفيا، الذي يمتد على طول الحدود بين غزة ومصر، ولكنه سينسحب من ممر موراغ بين رفح وخان يونس (جنوب قطاع غزة).
وقد أكد ويتكوف أن لديه شعورا جيدا بشأن التوصل إلى وقف لإطلاق النار يؤدي إلى اتفاق طويل الأمد.
المقترح الجديد يمثل انقلاباً على المسار التفاوضي برمّته، وهو (ردّ إسرائيل) على ما توافقت عليه حماس وويتكوف أكثر مما هو مقترح جديد.
المقترح يتضمن:
– الإفراج عن نصف الأحياء والجثامين في الأسبوع الاول من الاتفاق.
– لا انسحاب من غزة
– لا ضمان لاستمرار توقف القتال.
– لا ضمان لدخول…
— Saeed Ziad | سعيد زياد (@saeedziad) May 29, 2025
إعلانوفي السياق، قال المحلل السياسي سعيد زياد إن المقترح الجديد يمثل انقلابا على المسار التفاوضي برمته، وأوضح أن المقترح هو "ردّ إسرائيل" على ما توافقت عليه حماس وويتكوف أكثر مما هو مقترح جديد، بحسب تعبيره.
وأضاف زياد أن المقترح يتضمن الإفراج عن نصف الأحياء والجثامين في الأسبوع الاول من الاتفاق، وأنه لا انسحاب من غزة ولا ضمان لاستمرار توقف القتال.
كما قال زياد إن المقترح لا يضمن دخول المساعدات ولا التزام بالبروتوكول الاغاثي.
وأشار إلى أن هذا المقترح هو لاتفاق من أسبوع وليس من 60 يوم، حيث تريد إسرائيل "نزع أوراق القوة من المقاومة في الأسبوع الأول ثم يتنصّل من كل الالتزامات".
من جهة ثانية، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول سياسي رفيع أنه بخلاف ما نُشر، فإن اتفاق ويتكوف الذي اقترح في الأيام الأخيرة لا يتضمن تحديد خط تموضع جديد للقوات الإسرائيلية، ولا طريقة توزيع المساعدات في إطار وقف إطلاق النار.
المعارضة تؤيد ويتكوف
بدوره، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن على إسرائيل أن تقبل بشكل علني وفوري مقترح الوسيط الأميركي ستيفن ويتكوف.
وأضاف لبيد أنه سيمنح نتنياهو شبكة أمان كاملة للموافقة على مقترح ويتكوف حتى لو حاول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عرقلته.
وتقدر تل أبيب وجود 58 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وفي ذات السياق، قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة إنه كان بإمكان نتنياهو اتخاذ قرار يؤدي لصفقة شاملة لكنه قرر استمرار الحرب لاعتبارات خارجية.
وأشارت إلى أنه لا توجد خطة حقيقية للحرب في غزة وما لم ينجز خلال عام ونصف العام فلن ينجز لاحقا.
إعلان