بقلم : عبد الله بوصوف / أمين عام مجلس الجالية

أصبح من الصعب مُـجاراة وتيرة ما يقع من أحداث ساخنة في أكثر من بقعة في العالم بين حرب طاحنة منذ سنتين بأوكرانيا في صراع بخلفيات سياسية وإيديولوجية وأمنية مع روسيا؛ وسقوط ألاف الشهداء من المجنيين وتدمير عشرات المستشفيات على رؤوس المرضى والجرحى بغزة / فلسطين، ولائحة طويلة من القتلى في صفوف الصحافيين، منذ شهر أكتوبر من سنة 2023.

وكِــدنـا نعتقد أن سنة 2024 ستحمل معها بوادر انفراجات سياسية تخفف من الآلام وتسمح بمساحات هدنة والحلم بـتسويات موضوعية وتاريخية لتحقيق سلام دائم وحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تأسيس دولة عاصمتها القدس الشرقية.

لكن نقل الصراع المسلح إلى مناطق خارج فلسطين وإسرائيل كـحادث مقتل قياديي منظمة حماس بلبنان من عيار “صلاح العاروري” يوم 2 يناير، وتفجير مقبرة بمدينة كرمان الايرانية يوم 3 يناير وسقوط مئات القتلى والجرحى، رافقه الكثير من التهييج والتجييش امتدت رقعته إلى العراق وسوريا، ويهدد بقــرع طبول الحرب.

ليس هذا فحسب، فالمنطقة تعيش أحداثا خطيرة أخرى كهجوم الحوثيين باليمن على السفن التجارية بخليج عدن عند مدخل المندب بالبحر الأحمر، ردا على ما يقع في غزة / فلسطين من قتل للمدنيين. وهو ما دفع بتشكيل تحالف دولي بزعامة الولايات المتحدة الأميركية من أجل حماية السفن التجارية وحاملات البترول.

وسيزيد الأمر تعقيدا ما وقع بالقرن الإفريقي وتوقيع الوزير الأول الأثيوبي “أحمد أبي” لـمذكرة تفاهم مع قياديي “جمهورية أرض الصومال” سيسمح بموجبها لأثيوبيا الولوج للبحر الأحمر عبر موانئ “أرض الصومال” وقرب معبر جيبوتي، مقابل اعتراف إثيوبيا “بجمهورية أرض الصومال” وايضا استعمال أسطول الطائرات الأثيوبية، وهو ما أثار حفيظة الصومال واعتبرته تهديدا لوحدتها الترابية.

ومن خلال مشهد فَـوْقي فإنه يتضح على أن المنطقة تقف فوق برميل بارود مهدد بالانفجار في أي لحظة، وهو ما سيحمل تداعيات تتجاوز المنطقة لتتسبب في أزمات اقتصادية للعالم، وسينتج عنها ارتفاع اسعار البترول والغاز والتأمين والمواد الأساسية بالإضافة الى موجات تهجير جماعي تفوق بكثير ما خلفته الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022.

تختلط في المشهد ذاته العديد من الأوراق وتتشابك فيه التحالفات السياسية مع الاقتصادية والمعدلات الجيوستراتيجية بين تيار روسيا / والصين من جهة، وتيار أمريكا والغرب من جهة ثانية، خاصة مع المصالحة السعودية/الإيرانية التي رعتها الصين، وانضمامهما معًا الى مجموعة ” البريكست ” بالإضافة الى دول مصر وإثيوبيا انطلاقا من فاتح يناير 2024.

سنة الانتخابات بامتياز

وفي ظل هذا المشهد الذي وصفه أكثر المحللين تفاؤلا، بأنه الأصعب منذ نهاية الحرب الباردة، وبالنظر لاتجاه الأوضاع أكثر فأكثر إلى التعقيد والتصعيد فإن العديد من البلدان الفاعلة في الساحة السياسية الدولية ستشهد انتخابات رئاسية وتشريعية خلال سنة 2024، حيث نعتقد أنها ستؤثر لا محالة على مجريات ومآلات تلك الأحداث والصراعات الدائـرة سواء بأوكرانيا أو بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وقد حرص الرئيس الصيني “شي جين بينغ” في خطاب نهاية سنة 2023 على التأكيد على “الصين الموحدة” وأن عودة جزيرة تايوان “للوطن الأم” هي ضرورة تاريخية. وذلك على بُـعْد أسبوعين من انتخابات رئاسية وتشريعية بالتايوان يوم 13 يناير 2024، وهو خطاب حمل معه رسائل مشفرة الى روسيا والإدارة الامريكية.

من جانبه أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذو 71 سنة عن ترشحه “كمستقل” للرئاسيات التي ستجري في 17 من شهر مارس 2024، ويجمل المحللون على بقائه في السلطة لـعهدتين اضافيتين، مع كل ما يحمله ذلك من دلالات ونتائج على مستويات التحالفات الجيوستراتيجية ومعادلات الحرب والسلم في العالم.

كما ستعرف جارة موسكو وحليفتها، بيلاروسيا، إجراء انتخابات تشريعية (الغرفة السفلى) في 25 من شهر فبراير و (الغرفة العليا) في 4 من شهر أبريل، وهي انتخابات بطعم التحالفات السياسية ونقاشات توسع حلف الناتو والاتحاد الأوروبي شــرقا.

وفي الهند ستسعى قوى المعارضة (26 حزبا) إلى الإطاحة برئيس الوزراء، ناريندرا مودي، (73 سنة) في تشريعيات شهر ماي 2024 والعمل على عدم حصوله على ولاية ثالثة لقيادة أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، مع كل ما يعني ذلك من ثِـقـل اقتصادي وسياسي وجيوستراتيجي للهند في المحيط الهادي.

وغيـر بعيد عنها ستجري في اندونيسيا يوم 14 فبراير، أكبـر رئاسيات مباشرة في العالم حيث يشارك فيها 200 مليون ناخب للحسم ليس في منصب الرئيس فقط بل ايضا في قواميس الديمقراطية والحريات في أكبر بلد مسلم في العالم.

كما يُنتـظر إجراء تشريعيات بريطانيا في القسم الأخير من سنة 2024 قــد تضع حدا لسيطرة المحافظين على السلطة منذ 2010 في ظل صعود شعبية حزب العمال في عهد Keir Starmer حسب نتائج استطلاعات للرأي.

وستعرف إيران بدورها إجراء تشريعيات في شهر مارس 2024 بمحددات ايديولوجية وسياسية واقتصادية قوية كالمصالحة السعودية والبريكس والحرب الدائرة في غزة / فلسطين والعلاقة مع حزب الله وحماس وسوريا والحوثيين وروسيا والصين…

الاتحاد الأوروبي (27 دولة أوروبية) سيشهد بدوره تجديد برلمانه ومؤسساته في 9 يونيو 2024، حيث سيتم انتخاب حوالي 720 برلمانيا أوروبيا في ظل تمدد أحزاب اليمين المتطرف وعزوف انتخابي من جهة، وسيطرة إشكاليات الحدود الأوروبية والهجرة واللجوء والمناخ والغاز والناتو وقضايا الحريات الفردية والموقف من مجموعات G7 وG20 والحرب في أوكرانيا وغـزة / فلسطين.

كما تضم أجندة بلجيكا السياسية لسنة 2024 تنظيم انتخابات عامة، وكذلك الأمر بالنسبة للنمسا والمكسيك، وكذا تشريعيات مبكرة في البرتغال بتاريخ 10 مارس 2024 بعد استقالة الاشتراكي أنطونيو كوستا على خلفية فضائح فســاد وتعويضه بالسياسي بيدرو نينو سانتوس على رأس الحزب اليساري.

وستعيش افريقيا هاته السنة أيضا حملات انتخابية رئاسية وتشريعية ومحلية في عدد من الدول، أهمها رئاسيات جنوب إفريقيا في شهر ماي وهي العضو المؤسس للبريكست ولها علاقاتها مع روسيا والصين، وهي الانتخابات التي تأتي في سياق الأزمة الاقتصادية والأمنية والطاقية التي تشهدها البلاد وتضع على المحك تجربة الرئيس الخالد في منصبه Cyril Ramaphosa مع تداعيات الإعلان القضائي بإفلاس الحزب الحاكم ” المؤتمر الوطني الافريقي ” والحجز على ممتلكاته لفائدة إحدى الشركات المحلية.

وفي شمال إفريقيا هناك رئاسيات في الجزائر، حيث لازال النظام العسكري -الآمر الناهي بالجزائر- لم يعلن بعد عن “المرشح” الذي سيقود النظام السياسي تحت وصايته. ولم يحسم بعد في إمكانية إعادة ثقته في الرئيس الحالي عبد المجيد تبون الذي راكم مسيرات من الإخفاقات والزلات السياسية والإعلامية، أو الإعلان عن مرشح جديد قادر على مواصلة مسلسل الكراهية والقطيعة بين الشعبين المغربي والجزائري.

وستكون الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر 2024 فاصلة بين تمسك الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن بالسكن في البيض الأبيض وبالتالي استمرار سياساته الخارجية بين ترسيخ تحالفات قديمة مع أوروبا واليابان وبريطانيا وكندا، ونسج تحالفات جيواستراتيجية مع الصين والهند وبلدان المحيط الهادي وافريقيا من جهة؛ وبين عودة الجمهوري “دونالد ترامب” إلى السلطة وهو ما يعني قلب معادلات التحالف والصراع خاصة مع روسيا /بوتين والصين والناتو والإتحاد الأوروبي والحريات الفردية والهجرة.

لقـد أثارت الأجندات الانتخابية في أغلب بلــدان العالــم لسنة 2024 انتباه العديد من مراكز البحوث والدراسات ومعاهد استقراء الرأي، بالإضافة الى تقارير إعلامية وصفت سنة 2024، بأنها أقوى سنة انتخابية على مدار تاريخ الممارسة الديموقراطية في العالم، لأنها تزامنت مع قرع طبول الحرب في أكثر من منطقة ساخنة، ولأن نتائجها ستتأثر وستؤثر بكل تأكيد في مستقبل الأحداث العالمية الكبرى الحالية وقد تبصم على تشكل نظام عالمي متعدد الأقطاب.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: فی العالم سنة 2024 وهو ما من جهة

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يصدر قانونًا بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة

 أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون رقم 158 لسنة 2025 بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025.

ونص القانون في (المادة الأولى): "يُفتح اعتماد إضافي باستخدامات الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025 مقداره (فقط وقدره خمسة وثمانون مليار جنيه) على النحو الآتي: الباب الثالث (الفوائد) بمبلغ (فقط وقدره خمسة وثمانون مليار جنيه)".

كما تم النص "تُعدل موازنة الخزانة العامة والجداول المرافقة لقانون ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025 بالآثار المترتبة على الاعتماد الإضافي المنصوص عليه في المادتين الأولى والثانية من هذا القانون".

وتنص (المادة الرابعة) "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره".

طباعة شارك الرئيس الموازنة للسنة المالية

مقالات مشابهة

  • برلماني: الحديث عن تثبيت العقود دعاية انتخابية وحكومة السوداني لاتملك هذه الصلاحية
  • ماذا يركب الناس؟.. أكثر 10 سيارات شعبية ومبيعا في العالم
  • تقرير أممي: اليمن ضمن أسوأ أربع أزمات غذاء في العالم
  • الرئيس السيسي يصدر قانونًا بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة 2024-2025
  • الرئيس السيسي يصدر قانونًا بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة
  • حين يُسجَن العربي لأنه ناصر فلسطين.. فهل الغرب حقّا أكثر وفاء؟
  • تقرير أممي: أكثر من خمس سكان أفريقيا واجهوا الجوع عام 2024
  • %60 منهم في أفريقيا.. 512 مليون "جائع" حول العالم بحلول 2030
  • كمال ريان: الرئيس السيسي قال ما يعجز عنه الآخرون.. ومصر تقف في الصف الأول لنصرة فلسطين
  • نواب يشيدون بكلمة الرئيس السيسي بشأن العدوان على غزة: جسدت الثوابت المصرية تجاه فلسطين.. وعكست حكمة القيادة السياسية وتمسكها بالشرعية الدولية