أ.د احمد القطامين لم يكن بامكان الصخب الاعلامي الغربي والقعقة المفرطة للسلاح ان يحلا محل الحقائق الجيوستراتيجية التي تحكم الصراع الدائر بين الغرب والشرق على الاراضي الاوكرانية. لقد تم اعداد المسرح للهجوم الاوكراني المضاد على جبهتين، الاولى عسكرية والثانية اعلامية. في الجبهة العسكرية تم تحشيد كميات هائلة غير مسبوقة من السلاح والعتاد الحربي حتى بدت اوكرانيا تشبه سفينة حربية عملاقة على متنها كميات هائلة من الذخيرة والصورايخ ومنصات اطلاقها وانظمة الدفاع الجوي وادوات الحرب الالكترونية والدبابات والمركبات العسكرية من كل الانواع المتاحة في ترسانات الجيوش الغربية.

على الجبهة الاعلامية، عمدت وسائل الاعلام الغربية وبعض وسائل الاعلام الاخرى المرتبطة بها، خاصة في منطقتنا العربية، عمدت الى خلق معطيات افتراضية مضللة تؤكد ان الهجوم المضاد الاوكراني سوف يغيير موازين الصراع تماما وان اوكرانيا ستحرر اراضيها حتى جزيرة القرم خلال اسابيع او اشهر قليلة. لقد نسج هذا الاعلام صورة براقة للنتائج المتوقعة للهجوم المضاد وتبين عندما فشل الهجوم المضاد ان حسابات الحقل كانت تختلف بشكل جذري عن حسابات البيدر. بعد فترة زمنية من التلكؤ في الشروع في الهجوم المضاد بدأت المراحل الاولى منه بهجمات منسقة تهدف لاحداث اختراق ما على احدى الجبهات الملتهبة ليصار بعد ذلك الى دفع الالوية العسكرية ذات الجاهزية الكبرى داخل ذلك الاختراق.. لم ينجح اي من تلك المحاولات، وكانت الصدمة الكبرى.. تمكن الجيش الروسي من اعداد دفاعاته الاستراتيجية على كافة خطوط التماس الحربية على مختلف الجبهات، بحيث اصبح من غير الممكن للهجوم المضاد ان يحدث الاختراق المأمول، وهنا تغيرت المعطيات امام النيتو والاوكرانيين واصبحت فكرة الهجوم المضاد برمتها مجردفكرة جميلة غير قابلة للتنفيذ لانها اصلا بنيت على افتراضات خاطئة، وهنا بدأ الجميع بطرح السؤال الحائر مجددا: اذن ما البديل؟ ان البديل منطقيا هو ان يتم وقف الحرب والشروع في عملية سياسية تقود للحل الوحيد الممكن وهو تحييد اوكرانيا ووقف توسع حلف النيتو شرقا باتجاه الحدود الروسية.. ووضع نظام متوازن لضمان وحدة اراضي الدولة الاوكرانية المحايدة بين النيتو وروسيا.. طبعا قواعد اللعبة الاستراتيجية بين الغرب بكل تحالفاته وبين الصين وروسيا بكل تحالفاتهما تعد اكثر تعقيدا مما توحيه هذه المقالة، لكن  يبقى السؤال الذي يتردد دون توقف، ما الحل؟ خاصة اننا امام حقيقتين مهمتين وهما ان روسيا دولة غير قابلة للهزيمة الاستراتيجية لانها الدول الاقوى نوويا في العالم، والثانية ان عالم ما قبل الحرب في اوكرانيا يختلف كليا عن العالم الراهن من حيث القطبية الدولية .. فالسيطرة الامريكية على العالم كقطب وحيد لم تعد قائمة منذ لحظة اجتياز اول جندي روسي الى الاراضي الاوكرانية العام الماضي.. واخيرا ان الاجابة على سؤال ” ما الحل” تتطلب قبل كل شئ تغييرا في العقلية التي تتصدى للتعامل مع هذا الحل.. [email protected] اكاديمي وكاتب اردني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

اتفاق ثلاثي بين السودان وجنوب السودان لتأمين حقل "هجليج" النفطي وسط توتر متصاعد

أعلنت حكومة جنوب السودان التوصل إلى اتفاق ثلاثي مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتأمين حقل هجليج النفطي الاستراتيجي، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة في الأسبوع الماضي؛ ويهدف الاتفاق إلى حماية المنشآت النفطية وضمان استمرار الإنتاج، وسط مخاوف من تدمير الحقل نتيجة التصعيد العسكري.

تفاصيل الاتفاق وتأمين الحقل النفطي

وأكد المتحدث باسم حكومة جنوب السودان، أتيني ويك أتيني، أن الاتفاق يمنح القوات المسلحة الجنوب سودانية المسؤولية الأمنية الأولى لحقل هجليج، فيما يُسحب عناصر قوات الدعم السريع إلى المناطق المحيطة، لضمان سلامة المنشآت والعاملين.

وأشار أتيني إلى أن رئيس جنوب السودان، سلفا كير، أجرى اتصالات مباشرة مع قائدَي طرفَي النزاع في السودان، الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لحضهما على وقف المعارك في محيط الحقل النفطي وتفادي أي أضرار كبيرة قد تؤثر على الإنتاج.

الإنتاج النفطي وحجم المخاطر

يعد حقل هجليج أكبر حقول النفط في السودان، كما أنه المركز الرئيسي لمعالجة النفط الجنوب سوداني قبل تصديره، ويُشكل المصدر الأساسي لإيرادات حكومة جوبا. ويُنتج الحقل عادة ما بين 40 و80 ألف برميل يوميًا من الخام السوداني، لكن الإنتاج تراجع بعد اندلاع الحرب إلى نحو 20–25 ألف برميل يوميًا بسبب توقف بعض الآبار والبنية التحتية المتضررة.

وتتولى المنشأة معالجة النفط الخام القادم من جنوب السودان بطاقة تصل إلى نحو 130 ألف برميل يوميًا، ويعد الحقل موضع نزاع دائم منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، حيث تمتلك جوبا 75% من احتياطات النفط السودانية وتعتمد على البنية التحتية في السودان لتصدير نفطها عبر ميناء بورتسودان.

حماية العاملين والأمن الإنساني

تضمن الاتفاق الثلاثي أيضًا إجلاء العاملين وتأمينهم، حيث سلم عدد من الجنود من الجيش السوداني أنفسهم لجنود جنوب السودان بعد انسحابهم، بالإضافة إلى إعادة ترتيبات عودة 1650 ضابط صف و60 عسكريًا إلى بلادهم بأمان.

وأوضحت حكومة جنوب السودان أن الاتفاق يسعى لضمان سلامة المنشآت والمعدات الفنية في حقل هجليج، في حين أكدت جهة الدعم السريع التزامها بعدم المساس بالمعدات، والسماح للفرق الهندسية بمباشرة أعمال الصيانة لاستئناف الإنتاج الكامل.

السياق الإقليمي والأهمية الاستراتيجية

يقع حقل هجليج في جنوب كردفان المتاخمة لجنوب السودان، في منطقة شهدت معارك منذ سيطرة قوات الدعم السريع على كامل إقليم دارفور في أكتوبر الماضي. ويعتبر الحقل المصدر الرئيسي للنفط والإيرادات لحكومة جوبا، كما يمثل حلقة وصل حيوية لتصدير النفط إلى الأسواق الدولية عبر البنية التحتية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود دبلوماسية وإقليمية لتخفيف حدة النزاع في المنطقة الحدودية، وتأمين مصادر النفط الحيوية التي تعتمد عليها الحكومتان، مع إبقاء الإنتاج مستمرًا دون توقف طويل يضر بالاقتصادين السوداني والجنوبي.

الآفاق المستقبلية

يأمل المسؤولون في أن يسهم الاتفاق الثلاثي في تثبيت الأمن في حقل هجليج، وتقليل المخاطر على العاملين والبنية التحتية، وفتح المجال أمام عودة الإنتاج النفطي بكامل طاقته تدريجيًا، بما يضمن استمرار الإيرادات الحيوية لكل من السودان وجنوب السودان، ويدعم جهود الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الأشغال: مشاريع عاجلة وطويلة الأجل لضمان سلامة مستخدمي طريق ضهر البيدر
  • جنوب السودان يتولى أمن حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع
  • اتفاق ثلاثي بين السودان وجنوب السودان لتأمين حقل "هجليج" النفطي وسط توتر متصاعد
  • «حزب الأمة» يدين قصف سوق كتيلا ويدعو لحماية المدنيين
  • محفوظ يشرح دور الاعلام في مواجهة الحرب الاسرائيلية
  • قطع طريق ضهر البيدر من قبل أصحاب معارض البيك آب
  • وزير الاتصال يشارك في حفل اختتام ملتقى الاعلام الليبي
  • جمال شعبان: الإفراط في استخدام المضادات الحيوية تؤثر على الكبد والكلى.
  • هل توجد صفقات لاستمرار الإنتاج بحقول النفط في هجليج؟
  • عالم فلك: مذنب 3I/ATLAS الغريب قد يمتلك ذيلين