بقلم: هادي جلو مرعي ..
سألته عن حاله، وأعلم إنه يتقاضى راتبا متواضعا، وأعلم إن ثيابه رثة، ويعيش في بيئة تخالفه في معتقده وعاداته، لكنه أجابني كما يجيب مخالفوه عادة: تحت رحمة (أبو خيمة الزرقة) ويعني السماء. والسماء التي هي فضاء لاحدود ولانهايات له ولون، وربما طبعه السواد والبرد تبدو زرقاء اللون في النهار عادة، وتعود الناس أن يرونها بلون الزرقة، وظنها كثير منهم زرقاء، وهي ليست بزرقاء، وعاشوا تحتها، وتبادلوا الأدوار حتى مضت منهم أجيال، تلتها أجيال تعاقبت وبقيت تلك الزرقة الموهومة كما هي، وبقيت تلك الخيمة كما هي زرقة لم تبل كما تبلى خيم البدو والرحالة والمستكشفين والباحثين عن الجمال والمتعة في الطبيعة المترامية، خيمة يستظل بها الجميع ويترنمون بها ويتوسلونها لأنهم يرونها ثابتة لم تزعزعها ريح ولاتخللها مطر ولاتكسرت أعمدتها بل ظلت راسخة بذات اللون والقوة والهيبة وهي المعبرة عن عظمة الخالق وحضوره وجماله ورحمته.
تثير هذه الخيمة في الكثير من الأسئلة والتمنيات، وتتجلى لي منها أشكال من السمو والرفعة والهيبة والسعة التي تفسح للجميع أن يعيشوا في ظلها حتى يغادرونها مكرهين في لحظة فارقة، وهي باقية الى الأبد مثيرة للأسئلة وللحزن وللتعجب وللحيرة وللخوف وللأمل وللإستسلام واليأس، ثم ترك الأمور لصاحب الخيمة ليفعل مايشاء ويحكم بما يشاء ولتكون كل النهايات بأمره وكما هو أمره الذي لاراد له لأنه قضاء محتوم غير مبروم.
هذه الخيمة العجيبة تتسع للفقراء والأغنياء، يعيشون سوية في ظلها برغم أن هذا جائع، وذاك ممتليء، وبرغم أن هذا معدم، وذاك يعيش في بحبوحة من الرزق، وبرغم أن ذاك يأكل مايجد، وذاك يأكل حتى يمل من أصناف الأكل، وماتشتهيه النفس، وتطيب له، ويعيش في ظلها القاتل والمقتول، ذاك يرحل، وهذا سيلحق به قتلا، أو مرضا، أو بآفة ما تطويه، ويعيش في ظلها السارق والمسروق، والمحتال والمغفل، والطيب والشرير، والقديس وإبليس، والظالم والمظلوم، والحاكم والمحكوم، العاقل والمجنون، والعالم والجاهل، والسيد والعبد، والحكيم والأحمق، والزاني واللص والمنافق والنمام والجلاد والمفتري والكذاب، ومعه والى جواره الصادق والأمين. كلهم في ظلها وبرغم ذلك تجد نظاما محكما للحياة وللعيش والممات ونظاما كأنه حاسوب حديث يتجدد ويحدث ذاته بذاته ويسجل الخطايا والذنوب والحسنات.
يالها من خيمة فيها كل شيء، نظام للعيش، ونظام للموت، وكل إنسان يعلم ماهو، وماعليه وماله، ويعلم أنه راحل دون أن يمنعه ذلك من فعل كل شيء، قبيح وحسن، صالح وطالح. والنهايات واحدة، لكن مابعد النهايات بداية جديدة يكون فيها الوجود الأبدي، والصورة النهائية لكل فرد، لاتتبدل ولاتتغير إلا بمشيئة الرب.
هادي جلومرعي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
«الإمارات الخيرية» برأس الخيمة تنفذ 1451 مشروعاً داخل الدولة وخارجها
نفذت جمعية الإمارات الخيرية في رأس الخيمة، خلال النصف الأول من العام الحالي، 1451 مشروعاً خيرياً داخل الدولة وخارجها، توزعت بين بناء 139 مسجداً، وحفر 319 بئراً، بالإضافة إلى تركيب 893 مضخة مياه، وتشييد 21 فصلاً دراسياً وبناء 7 دور أيتام و4 مجمعات تنموية، بالإضافة إلى 3 عيادات صحية، و5 منازل للفئات المحتاجة، مع استكمال 60 ملحقاً للمساجد. وفي موسم رمضان، أطلقت الجمعية واحدة من أبرز حملاتها الإنسانية، حملة «أياماً معدودات»، حيث تم إفطار 73,327 صائماً في الداخل والخارج، وتوزيع 1500 مير رمضاني على الأسر المحتاجة، بالإضافة إلى تقديم 4832 زكاة فطر ضمن أنظمة توزيع دقيقة تحفظ كرامة المستفيدين وتضمن وصول العطاء لمن يستحق. وكانت حملة عيد الأضحى حاضرة بكل زخم، حيث تم تنفيذ 1044 أضحية خارج الدولة، وتقديم 135 حج بدل، ضمن حملة «وليال عشر»، الذي يمثل ذروة التضامن والبركة في أفضل أيام العام، وقد أحيت الجمعية بذلك شعائر العيد، وفتحت باب الأمل أمام آلاف الأسر. ووفرت الجمعية، كفالات لـ487 يتيماً، و16 طالب علم، و4 أسر محتاجة، و7 من أصحاب الهمم، و2 من كبار السن، ومعلم قرآن واحد، وهي خطوات عملية نحو بناء مجتمع متكافل قائم على الرحمة والعدالة.
كما استفاد 1686 يتيماً من مبادرات متنوعة، شملت كسوة عيد الفطر وعيد الأضحى، والمير الرمضاني وتوفير الأدوات الكهربائية، والرسوم الدراسية.
وقدمت الجمعية مساعداتها لـ 11,299 أسرة في مختلف أوجه الدعم.
وقال عبدالله سعيد الطنيجي الأمين العام للجمعية إن العمل الخيري هو استثمار في المستقبل، وكل مسجد بني، وكل يتيم كفل، وكل صائم فطر، هو لبنة في مجتمع أقوى وأرحم وأكثر تكافلاً. (وام)