خزانة الجاحظ .. رحلة مكتبة الأردن التاريخية 8 قرون بين القدس وعمّان
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
عمّان – بالرغم من التطور التكنولوجي فإن شهوة التنقيب والبحث عن الكتب النادرة والقديمة لاقتنائها لا تضاهيها متعة بالنسبة لعشاق الكتاب الورقي، ممن يتلذذون بملامسة صفحاته القديمة، وملمسه الخشن، ورائحته التي تعود بالقارئ عقودا إلى الوراء.
ومن بين المباني التراثية العتيقة، تتربع خزانة أو "مكتبة الجاحظ"، في وسط العاصمة عمّان، إذ تعتبر إحدى أقدم المكتبات في العاصمة الأردنية، وواحدة من أهم المعالم الثقافية في عمان، ضمت بين جنباتها ما يزيد على 10 آلاف كتاب من بينها مؤلّفات ومخطوطات تعود لأكثر من 800 عام، إلا أن حريقا ضخما أتى على العديد من هذه الكتب قبل سنوات.
قبل قرن من الزمان، أنشئت مكتبة الجاحظ على يد ممدوح المعايطة في القدس عام 1922، بالقرب من حائط البراق، قبل أن ينتقل بها إلى عمان عام 1948، إبان النكبة الفلسطينية، وبتلك الخطوة أنشئت أول مكتبة لإعارة الكتب في الأردن، ومنذ ذلك الحين باتت مكتبة الجاحظ ملاذا لكبار المفكرين، والمثقفين، والأدباء، والشعراء، والسياسيين، من داخل الأردن وخارجه، وتعود تسمية المكتبة بـ"الجاحظ" لاحتوائها على آلاف المخطوطات النادرة.
يقول شاهين المعايطة -أحد أحفاد مؤسس مكتبة الجاحظ، ويتولى حاليا مسؤولية بيع الكتب، بأن المكتبة ستواصل حضورها ونشاطها الثقافي والأدبي من وسط البلد في عمان، بعد توارثها من الجد إلى الأب حتى الابن، وانتقالها بعد ذلك للأحفاد.
اهتمام ملكيويتابع المعايطة بالقول -للجزيرة نت- من أن مكتبة الجاحظ كانت مدعومة بشكلٍ مباشر من قبل مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبد الله الأول، وفي عام 2018، دعم الملك عبد الله الثاني إعادة تأهيل المكتبة بعد الحريق التي أتى على معظم كتبها، ليصار إلى إعادة تأهيلها من جديد.
ولفت إلى أن المكتبة تنقلت ما بين القدس، وبغداد، وعمّان، ومحافظات أردنية مختلفة، إلا أن اللافت في الأمر -بحسب المعايطة- أن المكتبة تقوم على إعارة مخطوطاتها، وكتبها مقابل مبلغ رمزي، أو كتاب مقابل كتاب، وذلك خدمةً للباحثين والمهتمين للاستفادة منها، وهو عرفٌ قديمٌ كان سائدا في الماضي لدى معظم المكتبات الخاصة في الأردن، والعالم العربي.
وأضاف بالقول من أن الحاج ممدوح المعايطة (مالك مكتبة الجاحظ)، هو من ابتكر فكرة إعارة محتويات المكتبة التي يعود أقدمها إلى العصر العثماني، وأخرى اشتراها أيام الاستعمار البريطاني، إلى جانب طبعات بغدادية، ودمشقية، وقاهرية، ومقدسية من تلك المؤلّفات التراثية التي تعود إلى ما يزيد على 8 عقود من الزمن.
بدورها، تقول علياء بني ياسين، معلمة مدرسة، من أنها دائما ما تتردد على مكتبة الجاحظ، وتضيف في حديثها للجزيرة نت من أنك إذا كنت تبحث عن كتاب ممهور من أشهر الكتاب الأردنيين أو العرب، أو كتاب نفدت طبعاته منذ عقود، أو مرجع تاريخي نادر، فسوف تجد ضالتك في خزانة الجاحظ.
وبحسب القائمين على المكتبة فإنها تضم بين جنباتها مخطوطات عن علماء بيت المقدس، إضافة إلى عددٍ من المعاجم العثمانية التي يزيد عمرها على 400 عام، (عثماني-عربي، وعربي عثماني)، مع الإشارة إلى أن الثورة التكنولوجية لم تستطع بعد الوصول إلى بعض الكتب القديمة والنوادر العظيمة التي ما تزال حبيسة الأوراق في مكتبة الجاحظ.
كنوز ثقافيةوتحتفظ خزانة الجاحظ بنسخة من "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري طبعت في القاهرة أيام الملك فؤاد، وأعداد من مجلة "المقتطف" المصرية التي صدرت عام 1876، ومجلة "النفائس العصرية" المقدسية (1908-1924)، ومجلة "منيرفا" البيروتية (1916 – 1932)، و"أطلس العالم" الصادر في لندن عام 1948، ومعجم عثماني مكوّن من 4 أجزاء عمره 350 عاما، وكتاب "إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس" للمؤرخ محمد بن دياب الأتليدي، ورسائل ومخطوطات في الطب لابن سينا، والرازي.
ومع مرور الوقت أصبحت مكتبة الجاحظ مكانا لرواد العلم، وملتقى للمثقفين ممن يلتقون أسبوعيا على جوانب الأرصفة القريبة من المكتبة لتبادل النقاش حول روايةٍ معينة أو قصةٍ قديمة، يستمر الحال بهم على ذلك لساعات بين كتب الثقافة والتراث العربي والإسلامي التي تعود بهم إلى أزمنةٍ قديمة.
وهنا لا بد لنا من أن نستعيد مقولة الأديب والشاعر العربي (الجاحظ)، الذي ولد في البصرة، وتحمل المكتبة اسمه، وهو أَبُو عُثْمَانْ عَمْرُو بْنُ بَحْرْ بْنِ مَحْبُوبٍ بْنِ فَزَارَةَ اَللَّيْثِيّ اَلْكِنَانِيّ اَلْبَصرِيَ (159 هـ -255 هـ) المعروف باسم الجاحظ، والذي توفي -بحسب بعض المصادر- نتيجة سقوط كومة ضخمة من الكتب على رأسه، حيث يقول عن الكتاب: "إن الكتاب يُقرأ في كل مكان، ويظهر ما فيه على كل لسان، ويوجد مع كل زمان، وقد يذهب الحكيم، وتبقى كتبه، ويذهب العقل، ويبقى أثره".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
زيارة ميسي التاريخية للهند تتحول لشغب جماهيري.. ماذا حدث؟
أعربت ماماتا بانيرجي، رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية في الهند، عن استيائها العميق من "سوء الإدارة" الذي شهدته زيارة ليونيل ميسي، قائد فريق إنتر ميامي الأمريكي، إلى ملعب سولت ليك في كولكاتا.
بدأ ميسي يومه في الهند بالكشف عن تمثاله الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 70 قدمًا في المدينة، قبل أن يتوجه إلى ملعب سولت ليك.
هناك، توافد عدد كبير من القادة السياسيين ولاعبي كرة القدم السابقين والمدربين، مما تسبب في قلة الفرص المتاحة للجماهير العريضة الموجودة في المدرجات لمشاهدته عن كثب.
وعلى الرغم من ابتسامته طوال الوقت، إلا أن ميسي تحية للجماهير وسط هتافات حماسية، قبل أن يشارك في لقاء سريع مع لاعبي كرة القدم الهنود السابقين الذين شاركوا في مباراة استعراضية.
لكن في الوقت ذاته، بدأ بعض المشجعين يفقدون أعصابهم بسبب عدم قدرتهم على رؤية ميسي بشكل واضح، مما دفعهم إلى رمي الزجاجات والكراسي وتخريب ممتلكات الملعب.
ومع تصاعد التوتر، تم استدعاء قوات التدخل السريع للتعامل مع الوضع. ورغم محاولات السلطات المستمرة لتنظيم المسار وإخلاء الطريق، إلا أن الفوضى كانت قد انتشرت بشكل كبير، مما حال دون إتمام العديد من الفعاليات المخطط لها، بما في ذلك تكريم فريق البنغال الفائز بكأس سانتوش ودرس ميسي للأطفال.
وفي أعقاب الحادثة، عبرت ماماتا بانيرجي عن صدمتها من سوء تنظيم الحدث، قائلة: «كنت في طريقي إلى الملعب برفقة آلاف من المشجعين المتحمسين لمشاهدة نجمهم المفضل، ليونيل ميسي. أقدم خالص اعتذاري لميسي ولعشاق الرياضة ومعجبيه عن هذا الحادث المؤسف»، وذلك عبر منشور لها على موقع "إكس".