"ستالينغراد" في أدغال إفريقيا!
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
بدأت كوبا في سحب قواتها من أنغولا في 10 يناير عام 1989، بعد أن صدت غزوا قامت به قوات تابعة لجنوب إفريقيا العنصرية حينها وقوات مرتزقة تدعمهم الاستخبارات المركزية الأمريكية.
اللافت أن الكوبيين أطلقوا على معركة "كويتو كوانافال" الحاسمة التي دارت عامي 1987-1988 اسم "ستالينغراد الأنغولية"، وتمكنت القوات الحكومية الأنغولية بقيادة أغوستينيو نيتو المدعومة بمستشارين وبقوات كوبية من هزيمة قوات غازية من جنوب إفريقيا كانت تساند قوات حركة "يونيتا" المتمردة، إضافة إلى مرتزقة بريطانيين وأمريكيين كانت جندتهم الاستخبارات المركزية الأمريكية في إطار الاستراتيجية الأمريكية في مكافحة المد الشيوعي في ذلك الوقت.
معركة "ستالينغراد الأنغولية" أدت إلى انسحاب قوات جنوب إفريقيا وتحرير ناميبيا، وأسهمت أيضا في وصول المؤتمر الوطني الإفريقي إلى السلطة في جنوب إفريقيا وإنهاء نظام الفصل العنصري، هناك حتى أن الزعيم الوطني الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا كان أقر بأن معركة "كويتو كوانافال"، كانت نقطة تحول في النضال من أجل الحرية للسكان السود في بلاده.
الأمر ذاته تحدث عنه فيدل كاسترو بتأكيده أن "نهاية الفصل العنصري جرت في كويتو كوانافال وفي جنوب شرق أنغولا، بمشاركة أكثر من 40 ألف مقاتل كوبي جنبا إلى جنب مع الجنود الأنغوليين والناميبيين على هذه الجبهة".
النظام الثوري في كوبا بزعامة فيديل كاسترو كانت يقيم الصلات منذ الستينيات مع حركات التحرر الوطني في عدة دول إفريقيا ويقدم لها الدعم إضافة على الاتحاد السوفيتي، وبدأت كوبا منذ صيف عام 1975 في إرسال المدربين العسكريين إلى أنغولا، المستعمرة البرتغالية السابقة حتى قبل إعلان استقلالها.
في سرية تامة وبطلب من الفصيل الرئيس المقاتل من أجل تحرير أنغولا والمتمثل في الحركة الشعبية لتحرير أنغولا، بقيادة أغوستينيو نيتو، أرسلت كوبا على عجل إلى أنغولا 480 عسكريا من المتطوعين من جنود الاحتياط، كلفوا بإقامة مراكز تدريب عسكرية وتكوين 16 كتيبة مشاة و25 مجموعة لمدفعية الهاون ومضادات الطيران، إضافة إلى فريق طبي و115 شاحنة ومعدات اتصالات، وجرى في وقت لاحق دعم القوات الكوبية بسرب من مقاتلات "ميغ – 17".
الولايات المتحدة لم تتمكن من معرفة الحجم الحقيقي للوجود العسكري الكوبي في أنغولا، وكانت واشنطن تحدثت في نهاية نوفمبر عام 1975 عن انتشار 15000 جندي كوبي هناك، في حين أن وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت هنري كيسنجر كان أبلغ في ديسمبر عام 1975 رئيس فنزويلا حينها كارلوس أندريس بيريز بأن كوبا أرسلت إلى أنغولا 12000 جندي، فيما كان عدد القوات والمدربين الكوبيين والمختصين المدنيين في تلك الفترة أكبر من ذلك بكثير.
القوات الكوبية شاركت بدور يوصف بالحاسم في معركة رواندا وصولا إلى إعلان جمهورية أنغولا الشعبية المستقلة في 11 نوفمبر 1975، ووصول الحركة الشعبية لتحرير أنغولا إلى السلطة.
العملية العسكرية الكوبية في أنغولا أطلق عليها الاسم الرمزي "كارلوتا"، وبلغ في بداية عام 1976 عدد الجنود الكوبيين الذين أرسلوا إلى هناك 36000، فيما شارك بشكل عام في الحرب الأهلية في أنغولا أكثر من 300000 جندي كوبي.
الزعيم الكوبي فيدل كاسترو قال في مارس عام 1976 مخاطبا شعب بلاده: "نحن الكوبيين ساعدنا إخواننا الأنغوليين في المقام الأول لأننا انطلقنا من المبادئ الثورية، لأننا أمميون. ثانيا، لقد فعلنا ذلك لأن شعبنا من أمريكا اللاتينية وأفريقيا اللاتينية فقد تم جلب الملايين من الأفارقة إلى كوبا من قبل المستعمرين كعبيد. جزء من الدم الكوبي هو دم أفريقي".
انتهت معركة كوبا في إفريقيا بنجاح تام، وزال الخطر عن أنغولا وتحررت ناميبيا وزال نظام الفصل العنصري من جنوب إفريقيا، وقدم الكوبيون تضحيات بشرية ومادية كبيرة على الرغم من إمكانيات بلادهم الاقتصادية الشحيحة.
هذا الأمر عبّر عنه أغوستينيو نيتو، أول رئيس لأنغولا بعد الاستقلال، حين أطل من شرفته على خليج رواندا ورأى عددا كبيرا من السفن الكوبية الراسية هناك. أغوستينيو نيتو التفت إلى مساعد له وقال في نبرة متألمة: "هذا ليس عدلا.. إذا استمر هذا الحال فإن كوبا ستفلس"!
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
معركة التفوق الجوي.. خطة إسرائيلية ومخاوف من امتلاك إيران مقاتلات صينية
كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" اليوم الجمعة أن إسرائيل تبدي قلقا من احتمال حصول إيران على طائرات مقاتلة صينية، في أعقاب انتهاء الحرب التي استمرت 12 يوما بين طهران وتل أبيب.
يأتي ذلك فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم أنه أصدر تعليماته للجيش بإعداد خطة تنفيذية تضمن الحفاظ على تفوق إسرائيل الجوي وتمنع تطوير إيران قدراتها النووية.
كما شدد كاتس -في بيان- على أن الخطة "تضمن أيضا الرد على أي دعم إيراني للأنشطة الإرهابية ضدنا".
وتساءلت الصحيفة الإسرائيلية "هل ستخوض إسرائيل قريبا معركة ضد سلاح الجو الإيراني المُطوّر بفضل الصين؟".
وقالت "أعلنت وسائل إعلام دفاعية في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن مسؤولين إيرانيين أعربوا مجددا عن اهتمامهم بشراء طائرة مقاتلة صينية متطورة من طراز J-10C خلال زيارة وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده إلى العاصمة بكين".
وأضافت "شوهد الوزير الإيراني جالسا في قمرة قيادة الطائرة المقاتلة، وإن لم تكن من أحدث الطرازات المُنتجة في الصين، فقد خضعت مؤخرا لاختبار أثبت قدراتها ضد بعض من أفضل الطائرات التي يُقدمها الغرب".
وتابعت "خلال الصراع الأخير بين الهند وباكستان، تمكنت طائرات J-10C الباكستانية من إسقاط العديد من طائرات رافال الفرنسية الصنع، والتي تُعتبر من بين أكثر المقاتلات تقدما وكفاءة في أوروبا".
وزادت "استخدمت الطائرة، التي طورتها شركة تشنغدو للفضاء الجوي، صواريخ PL-15 متوسطة وطويلة المدى، التي نجحت في إصابة الطائرات الهندية، رغم إطلاقها من الأراضي الباكستانية".
وبحسب "إسرائيل هيوم" فإن "إيران فكرت سابقا في توقيع صفقة شراء كهذه مع الصين، لكن بكين فضلت عدم إثارة غضب واشنطن واختارت الامتثال لحظر الأسلحة المفروض على إيران".
وأكملت "من المحتمل الآن، بعد النتائج المدمرة لعملية ’الأسد الصاعد’ على سلاح الجو الإيراني، أن تعيد الصين النظر في قرارها".
إعلانوأردفت أن "إمكانية الحصول على طائرات مقاتلة متطورة ذات قدرات مثبتة، إلى جانب صواريخ جو ـ جو متطورة، سيناريو قد يثير قلق إسرائيل".
وأشارت الصحيفة إلى أن "من المثير للدهشة، أنه من المحتمل جدا أن يكون هذا الاستحواذ الذي تحرص إيران بشدة على إضافته إلى ترسانتها، نتيجة تخطيط إسرائيلي رائد".
وبيّنت أنه "على مر السنين، أشارت العديد من التقارير إلى أن تشنغدو J-10C هي في الواقع نسخة من طائرة ’لافي’ الإسرائيلية، التي توقف تطويرها عام 1987 تحت ضغط أميركي".
ومضت بالقول "رغم نفي إسرائيل والصين المتكرر لهذه الادعاءات، انتشرت في وسائل الإعلام الأمنية بالعالم تقارير عن مهندسين إسرائيليين يعملون على المشروع ويبيعون المعرفة عبر قنوات سرية لصناعة الطيران الصينية".
واعتبرت الصحيفة أنه "لا شك أن احتمال مواجهة طائرات سلاح الجو لطائرات معادية مصممة في إسرائيل وتحمل الاسم الرمزي ’لافي’ في الأجواء الإيرانية أمر مثير للاهتمام".
تجر الإشارة إلى أن إسرائيل شنت في 13 يونيو/ حزيران الجاري، بدعم أميركي حربا جوية على إيران استمر 12 يوما، شملت استهداف مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، فيما ردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة.
وفي 22 يونيو/حزيران، هاجمت الولايات المتحدة منشآت إيران مدعية أنها "أنهت" برنامجها النووي، فردت طهران بقصف قاعدة العديد الجوية في قطر، ثم أعلنت واشنطن في 24 من الشهر نفسه وقفا لإطلاق النار بين تل أبيب وطهران.
وتتهم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.