اعتراف بخطأ قديم.. كيف تغير أميركا تعاملها مع الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
طرحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤية مغايرة لنهج الولايات المتحدة في التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط، وذلك في إطار استراتيجية الأمن القومي الجديدة الصادرة عن البيت الأبيض، والتي جاءت في وثيقة مؤلفة من 33 صفحة، لتشكل تفسيرًا رسميًا ومتكاملاً للرؤية العالمية التي تنطلق منها سياسة ترامب الخارجية.
وخصصت استراتيجية الأمن القومي الجديدة فصلًا كاملاً لرؤية واشنطن تجاه الشرق الأوسط، والتي شهدت تحولا واضحا عن النهج الأميركي التقليدي الذي هيمن على السياسة الخارجية لعقود.
كيف ينظر ترامب للشرق الأوسط؟
أشارت الاستراتيجية إلى أن الشرق الأوسط ظل، طوال ما لا يقل عن نصف قرن، في مقدمة أولويات الولايات المتحدة، باعتباره المزود الأهم للطاقة عالميا، ومسرحا رئيسيا للحرب الباردة، ومصدرًا لصراعات كانت تهدد بالامتداد إلى خارج الإقليم.
لكن الوثيقة لفتت إلى أن اثنين من هذه العوامل لم يعودا قائمين اليوم، مع تنوع مصادر الطاقة عالميًا وعودة الولايات المتحدة كمصدر صافي للطاقة، إضافة إلى تحول التنافس الدولي من صراع القطبين إلى منافسة بين القوى الكبرى، وهي منافسة تقول الإدارة إنها تحتفظ فيها بـ"أفضل موقع ممكن" بعد إعادة إحياء تحالفاتها في الخليج ومع شركائها العرب وإسرائيل.
وأبرزت الاستراتيجية أن الصراع يبقى السمة الأكثر تعقيدًا في المنطقة، لكن حجم التهديد -وفق الوثيقة- بات أقل مما تعكسه العناوين.
واعتبرت أن إيران، التي تصفها الإدارة بأنها "القوة الأكثر زعزعة للاستقرار"، تعرضت لضعف كبير نتيجة العمليات الإسرائيلية بعد هجمات 7 أكتوبر 2023، ونتيجة عملية "مطرقة منتصف الليل" التي أطلقها ترامب في يونيو 2025، والتي سببت "تدهورًا واسعًا" في برنامج طهران النووي.
كما أشارت إلى تحقيق "تقدم ملموس" على مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي بفضل اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن الذي توسطت فيه واشنطن، مشيرة إلى تراجع داعمي حماس.
وفي السياق نفسه، تحدثت الاستراتيجية عن موقف سوريا، قائلة: "تبقى سوريا مصدرا محتملا للمشكلات، لكنها قد تستقر وتستعيد دورها الطبيعي كفاعل إيجابي وأساسي في المنطقة، بدعم أميركي وعربي وإسرائيلي وتركي".
وتؤكد الاستراتيجية الجديدة أن الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة تاريخيًا إلى إعطاء الأولوية للمنطقة تتراجع مع توسع الإنتاج الأميركي من الطاقة، وبدلاً من ذلك، تتوقع واشنطن أن يتحول الشرق الأوسط إلى مركز جاذب للاستثمارات الدولية في قطاعات تتجاوز النفط والغاز، لتشمل الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي والصناعات الدفاعية.
كما تربط الاستراتيجية بين التعاون مع دول المنطقة وتأمين سلاسل الإمداد وتعزيز أسواق "صديقة ومفتوحة" في مناطق أخرى مثل إفريقيا.
وقالت الاستراتيجية: "يُظهر شركاء الشرق الأوسط التزامًا واضحًا بمكافحة التطرف، وهي اتجاهات ينبغي للسياسة الأميركية أن تواصل تشجيعها، غير أن تحقيق ذلك يتطلب التخلي عن التجربة الأميركية الخاطئة للتعامل مع هذه الدول (...) إذ يجب أن نشجع الإصلاح ونرحب به عندما يظهر بشكل طبيعي من الداخل، دون محاولة فرضه من الخارج"، مؤكدة أن "مفتاح العلاقات الناجحة مع الشرق الأوسط هو قبول المنطقة وقادتها ودولها كما هي، والعمل معًا في مجالات المصالح المشتركة".
وتحدد الوثيقة مجموعة من المصالح الدائمة للولايات المتحدة، أبرزها ضمان عدم وقوع إمدادات الطاقة في أيدي خصوم واشنطن، وحماية حرية الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر، ومنع تحول المنطقة إلى منصة تهدد المصالح أو الأراضي الأميركية، إضافة إلى ضمان أمن إسرائيل، كما دعت إلى توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية لتشمل مزيدًا من دول المنطقة والعالم الإسلامي.
واختتمت الوثيقة النظر لمنطقة الشرق الأوسط بالقول إن "الأيام التي كان فيها الشرق الأوسط يهيمن على السياسة الخارجية الأميركية، سواء في التخطيط الطويل المدى أو في التنفيذ اليومي، قد ولت، ليس لأن الشرق الأوسط لم يعد مهمًا، بل لأنه لم يعد مصدرًا دائمًا للمنغصات أو سببًا محتملاً لكارثة وشيكة كما كان في السابق، بل إنه يبرز اليوم كمكان للشراكة والصداقة والاستثمار وهو اتجاه ينبغي الترحيب به وتشجيعه".
أولويات أمريكية.. واعتراف بـ"خطأ"
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة موراي ستيت الأميركية وعضو الحزب الجمهوري، إحسان الخطيب، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن ما تطرحه استراتيجية الأمن القومي الجديدة يمثل "وصفًا واقعيًا ودقيقًا لطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط كما تراها إدارة ترامب".
وأوضح أن "جوهر المقاربة الأميركية لم يعد قائمًا على النفط وحده كما كان في العقود الماضية، بل انتقل إلى تشابك اقتصادي أوسع يقوم على المنفعة المتبادلة بين واشنطن ودول المنطقة".
وأضاف "الخطيب" أن "الاستراتيجية تتضمّن اعترافًا واضحًا بأن الإدارات الأميركية السابقة أخطأت حين لم تُبد احترامًا كافيًا للثقافة المحلية في الشرق الأوسط، وتدخلت في شؤون دوله الداخلية كما حدث خلال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما".
وأشار عضو الحزب الجمهوري إلى أن "إدارة ترامب ترى أن المنطقة أصبحت أكثر استقرارًا بعد الضربات التي وجهت إلى إيران وأذرعها، وتؤمن بأن السلام الإبراهيمي هو المسار الأكثر قابلية لمستقبل الشرق الأوسط"، مشددا على أن الولايات المتحدة لا تعتبر الصين أو روسيا منافسين حقيقيين لها في الشرق الأوسط، والمشهد أقرب إلى "مناورات" بين الأطراف الكبرى".
وشدد الخطيب على أن "ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة لم يعد محصورًا في اعتبارات الطاقة، بل أصبح ارتباطًا اقتصاديًا واستثماريًا في المقام الأول، وتعامل الإدارة مع الشرق الأوسط، سيتركز على منع وقوع النفط في أيدي قوى معادية، وتأمين حرية الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر، وضمان ألا تشكل المنطقة مصدر تهديد إرهابي للمصالح أو الأراضي الأميركية، إلى جانب الحفاظ على أمن إسرائيل".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات إيران منتصف الليل أميركي أميركا إيران منتصف الليل أميركي أخبار أميركا الولایات المتحدة الشرق الأوسط لم یعد
إقرأ أيضاً:
عمر سلطان العلماء أول قائد دولي من الشرق الأوسط في عضوية إدارة «مجلس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي»
أعلن «مجلس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AIEC)»، المبادرة المدعومة من «منظمة عملية الأمل» بالولايات المتحدة الأميركية، اختيار معالي عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، عضواً في مجلس الإدارة، ما يؤكد دور الإمارات الريادي في حوكمة الذكاء الاصطناعي الأخلاقية ودعم الجهود الدولية لضمان تطوير تقنيات متقدمة مسؤولة وآمنة.
ويُعتبر معاليه، أول قائد دولي وأول ممثل من الشرق الأوسط ينضم إلى مجلس الإدارة، الذي يضم نخبة من القادة العالميين في مجالات الحقوق المدنية والتعليم والتكنولوجيا والأعمال والحكومة والأخلاقيات، ويترأسه سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وجون هوب براينت، مؤسّس منظمة عملية الأمل ورئيس مجلس إدارتها.
ويأتي هذا الاختيار ليؤكد مكانة الإمارات شريكاً فاعلاً في تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات ووضع أطر عالمية لتعزيز الثقة في التقنيات المستقبلية، بما يتوافق مع رؤيتها لبناء منظومة رقمية مبتكرة قائمة على قيم الشفافية والسلامة والاستدامة.
وأكد معالي عمر سلطان العلماء، أن دولة الإمارات برؤية قيادتها الطموحة، تواصل ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً لتوجيه مستقبل الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن نموذج الإمارات العالمي في الحوكمة الأخلاقية والتبني المسؤول للتقنيات المتقدمة عزّز مكانتها على الساحة الدولية، وأسهم في بناء مستقبل رقمي أكثر ازدهاراً واستدامة.
وأضاف أن المسؤولية الأخلاقية تمثل قيمة وأولوية في استراتيجية دولة الإمارات تجاه التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، مؤكداً مواصلة دعم الجهود العالمية لصياغة معايير تضمن استخداماً عادلاً ومسؤولاً للتقنيات المستقبلية ودفع الاقتصادات إلى آفاق جديدة، وفتح أبواب أوسع للمعرفة والفرص والمحافظة على القيم الإنسانية التي تحرص عليها دولة الإمارات والعالم.
من جهته، قال براينت، نرحب بمعالي عمر سلطان العلماء في مجلس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، كأول قائد دولي وأول ممثل من الشرق الأوسط، ما يعكس مكانة دولة الإمارات المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي عالمياً، ويجسّد النهج الإماراتي الطموح في تسخير التكنولوجيا لخدمة الإنسان، وتقديم خبرة واسعة ورؤية استراتيجية استثنائية للمجلس حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وممارساته الأخلاقية ومساهمته، التي تشكّل إضافة نوعية لجهودنا الدولية، ونحن ممتنّون لشراكته، بينما نواصل بناء إطار عالمي وشامل يضمن الاستخدام العادل والمسؤول لهذه التكنولوجيا.
تأسّس مجلس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في ديسمبر 2023، ويضم نخبة من القادة في مجالات الحقوق المدنية والتعليم والتكنولوجيا والأعمال والحكومة والأخلاقيات، ويهدف إلى ضمان تمثيل المجتمعات في مجال تطور الذكاء الاصطناعي، ويسعى إلى وضع إطار لتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وشامل وعادل، مع استكشاف كيفية استخدام التكنولوجيا في تعزيز الفرص الاقتصادية للمجتمعات المحرومة.
ويضم المجلس في عضويته، د.جورج تي. فرينش الابن رئيس جامعة كلارك أتلانتا رئيس جامعات صندوق الكليات الزنجية المتحدة، والدكتورة هيلين غيل رئيسة كلية سبيلمان، ود. برنيس أ. كينغ الرئيس التنفيذي لمركز كينغ، والدكتور ديفيد توماس رئيس كلية مورهاوس، ود. أنجيلا ف. ويليامز الرئيس والرئيس التنفيذي لـUnited Way Worldwide، والسفير أندرو ج. يونغ رئيس مؤسسة أندرو ج. يونغ، سفير الأمم المتحدة السابق، وعمدة أتلانتا السابق.
يذكر أنه منذ عام 1992، مكّنت عملية الأمل أكثر من 4 ملايين شخص في مجالات الثقافة المالية وإدارة الأموال، ودعم تملك المنازل والمشاريع الصغيرة لتعزيز «الحقوق الفضية» التي تساعد الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط على تحقيق أفضل المستويات الاقتصادية، ومن خلال نموذجها الحائز على جوائز HOPE Inside، ساعدت المنظمة في توليد أكثر من 4.2 مليار دولار من الأنشطة الاقتصادية، وتعمل المنظمة في ما يقرب من 300 مدينة وتخدم 1,500 موقع في جميع أنحاء الولايات المتحدة.