???? خطاب حمدوك الأخير، وحكاية ود اب زهانة
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
لا اعلم لماذا تذكرت قصة (ود اب زهانة) عندما تحدثت الأخبار عن خطاب لحمدوك أرسله قبل أكثر من اسبوع إلى الأمين العام لمجلس الأمن أنتونيو غوتيرش يطالبه برفض دعوة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان لتمثيل السودان ومخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك.
ود أب زهـانـة شخصية عاشت في عصر المملكة السنارية، واكتسبت شهرة من كثرة ما نسب إليه من اقوال تشي بالبرود والتبطل والاستسهال وتستخف بالعمـل، وقد بلغ تاثيره على المجتمع المحيط به حداً أفرز جيلاً من الاتباع اسهموا في تأخير عجلة الحياة، وتقول الروايات الشفهية بأن (المنسدح حمـد المنسدح) هـو الاسم الاصلي لود اب زهـانة، وكان والده من اصحاب قطعان الماشية والابل ويدعـى حمد المنسدح المكنى بي أب زهـانة، والسيده ”زهـانة” هي كبرى كريماته، كنى بها ثم انتقل الاسم الى ابنه فاصبح المسندح بن حمد المنسدح هـو المعروف بود أب زهانة.
قيل بانه كان بدينا، ومن عيوبه أنه كان (باردا) لاتحرك فيه الوقائع والاحداث شيئا، وكأنه لايعيش مع الناس في ذات المكان، ولايتفاعل مع مايطرأ عليهم، يضاف الى ذلك أن ود اب زهانة كان (سميعا) يصدق كل كلام يقال له، ومن اليسر التغرير به واملاء مايشاءه كل من حوله، وقد نسبت له أقوال عديدة كلها انصرافية مثبطة للهمم، وتدعو إلى التبطل والكسل، ومنها مقولة: (نوم العصر يطول العمر)، و(من تغدى تمدى)، قيل له يوما؛ يا أب زهـانة قـوم للزراعـة، فرد عليهم قائلا:
(قـام عليكم البـلا،
أنتو تزرعـوا من زمن حفروا البحر عملتوا شنـو؟)
وقد أدرك الشيخ فرح ود تكتوك رحمه الله ضرر أقـوال ود أب زهـانة على المجتمع وهو المعهود عنه انتقاد الحكّام والعمد وشيوخ القبائل الفاشلين، فأبان للناس خطل العديد من اقوال اب زهانة، واستطاع افادة الناس بتفنيدها.
لقد كتبت عن الدكتور حمدوك من قبل ووصفته بأنه شخصية استسهالية بامتياز، والرجل لايملك البتة الكاريزما التي تجعله رجل المرحلة في السودان، وانه ليست لديه الشجاعة الكافية للتصدي للمسؤليات، وضح ذلك جليا منذ أن رفض رئاسة اللجنة الاقتصادية وهو الذي قدم نفسه للناس بكونه الاقتصادي النحرير الذي سيجعل من اقتصاد السودان مثالا يحتذى، فإذا به يطلب من نائب رئيس مجلس السيادة (حميدتي) بأن يكون هو الرئيس للجنة وقد كان!.
الدكتور حمدوك -ايضا- شخصية انصرافية بامتياز، وإلا بماذا يمكن تفسير (مبادراته الشفاهية) وهو على رأس الجهاز التنفيذي للدولة؟!
ألا يعلم الرجل مهام الجهاز (التنفيذي)؟!
أم أنه يحسب أن مهام التنفيذ في عهده أصبحت موكولة لبعثة الأمم المتحدة ورئيسها فولكر بيتس الذي أتانا به؟!
كم كنا نقرأ -كل يوم تقريبا- خبرا عن هذه البعثة وتدخلها اليومي السافر في شؤون السودان التشريعية والتنفيذية إلى أن أذهب الله عنا الأذى بذهاب بيرتيس فولكر.
وفي عهد حمدوك تعدد الحاشرون أنوفهم في شؤون السودان، ومنهم البنك الدولى الذي طالب بمُراجعة مُحتوى كتاب بالمنهج الدراسي السوداني!.
نعم وصل بنا الحال في عهد حمدوك (البائد) هذه الدرجة من الانبطاح والتسليم للذبح؟
وإلا، فما الذي بقي للشعب السوداني عندما يصل الأمر حد تدخل الغير في مناهجه الدراسية؟
هاهي الصين (الشيوعية) توقف وزارة الثقافة فيها فرقة كورية عن تقديم عروضها بتبرير أن العروض تدعو في مجملها الى المثلية الجنسية، والمثلية الجنسية لمن لايعلم تعتبر مرفوضة من قبل الحكومة الصينية!، فهل يستطيع البنك الدولي أو سواه من المنظمات التدخل -ولو بالنصح- في شأن يخص المناهج الدراسية هناك؟!
وحمدوك هو الذي فرضت عليه (عائشة) الشيوعية فرضا لتكون مستشارة للنوع!
وما كان حمدوك يملك الشجاعة ليبين لأهل السودان ماهو هذا (النوع) وماتفاصيله؟!
السؤال الذي أوجهه لحمدوك الآن:
لماذا لم تعترض على تمثيل البرهان في المرة السابقة عندما كنت رئيسا للوزراء؟
أم أن خطابك هذا قد أملته عليك قحط التي أصبح حاديها ياسر عرمان؟!
البرهان يكتسب شرعيته كل يوم باصطفاف جماهير الشعب السوداني خلفه، ثم انك لم تقال بسبب انقلاب كما يهرف بعض قيادات قحط المركزي، انما قدمت استقالتك عيانا وقلت لأهل السودان (هذه أمانتكم ردت إليكم)، ويومها ألقيت اللوم بفشلك على قحت (والخطاب مبذول في الميديا لمن يريد الاستيثاق).
واليوم، كل يوم يمر على هذه الحرب، يتبين أهل السودان بأنك ومن معك من طفابيع قحط المتسببون في هذه الحرب، وبحمد الله هاهو المجتمع الدولي أصبح على علم بكل الخروقات الإنسانية وجرائم الحرب التي مارسها من تناصرون من المتمردين من الدعم السريع الهالك.
كن حيث أنت فلاحاجة لأهل السودان لأب زهانة جديد، وليبق طفابيع قحت حيث هم يتنعمون بالصرف عليهم ببذخ في فنادق أثيوبيا، فإن الله لناصر جنده بفضله، وسيتجاوزكم الشعب السوداني بحول الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} 37 الأنفال.
عادل عسوم
adilassoom@gmail.com
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
العودة إلى نهج الولاية أو السقوط في مستنقع التبعية .. قراءة في خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى يوم الولاية (تفاصيل)
يمانيون / تحليل / خاص
في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية ليوم الولاية، قدّم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، رؤية عميقة ومتماسكة تربط بين العقيدة الإسلامية ومجريات الواقع السياسي، مستعرضًا الأبعاد الدينية والفكرية والاجتماعية لمبدأ الولاية، ومسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، لاسيما في ظل تصاعد الصراع مع المشروع الصهيوني والتحالفات الغربية.
ولاية الله ورسوله وأثرها على هوية الأمة
أكد السيد القائد أن إحياء يوم الولاية ليس طقسًا طائفيًا أو مناسبة رمزية فحسب، بل هو إعلان ولاء لله ورسوله وأوليائه، وإحياء لمبدأ قرآني أصيل يُعدّ ركيزة في بناء الهوية الإيمانية للأمة. وتحدث عن هذا اليوم بوصفه شهادةً بكمال الدين، وامتدادًا لمسؤولية الأمة في التمسك بالقيادة الربانية. في هذا السياق، يُربط مفهوم الولاية بالعقيدة، والانتماء، والطاعة، والتزكية، لا باعتباره شأناً تاريخيًا منعزلاً، بل أمرًا حاضرًا تتفرع منه مسؤوليات سياسية وأخلاقية ومصيرية.
مواجهة الولاية للطاغوت والهيمنة الأجنبية
يحمل خطاب السيد القائد نقدًا حادًا وواضحًا لمسألة “التولي لليهود والنصارى”، مؤكدًا أن هذه العلاقة، التي قد تتجلى في صورة تعاون سياسي أو اقتصادي أو عسكري، تشكل انحرافًا عن الانتماء الإيماني الأصيل، وتمثل خطورة على الأمة، لأنها تنزع عنها استقلالها وكرامتها، وتحولها إلى أداة في خدمة أعدائها.
السيد القائد شدد على أن الوعي الإيماني الغائب عن كثير من المجتمعات هو ما يجعلها تقبل بالخضوع للهيمنة الأجنبية، موجهًا تحذيرًا واضحًا من “حركة النفاق” التي تنشط داخل الأمة لتبرير التبعية للغرب والكيان الصهيوني تحت شعارات مضللة.
قراءة في الواقع الإقليمي
ربط السيد القائد بين البعد العقائدي للصراع ومجرياته الميدانية، لا سيما في فلسطين وغزة. حيث أكد أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية في غزة هو التعبير الأقصى عن ظلم الطاغوت الصهيوني، وأن المعركة ليست فقط على الأرض، بل أيضًا معركة هوية وثقافة وارتباط بالقيم القرآنية.
وفي سياق متصل، توقف عند العدوان الإسرائيلي الأخير على الجمهورية الإسلامية في إيران، معتبرًا أنه يمثل عدوانًا على محور المقاومة بأكمله، لا على إيران وحدها. واعتبر الموقف الشعبي والسياسي الداعم لإيران خطوة إيجابية، داعيًا إلى موقف موحد لا يخضع لإملاءات أمريكية أو غربية.
الصراع على الهوية والوعي
من أبرز محاور الخطاب، تحذير السيد القائد من محاولة الأعداء إعادة تشكيل وعي الأمة ووجهتها عبر الإعلام والسياسة والثقافة. حيث أكد أن الغرب يسعى لتجريد المسلمين من عناوينهم الدينية والإيمانية، ليجعلهم يتحركون تحت لافتات “حقوقية” و”سياسية” فارغة، في حين يواصل هو توظيف الدين – زورًا – في معاركه.
وبهذا السياق، دعا السيد القائد إلى التمسك بالولاية كدرعٍ يحمي الأمة من الذوبان والانهيار، وإلى اعتماد القرآن كمصدر أول لفهم الواقع وتحديد المواقف، بعيدًا عن التضليل الإعلامي والخداع السياسي الذي يمارسه العدو.
خطاب يحمل أبعادًا استراتيجية
يأتي خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في لحظة حرجة من تاريخ الأمة الإسلامية، حيث تتكالب عليها مشاريع الاحتلال والتطبيع والتفكيك. الخطاب يتجاوز الأسلوب التحريضي أو التعبوي المعتاد في المناسبات الدينية، ليشكل رؤية استراتيجية شاملة تدمج الإيمان بالعمل السياسي، وتحول الولاية من مبدأ ديني إلى أداة مقاومة ومشروع نهضوي جامع.
السيد القائد يرسم خط تماس واضح بين الأمة وأعدائها، ويطالبها بوضوح بأن تختار: إما طريق الاستقلال والكرامة الإيمانية، أو طريق الخضوع والانهيار تحت أقدام الطغاة. وفي هذا المفترق التاريخي، تتجلى أهمية أن تكون العقيدة مرجعية الموقف، لا المصالح السياسية الضيقة.