إخفاق عسكري وانقسام.. هكذا زعزع طوفان الأقصى إسرائيل
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يتكشف المزيد من الإخفاقات والفشل الاستخباراتي في منع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مستوطنات "غلاف غزة" والنقب الغربي.
كما تتسع تداعيات معركة "طوفان الأقصى" باستنزاف الجيش الإسرائيلي عسكريا وماليا، وتسهم في تأطير وحدة الساحات إقليميا.
وسلّطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الصادرة، الجمعة، الضوء على إخفاقات الأجهزة الأمنية والاستخبارات العسكرية بإخفاء معلومات وتحذيرات عن هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، ورئيسها هرتسي هاليفي، بشأن تحضيرات حماس وجهوزيتها لشن هجوم على الجنوب.
كما كشف تحقيق "ملحق السبت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" النقاب عن تكتم شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الوحدة "8200" (أمان)، عن معلومات وإشارات تم رصدها من قطاع غزة بالأشهر التي سبقت أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتمحورت المعلومات الاستخباراتية حول تخطيط كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، لتنفيذ عملية عسكرية في "غلاف غزة"، والتي لم يعلم عنها المسؤولون في رئاسة الأركان وقادة الجيش الإسرائيلي، إلا بعد أيام قليلة من الهجوم المفاجئ.
ولم يتم إبلاغ قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الجنرال يارون فينكلمان، ورئيس الأركان ببعض التهديدات، وأُخفيت عنهما معلومات عن تحذيرات عينية لسيناريو عملية عسكرية لحماس بالجنوب، فيما تم التعامل "باستخفاف" مع الحركة بالأشهر التي سبقت معركة "طوفان الأقصى".
هذا النهج بالتعامل مع حماس، يقول الصحفي الاستقصائي نداف إيال، الذي أعد التحقيق: "كان وراء قرار رئيس الأركان هاليفي إنشاء فريق تحقيق خارجي، إن ما حدث في إسرائيل قبل نحو 3 أشهر كان أخطر من "حرب يوم الغفران"، الاستخفاف بحماس عام 2023 كان أعظم بكثير من الاستخفاف بمصر وسوريا قبيل حرب أكتوبر عام 1973″.
في ليلة 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحسب ما سردت الصحيفة في التحقيق، تبدأ أحداث وتحركات غير عادية في قطاع غزة، ومن المعتاد في الاستخبارات العسكرية التحذير والتبليغ عن وجود "علامات إرشادية" لهجوم أو حرب.
وتضيف "وفي بداية الليل، تصل إشارة إرشادية نتيجة نشاط عملياتي قام به جهاز الأمن العام "الشاباك"، أثار شبهات لإمكانية هجوم بري على الأراضي الإسرائيلية".
وأشار إيال إلى أن "مثل هذه الأمور قد حدثت في الماضي، لم تكن هناك غارة أو هجوم بري أو علميات مسلحة عبر السياج الأمني مع قطاع غزة".
لذلك، من ناحية، يقول الصحفي الإسرائيلي: "يتم أخذ هذا الأمر على محمل الجد، حيث يصل رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار، إلى المقر الرئيس للاستخبارات وتبدأ المشاورات، لكن من ناحية أخرى، تفضي المشاورات إلى أنه لا يمكن القول إن هذه علامة مطلقة على وجود عملية برية، أو حتى مجرد هجوم".
ويضيف إيال: "هناك أيضا علامات تقشعر لها الأبدان لم تؤخذ على محمل الجد خلال مشاورات الشاباك بزعم أنها تقلل من احتمال أن يكون هذا استعدادا لهجوم".
لا أعرف ما الإشارات بالضبط، يتابع الصحفي الإسرائيلي: "لكن يمكنني أن أتخيل، من ناحية، ناشط حماس يغادر منزله في منتصف الليل، ومن ناحية أخرى مشاورات إسرائيلية تعني أنه لن يحدث شيء، وتنتهي بلا قرارات".
"لحظة الصفر"
ساعات قبل الهجوم المفاجئ، يسأل رئيس الأركان هاليفي، وقائد المنطقة الجنوبية فينكلمان، وقائد جناح العمليات بالجيش الجنرال عوديد باسيوك، أنفسهم ماذا يحدث؟ بينما في مقر الوحدة "8200" بالجنوب تحدث أمور مهمة وجوهرية تُؤكد الاقتراب من لحظة الصفر للهجوم على "غلاف غزة".
يخبرني الجيش الإسرائيلي، يقول إيال إنه "مع تقدم ساعات الفجر، يزداد الاضطراب، هناك المزيد من الإشارات من العدو في قطاع غزة، ويمكن التقدير أنه تم تناقُلها عبر شبكات الاتصال لحماس، وتثير احتمال وقوع هجوم وشيك على إسرائيل".
في نفس المحادثة التي أجراها رئيس الأركان في ساعات الفجر، يستدل من التحقيق عدم ظهور إشارات وتحذيرات ومعلومات فعلية من الوحدة "8200"، كما أنه لا يوجد أي ضابط كبير من الاستخبارات العسكرية في المحادثة، فيما لا تعرف قيادة المنطقة الجنوبية ما يجري في وسائل اتصال حماس، رغم المحادثات المتكررة أثناء الليل.
وبينما تلقي معركة "طوفان الأقصى" تداعياتها على الساحتين العسكرية والسياسية بإسرائيل، ويستمر القتال في قطاع غزة، والذي ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الحرب الشاملة ستندلع مع حزب الله على الحدود الشمالية مع لبنان، يخوض في هذه الأثناء الجيش الإسرائيلي معركة على ميزانية الأمن لعام 2024.
في ظل التكلفة الباهظة للحرب على غزة، يطالب الجيش الإسرائيلي برصد ميزانية له قدرها 95 مليار شيكل (26 مليار دولار)، ما يمثل حوالي 5% من الناتج القومي الإجمالي.
في المقابل، تعارض وزارة المالية الإسرائيلية ذلك، وتكتفي برصد 85 مليار شيكل كحد أقصى، وتشترط أيضا رصد الميزانية بإلزام الجيش بوضع خطة تقشف وترشيد المصروفات، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني "واينت"، التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت".
تحديات
ووفق محلل الشؤون العسكرية، في "واينت"، يوسي يهوشع، فإن وزارة المالية ليست في عجلة من أمرها للمصادقة على الزيادة بالميزانية التي يطالب بها الجيش، وتشترط جرد حساب والتحقيق في الأمور التي تكشف فشلها عقب أحداث "طوفان الأقصى"، والتحقق في كيفية صرف الموارد المالية والميزانيات، وإذا ما استُخدمت بأهدافها.
تشتعل المعركة الكبيرة بين وزارتي المالية والأمن، يقول يهوشع: "حول الميزانية اللازمة للتعامل مع العدد الكبير من التحديات والتهديدات على مختلف الجبهات، ومن الواضح لجميع الأطراف أن ما كان قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول لن يعود، وسيناريو حرب على مختلف الجبهات أقرب من أي وقت مضى".
لم تقتصر تداعيات "طوفان الأقصى" على المشهد الإسرائيلي الداخلي، حيث إن مسار "وحدة الساحات" الذي تبنته فصائل المقاومة الفلسطينية خلال الجولات القتالية الأخيرة مع الجيش الإسرائيلي، تحول خلال الحرب على غزة إلى نموذج إقليمي، بحسب محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل.
ويرى برئيل أن نموذج المقاومة الفلسطينية الذي تطور خلال عملية "حارس الأسوار 2" (سيف القدس) في مايو/أيار 2021، تم اعتماده من قبل مختلف الفصائل المسلحة في الإقليم ودول الجوار، مضيفا أنه -بالحرب على غزة- التحمت مختلف الجبهات مع وحدة الساحات التي ابتكرتها وثبتتها فصائل المقاومة الفلسطينية.
ويعتقد برئيل أن نموذج وحدة الساحات في الشرق الأوسط منح أفضلية عليا لفصائل المقاومة العربية والإسلامية في المنطقة على أميركا والدول العظمى، ما مكّنها من تحقيق إنجازات على مختلف الأصعدة.
وأشار برئيل إلى أن حزب الله والحوثيين والمليشيات الإسلامية المسلحة في العراق تحت رعاية "محور المقاومة"، تمكنوا من تسجيل إنجازات في نضالاتهم المستقلة، بعيدا عن التوجيهات من إيران، قائلا إنه "بعد انتهاء الحرب على غزة، فإنهم لا يعتزمون الاختفاء من المشهد، وسيواصلون وضع أميركا والدول العظمى وإسرائيل أمام المزيد من التحديات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی طوفان الأقصى رئیس الأرکان وحدة الساحات قطاع غزة من ناحیة على غزة حرب على
إقرأ أيضاً:
عسكري إسرائيلي: الجيش “فيل تائه في حقل ألغام” في غزة
#سواليف
قال رئيس العمليات السابق في #جيش_الاحتلال، يسرائيل زيف، إن الأحداث الأخيرة أعادت فتح “جراح جباليا”، التي حصدت أرواح عشرات #الجنود #الإسرائيليين في سلسلة عمليات وصفها بـ”العقيمة والمتكررة”، دون أن تُحدث أي فارق ميداني حقيقي أو تساهم في تحقيق أمن “إسرائيل”.
وأضاف زيف في مقالٍ نشره بموقع القناة 12 العبرية، أن #العمليات_العسكرية المتكررة في أزقة #جباليا تُنفذ في المكان ذاته، بنفس الطريقة، وتحت ذرائع تتبدل باستمرار، بينما الواقع لا يتغير: اقتحامات جديدة، تهجير للفلسطينيين، تدمير لما تبقى من بنى تحتية، وقتال وسط عبوات و #كمائن، وسلسلة لا تنتهي من الاغتيالات لعناصر ومقاتلين جُندوا حديثاً، وقادة سبق أن تم استهداف من قبلهم.
ووصف زيف هذا النمط العسكري بأنه “تخبط في حلقة مفرغة”، مشيراً إلى أن الجيش بات يُستخدم لسد فراغ سياسي نتيجة غياب الأهداف الواضحة والخطة القابلة للتحقيق.
مقالات ذات صلةوحذر المسؤول العسكري السابق من أن جيش الاحتلال يتحول إلى ” #فيل_تائه في #حقل_ألغام”، بدلاً من أن يكون قوة رادعة تمارس الهجوم والمناورة وتفرض الهيبة.
واعتبر أن ما يجري الآن هو تآكل عميق في الفاعلية العسكرية، و”استخدام سيء لقوة عسكرية دون أفق سياسي أو استراتيجية خروج واضحة”.
وهاجم زيف الأداء السياسي لحكومة نتنياهو، مشيراً إلى أن تراكم الإخفاقات لا يقتصر على جبهة غزة، بل يشمل ملفات إقليمية ودولية، منها الفشل في استعادة الأسرى، وعدم القدرة على إنهاء حكم حركة حماس، وكذلك فشل “مخطط الترحيل الجماعي” وتقويض نظام توزيع المساعدات، إضافة إلى تدهور مكانة “إسرائيل” في المجتمع الدولي وتنامي الغضب العالمي تجاهها.
وأشار إلى أن الإخفاق الأبرز يتمثل في غياب الحسم السياسي، وعدم الاستعداد لاعتماد مبادرات واقعية لإنهاء الحرب، وفي مقدمتها المبادرة العربية، معتبرًا أن إطالة أمد القتال بدون هدف واضح، يقوّض صورة الردع الإسرائيلي ويُفقد الجيش إنجازاته الميدانية تدريجياً.
وفي تقييمه لمآلات الحرب، لفت زيف إلى تراجع دقة الأهداف وتضاؤل جدوى العمليات، مشيرًا إلى أن هذا النهج يهدد بإفشال أي نصر عسكري ويزيد من تورط الجيش في إدارة الفلسطينيين بدلاً من خوض معركة حاسمة.
وختم بالقول إن الجيش يجد نفسه اليوم عالقًا بين احتلال 70% من قطاع غزة وتحمل مسؤولية 100% من الفلسطينيين، فيما لا تزال الحكومة غارقة في قرارات مرتجلة دون إدراك لنتائجها، داعيًا إلى اتخاذ قرار واحد هو إنهاء الحرب، لتجنيب المؤسسة العسكرية مزيدًا من الفوضى والخسائر.