بعد ارتفاع الأعباء المالية للجمركة .. سائقون مغاربة يتخلون عن غرب إفريقيا
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
لا تزال آثار رفع الجمركة على الخضر والفواكه القادمة من المغرب وبدء سلطات الجمارك الموريتانية في تطبيق ضريبة 10 دراهم عن كل طن لكل شاحنة واستمرار ظاهرة “سرقة الغازوال” وتفشي “الرشوة” تلقي بظلالها على السائقين المغاربة.
ونتج عن هاته العوامل المترابطة تراجع حركة بعض الشاحنات المغربية نحو موريتانيا إلى دول غرب إفريقيا، وفق مصادر مهنية تحدثت لهسبريس، والتي لا تزال تطالب السلطات المغربية بإعادة النظر في قراراتها.
وأصبح عدد من السائقين المغاربة يفضلون التوجه نحو أوروبا عوض الغرب الإفريقي، نتيجة تفاقم صعوبة مرورهم من الجارة الجنوبية للمملكة وأيضا تزايد التكلفة عليهم في دول الغرب الإفريقي.
وإلى حدود اللحظة، لم يتلقَ مهنيو القطاع أي تجاوب حكومي مع مطالبهم في رفع قرار حظر تصدير الخضروات إلى موريتانيا، وأيضا قرار تطبيق ضريبة 10 دراهم عن كل طن لكل شاحنة من الشاحنات القادمة للتراب الوطني.
في هذا الصدد، قال خالد بوروخو، الكاتب الوطني للنقل واللوجستيك بالمنظمة الديمقراطية للشغل، إن “التجاوب الحكومي مع مراسلتنا لا جديد فيه، ونحن ننتظر التأكيد من أجل اجتماع مقبل”.
وأضاف بوروخو، ضمن تصريح لهسبريس، أن “قرار ضريبة 10 دراهم عن كل طن لكل شاحنة من الشاحنات القادمة للتراب الوطني تشرع السلطات الموريتانية حاليا في تطبيقه؛ وهو قرار رسمي في الأول من الحكومة المغربية، وحله يتطلب مناقشات رسمية من المملكة وحكومات الدول التي قررته في إطار مبدأ “الرد بالمثل””.
وبيّن المتحدث ذاته أن “اللقاء الأول، الذي تم مع الوزارة المعنية منذ إقرار القرار، لم يتم تحديد أي رد حول المطالب إلى حدود الساعة، كما ننتظر تأكيدا حول جلسة مستقبلية حول الأمر”.
وكشف الكاتب الوطني للنقل واللوجستيك بالمنظمة الديمقراطية للشغل أن “السلطات الموريتانية بدأت حاليا في تطبيق ضريبة 10 دراهم عن كل طن لكل شاحنة تمر من معبر الكركرات”، مشيرا إلى أن “جل الدول التي طبقت هذا القرار كرد على المغرب؛ فالمهنيون يؤدون هاته الضريبة بشكل مستمر”.
وبخصوص تراجع نسبة مرور الشاحنات نحو الغرب الإفريقي، شدد بوروخو على أن “السائقين يذهبون إلى هاته الدول؛ لأن من لديه شحنة أو منتوج هو مجبر بالذهاب مهما كانت التكاليف”؛ غير أن هذا المعطى يخالفه محمد جيد، سائق شاحنات مهني، إذ بيّن أن “السائقين المغاربة يفضلون حاليا الذهاب نحو أوروبا عوض الغرب الإفريقي نتيجة تزايد المتاعب المالية”.
وأوضح جيد لهسبريس أن “الجمركة على الخضروات وضريبة 10 دراهم عن كل طن جعلتا المرور من هناك مكلفا للغاية، ومتعبا لدرجة كبيرة”، ولافتا إلى أنه “ليس هناك أي جديد من قبل السلطات المغربية في التفاعل مع مطالبنا”.
وأبرز المهني بالقطاع أن “غرب إفريقيا ضاعت من أيدي السائقين الأفارقة بعد هاته المستجدات، حيث إن الخضروات نادرا ما تمر نحو موريتانيا، كما أن مشكل سرقة الغازوال والرشوة مستمر في التصاعد”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “التكاليف بدأت في الارتفاع، حيث إن الوقود ثمنه ازداد، والبعض منا بدأ حاليا في تفضيل التوجه نحو أوروبا عوض الغرب الإفريقي”.
ومضى شارحا: “غالبية السائقين المهنيين المغاربة لهم ديون بسبب هذا الوضع المتأزم، ونطالب بصراحة الحكومة المغربية بأن ترى في وضعنا، مع تراجعها عن هذا القرار الذي لا يخدم الصادرات المغربية”.
واسترسل جيد بالقول: “الحكومة المغربية لم ترد على مراسلتنا بخصوص التراجع عن قرار 10 دراهم عن كل طن، ونرى نفسنا أننا لا نلقى اهتمام حكوميا بنا عند خروجنا عن أرض الوطن”.
هسبريس المغربية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الغرب الإفریقی
إقرأ أيضاً:
العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
إن كل هزيمة يتعرض لها العرب على أيدي الغرب لم تأتِ فجأة، بل سبقتها سنوات طويلة من التحالفات والعلاقات الحميمية، يُوهم خلالها الحلفاء بأن المودة والمصالح المشتركة ستدوم. لكن التاريخ يثبت أن الغربيين لا يحفظون الجميل لأحد، وأنهم خير من يستغل الحلفاء أيما استغلال، قبل أن يتخلصوا منهم بشكل مهين ومتعمد.
هذه القاعدة لم تختلف بين أفغانستان والعراق واليمن، ولا بين أي نظام أو حركة تظن أنها قادرة على الاعتماد على الغرب. فالثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون غالبًا ما يكون باهظًا، شاملًا الانهيار السياسي، والفوضى الأمنية، والتدخل المباشر، والوصاية المعلنة أو المخفية، بما يبرهن أن أي علاقة حقيقية أو موثوقة مع الغرب للعرب هي مجرد وهم، وأن الخيانة التاريخية هي القاعدة لا الاستثناء.
في الماضي، تحالفت الوهابية مع واشنطن لدحر السوفيات من أفغانستان، ظنًا منها أن التحالف سيضمن لها الحماية والنفوذ الدائم. لكن هذه المودة لم تدم، ففي غضون سنوات قليلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، انقلبت إلى رعب، لتبدأ الولايات المتحدة في ضرب الوهابية في أفغانستان وبقية العالم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، مؤكدةً أن الغرب لا يعترف بالولاءات ولا يحفظ الجميل، وأن أي تحالف معه قائم على مصالحه الذاتية فقط، بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون.
وفي السياق نفسه، تحالف صدام حسين مع واشنطن في الثمانينيات لضرب الثورة الإسلامية في إيران، في إطار الحرب العراقية–الإيرانية التي دامت ثماني سنوات. فصدام يعتقد أن الدعم الغربي، خصوصًا العسكري والاستخباراتي، سيضمن له التفوق على إيران، ويقوي موقفه الإقليمي داخليًا وخارجيًا. وقد حصل العراق على تمويل ضخم، وأسلحة متقدمة، ودعم سياسي من واشنطن وأوروبا، بينما كانت وسائل الإعلام الغربية تروج لصدام باعتباره خط الدفاع ضد «الخطر الشيعي الثوري».
لكن هذا التحالف لم يدم طويلاً، إذ أنه بعد نهاية الحرب، لم يلبِ الغرب أي مطالب لصدام، وبدأوا بشن العقوبات الاقتصادية عبر أدواتهم الخليجية قبل أن يستدرجوه إلى حرب الخليج في عام 1990م، لتستغل الولايات المتحدة هذا التصرف لتوجيه ضربات قاسية للعراق وفرض حصار اقتصادي صارم استمر أكثر من عقد، أدى إلى انهيار الاقتصاد وتفاقم الأوضاع الإنسانية، قبل التخلص منه نهائياً عام 2003م.
وفي اليمن، منذ عام 2004م، تحالفت واشنطن مع النظام الحاكم بشقيه الرسمي والإخواني ضد المشروع القرآني بقيادة السيد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – جاء هذا التحالف في إطار سياسة أمريكية تهدف إلى حماية نفوذها في البلاد وضمان السيطرة على مفاصل القرار في اليمن، والتصدي لأي حركة ترى فيها تهديدًا للمشروع الصهيوني في المنطقة. وكانت النتيجة الأولى لهذا التدخل سقوط نظام علي عبدالله صالح، بعد أن ساعدت واشنطن حلفاءها من حزب الإصلاح في إسقاطه بثورة شعبية، وقد اعترف صالح لاحقاً أن تمكينه للإخوان من مفاصل الدولة كان بتوجيهاتٍ أمريكية، ليؤكد أنه والإخوان عملاء للبيت الأبيض، وأن واشنطن تضرب حلفاءها بحلفائها.
وبالنسبة لحزب الإصلاح، ورغم إعلانه البراءة من جماعة الإخوان، إلا أن حظر ترامب للجماعة شمل حزب الإصلاح باعتباره فرعها في اليمن، ولذلك عمدت واشنطن إلى إسقاط شرعيتهم المزعومة عبر المجلس الانتقالي بعد أن وجدت فيه الحليف الأرخص والأوفى من الإخوان وشرعيتهم المزعومة.
وحتى الشخصيات التي انسلخت من مواقفها ومبادئها سعيًا لضمان بقائها في السلطة، مثل العرادة واليدومي وغيرهما، لن تكون استثناءً من هذه القاعدة. فالتجربة تؤكد أن الارتهان لواشنطن لا يمنح حماية دائمة، بل يؤجل السقوط لا أكثر. فهؤلاء، كما غيرهم من الحلفاء المحليين، سيجدون أنفسهم في لحظة ما خارج الحسابات الأمريكية، لتكون نهايتهم السياسية إما العزل والإقصاء، أو التخلي الكامل، للأسباب ذاتها التي أطاحت بحلفاء سابقين جرى استهلاكهم ثم رُمي بهم عند تغير المصالح.
إن التاريخ يثبت أن كل تحالف عربي مع الغرب ينتهي بالخيانة والدمار، وأن أي وهم بالتعايش أو الاستقرار تحت مظلة القوة الغربية هو مجرد خدعة. ففي أفغانستان انقلبت المودة بين الوهابية وواشنطن إلى رعب، وفي العراق دفع صدام حسين ثمن تحالفه بالدمار والحصار ثم الموت، وفي اليمن أصبح الحلفاء المحليون رهينة للقرارات الأمريكية، ونهايتهم الحتمية هي العزل أو التخلي، تمامًا كما حدث مع سلفهم المرتبط بالمشروع الصهيوني العالمي.