يقدِّم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزوَّاره كتاب "أبو بكر بن طفيل الأندلسي وَآراؤُه الفلسفيَّة"، بقلم دكتور/ محمد أبو عاقلة الترابي، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية.

يلفت المؤلف في كتابه أن الفلسفة الإسلامية تحتل مكانة بارزة في تاريخ الفكر الفلسفي الإنساني، وأن مفكري العرب والمسلمين ـ ومنهم ابن طفيل ـ هم الذين أيقظوا أُمَمًا أوروبية، وبعثوا فيها الحياة بعد أن ضلَّت طريقها، وجمدت على المتوارث من آراء أفلاطون وأرسطو.

ويذكر المؤلف أن الفلسفة الإسلامية قد حَظِيتْ في القرن الحالي بعناية فائقة من طرف الباحثين، وأصبحت لها مكانتها المتزايدة في مجال التَّيارات الإنسانيَّة، ولكن مع هذا الاهتمام، فإن أغلب هذه الأبحاث تتصل بالفلسفة الإسلامية في المشرق العربي، أمَّا فيما يتصل بفلاسفة المسلمين في المغرب العربي، كابن باجة، وابن طفيل ـ فإنهم لم يجدوا حظهم من الدراسة بمثل الاهتمام الذي حَظِيَ به فلاسفة المشرق كالفارابي وابن سينا مثلًا، وإن كان ابن رشد قد نال حظًّا من الدراسة لا يقل عن أشقائه من فلاسفة المشرق، وذلك من أجل مقابلة آرائه بآراء الإمام الغزالي، مع بيان مدى أثره في فلسفة العصور الوسطى، أما بقيَّة فلاسفة المغرب العربي فإنهم لم ينالوا حظًّا من الدارسين يعطيهم مكانتهم ودورهم في تأصيل الفكر الإسلامي.

لذا يهدف هذا الكتاب إلى الكشف -بقدر المستطاع- عن تاريخ وحياة ابن طفيل، والوقوف على مدى مشاركته في الحركة الفلسفية الأندلسية في عصره، إلى جانب إظهار مذهبه الفلسفي وإبرازه في صورة متكاملة الأجزاء، فقد كان ابنُ طفيل أقل فلاسفة الأندلس حظًّا من البحث والدراسة، وإن لم يكن دونهم في الأصالة والابتكار، كما أنه من الموضوعات التي لم تظفر بعناية الباحثين الإسلاميين، لا سيما أنه عُرِفَ لدى الفكر الغربي وقدَّره حق قدره، فقد عَبَرَتْ قصته القارات، وساحت في الآفاق، وتلقتها شتى اللغات في الشرق والغرب، وفازت بإقبال وتقدير، فنحن أولى بأن نقدره ونعرف فضله ومنزلته، ولا سيما أنه فيلسوف عربي مسلم.

ويتكون الكتاب من: مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة، أما المقدمة فقد قدَّم فيها الباحث أهمية الموضوع، والمنهج الذي اتبعه في الرسالة، إضافة إلى صعوبات البحث، والخطة التي اشتمل عليها.

فيما جاء الباب الأول بعنوان: "ابن طفيل: عصره وحياته ومؤلفاته"، الباب الثاني: الفلسفة الرمزية عند ابن طفيل من خلال قصة حي بن يقظان، فيما ناقش الباب الثالث آراء ابن طفيل في مجال النقد والتربية واللغة والاجتماع، ويأتي الباب الرابع والأخير بعنوان: "ما وراء الطبيعة عند ابن طفيل".

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر الأزهر في معرض الكتاب معرض الكتاب ابن طفیل

إقرأ أيضاً:

الحدود وإشكاليّة دخول الكتاب

نعيش اليوم في عالم رقميّ متداخل على بعضه، وبضغطة زر يمكن أن تحصل على أيّ كتاب تريده، وبأيّ لغة شئت، وممكن أن تترجمه بسهولة؛ فلم يعد الكتاب ولا الحصول عليه ولا التّعامل مع لغته حاجزا عن المشتغل بالثّقافة والمعرفة، أو حتّى على مستوى العاشق الهاوي لها، أو لجمع الكتاب. ومع هذا الانفتاح العالميّ والرّقميّ إلّا أنّ التّفكير الوظيفيّ في الحدود يتعامل مع حامل الكتب وكأنّه قبل ثلاثين أو أربعين سنة خلت، ولا أتحدّث هنا عن التّاجر أو الموزع، لكنّي أتحدّث عن الفرد الّذي يخرج من بلده بصفة شخصيّة، ويرجع محمّلا بمجموعة من الكتب لأغراض شخصيّة وليست تجاريّة، والثّانية فيها لائحة منظمة قديما وحديثا، والّذي يدخل ضمن قانون المطبوعات والنّشر الّذي صدر قديما برقم (49) لعام 1984م، وعدّل حديثا برقم (95) لعام 2011م، ووفق المادّة (16) «لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة استيراد أو بيع أو توزيع أو نشر مطبوعات أو إنشاء دار نشر أو دار توزيع أو مكتبة قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصّة بوزارة الإعلام متضمّنا البيانات اللّازمة الّتي تحدّدها اللّائحة التّنفيذيّة لهذا القانون».

ورغم ما نشرته أثير في موقعها الإلكتروني عن وزارة الإعلام بتأريخ 18 فبراير 2021م «بأنّ استيراد الكتب للاستخدام الشّخصيّ لا يحتاج إلى موافقات مُسبقة أو تصريح من الوزارة»، «وأكدت الوزارة في تنبيه لها رصدته أثير بأنّ التصريح المُسبق يسري فقط على استيراد الكتب لغرض النّشر والتّوزيع»؛ ففي الواقع اليوم نجد عكس ذلك تماما، فلي مثلا سفرات خمس أخيرة إحداها جوّا، وأربع منها برّا، ففي الجو رفضوا إدخالها، وكانت لا تصل عشرين كتابا في الأديان، وأخبرتهم أن هذه الكتب لا تصل إلى عُمان، وأحتاج إليها في اهتمامي بفلسفة الأديان، وكانت غير مكرّرة، وللاستعمال الفرديّ، لكنّهم يحتجّون بتوجيهات تمنع دخول الكتب بدون تصريح عن طريق وزارة الإعلام. وأمّا برّا فمعاناتها أشدّ؛ فقد تحتاج الانتظار لساعات في أماكن غير مهيأة للانتظار، وصلت إحداها أربع ساعات لأجل بضعة كتب، وهم يستخدمون ذات الحجّة.

الإشكاليّة أنه لا يوجد قانون منظّم - حسب علمي-، ولمّا تناقش أدنى حججهم «هناك توجيهات بعدم إدخال الكتب بدون ترخيص مسبق من جهة الإعلام»، وبعضهم يقول: إذا جاوزت خمسة عشر كتابا، وأحيانا من يعمل هناك من الجهات الشّرطيّة لا علاقة له بالكتب، لا قراءة ولا هواية، ولا يوجد مسؤول مختصّ من الإعلام يمكن أن يعالج الموضوع في حينه، وأحيانا تضطر إلى تغيير معبر الدّخول، وتجد الوضع أسهل من غيره، وقد يكون بنفس التّشديد أو أشدّ. هذا الوضع يحتاج إلى معالجة من قبل الجهات المختصّة؛ فهذا التّشديد لم أكن أعهده سابقا، وإن كان لابدّ من إفصاح عن الكتب فالمسألة ليست صعبة اليوم إذا نظّمت في الأماكن الحدوديّة وبشكل سريع، مع توفر الأجهزة الرّقميّة، ووجود عاملين مختصّين من جهة الإعلام.

وبعض حججهم - كما أسلفت - كثرة الكتب، مع أني في إحداها كنت حاملا مع أحد الإخوة أقلّ من خمسة كتب، واشتريتها من عُمان مسبقا، وحملتها معي، لكنّي تأخرت لسببها، ثمّ لا يمكن مثلا عند الذّهاب لمعارض مجاورة برّا كمعرض الشّارقة، أو أبو ظبيّ، أو الرّياض، أو الدّوحة مثلا أن تقطع هذا الطّريق وترجع بكتاب أو كتابين، وإذا كان معك من يرافقك؛ فإن قلنا كلّ واحد يشتري عشرين كتابا، ونحن أربعة فجميع ما نحمله ثمانون كتابا على الأقل. كذلك إذا ذهبت إلى معارض دوليّة كالقاهرة وتونس والرّباط وغيرها، فلا يمكن عقلا أن ترجع بكتاب أو كتابين، وأنت قطعت وقتك وجهدك للوصول إليها. كذلك من الطّبيعيّ أن تزور كتّابا ومؤلفين، فتكون حاملا من تأليفاتك لإهدائهم، ويبادلونك بإهداء كتبهم، فترجع محمّلا بالكتب؛ لهذا اضطررنا في بعض الفترات الأخيرة أن نرجعها شحنا جوّا أو بحرا أو برّا، ليس لعدم وجود مكان، بل لمنع دخولها، فهناك مشقّة لإدخالها عند الحدود -وهي كتب شخصيّة- ليست للبيع أو التّوزيع.

في السّابق كان الوضع أسهل بكثير، وكنّا نفخر بتيسير الأمر في منافذنا مقارنة بغيرها، لكن اشتدّ هذا الأمر في السّنوات الأخيرة، وليس منضبطا أو مقننا، فأحيانا تحمل كتبا عديدة، وتدخل بسهولة، ولا تسأل عنها، ولماذا حملتها، وعن ماذا تتحدّث، وأحيانا تحمل أقلّ منها بكثير، فتنظر لساعتين أو أكثر حتى يأتيك ردّ بدخولها أو عدمه، فإن كان هناك توجيه مانع فلا أقل من أن ينظّم في تطبيقه في وقت سهل التّنظيم، فلا يحتاج معرفة الكتاب المسموح به من غيره لهذا الوقت، وممكن فتح نافذة رقميّة تشعرهم مسبقا بذلك، ويكون الرّدّ سريعا. كما ينبغي أن يكون هناك تعاون خليجيّ على مستوى الأمن أو الإعلام لعلاج هذا الوضع وتقنينه.

على أنّ الحصول على الكتاب اليوم أسهل بكثير، والمعرفة أصبحت متاحة، ولا أحد يستطيع حدّها، وممكن أن تشتريه رقميّا، وتخرجه ورقيّا وأنت لا تفارق منزلك، فلا معنى من الخوف من الكتاب، وكأنّه سوف يغيّر فكر المجتمع، فلأفكار المجتمعات اقتضاءات تغيّرها وتطوّرها؛ فإن كانت معرفيّة فالمعرفة مشاعة اليوم للجميع، والتّفكير بلغة المنع دلالة ضعف، لكن التّفكير بلغة التّفاعل والتّنظيم والتّدافع عنصر قوّة، وما يطرح معرفيّا اليوم كان مرئيّا أو مسموعا أشدّ تأثيرا ممّا تبطنه هذه الكتب من معارف.

مقالات مشابهة

  • الصين تستضيف قمة منظمة شنغهاي للإعلام ومراكز الفكر
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • أسطورة مانشستر يونايتد يتوقع «المستقبل المشرق» لـ «التلميذ الشاب»
  • بمشاركة ٢٣ فنان افتتاح سمبوزيوم مهرجان جرش الدولي للفنون التشكيلية ” ارسم وطنك الاردن “
  • الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة.. شِفَاءٌ يُرْتَجَى أَمْ مَكَاسِبُ تُجْتَنَى
  • الحدود وإشكاليّة دخول الكتاب
  • حمزة: تشرفنا هذا العام باستضافة الجناح السعودي ليكون ضيف شرف والذي سيتم افتتاحه رسمياً بحضور وفد رسمي رفيع في خطوة تعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين وتعكس الدعم الأخوي الكبير المقدم من المملكة وتفتح الباب أمام مزيد من التعاون العربي المشترك
  • وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان معرض الكتاب بالمحافظة- صور
  • العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟
  • مدير أوقاف الفيوم: لا تهاون في الانضباط بالمساجد ومواجهة الفكر المتطرف أولوية دعوية