أظهرت الأرقام الرسمية أن الاقتصاد الصيني نما العام الماضى بأحد أبطأ معدلاته منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث تضرر من أزمة العقارات وتباطؤ الاستهلاك والاضطرابات العالمية، بحسب ما ذكرت إذاعة "صوت أمريكا".

وكانت الأرقام متماشية مع التوقعات بل وتجاوزت هدف بكين، لكنها من المرجح أن تزيد ضغوطا جديدة على المسؤولين للقيام بالمزيد من إجراءات التحفيز لانعاش النشاط التجارى وتشجيع المستهلكين لإعادة الإنفاق مرة أخرى.

وكشف المكتب الوطنى الصينى للإحصاء أن الناتج المحلى الإجمالى ارتفع بنسبة 5.2% ليصل إلى 17.6 تريليون دولار العام الماضي.

وهذا أفضل من 3% المسجلة فى عام 2022، عندما دمرت القيود الصارمة لفيروس كورونا النشاط الاقتصادي، لكنه يمثل أضعف أداء منذ عام 1990، باستثناء سنوات الوباء.

فى حين أن معدل 5.2% سينظر إليه بحسد من قبل حكومات أخرى مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، والتى كل منها شهدت نمو بنحو 2% فى عام 2022، إلا أنه أقل بكثير من المستويات التى تمتعت بها الصين باستمرار بنحو 6% أو 7% منذ عام 2010.

وبعد رفع إجراءات فيروس كورونا الصارمة فى نهاية عام 2022، حددت بكين لنفسها هدفا للنمو بنسبة "حوالى 5%" للعام الماضي.

وشهد الاقتصاد الصينى انتعاشا أوليا بعد الوباء، لكنه تراجع فى غضون أشهر، حيث أثر نقص الثقة بين الأسر والشركات على الاستهلاك.

وتراجعت صادرات البلاد، التى كانت محركا رئيسيا للنمو تاريخيا، العام الماضى للمرة الأولى منذ عام 2016، وفقا للأرقام التى أعلنت عنها سلطة الجمارك.

كما أثرت التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة والجهود التى تبذلها بعض الدول الغربية لتقليل الاعتماد على الصين أو تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها على النمو.

ومن المقرر أن يصدر المسئولون هدفهم للنمو لعام 2024 فى مارس. وقال مفوض المكتب الوطنى الصينى للإحصاء كانج يي، فى تصريحات لوسائل الإعلام، إن التعافى كان "مهمة شاقة" فى عام 2023، بينما رسمت بيانات أخرى صورة قاتمة لحالة الاقتصاد مع اقتراب العام من نهايته.

وشهد شهر ديسمبر تباطؤ مبيعات التجزئة، وهو مؤشر رئيسى لإنفاق الأسر، بعد انتعاش الشهر السابق.

كما زادت البطالة بشكل طفيف ووصلت إلى 5.1%، مع الاخذ فى الاعتبار أن الإحصاءات لا تشمل ملايين العمال المهاجرين من المناطق الريفية.

وأظهرت الإحصاءات الرسمية أيضا أن الانخفاض السكانى فى الصين تسارع فى عام 2023، بعد أكثر من ستة عقود من النمو حيث تكافح البلاد مع أزمة ديموغرافية تلوح فى الأفق.

وقال شهزاد قاظي، المدير العام لشركة "تشاينا بيج بوك" للاستشارات التى تهتم بمتابعة الاقتصاد الصيني، فى تصريحات نشرتها وكالة "فرانس برس": "ما شهدته الصين العام الماضى ربما كان أكثر تعاف مخيب للآمال يمكن تخيله بعد مرحلة فيروس كورونا"، مضيفا أن: "أى تسارع حقيقى فى العام المقبل سيتطلب سياسة حكومية أكثر نشاطا".

وفى ظل انعدام الثقة فى الأعمال التجارية وتباطؤ الاستهلاك، سعت الصين إلى جذب المستثمرين الدوليين.

وفى حديثه فى الاجتماع السنوى للنخب العالمية بمنتدى "دافوس"، رسم لى تشيانج رئيس مجلس الدولة الصيني، صورة متفائلة للاقتصاد.

وقال: "بغض النظر عن كيفية تغير الوضع العالمي، ستلتزم الصين بسياستها الوطنية الأساسية بالانفتاح على العالم الخارجي"، متابعا أن: "اختيار السوق الصينية ليس مخاطرة ولكنه فرصة".

ولكن أشارت الإذاعة إلى أن المخاطر كثيرة، أبرزها فى سوق العقارات المترنح فى البلاد. ولطالما مثل قطاع العقارات حوالى ربع الاقتصاد الصيني، وشهد نموا مبهرا لمدة عقدين، إلا أن المشاكل المالية فى الشركات الكبرى مثل "إيفرجراند" و"كونترى جاردن" تغذى الآن عدم ثقة المشترى بسبب مشاريع الإسكان غير المكتملة وانخفاض الأسعار.

وكان العديد من الصينيين ينظرون إلى قطاع العقارات لسنوات على أنها مكان آمن لاستثمار مدخراتهم، لكن انخفاض الأسعار أثر بشدة على استثمارهم فى العقارات ولم يكن للإجراءات التى اتخذتها الحكومة لدعم القطاع تأثير يذكر حتى الآن.

كما يثقل كاهل الاقتصاد انعدام فرص العمل للشباب فى الصين، حيث سجلت البطالة رقم قياسى فى شهر مايو، بمعنى أن واحد من كل خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما عاطل عن العمل.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاقتصاد الصيني العقارات كورونا منذ عام فى عام

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد المصري يسجل أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ 3 سنوات بنسبة 4.77%

أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، منذ قليل، عن ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، حيث سجل نسبة 4.77%، مقارنة بمعدل نمو بلغ 2.2% في الربع المناظر من العام المالي السابق وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي له منذ ثلاث سنوات. ويُسهم هذا الأداء في رفع معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري إلى نحو 4.2%، مقارنة بنحو 2.4% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق. يعكس هذا الأداء القوي تعافيًا مستدامًا ومرونة متزايدة للاقتصاد في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية.

الأعلى منذ 3 سنوات ..ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي خلال الربع الثالث من العام الـماليسعر الدولار رسميا مقابل الجنيه في مصر اليوم الإثنينمعدلات النمو تجاوزت التوقعات

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن تعافي نمو الاقتصاد المصري على مدار التسعة أشهر الأولى من العام المالي الجاري، تؤكد فعالية الإصلاحات التي تنفذها الحكومة، على صعيد السياسات الكلية والهيكلية، ودورها في تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود رغم حالة عدم اليقين على المستويين العالمي والإقليمي، مشيرة إلى أن معدلات النمو المُحققة في الربع الثالث من العام المالي الجاري تجاوزت التوقعات، نتيجة التطور المستمر في أداء عدد من القطاعات الحيوية على رأسها الصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة (ممثلة في المطاعم والفنادق)، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وأشارت  إلى أن هذا الزخم الإيجابي والتعافي في نمو الاقتصاد المصري يتسق مع الرؤية التي تتبناها الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية بقيادة القطاع الخاص، والتحول نحو اقتصاد تنافسي قائم على القطاعات القابلة للتداول والتصدير، مؤكدة أن الدولة تمضي قدمًا لترسيخ أسس هذا التعافي بتوطين الصناعة وتنفيذ الإجراءات المحفزة لزيادة الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمارات. وأضافت أن النمو في الربع الثالث من العام المالي الجاري شهد مساهمة متنامية أيضًا من قطاعات الخدمات المالية، والتأمين، والتشييد والبناء.

المؤشرات تعكس الدور المتزايد للقطاع الخاص

وفيما يتعلق بتطور استثمارات القطاع الخاص، شددت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن المؤشرات تعكس الدور المتزايد للقطاع الخاص في دفع مسار التنمية، حيث ارتفعت الاستثمارات الخاصة بنسبة 24.2% في الربع الثالث، لتستحوذ على 62.8% من إجمالي الاستثمارات الكلية المنفذة (باستثناء التغير في المخزون)، وهو ما يؤكد تصاعد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ونجاح سياسات الحكومة في توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية، إلى جانب التزام الدولة بحوكمة الاستثمارات العامة لإفساح المجال لاستثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

وقد تجلى النمو الذي شهده الربع الثالث في استمرار نشاط الصناعة التحويلية غير البترولية في الانتعاش محققًا معدل نمو بلغ 16% خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالي السابق، الذي سجل النشاط فيها انكماشًا بلغ نحو 4%. ويتزامن هذا النمو الملحوظ في الربع الثالث مع سعي حرص الدولة على تكثيف الاستثمارات في القطاع الصناعي باعتباره من القطاعات ذات الأولوية في البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.  وقد ظهر ذلك بصورة جلية في نمو مؤشر الرقم القياسي للصناعة التحويلية (بدون الزيت الخام والمنتجات البترولية) حيث بلغ 16.03% في المتوسط خلال الربع الثالث؛ وقد شهدت عدة صناعات نموًا مرتفعًا منها صناعة المركبات ذات المحركات، والملابس الجاهزة، والمشروبات، وصناعة الورق، والمنسوجات، معدلات نمو 93%، 58%، 34%، 20%، 17% على التوالي.  

تعزيز دور القطاع الصناعي

وارتبط النمو الصناعي أيضاً بتحسن ملحوظ في أداء الصادرات، حيث سجلت صادرات السلع تامة الصنع زيادة سنوية بلغت 12.7% خلال الربع الثالث، ما يعزز دور القطاع الصناعي كقوة دافعة للنمو. ويُعد قطاع الملابس الجاهزة أحد الأمثلة البارزة، إذ سجلت صادرات القطاع نموًا سنويًا تجاوز 23% خلال نفس الفترة، مستفيدًا من التحولات في خريطة التجارة العالمية وزيادة الطلب الخارجي، وهو ما يعكس مرونة قطاع الملابس الجاهزة وقدرته على الاستجابة السريعة للطلب العالمي.

معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث

كذلك استمرت عِدّة قطاعات اقتصادية في تحقيق معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث، حيث سجل نشاط السياحة (ممثلة في المطاعم والفنادق) معدل نمو بلغ 23% وذلك نتيجة تزايد تدفق أعداد السائحين الذي ناهز4 مليون سائح. وقد ارتفع أيضًا عدد الليالي السياحية إلى 41 مليون ليلة خلال الربع.

كما حققت أنشطة الوساطة المالية، والتأمين، والكهرباء، والخدمات الاجتماعية (التي تشمل الصحة والتعليم)، والتشييد والبناء معدلات نمو موجبة ومرتفعة بلغت 17.34%،7.7%، 5.76% 4.63%، 3.13% على التوالي. وهو ما يعكس تنوع مصادر نمو الاقتصاد المصري الذي يتوافق مع رؤية الدولة للتنويع الهيكلي للاقتصاد ودفع معدلات التنمية في جميع القطاعات.

تأثير التوترات الجيوسياسية على إيرادات قناة السويس

وعلى صعيد آخر، شهد نشاط قناة السويس تراجعًا بنسبة 23.1% خلال الربع وإن كان بمعدل متناقص عما كان عليه في الربع المناظر الذي انكمش فيه النشاط بنسبة 51.6% على خلفية بداية أزمة تراجع أعداد السفن المارة عبر قناة السويس في ضوء التوترات الجيوسياسية التي أثرت بالسلب على إيرادات القناة حتى الآن. وكذلك استمر ناتج قطاع الاستخراجات في التناقص حيث تراجع بنسبة 10.38% نتيجة لانكماش نشاطي البترول والغاز الطبيعي خلال الربع الثالث من العام الـمالي 2024/2025، فقد تراجع نشاط البترول بنسبة 9.52%، كما انكمش نشاط الغاز الطبيعي بنسبة 20.5% على التوالي، إلا أنه من المتوقع أن يكتسب الاستثمار في الاكتشافات الجديدة وتطوير الحقول زخمًا خلال الفترة المقبلة، مما سيدعم القدرة الإنتاجية المستقبلية ويساهم في الحد من وتيرة تراجع أداء القطاع.

الصادرات تدعم معدلات النمو

على جانب الإنفاق، حظي النمو بدعم ملحوظ من صافي الصادرات، التي ساهمت بنحو 2.7 نقطة مئوية في إجمالي النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي. وجاءت هذه المساهمة الإيجابية مدفوعة بالتوسع القوي في صادرات السلع والخدمات، حيث ارتفع إجمالي الصادرات بنسبة 54.4%، متجاوزًا بشكل كبير الزيادة المسجلة في الواردات والبالغة 18.7، بينما ساهم الإنفاق الحكومي بنحو 0.27 نقطة مئوية.

كما تسارعت وتيرة الاستثمار الخاص بالأسعار الثابتة بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، متجاوزًا الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، ومستحوذًا على نحو 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة (باستثناء المخزون). إلا أن هذا النمو لم يكن كافيًا لتعويض التراجع الحاد في الاستثمار العام، والذي انكمش بنسبة 45.6% مقارنة بالربع المناظر من العام السابق بالأسعار الثابتة. ونتيجة لذلك، جاءت مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي سالبة، حيث خصمت نحو 2.44 نقطة مئوية من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، واصلت حصة الاستثمار العام تراجعها لتسجل 37.2%، وهو ما يعكس جهود الدولة لإعادة هيكلة الإنفاق الاستثماري، وترشيد الاستثمارات العامة، والتوجه المتزايد نحو تعزيز دور القطاع الخاص.

كما تؤكد المؤشرات الدورية استمرار تحسن النشاط الاقتصادي في مصر خلال الربع الثالث ، حيث يشير مؤشر مديري المشتريات إلى استمرار تعافي نشاط القطاع الخاص خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025. فمع بداية عام 2025 سجل مؤشر مديري المشتريات 50.7 نقطة، وهو أعلى مستوى له في 50 شهرًا. وفي فبراير استمر تواجد المؤشر فوق مستوى الحياد ليسجل 50.1 نقطة مشيرًا إلى استمرار تحسن أداء القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر خلال فبراير ورغم تراجع طفيف في مارس إلى 49.2 نقطة، ظل المؤشر قريبًا من المستوى الحيادي، بما يشير إلى استقرار نسبي في نشاط القطاع الخاص واستمرار اتجاه التعافي.

طباعة شارك وزارة التخطيط الناتج المحلي الإجمالي العام المالي معدل النمو القطاعات الحيوية

مقالات مشابهة

  • على خط التماس.. الصين تشهد أول مباراة كرة قدم بين روبوتات
  • عُمان.. سياسات حكيمة للتحوط من تقلبات النفط
  • مدبولي: برنامج التعاون القطري مع OECD ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد المصري
  • الدولار يتراجع لأدنى مستوى في عامين.. مخاوف تباطؤ الاقتصاد الأمريكي تهدد العملة
  • نقيب كتاب مصر: نقابة اتحاد الكتاب تشهد عصرًا ذهبيًا في تاريخها الثقافي
  • نمو الاقتصاد المغربي 4.8% بالربع الأول بدعم الزراعة والصناعة
  • بكين تستضيف أول مباراة كرة قدم بين الروبوتات في الصين
  • الاقتصاد المصري يسجل أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ 3 سنوات بنسبة 4.77%
  • هل ارتكبت الصين أعمالًا عدائية ضد أمريكا؟ ترامب يوضح موقفه
  • بزيادة 14.1 %.. 502 مليار ريال حجم الإيرادات غير النفطية بالمملكة