مع مرور الوقت، تزداد مشاهد الدمار والدماء في قطاع غزة دون نهاية تلوح في الأفق. وبينما يتصاعد الغضب الشعبي وتتعمق الفجوة السياسية، خرج زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بتصريح لافت يدعو فيه إلى ضرورة عقد صفقة لاستعادة الرهائن ووقف الحرب، وهو ما اعتبره كثيرون تحولًا مهمًا في لهجة الخطاب السياسي داخل إسرائيل.

 

في المقابل، يبرز دور الولايات المتحدة الأمريكية كمفتاح محتمل لإنهاء النزاع، إلا أن الطريق نحو السلام لا يزال محفوفًا بالتعقيدات، رغم تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء حرب غزة خلال الأسبوع المقبل.

لابيد: الحرب بلا جدوى.. والبديل غير موجود

وفي تصريحات نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، قال يائير لابيد إن الحرب الدائرة لم تعد تحقق أي فائدة، بل تتسبب في مزيد من "الخراب والدمار الأمني والدبلوماسي والاقتصادي". وأكد لابيد أنه لا يمكن القضاء على حركة حماس طالما لا توجد حكومة بديلة في غزة، مشيرًا إلى أن هذا هو أيضًا موقف المؤسسة العسكرية في إسرائيل.

وأضاف زعيم المعارضة: "يجب على الجيش إعادة تموضعه على الحدود مع القطاع، وصياغة خطة طويلة المدى تستهدف إنهاء وجود حماس عبر تشجيع الهجرة الطوعية، بدلًا من الانجرار وراء أوهام السيطرة الدائمة التي يروج لها وزراء اليمين المتطرف". كما حذر من استمرار سقوط الجنود الإسرائيليين في حرب بلا نهاية.
 

النفوذ الأمريكي.. قوة لا تُترجم دائمًا إلى تأثير حاسم

من جانبه، يرى اللواء نبيل السيد الخبير الاستراتيجي، أن الولايات المتحدة تمتلك بالفعل أوراق ضغط هائلة على إسرائيل، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، بحكم التحالف الاستراتيجي والدعم الكبير الذي تقدمه لها. إلا أن هذا النفوذ لا يترجم دائمًا إلى قدرة حاسمة على كبح جماح الآلة العسكرية الإسرائيلية، خاصة إذا اعتبرت تل أبيب أن أمنها القومي على المحك.

ويشير السيد، في تصريحات خاصة لصدى البلد، إلى أن القيادة الإسرائيلية كثيرًا ما تتصرف بشكل منفصل عن التوجهات الأمريكية، خصوصًا عندما تكون مقتنعة بأن الحسم العسكري يخدم أهدافها طويلة الأمد في قطاع غزة أو على المستوى الإقليمي.

دور العرب في الوساطة.. عنصر لا غنى عنه

ويرى اللواء نبيل السيد أن أحد المفاتيح الأساسية لنجاح أي جهد أمريكي يتمثل في التنسيق مع الدول العربية، والتي تلعب دورًا محوريًا في الوساطة، لما لها من علاقات مباشرة ومؤثرة مع الفصائل الفلسطينية. هذا التعاون قد يُسهم في تقريب وجهات النظر وفرض تهدئة مؤقتة قد تُمهد لاحقًا لتفاهمات أوسع.

شروط النجاح.. تهدئة مشروطة برغبة الأطراف

ويؤكد السيد أن الولايات المتحدة قادرة على دفع إسرائيل نحو التهدئة، لكنها لن تنجح في إنهاء الحرب بشكل كامل ومُستدام، ما لم تتحقق شروط أساسية. في مقدمة هذه الشروط، رغبة إسرائيلية حقيقية في التهدئة، ومشاركة عربية فاعلة، بالإضافة إلى تقديم ضمانات تُرضي الطرف الفلسطيني وتراعي مطالبه.

وبين النفوذ الأمريكي والتعقيدات الميدانية والسياسية، تبدو مهمة واشنطن لوقف الحرب في غزة شديدة الصعوبة. فالأمر لا يتعلق فقط برغبة دولية، بل بتشابك مصالح، وحسابات أمنية، ومعادلات إقليمية تتجاوز قدرة طرف واحد على الحسم. ومع استمرار المعاناة الإنسانية، تبقى الحاجة ماسة إلى حلول جادة، ومساعٍ متكاملة تعيد للمنطقة شيئًا من الاستقرار الغائب.

طباعة شارك الدماء غزة الحرب الولايات المتحدة حماس النجاح

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدماء غزة الحرب الولايات المتحدة حماس النجاح الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

مخطط «ترامب- نتنياهو!».. هل ينقذ «مجرم الحرب» ويسهّل السطو على لقب «رجل السلام»؟!

سقطت شريحة كبيرة من الرأي العام العربي في «فخ» المخطط الذي تناقشه، الآن، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع حليفه الرئيسي، بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، عندما اعتقدت أن أسماء الدول والزعامات العربية التي يتحدث عنها المشروع لها علاقة به أصلًا، وأن ما يحدث مجرد خطة إنقاذ لنتنياهو، وتحايل من ترامب للفوز بلقب «رجل السلام»، رغم أنه وإدارته شريكان في الصراع الإقليمي، وصراعات دولية أخرى.

ليس صحيحًا أن ترامب رقّ قلبه فجأة، ويرغب في إنهاء العدوان المستمر على قطاع غزة منذ ما يقرب من عامين، ومن ثم، فالتقارير التي تشير إلى تحركات دبلوماسية واسعة النطاق لا تهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، بل إلى تبييض سمعة الحليفين: ترامب ونتنياهو، عبر ما يسمى بتوسيع خطط التطبيع (اتفاقيات إبراهيم) ودعم حل الدولتين.

المثير أن الرأي العام العربي لا يدرك أبعاد المخطط (يطلق عليه في إسرائيل: درع إبراهيم)، الذي تروّج له هيئة البث الإسرائيلية، عندما نقلت عن مصادرها المحلية اتفاق ترامب- نتنياهو، خلال محادثة هاتفية، على إنهاء الحرب خلال أسبوعين، مع مشاركة دول عربية في إدارة قطاع غزة بعد الحرب، ونفي قيادات حماس، وإطلاق سراح الرهائن. وربما كانت الخطوة الأقرب إلى التصديق هي ضمّ سوريا إلى اتفاقيات إبراهيم، وإقامة علاقات دبلوماسية مشتركة.

مخطط التغرير يتضمن مبادرة إسرائيل بالتعبير عن استعدادها لدعم حل الدولتين، بشرط إصلاحات في السلطة الفلسطينية، بينما ستعترف الولايات المتحدة بتطبيق سيادة إسرائيلية محدودة على أجزاء من الضفة الغربية. وتصف الصحافة الإسرائيلية هذه الخطة بـ«الطموحة»، إذ تهدف إلى تغيير نظام التحالفات الإقليمية، مع التركيز على إضعاف نفوذ إيران وتفكيك الجماعات المتقاطعة معها.

مخطط ترامب- نتنياهو يتضمن السماح لسكان غزة بالهجرة «الطوعية» إلى دول أخرى (تستقبل دول أوروبية وغيرها الفلسطينيين الراغبين في الهجرة من غزة)، وهو اقتراح أثار انتقادات واسعة باعتباره تهجيرًا قسريًا تحت غطاء سياسي. وقد حذر مراقبون من أن إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد في غزة يشبه الضفة الغربية، من خلال تقسيم القطاع إلى كانتونات معزولة، ومنع إعادة الإعمار إلا بشروط تلغي حق العودة.

مخطط ترامب- نتنياهو، يشارك في مناقشاته وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، ووزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إلى جانب قيادات سياسية وعسكرية وأمنية إسرائيلية، وأخرى مالية ومتخصصة في العمليات السيبرانية. وعلى سبيل الوقيعة بين الشعوب وحكوماتها، نشرت الجهات المعنية في إسرائيل صورًا ولوحات إعلانية ضخمة، عليها صور «تركيب» لبعض القادة العرب مع نتنياهو وترامب، مكتوب عليها: «تحالف الأمن الإقليمي - درع إبراهيم»!

المبادرة الإسرائيلية- الأمريكية تخطّط لـ«إغلاق جبهة غزة، وإعادة جميع المختطفين، وتشكيل حكومة انتقالية تكنوقراط في غزة، ونفي قادة حماس إلى الخارج، وإعلان حكومة نتنياهو النصر في غزة وهزيمة القوة العسكرية لحماس، فيما تتوصل إسرائيل إلى تفاهم ثنائي مع الولايات المتحدة بشأن حرية العمل في العمليات الأمنية والغارات الموجهة في المستقبل، لمنع عودة حماس وتفكيك البنى التحتية لأي حركة مقاومة فلسطينية في المستقبل».

ويزعم المخطط (الذي يستهدف طمأنة المستوطنين، والإسرائيليين الذين بدأوا خلال الشهور الأخيرة في الهجرة إلى الخارج) أن «دولًا عربية ستشارك في إعادة إعمار غزة، وتطبيق مناهج تعليمية جديدة، وإيقاف التحريض ضد إسرائيل في المدارس والمؤسسات الحكومية والمساجد، واستبداله ببرامج تعليمية تدعو إلى التسامح والتعايش مع الكيان».

تشمل المزاعم نفسها، التي يروّجها مخطط ترامب- نتنياهو، ما يلي: «ستعمل قوات شرطة عربية في غزة لفرض القانون والنظام خلال الفترة الانتقالية، والتي حددتها الخطة بنحو عشر سنوات، يتم خلالها نزع الأسلحة بالكامل من الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك إغلاق طرق تهريب الأسلحة. كما تُمنح إسرائيل حرية التصرف لتنفيذ مداهمات أمنية محددة لفرض نزع السلاح، ومنع التهديدات، والتعامل مع البنية التحتية المناهضة للاحتلال. في الوقت نفسه، لن تقوم إسرائيل بضم أراضٍ في قطاع غزة أو الضفة الغربية من جانب واحد».

ويتضمن المخطط نفسه «الضغط على السلطة الفلسطينية حتى تتوقف عن دفع رواتب من يثبت قيامه بأفعال مناهضة لإسرائيل، والسجناء وعائلاتهم. وإلغاء التعامل النقدي في قطاع غزة - صفر نقد - وتطبيق آلية متطورة للرقابة النقدية». ورغم ذلك، فالمخطط يتضمن أيضًا «إنشاء قيادة فلسطينية جديدة تعترف بدولة إسرائيل وطنًا قوميًا لليهود، وتدعم الإجراءات التي تنص عليها الخطة، واعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على كل من غزة والضفة».

كما تروّج وسائل الإعلام الإسرائيلية للمخطط، وأنه سيتم بموجبه «حصار إيران ومنع امتلاكها سلاحًا نوويًا، وتسخير قوى إقليمية لتحقيق الاستقرار في سوريا، وتحويلها إلى منطقة عازلة ضد المحور الإيراني. وستواصل إسرائيل فرض نزع السلاح في مرتفعات الجولان - السورية المحتلة - مع تشكيل حكومة جديدة، ونشر قوات دولية كبيرة في المنطقة»، فيما ستواصل إسرائيل نشاطها العملياتي لمنع التسلّح الاستراتيجي في سوريا، والحد من تهريب الأسلحة إلى لبنان والأردن والضفة الغربية، مع الحفاظ على جاهزيتها التامة للرد على أي تطوّر، وتعزيز انتشار الجيش الإسرائيلي على طول الحدود.

فيما يتعلق بتركيا، فإن مخطط ترامب- نتنياهو يقول إنه، في ضوء «مركزيتها في تشكيل النظام الجديد في سوريا، ستُنشئ إسرائيل قناة اتصال مع تركيا لتعزيز المصالح المشتركة في الاستقرار الإقليمي»، مع «إخماد جبهة جنوب لبنان عبر القرار 1701، ولن تتسامح إسرائيل مع أي انتهاكات تتعرض لها مناطق الشمال المواجهة للجنوب اللبناني».

ووفقًا للمخطط، «ستعمل إسرائيل على إنشاء منطقة تجارية خاصة في الشرق الأوسط ومركز اقتصادي عالمي، وتوقيع اتفاقيات للتعاون الاقتصادي الإقليمي في مجالات البحث والتكنولوجيا والعلوم والبيئة والسياحة والتجارة والزراعة والمياه، بالإضافة إلى بناء مشاريع ضخمة للبنية التحتية والسكك الحديدية والطرق العابرة للحدود، تكون سوقًا لها».

ارتباط المخطط بمصالح سياسية (إنقاذ نتنياهو من المحاكمة ودعم التوسع الاستيطاني)، يثير الشكوك حول فشله المرتقب، كما أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تكشف عن فجوة واسعة بين الخطاب السياسي الأمريكي- الإسرائيلي والواقع الميداني، حيث يُقتل المدنيون أثناء سعيهم للحصول على المساعدات.

هكذا يتكشّف مخطط ترامب-نتنياهو، كمحاولة لتسويق مشروع سياسي مغلف بالسلام، بينما جوهره إعادة هندسة الإقليم على حساب الحقوق الفلسطينية. وبينما تُروّج إسرائيل لأوهام الاستقرار، تتزايد معاناة الغزيّين، ويُستدرج الرأي العام العربي لصيغة تطبيع جديدة، لا تنهي الاحتلال، بل تُجمّله وتُثبّته بغطاء دولي وعربي مشترك.

اقرأ أيضاًأحمد موسى ينفعل على الهواء ردا على مخطط ترامب: مصر لن تتنازل عن شبر واحد

أبرز ردود الفعل العربية والدولية الرافضة لمخطط ترامب

قدرة مصر على إفشال مخطط ترامب

مقالات مشابهة

  • ترامب يتعهد بموقف "حازم جدًا" مع نتنياهو بشأن حرب غزة قبل زيارته المرتقبة للبيت الأبيض
  • خبير: ترامب منح نتنياهو الغطاء الدبلوماسي لممارساته السياسية
  • ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء الحرب في غزة
  • مخطط «ترامب- نتنياهو!».. هل ينقذ «مجرم الحرب» ويسهّل السطو على لقب «رجل السلام»؟!
  • الولايات المتحدة توافق على صفقة عسكرية ضخمة لـ إسرائيل
  • نتنياهو يزور واشنطن خلال أيام وترامب يؤكد أن وقف إطلاق النار الأسبوع القادم
  • الولايات المتحدة بين النفوذ والقيود| هل تنجح في وقف حرب غزة؟.. خبير يجيب
  • هل تنجح الولايات المتحدة في إيقاف إسرائيل عن حرب غزة؟
  • أخبار العالم| ترامب يسعى إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن.. حماس تؤكد تعثر المفاوضات بسبب إصرار إسرائيل على مواصلة الحرب.. وإيران تستبعد استئناف المفاوضات مع أمريكا