القدر أو الصدفة يلعب دوراً رئيسياً فى حياة البعض، فقد يقود القدر بعضاً منا إلى أشياء جميلة، وقد يقودنا إلى مصير غامض لا نعرف كيف حدث ذلك دون أن يكون لنا أى ذنب، المسرح دائماً ما يجسد لنا هذا الابداع فى عروض تحكى يعض الواقع والخيال فى صورة سردية عظيمة.

مسرحية «النقطة العمياء»، أبدعت فى سرد قضية مهمة وهى تورط بعض الأشخاص الأبرياء فى جرائم لم يقوموا بها، حيث تدور أحداث المسرحية حول عطل يصيب سيارة آدم الذى يجسد دوره الفنان نور محمود، أثناء عاصفة شديدة، ما يضطره إلى اللجوء لأقرب بيت ليجد بداخله ثلاثة أساتذة فى القانون يلعبون لعبة غريبة تدعى «المحكمة» محاكمة أخلاقية للنفس البشرية، تجعل الإنسان يحاكم نفسه حين يواجه ضميره بالحقيقة والصدق، والغرض من اللعبة هو ممارسة مهنهم القديمة، بعيداً من روتين العدالة التقليدية، متحررين من كل القيود، بعد أن اكتشفوا أن هناك جرائم لا تستطيع تلك العدالة التقليدية إثباتها على مرتكبيها، وتكتمل عناصر اللعبة بحضوره، ليجد نفسه متورطاً فى قبضة المحكمة ويحاول إيجاد طريق للخروج من هذه اللعبة.

وهى ليست مجرد لعبة الهدف منها انتقاد القوانين الجامدة فحسب، بل إن الهدف الرئيسى من القصة هو كشف عن التدنى الأخلاقى، عندما يغيب الضمير، وتنعدم الرحمة والإنسانية، كأن يصبح كل شىء مبرراً، وكذلك إدانة العصر «القصة كتبت فى أوائل خمسينيات القرن المنقضى» الذى أصبح فيه التنافس شديداً وغير أخلاقى بين كبار التجار.

مسرحية «النقطة العمياء» مترجمة عن قصة «العطب» واحدة من أشهر القصص التى أبدعها الكاتب السويسرى فريدرش دورينمات (1921- 1990)، وعالجت مثل هذه القضية، والتى ترجمها إلى العربية سمير جريس، الذى لعب دوراً مهماً فى تقريب دورينمات إلى القارئ العربى بترجمته المتعددة لأعماله، وقدمت كمسرحية إذاعية فى مصر، كما قدمت فى حلقة تلفزيونية أعدها يسرى الجندى بعنوان «ليلة القتل الأبيض» وقدمتها كذلك بعض الفرق المسرحية الخاصة.

المخرج المصرى أحمد فؤاد قدم هذه المسرحية مع فرقة مسرح الغد (البيت الفنى للمسرح - وزارة الثقافة) بعنوان «النقطة العميا»، بطولة نور محمود فى أول عمل مسرحى، أحمد السلكاوى، أحمد عثمان، حسام فياض، هايدى بركات وعمر صلاح الدين.

مخرج المسرحية أحمد فؤاد قال إنها النقطة التى يمسح العقل عندها تلقائياً، أى خطأ يحاول الضمير تسجيله، النقطة التى يخفى عندها العقل عن الضمير كل أفعالنا مهما كانت شريرة، النقطة التى لو اكتشفت فستغير سير الأحداث 180 درجة».

وأضاف العرض فيه دلالات على كافة المستويات بداية من الأسماء وصولاً للملابس والديكور، فاسم بطل العمل «آدم» دلالة الإنسان و«الدكتور عادل» دلالة العدل و«الدكتور كمال» دلالة الشخص الذى يسعى للكمال و«حكيم» دلالة الحكمة ورمانة الميزان الذى حكم فى النهاية لكننا قدمنا هذه الدلالات دون تغريب للنص والعمل الفنى حتى لا يكون بعيداً عن الجمهور وفى الوقت ذاته لا يفقد العرض عالميته لأنه مرشح لتمثيل مصر فى مهرجانات عديدة حول العالم فمن الضرورى أن تكون مفرداته البصرية واللغوية قريبة من الجمهور غير المصرى ويستطيع فهمها ببساطة.

ويقول الفنان نور محمود إن مسرحية النقطة العمياء، تقول للناس إن هناك نقطة عمياء فى حياة كل شخص فينا، لا يريد النظر إليها سواء كان متعمداً أو غير متعمد ولا يريد إظهارها للآخرين، وتحكى المسرحية كيفية محاكمة ضمير الشخص على كل أخطائه، التى كان يفعلها على كونها شطارة وفهلوة وهى غير حقيقية. 

وأكد الصراع هو أن يحاكم الإنسان ذاته وهنا بطل المسرحية وجد نفسه على ما فعله فى حياته، حتى يعترف أنه قام بأفعال تحت مسمى الشطارة والفهلوة ولكن فى النهاية يوضع أمام نفسه ويعترف بأن ما كان يقوم به هو أفعال خاطئة.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النقطة العمياء الصدفة الخفاء حياة البعض مصير غامض الابداع النقطة العمیاء

إقرأ أيضاً:

مصر تصنع السلام

مرة بعد أخرى، وعلى مدار عقود، تثبت مصر للعالم، أنها الرقم الصعب والمؤثر، فى معادلة الشرق الأوسط، والتأكيد أن استقرار المنطقة لا يمكن تحقيقه بدون دورها المباشر والفاعل.
لقد نجحت مصر، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إنجاز اتفاق جديد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، دخل حيز التنفيذ مؤخرًا، بعد جهود دبلوماسية وأمنية قادتها الدولة المصرية بهدوء وحنكة، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة، الذى تحرك باحترافية عالية، حسمت كثيرًا من التعقيدات، كما أذابت جليد التوتر بين الطرفين فى ملفات شائكة.
لم يكن هذا التحرك المصرى مفاجئًا، خصوصًا أن مصر تحمل على عاتقها منذ عقود مسئولية دعم القضية الفلسطينية، حيث حرصت على دفع كافة الأطراف نحو حل يوقف نزيف الدم ويحفظ ما تبقى من الأمل فى مستقبل أكثر أمنًا.
تلك التحركات المصرية تمت عبر قنوات مفتوحة مع جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين، بعيدًا عن الاستعراض، و«الشو الإعلامى»، لكنها كانت فائقة الدلالة، من حيث التوقيت والدقة وتحقيق الهدف.
فى قلب تلك الأحداث، برزت شرم الشيخ (مدينة السلام)، كمساحة آمنة للحوار، حيث استضافت اللقاءات الحاسمة وسط إجراءات أمنية مشددة، عكست مدى جاهزية الدولة لحماية مسار التفاوض بكل ما أوتيت من إمكانات، ومعها شعر الجميع أنهم آمنون، حيث الأمان والسرية والاحترافية، وهذا ما ساعد على خلق مناخ تفاوضى حقيقى، يعلو فيه صوت العقل والحكمة.
الرئيس السيسى، بثقله السياسى وحضوره الإقليمى، أعاد التأكيد أن السلام ليس مجرد خيار، بل ضرورة لحماية أمن المنطقة بأكملها، وأن مصر لن تتردد فى استخدام ما لديها من تأثير وعلاقات للدفع باتجاه الحل العادل والدائم، ثم جاءت الإشادات الدولية الأخيرة لتعكس هذا الدور القيادى، تأكيدًا أن القاهرة لا تزال قادرة على جمع المتناقضات وصياغة توافقات وسط الدمار.
كما لا يمكن إغفال الدور الذى لعبه رجال المخابرات العامة المصرية، الذين خاضوا جولات طويلة من الحوار غير المعلن، بتكليف مباشر من القيادة السياسية، وبتنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية، فكانوا صقورًا فى الرؤية، وثابتين فى المواقف، وعاملًا حاسمًا فى صياغة الاتفاق النهائى.
تلك التطورات، تتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب إلى مصر، للمشاركة فى قمة السلام، إذ تعتبر إشارة جديدة لإدراك واشنطن بأن مفاتيح الحل الحقيقى تبدأ من القاهرة، لا من غيرها، حيث إنها بتاريخها وثقلها، تبقى حجر الأساس فى أى عملية سلام، والضامن الأهم لأى استقرار فى المنطقة.
وفى الختام، لا يمكن النظر إلى هذا الاتفاق إلا كخطوة أولى على طريق السلام الطويل، الذى تقوده مصر بثبات، بتاريخها السياسى العميق، وقدرتها على الجمع بين الواقعية والالتزام، إذ أثبتت أنها الأجدر بهذه المهمة، لأن السلام لا يُصنع بالشعارات، بل بالثقة، والهدوء، والعمل المتواصل، وهى عناصر أصبحت اليوم عنوانًا للدور المصرى المتجدد فى الشرق الأوسط.
[email protected]

مقالات مشابهة

  • عملية جراحية.. نجوى فؤاد تكشف مستجدات حالتها الصحية|خاص
  • التحفظ هو الرد!
  • موسم الرياض يطرح تذاكر المسرحية الكوميدية “النداء الأخير”
  • علامة تظهر على الأنف تكشف الحالة النفسية للشخص
  • برلمانية: فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي دلالة على قوتها
  • سوريا تكشف تفاصيل زيارة الشرع إلى روسيا.. غدًا
  • فرقة آدم المسرحية تقدم يوم عادي جدًا على مسرح الحياة.. الخميس القادم
  • جهد كبير
  • مصر تصنع السلام
  • محامى المتهم فى قضية قهوة أسوان يقدم فيديو جديد للواقعة إلى المحكمة