سقوط طائرة مسيرة في بعقوبة
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
بغداد اليوم -
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
عُمان والهند.. مسيرة تحالفات مستقبلية
صالح بن أحمد البادي
إننا أمام مرحلة تفاوض مهمة وأخيرة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند؛ فالاقتصاد الهندي ضخم ومتنوع، ويتجه نحو مراكز أكثر تقدمًا خلال العشرين سنة المقبلة؛ حيث يتميز بالجرأة والتوسع الجغرافي والتفاعل العالمي والتنوع الاستثماري.
أما الاقتصاد العُماني كناتج محلي فقد تجاوز قيمة الـ100 مليار دولار، وتشهد عُمان نقلة نهضوية متجددة ودخولًا أعمق لقطاعات الغاز والطاقة المتجددة وممرات وصناعات الهيدروجين، مستهدفة المركز السادس عالميًا في تصدير الهيدروجين خلال السنوات الخمس القادمة، مع تأمين تصديره عبر خطوط لوجستية عالمية. كما بدأت سياسات الجرأة الاستثمارية والانتشار الجغرافي، وتشكّلت قيمة الاستثمارات في المناطق الصناعية والخاصة والحرة، التي تصل تراكميًا إلى 52 مليار دولار.
تجاوزت الهند اليابان لتصبح رابع اقتصاد عالمي هذا العام، بحجم ناتج محلي قدره 4.2 تريليون دولار. تستهدف الهند، مع نموها السنوي الذي يزيد عن 6%، أن تصبح ثالث اقتصاد عالمي متجاوزة ألمانيا خلال العامين إلى الثلاثة القادمة، حيث تتقدم بخطوات سريعة وفاعلة مع نشر اقتصادها جغرافيًا داخل الهند وخارجها. وتطمح الهند إلى تجاوز حاجز الـ7 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وفق بعض التقارير.
ويشكّل مواطنو الهند خارج البلاد (NRI) شريحة واسعة من الملاك والموظفين والسياسيين ذوي الأصول الهندية، ويساهمون في تحويلات نقدية سنوية ضخمة للاقتصاد الهندي، فضلًا عن دورهم في نمو المعرفة والقدرات، حيث تعد الهند من الدول الرائدة في اقتصاد المعرفة وانتشاره. ويبلغ عدد المغتربين الهنود 16 مليون شخص، دون احتساب المتجنسين أو السياسيين من أصول هندية.
وتجاوز عدد سكان الهند الصين هذا العام، لتصبح الدولة الأكثر كثافة سكانية على الكوكب، مقتربة من مليار ونصف نسمة بحلول عام 2030. كما إن مجتمع رجال الأعمال الهنود يضم العديد من أصحاب المليارات، وتربطهم علاقات طيبة مع رجال الأعمال في المنطقة.
استراتيجيتنا مع الهند يجب أن تُفضي إلى توقيع اتفاق بنهاية هذه المفاوضات. غير أن الهند، تحت ضغط كبير، ستحاول منح مساحات أكبر لفرص العمل لجاليتها، وهو أمر طبيعي. أما عُمان، فهي تبحث عن مشاريع ذات فرص وظيفية أوسع، لا سيما مع اقتصادها الضخم وسوقها الاستهلاكي الكبير، حيث تُعد قضية التعمين أولوية على أجندات الإداريين.
تملك عُمان قيادة حكيمة مستقرة، ونظامًا سياسيًا واضحًا ممتدًا لأكثر من 250 سنة. كما تتمتع برؤية اقتصادية واضحة، هي رؤية "عُمان 2040"، إلى جانب قرار سياسي يدعم الاستثمار الضخم في كل اللقاءات والمشاركات العالمية.
وتمتلك عُمان توازنات إقليمية وعالمية فاعلة تتيح لها تصدير واستيراد المنتجات عالميًا، بفضل علاقاتها المتميزة، إضافةً إلى مصادر طاقة مهمة تشمل النفط والغاز والهيدروجين والطاقة الشمسية، مع مستهدفات صفر كربون بحلول 2050. موقعها الجغرافي يمنحها ميزة في إنتاج الطاقة المتجددة عالميًا، مدعومًا ببنية أساسية مكتملة قابلة للتوسع حسب الحاجة، ومساحات شاسعة تُحيط بها موانئ ومطارات تتيح حركة الصادرات والواردات بسهولة.
أما قضية التعمين، فهي مسألة أمن وطني، ومن الضروري أن تكون نسب التعمين واضحة؛ حيث إن المناطق الصناعية والحرة لديها تشريعات محددة في هذا الشأن، كما إن قانون العمل يوضّح الأمر بجلاء. ومن المقترح أن تبقى أي نسبة للنقاش غير نهائية، بحيث يُضاف بند يُسمح بالتفاوض على هذه النسبة كل 10 سنوات.
ولتحقيق التوازن بين المستثمرين من الطرفين، يمكن وضع سقف تغييري لا يزيد عن 25% من المتوسط الحالي للتوظيف، لضمان فرص تفاوض مستقبلية تتماشى مع حجم الباحثين عن عمل، مما يحقق استثمارًا مستدامًا.
لا بُد أن يُسوَّق التعمين كمصدر قوة وليس كُلفةً؛ حيث تحتاج الأسواق في المنطقة إلى لغة عربية وموظف محلي يُساهم في نشر المنتجات؛ مما يعزز التنافسية عالميًا، ضمن أطر كُلفة مُعتدلة تُساهم بالمقابل في تنافسية ممتازة وفاعلة إقليميًا وعالميًا. وتتمتع الكفاءات المحلية في عُمان بمهارات مميزة في الأداء، وقادرة على التفاعل محليًا وعالميًا.
في المقابل، يمكن تقديم حوافز استثمارية مثل تخفيض الضرائب أو الرسوم أو ضرائب الدخل، لإيجاد حلول عادلة ومُحفِّزة. لهذا، يجب أن يضع فريق التفاوض على عاتقه مسؤولية ضخمة في بناء رؤية مستقبلية أكثر أهمية، وفق معطيات دقيقة.
التفاوض ماضٍ في اتجاهات إيجابية، ومن الضروري أن تكون الاتفاقية تنافسية تحقق مستهدفات النمو والازدهار، مع الحفاظ على مصالح مشتركة عادلة، فالدولتان تربطهما علاقات ممتازة، وتعاونهما قادر على تحقيق أرقام أكبر، تفوق مليار ونصف المليار دولار، من خلال تعزيز الميزات التنافسية والاقتصاد القائم على الشراكة الإيجابية.
وأخيرًا.. إنَّ توقيع الاتفاق بين البلدين ضروري للغاية ومفيد لكلا الطرفين؛ إذ إن كل يوم تأخير يُفقِد المشاريع فرصًا استثمارية وتوظيفية وتمويلية، ويؤثر على الاقتصاد المتنوع. لذا، ينبغي النظر إلى ذلك بعين بصيرة، وقلب مبصر، وذكاء وقّاد، وعدالة تفاوضية، لتحقيق مصالح متبادلة تعزز التعاون التاريخي والحاضر والمستقبل بين البلدين.
رابط مختصر