سودانايل:
2025-05-16@06:11:57 GMT

السودان.. طريق واضح وخطاب تائه!

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

نجيب يماني

لم يدُرْ بخلدي على الإطلاق أن يرفض رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان الدعوة التي قدمتها له تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، بقيادة رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، إلى إيقاف الحرب وإحلال السلام، خلاصة لما خرجت به من اجتماعها الأخير مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك بالنظر إلى جملة من الوقائع والمعطيات الماثلة على أرض الواقع، والتي تحتّم خيار الذهاب إلى قبول الاتفاق وليس رفضه؛ والزيادة في النكير كذلك بالتشنيع على صانعيه، ورميهم بتهم «العمالة والخيانة والارتزاق»، على نحو ما جاء في خطاب «البرهان» أمام جنوده في بورتسودان والذي سعّر فيه الحرب، ونسف كل الفرص الممكنة للسلام! وكأنه هو المنتصر في هذه الحرب العبثية.



فأي متابع للشأن السوداني يدرك أن هذه الدعوة من «تقدم»؛ كانت بمثابة «طوق نجاة» للجيش السوداني، ليخرج من وحل خسارة معاركه في الميدان لصالح الدعم السريع، والأدهى من ذلك أن هذا الخسران تمثّل في شكل انسحابات محيرة، واستسلام دون مقاومة، بما في ذلك بعض المدن الكبيرة مثل مدينة «ود مدني» الأمر الذي رسم علامات التعجّب والحيرة لدى قطاع واسع من أبناء الشعب السوداني، وزعزع ثقتهم المطلقة في جيش بلادهم..

فعوضاً عن اغتنام هذه الفرصة والذهاب باتجاه «الهدنة» و«وقف العدائيات» التي أقرها اجتماع أديس أبابا، وبصم عليها «الدعم السريع»، اتخذ «البرهان» الرفض موقفاً، متماهياً في ذلك مع خطاب «التجييش» الشعبي الذي قادته ذات «الجماعة» التي شغّبت على اجتماعات جدة، وسوّفت مخرجاتها، واتخذتها فرصة لالتقاط الأنفاس، فتركت قائد الجيش يفاوض بلسان في الطاولة، ويناقضه في المخاطبات العسكرية، بما أظهره بمظهر الذي لا يملك من أمره الكثير، وأنه ثمة فجوة، إن لم تكن هوة؛ بينه وبين وزارة خارجيته التي يسيطر عليها «الإخوان»، ويديرون دفة القرارات السياسية فيها من خلف ستار، وهو وضع يجعل من أمر الاتفاق على قرار واحد ملزم، في أي اجتماع سابق أو لاحق، أمراً في غاية العسر، ودليل ذلك ما تم إقراره على الطاولة في جدة، وجرى نقضه من «الخارجية» بعد ذلك..

إن خطورة الوضع في السودان، والتي تنذر بكارثة ماحقة، تتجلى في الدعوة العمياء لتجييش الشعب السوداني، وهي دعوة تقودها «الجماعة» بمسميات جديدة، مستثمرة حالة الاحتقان الشعبي من تفلتات بعض عناصر الدعم السريع، من نهب وسرقة، واتهامات بالاغتصاب، مشكّلة من هذا الوضع الفوضوي خطاباً تعبويّاً عصابيّاً ديماجوجيّاً، مستنهضة به الهمم للذود عن العرض والمال.. وخطورة هذا التجييش تكمن أولاً في أنه ينطلق من المدنيين، ويتولاه العسكريون، بما يؤكد فرضية سيطرة «الإخوان» على قيادة الجيش السوداني، وتسخيره لصالح أجندتها.. والأمر الآخر أن هذا التجييش الشعبي يوسّع من دائرة الصراع وينقله إلى دوائر الحرب الأهلية بامتياز، بما يوفّر المناخ للقتال على الهوية الإثنية، في بلد تتعدد أعراقه وتختلف..

لقد كان الأولى بالجيش السوداني أن يوفّر هذا السلاح الذي سيوزعه على المواطنين، لقواته التي توارت عن الساحة، و«تبخرت» في ظروف غامضة، بكل تشكيلاتها النظامية، ووحداتها القتالية، فهم المدربون على القتال، والمسؤولون عن حفظ أمن الناس، وتراب الوطن، ولكن أن يتولى «الشعب» حماية «الجيش»، فهذه سابقة في التاريخ، وسَوقٌ لهذا الشعب المسكين نحو وضع كارثي، ودمار وموت وحرب أهلية لن تبقي ولن تذر..

أخشى القول إن الوقت قد شارف على النفاد، فخطاب البرهان الأخير وضع القضية السودانية على حافة الانهيار والتشظي، وأحرج كل الجهود الساعية نحو وضع حد لهذه الحرب «العبثية»، على حد وصف باعثيها وموقديها، فيكفي هذا الشعب المسالم الطيب ما أصابه من ويلات وخسارة، عرضت بعضها منظمة الهجرة الدولية، في بيانها الأخير بالإشارة إلى أن عدد النازحين واللاجئين في السودان جرّاء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، ارتفع إلى أكثر من 7.5 مليون شخص وأن 5 ملايين و942 ألفاً و580 شخصاً نزحوا داخلياً، وأن الصراع تسبب في تحركات عبر الحدود لمليون و550 ألفاً و344 شخصاً إلى الدول المجاورة على رأسها مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي وجنوب السودان وإثيوبيا، كما أشارت المنظمة إلى استمرار الصعوبات في توزيع المساعدات الإنسانية بالسودان بسبب استمرار انعدام الأمن وعدم استقرار شبكات الاتصال، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية.. فكل هذا وغيره ألم يكن حريّاً به أن يلجم صوت الناعقين باستمرار الحرب، والموقدين لأوارها، وأن يوقظ «البرهان» من حالة التوهان بين قيادة الجيش، والانتباه لأجندة «الإخوان» المفخخة؟!

وفي النهاية الحوار وحده القادر على إنهاء هذه الحرب وإعادة السودان وأهله إلى الأمن والاستقرار.
نشر في عكاظ السعوديه
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2153184  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

???? الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات

والعاقبة عندكم في المسيرات
في اغنية للفنان صلاح مصطفي ما يحكي حالنا اليوم إذ جاء (كنا في غمرة هنانا وفي دروب الريد مشينا /فجأة اتبدل مصيرنا وجارت الايام علينا) كل الذين رحلوا عن الدنيا في السودان قبل ١٥ /بريل ٢٠٢٣ لو قدر لأحدهم أن ينهض من قبره ورأى ما نحن فيه اليوم فلن يصدق ما يراه.. فقد كنا مثل بقية خلق الله نعيش حياتنا بالطول والعرض وننسرب منها بكل هدؤ واحدا تلو الآخر ليحل محلنا من يأتي بعدنا… نعم كنا نشاهد الكوارث والموت بالجملة في بعض أنحاء العالم لابل وفي بعض أطرافنا ولكن في معظمنا ما كنا نوقن أن هنا موتا مجانيا غير موت الله والرسول العادي نعم كنا نعلم أن هناك (ميتة وخراب ديار) ولكن ما كنا نظن انها ستقع علينا وما كنا نظن أن هناك نهبا وسلبا وسحلا واغتصابا قبل خروج الروح.. ما كنا نظن أن من سلم من تلك النسخة من الموت المجاني سوف تأتي المسيرات وتنقض على مصادر الحياة لنموت موتا بطيئا… في ظني أن الذين حكموا على السودان بالإعدام قد ندموا على نسختهم الأولى لأنها أكثر كلفة فنسخة المسيرات أقل تكلفة أكثر تسلية

إذن الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات ولن تحتاج أن تبدأ بالتحشيد والسلب والنهب والاغتصاب.. تطلق المسيرة وانت جالس في مكتب مكيف وأمامك كاسك وربما إلى جانبك صديقتك فما أجملها من حرب.. فأنتم في كل المنطقة وفي كل الإقليم يامن تعيشون الان في غمرة هناكم وتمشون في دروب الريد كما نحن قبل ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ولا تدرون كما كنا (بما كان الزمن ضامر)

لن تضعوا مضادات أرضية امام العمارات السوامق ولا مضادات أمام مصادر الطاقة سوف تنهال عليكم المسيرات من جهات ليس في حسبانكم الان… فاي جهة مهما كانت حقيرة لها نوايا شريرة وحقد أعمى وتمتلك مالا في أي صقع من أصقاع الدنيا يمكن أن تمتلك مسيرات لأن التقانة اليوم على قفا من يشيل.. لقد انتهى احتكار التقانة تماما . بعبارة أوضح امتلاك المسيرات لايحتاج إلى دول ولا يحتاج إلى مؤسسات.. والطرف الثالث في أي حرب دوما موجود وقد لايحتاج إطلاق المسيرات إلى حرب…. يقول علم النقائض كل شي في الدنيا يحمل بذور فنائه في داخله فلا توجد قوة مطلقة

لا يوجد إنسان سوي في الدنيا يعجبه الخراب فالعمران والحياة الرغدة والرفاهية تتمناها لنفسك ولغيرك ولكن يا أهل الإقليم كل الإقليم لا بل العالم وكل مدن الدنيا التي (تنوم وتصحى على مخدات الطرب) ما حدث للسودان قد مهد الطريق لحزب الخراب لكي يستفحل ويبطش بالجميع ويا عقلاء الإقليم كل الإقليم إذا لم تتحركوا الان نعم الان فقط سوف تقولون أكلنا يوم اكل الثور الكحيان.. الله يشهد اننا لانحسدكم ولن نتمنى زوال نعمتكم ونعلم انكم لن تسمعوا صوتنا الخافت ولكنها كلمة حاكت في صدرنا فاخرجناها…

كسرة؛…
اغنية صلاح مصطفى المشار إليها في بداية المقال يقول مطلعها (مرة صابر فوق ازايا مرة شائل جرحي وابكي /يا حبيبي الدنيا حالها يوم تفرح ويوم تبكي ..) ولولا اني قادي تقانة لا انزلتها هنا فاسمعوها بصوت صلاح نفسه وليس بصوت نادر خضر فنادر صاحب صوت نادر وقد أجاد أداء كل أغنيات صلاح مصطفى الا هذة

عبد اللطيف البوني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل هي “حمى الذهب والمعادن الثمينة” التي تحرك النزاع في السودان.. أم محاربة التطرف الإسلامي؟
  • هذه الفوضى ستنتهي بعد هذه الحرب.. الجيش سينتشر على امتداد خريطة السودان
  • الحرب سوف تقضي على أكبر آلة كذب ونفاق يشهدها تاريخ السودان الحديث
  • هذه الحرب مختلفة عن كل الحروبات التي عرفها السودان والسودانيون
  • الجيش السوداني يقتحم آخر معاقل الدعم السريع في أم درمان
  • عودة أكثر من 200 ألف سوداني من مصر طوعياً
  • ما بين البرهان وطارق بن زياد
  • شاهد.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضحكات الجمهور بعد مطالبتها البرهان بــ(ختان) النساء المتخصصات في الإساءة على السوشيال ميديا وتهاجم المليشيا: (انعل أبو الدعم السريع وأبو حميدتي وأبو الحرب)
  • القاهرة الإخبارية: السودان.. عامان من الصراع دون أفق واضح للحل
  • ???? الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات