سودانايل:
2025-10-20@04:06:27 GMT

السودان.. طريق واضح وخطاب تائه!

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

نجيب يماني

لم يدُرْ بخلدي على الإطلاق أن يرفض رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان الدعوة التي قدمتها له تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، بقيادة رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، إلى إيقاف الحرب وإحلال السلام، خلاصة لما خرجت به من اجتماعها الأخير مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك بالنظر إلى جملة من الوقائع والمعطيات الماثلة على أرض الواقع، والتي تحتّم خيار الذهاب إلى قبول الاتفاق وليس رفضه؛ والزيادة في النكير كذلك بالتشنيع على صانعيه، ورميهم بتهم «العمالة والخيانة والارتزاق»، على نحو ما جاء في خطاب «البرهان» أمام جنوده في بورتسودان والذي سعّر فيه الحرب، ونسف كل الفرص الممكنة للسلام! وكأنه هو المنتصر في هذه الحرب العبثية.



فأي متابع للشأن السوداني يدرك أن هذه الدعوة من «تقدم»؛ كانت بمثابة «طوق نجاة» للجيش السوداني، ليخرج من وحل خسارة معاركه في الميدان لصالح الدعم السريع، والأدهى من ذلك أن هذا الخسران تمثّل في شكل انسحابات محيرة، واستسلام دون مقاومة، بما في ذلك بعض المدن الكبيرة مثل مدينة «ود مدني» الأمر الذي رسم علامات التعجّب والحيرة لدى قطاع واسع من أبناء الشعب السوداني، وزعزع ثقتهم المطلقة في جيش بلادهم..

فعوضاً عن اغتنام هذه الفرصة والذهاب باتجاه «الهدنة» و«وقف العدائيات» التي أقرها اجتماع أديس أبابا، وبصم عليها «الدعم السريع»، اتخذ «البرهان» الرفض موقفاً، متماهياً في ذلك مع خطاب «التجييش» الشعبي الذي قادته ذات «الجماعة» التي شغّبت على اجتماعات جدة، وسوّفت مخرجاتها، واتخذتها فرصة لالتقاط الأنفاس، فتركت قائد الجيش يفاوض بلسان في الطاولة، ويناقضه في المخاطبات العسكرية، بما أظهره بمظهر الذي لا يملك من أمره الكثير، وأنه ثمة فجوة، إن لم تكن هوة؛ بينه وبين وزارة خارجيته التي يسيطر عليها «الإخوان»، ويديرون دفة القرارات السياسية فيها من خلف ستار، وهو وضع يجعل من أمر الاتفاق على قرار واحد ملزم، في أي اجتماع سابق أو لاحق، أمراً في غاية العسر، ودليل ذلك ما تم إقراره على الطاولة في جدة، وجرى نقضه من «الخارجية» بعد ذلك..

إن خطورة الوضع في السودان، والتي تنذر بكارثة ماحقة، تتجلى في الدعوة العمياء لتجييش الشعب السوداني، وهي دعوة تقودها «الجماعة» بمسميات جديدة، مستثمرة حالة الاحتقان الشعبي من تفلتات بعض عناصر الدعم السريع، من نهب وسرقة، واتهامات بالاغتصاب، مشكّلة من هذا الوضع الفوضوي خطاباً تعبويّاً عصابيّاً ديماجوجيّاً، مستنهضة به الهمم للذود عن العرض والمال.. وخطورة هذا التجييش تكمن أولاً في أنه ينطلق من المدنيين، ويتولاه العسكريون، بما يؤكد فرضية سيطرة «الإخوان» على قيادة الجيش السوداني، وتسخيره لصالح أجندتها.. والأمر الآخر أن هذا التجييش الشعبي يوسّع من دائرة الصراع وينقله إلى دوائر الحرب الأهلية بامتياز، بما يوفّر المناخ للقتال على الهوية الإثنية، في بلد تتعدد أعراقه وتختلف..

لقد كان الأولى بالجيش السوداني أن يوفّر هذا السلاح الذي سيوزعه على المواطنين، لقواته التي توارت عن الساحة، و«تبخرت» في ظروف غامضة، بكل تشكيلاتها النظامية، ووحداتها القتالية، فهم المدربون على القتال، والمسؤولون عن حفظ أمن الناس، وتراب الوطن، ولكن أن يتولى «الشعب» حماية «الجيش»، فهذه سابقة في التاريخ، وسَوقٌ لهذا الشعب المسكين نحو وضع كارثي، ودمار وموت وحرب أهلية لن تبقي ولن تذر..

أخشى القول إن الوقت قد شارف على النفاد، فخطاب البرهان الأخير وضع القضية السودانية على حافة الانهيار والتشظي، وأحرج كل الجهود الساعية نحو وضع حد لهذه الحرب «العبثية»، على حد وصف باعثيها وموقديها، فيكفي هذا الشعب المسالم الطيب ما أصابه من ويلات وخسارة، عرضت بعضها منظمة الهجرة الدولية، في بيانها الأخير بالإشارة إلى أن عدد النازحين واللاجئين في السودان جرّاء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، ارتفع إلى أكثر من 7.5 مليون شخص وأن 5 ملايين و942 ألفاً و580 شخصاً نزحوا داخلياً، وأن الصراع تسبب في تحركات عبر الحدود لمليون و550 ألفاً و344 شخصاً إلى الدول المجاورة على رأسها مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي وجنوب السودان وإثيوبيا، كما أشارت المنظمة إلى استمرار الصعوبات في توزيع المساعدات الإنسانية بالسودان بسبب استمرار انعدام الأمن وعدم استقرار شبكات الاتصال، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية.. فكل هذا وغيره ألم يكن حريّاً به أن يلجم صوت الناعقين باستمرار الحرب، والموقدين لأوارها، وأن يوقظ «البرهان» من حالة التوهان بين قيادة الجيش، والانتباه لأجندة «الإخوان» المفخخة؟!

وفي النهاية الحوار وحده القادر على إنهاء هذه الحرب وإعادة السودان وأهله إلى الأمن والاستقرار.
نشر في عكاظ السعوديه
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2153184  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الحرب على مصر

ظن الاعداء انهم أكملوا حصارهم على مصر ورغم الفرحة الكبرى في غزة ونجاح مصر في شرم الشيخ، فإن جميع التوقعات تشير الى ان الأعداء يتربصون بنا.

و الاستعمار الأمريكي الإسرائيلي نجح في تشكيل جيوش من العملاء تحارب معه وتتلقى كل الدعم العسكري والاستخباري والإعلامي وهناك من ينتصر للخونة ويحاول إقناعنا بأن لا خيار لنا إلا أن يحكمنا هولاء ويتحرك العملاء غربا في ليبيا وشرقا في فلسطين وجنوبا في السودان وان كنا لا ننسى الحقد الاثيوبي الاسود الذي يتربص بمقدرات الشعب المصري.

فى البداية ظهر المخطط بشكله العلني في السودان في أبريل 2019 عندما جاءوا لنا بعبد الله حمدوك رئيسا للوزراء فأصدر الرجل قرارات جميعها تصب في صالح الغرب واحتلال السودان وتقسيمه والقضاء على الدور المصري.

واول هذه القرارات كان الاعتراف بأن السودان قد شارك في جريمتي الاعتداء على سفارتي امريكا في تنزانيا وكينيا في أغسطس 1998 وتم دفع 300 مليون دولار من خزانة السودان الخاوية كتعويضات لاسر الضحايا على الرغم من حصول نظام البشير قبله على احكام امريكية تبرئ الخرطوم من المشاركة.

وكان القرار الثاني مطالبة الأمم المتحدة بتشكيل بعثة دولية بحجة مراقبة تطبيق الديمقراطية والسلام في السودان وجاءت البعثة كوصاية دولية استخبارية تفتش في كل شبر من أرض السودان وتحاكم نوايا وخواطر العقول السودانية.

و القرار الثالث

بتشكيل لجنه ازالة التمكين وتحركت اللجنة لتقطع رؤوس قيادات البلد وتصادر أموالهم وبيوتهم وتعتقل كل ذويهم و حتى جيرانهم وكان هذا تأسيسا لحرب أهليه حدثت فيما بعد.

ثم جاء القرار الرابع الذي كان باتفاق حمدوك مع الحكومة البريطانية على صرف راتبه ورواتب مستشاريه والوزراء ومديري مكاتب الوزارات وكل طاقمه الفني ومعاونيه من الحكومة البريطانية مباشرة.

أما القرار الخامس

فيه اسند الرجل ملفى الاقتصاد والسلام لحميدتى للسيطرة الكاملة على ثروات السودان ونهبها استعدادا لتصفية الجيش والاستخبارات كما حدث فيما بعد.

كان حمدوك وصحبه هم الذين تفتح لهم عواصم الغرب ومقار الاستخبارات وهي تغلق الآن امام قادة الدولة السودانية لانهم عزلوا حمدوك و يحاربون حميدتي ذراعه العسكري الذي اسس جيشا للخيانة يتلقى أحدث أنواع الاسلحة في العالم لتدمير الشعب السوداني من ناحيه وتحويل السودان الى قاعدة دولية استخبارية معادية لمصر من ناحية أخرى.

في غزة شكلوا سبعة فصائل من العملاء تريد لهم امريكا واسرائيل ان يقضوا على شعب غزة من ناحية ويتحولوا الى مجموعة قنابل مؤقتة على الحدود المصرية يمكن من خلالها تفجير حرب عالمية ضد مصر في أي وقت.

اما في ليبيا فقد زرعوا لنا تيارا يعتقد ان الشعب الليبي غير قادر على إدارة ثرواته والافضل ان تاتي الدول الأوروبية لتدير هذه الثروات حتى يعيش الشعب الليبي في جنة أوروبا ونعيمها.

إذا يظن الاستعمار الجديد أنه يخدعنا بل يبالغ في غبائه ويطالبنا أن نساند جيوش أعدائنا ولكن يقظة الامة المصرية وعظمتها تستحضر كل دروس الدنيا في مواجهة الخونة وأنصارهم حتى ولو توسعت دائرة الانصار لتشمل أقارب وجيران ليس لديهم هذا العمق التاريخي.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يتصدى لمسيرات الدعم السريع بكادوقلي
  • الحرب على مصر
  • ضغوط إماراتية على القاهرة للتخلي عن دعم الجيش السوداني.. ومصر تحدد موقفها من كل طرف
  • البرهان: مستعدون للتفاوض بما يصلح السودان ويبعد أي تمرد
  • فيديو منسوب للبرهان بشأن مفاوضات تسوية النزاع بالسودان.. هذه حقيقته
  • رئيس مجلس السيادة السوداني: القوات المسلحة لا تستهدف قبائل أو مناطق معينة
  • الجيش السوداني يعلن التصدي لهجوم شنّته "الدعم السريع" على الفاشر
  • الجيش السوداني يتصدى لهجوم واسع للدعم السريع على الفاشر وسط تحذيرات من كارثة إنسانية
  • حلفاء الجيش السوداني يصدّون هجوما بريا واسعا للدعم السريع في الفاشر
  • البرهان على خط النار ويلوح بكرت موسكو.. الجيش يصارع والرباعية تسعى لإبقاء “الدعم السريع” وواشنطن تحاول تجميد الحرب