ما حقيقة الغضب الأميركي من نتنياهو وتغيير الحكومة في إسرائيل؟ محللون يجيبون
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
تعددت التقارير التي تتحدث عن خلافات بين الإدارة الأميركية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ما يتعلق بالحرب على قطاع غزة، وما كان همسا خلف الأبواب المغلقة تتناقله الآن وسائل الإعلام المختلفة بوصفه تحضيرا للحكومة الإسرائيلية المقبلة.
وقالت صحف أميركية إن إدارة بايدن "تتطلع إلى ما بعد نتنياهو لتحقيق أهدافها في المنطقة"، وأن الإدارة الأميركية تحاول وضع الأساس مع قادة إسرائيليين آخرين تحضيرا لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو.
كما كشف موقع "والا" الإسرائيلي عن أن وزير الدفاع يوآف غالانت حاول اقتحام مكتب رئيس الوزراء، وكادت الأوضاع تتدهور نحو شجار بالأيدي.
الجزيرة نت استعرضت هذه القضية مع عدد من الخبراء والمحللين السياسيين، من أجل الوقوف على حقيقة الموقف الأميركي من رئيس الوزراء الإسرائيلي، خاصة أن واشنطن ما زالت متمترسة خلف إسرائيل بكل أشكال الإمداد في عدوانها على قطاع غزة.
الموقف الأميركي
فقد قال الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن حسن منيمنة إن "الموقف الأميركي لا يزال متماهيا بالكامل مع الرغبة الإسرائيلية في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهذا موقف ثابت"، والأمر يبدو مسألة اختلافات حول الأسلوب، وليس حول الهدف.
وتساءل منيمنة: لماذا أتاحت الإدارة الأميركية المجال أمام إسرائيل لقتل أكثر من 25 ألف فلسطيني؟ ويجيب بأنها مسلِّحة وممولة لآلة القتل الإسرائيلية في غزة، ولا بد أن نوازن بين التسريبات الصحفية والسجل الواضح على مدى الأشهر الماضية للحكومة الأميركية في مواقفها المعلنة، والأهم سلوكها لدعم الهدف الإسرائيلي بالسعي إلى القضاء على حماس، أو كما يقول نتنياهو "قتل حماس".
أما الباحث بأكاديمية روبرت بوش الألمانية محمد دراوشة فقال إن الخلاف بين الإدارتين بدأ منذ زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل في الأسبوع الثاني من الحرب، وكان هذا الخلاف حول محورين: أولهما اليوم التالي لما بعد الحرب، والآخَر يتعلق بالقضية الفلسطينية عامة، وموضوع حل الدولتين.
ومع ذلك استمرت إدارة بايدن في تسليح الجيش الإسرائيلي وفتح المجال أمامه لكل أشكال العدوان على غزة، مع محاولة ترطيب الأجواء داخل الحكومة الإسرائيلية، وإدخال بعض التحسينات على الائتلاف الحاكم، ومع ذلك كان من الواضح أن المواجهة بين الإدارتين قادمة لا محالة.
وأضاف دراوشة أن بايدن يدفع الآن ثمنا غاليا نتيجة احتضانه الموقف الإسرائيلي، وذلك نتيجة شعبيته المتهاوية قبيل الانتخابات الوشيكة، كما أن صورة إسرائيل نفسها بدأت تنخفض بشكل كبير في الشارع الأميركي.
وغير بعيد عن ذلك، أقرّ الإعلامي والمحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شطيرن بوجود خلافات بين نتنياهو والإدارة الأميركية، وقال إن هناك توقعات بأن يتم إيجاد بديل لرئيس الوزراء الإسرائيلي قريبا.
وأضاف أن الولايات المتحدة تستعد الآن لليوم التالي بعد نتنياهو، وربما إيجاد واقع مختلف تماما عما يفعله نتنياهو تحت تأثير من حلفائه في الائتلاف الحاكم من اليمينيين الاستيطانيين، الذين لا يملك نتنياهو بديلا عنهم.
مستقبل نتنياهو
وحمّل شطيرن المسؤولية كاملة لنتنياهو، فقال إن رئاسته الحكومة لا تحظى بالثقة من كل الجمهور الإسرائيلي، ولكل واحد سبب مختلف؛ فهناك من يقول إنه أخفق في القضاء على حماس، وهناك من يقول إنه أخفق في الإفراج عن "المخطوفين"، وهناك من يقول إنه من البداية لا ثقة في شخصيته؛ ولهذا الأسباب مجتمعة "فإن نتنياهو وصل إلى نهاية الطريق السياسي، وأيامه شبه معدودة".
وبمزيد من التفصيل، يقول محمد دراوشة إن نتنياهو لا يوجد له مستقبل سياسي في اليوم التالي للحرب على غزة؛ لذلك هو يحاول إطالة أمد الحرب أكثر وأكثر، وهو على استعداد لفتح جبهة إضافية مع لبنان، أو مع أي دولة أخرى إذا أتيحت له الفرصة.
وأشار دراوشة إلى أن نتنياهو يعتقد أنه قد تكون هناك انتخابات مبكرة في إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول القادم، ويريد أن يموضع نفسه بوصفه مانع إقامة الدولة الفلسطينية، وذلك في وجه شخصيات من اليسار تعمل مع الإدارة الأميركية لإقامة دولة فلسطينية، ومن ثم فهو سيحاول منع ذلك؛ والهدف عنده هو استقطاب القاعدة الأساسية من اليمين الإسرائيلي.
لكن حسن منيمنة يخالف الطرحين السابقين، ويرى أن الحديث الإعلامي عن خلاف بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، يمثل أفضل خدمة يمكن تقديمها لنتنياهو في هذا التوقيت؛ لأنه سيقول نحن نرفض الإملاءات الأميركية، ونرفض أن تختار الولايات المتحدة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وشدد منيمنة على أن الموقف الأميركي ثابت تجاه إسرائيل، ويتعامل مع الحكومة التي ينتخبها الناخب الإسرائيلي، "صحيح أن بايدن كان يفضّل ألا يكون نتنياهو على رأس الحكومة حاليا، لكنه لم يقُل يوما إننا ندعو إلى إسقاطه"؛ لأن هذا يعدّ تدخلا في شؤون دولة "حليفة وصديقة". ومن ثم فإن "هذا يعدّ مبالغة لا تستطيع الولايات المتحدة الإقدام عليها، أو تسريبها عبر وسائل الإعلام".
الحرب على غزة
ويعدّد الباحث في أكاديمية روبرت بوش الألمانية آثار الحرب على غزة في نقاط عدة؛ وأهمها:
أولا- حكومة نتنياهو هي التي ستحاسب على إخفاقها في إنجاز ما وعدت به للشارع الإسرائيلي، من القضاء على حماس، وإعادة الأسرى الموجودين في قطاع غزة.لكن الباحث دراوشة نفسه شدد على أنه "مع الأسف" لن تُحاسب هذه الحكومة على الجرائم التي ارتكبتها في حق أهالينا في قطاع غزة.
ثانيا- حكومة نتنياهو اعتقدت أنه يمكنها التغاضي عن القضية الفلسطينية والالتفاف حولها، والذهاب إلى اتفاقيات سلام إقليمية مع البحرين والمغرب والإمارات، وأن القضية الفلسطينية ستذوب ضمن خطوات التطبيع التي أوقفتها عملية طوفان الأقصى. ثالثا- حكومة نتنياهو اعتقدت أن ما يسمى السلام الاقتصادي وتحسين حياة الفلسطينيين في الضفة، وتحويل أموال لحركة حماس قد يُنسي الفلسطينيين قضيتهم القومية ومطلبهم العادل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأشار الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بواشنطن إلى أن نتنياهو منذ أيام قال إنه تمكن من منع إقامة الدولة الفلسطينية، ولا نتوقع منه اليوم أن يقر بالدولة الفلسطينية، والموقف الأميركي المتعلق بمطالبة إسرائيل بالإقرار بإقامة الدولة الفلسطينية على المدى البعيد، هو مطلب شكلي وليس مطلبا صادقا.
أما المحلل السياسي الإسرائيلي فيرى أنه بعد أكثر من 100 يوم من المعركة العسكرية، لم تستطع إسرائيل القضاء الكامل على حركة حماس، وكان هذا هدفها الأول. كما لم تستطع إخراج المحتجزين لدى حماس، وكان هذا الهدف الثاني من قيام الحرب.
لكنه يعود إلى أن نتنياهو استطاع أن يسجل بعض الإنجازات في حربه على غزة؛ مثل: "توجيه ضربة قاسية لمقاتلي حركة حماس والبنى التحتية والمقار والأنفاق التابعة لها"، وكذلك إيقاف الإجراءات السياسية للحركة التي تسيطر على قطاع غزة، وجعلها لا تقدم خلال الـ 100 يوم الأخيرة أي خدمات للشعب الفلسطيني.
وفي مقابل هذا الطرح، يقول حسن منيمنة إن نتنياهو في نهاية المطاف سيُحاسب ويعُاقب، ولكن من الداخل الإسرائيلي، وليس من خلال الضغط الذي قد تمارسه الولايات المتحدة؛ لأنها لا تستطيع الدفاع عن تخلّيها عن موقفها الثابت تجاه إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الوزراء الإسرائیلی الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة الموقف الأمیرکی القضاء على قطاع غزة على غزة
إقرأ أيضاً:
محللون: فيديو القسام يمس “الكرامة الإسرائيلية” ورسالة تفاوض بالنار
#سواليف
بات قطاع #غزة على صفيح ساخن بعدما رفعت #المقاومة من وتيرة عملياتها ضد #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتواصل فيه #مفاوضات #الدوحة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل #الأسرى.
وبثت #كتائب_القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشاهد توثق محاولة أسر جندي إسرائيلي قبل قتله والاستحواذ على سلاحه في #كمين_مركب شرقي #خان_يونس (جنوبي قطاع غزة).
ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية فيديو القسام بأنه مرعب وصعب وغير مناسب لذوي القلوب الضعيفة، كما أنه يكذب رواية الإعلام الإسرائيلي، إذ لم يقاتل الجندي بشراسة بل فر من أرض المعركة، في حين اختار مقاتلو حماس ترك جثته وأخذ سلاحه فقط.
مقالات ذات صلة ناجحون في الامتحانات التنافسية / أسماء 2025/07/11ويمس هذا الفيديو “الكرامة الوطنية الإسرائيلية” في ظل الأسطورة التي بناها جيش الاحتلال بشأن جنوده، مما يكسر الثقة بينه وبين المجتمع الإسرائيلي، وفق حديث الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى لبرنامج “مسار الأحداث”.
ويؤكد فيديو القسام أن ثمة حربا صعبة تدور في غزة رغم استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار، حسب المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مايكل فايفل.
ومن هذا المنطلق، تبرز مخاوف في إسرائيل بعد هدنة الـ60 يوما المفترضة من أن تعيد حماس ترميم قواتها وتستعيد قدراتها العسكرية، مما قد يعرقل سير مفاوضات وقف الحرب.
أما عسكريا، لم تنجح الإستراتيجية التي أتى بها رئيس الأركان الجديد إيال زامير، إذ زادت عمليات المقاومة بوتيرة دموية أعلى وخسائر بشرية أكثر.
ويعني هذا أن جيش الاحتلال لم يأخذ إرادة القتال في عين الاعتبار، وفق الخبير العسكري إلياس حنا، بعدما استطاعت المقاومة التأقلم وإنتاج قيادات جديدة ذات خبرة.
رسالة تفاوض بالنار
وكذلك، يأتي تصاعد عمليات المقاومة في سياق حرب استنزاف، إذ زادت وتيرتها بعد وقف حرب إيران، في رسالة مفادها بأن غزة ستبقى عقدة وثقبا ينزف بذاكرة المجتمع الإسرائيلي، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة.
وتمثل هذه العمليات أيضا رسالة تفاوض بالنار، ومستوى عاليا من الضغط العسكري ينعكس على طاولة المفاوضات، وكذلك على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.
وبناء على هذا الوضع، لا يوجد خيار أمام إسرائيل سوى إيقاف عدوانها والانسحاب بعد فشل المقاربة العسكرية، في حين هناك خبث وسوء نية واضح لدى نتنياهو المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب في غزة.
ويشير الحيلة إلى أحدث تصريحات نتنياهو التي حذر فيها من العودة للقتال “إذا لم يتم نزع سلاح حماس وتفكيك الحركة خلال فترة 60 يوما”.
بقاء أم انسحاب؟
وأعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن ما تقوم به المقاومة له أبعاد مختلفة في مرحلة ما بعد نهاية الحرب تتعلق بمصير المقاومة وسلاحها والقيادات السياسية والعسكرية.
ويؤكد حنا أن رفض المقاومة قبول خرائط جديدة للانسحاب الإسرائيلي يشير إلى أن المرحلة المقبلة سيكون فيها القتال دمويا والثمن مرتفعا.
ويعني بقاء جيش الاحتلال في محور موراغ جنوبا أنه “قادر على البدء من حيث انتهى بعد هدنة الـ60 يوما”، في حين تريد المقاومة انسحابه للعمل على مساحة أكبر وتكبيد إسرائيل أثمانا كبرى، فضلا عن إمكانية الحصول على استعلام تكتيكي تحضيرا للفترة المقبلة.
أما سياسيا، لا يريد نتنياهو التعهد بالانسحاب من قطاع غزة وليس وقف الحرب، إذ يعتقد بأن هذه ورقة ضغط قوية على حماس، وفق مصطفى، كما أن عدم الانسحاب يمكن إسرائيل من الاحتفاظ بمنطقة تبني فيها ما تسمى بـ”مدينة إنسانية”، مما يبقي فكرة التهجير قائمة.
في المقابل، لا يريد جيش الاحتلال هذه المنطقة لكونها مكلفة ماديا، كما أنه لا يستطيع تنفيذها، وتحوله عمليا إلى شرطة مدنية في غزة، وتؤكد غياب أي أفق سياسي وإستراتيجي للحكومة الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن كلفة إنشاء “المدينة الإنسانية” بغزة تقدر بـ20 مليار شيكل (6 مليارات دولار)، مما يعادل نصف ميزانية وزارة الدفاع.
وبين هذا وذاك، يحاول زامير رسم صورة نصر رقمية، مع رسالة مبطنة مفادها بأنها لا يمكن تحقيق أهداف إسرائيل بتدمير حماس ونزع سلاحها، مع ضرورة الذهاب للحل السياسي كأفضل خيار لكي يرتاح الجيش ويعيد بناء نفسه وذخيرته، حسب حنا.