اللواء الدويري: غزة تشهد جوهر حرب المدن والأنفاق هي عنوان المعركة
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا لحرب المدن، لأنه لم يخضها من قبل إلا في لبنان عامي 1982، و2006 ولم تكن حرب مدن بالمعنى الحقيقي، مؤكدا أن ما يجري في قطاع غزة حاليا يمثل الجوهر الحقيقي لهذا النوع من الحروب.
ولفت الدويري إلى أن الولايات المتحدة حاولت إثناء الإسرائيليين عن دخول غزة لكنهم رفضوا ذلك، لأن هدفهم الأساسي هو تهجير السكان تنفيذا لحلم قديم.
وقال إن الأنفاق هي عنوان هذه المعركة، مشيرا إلى أن "كافة جيوش العالم لم تفلح في مواجهة الأنفاق"، مضيفا "يبدو لي أنها شبكات وليست شبكة واحدة، وهي مصممة بتفكير مختلف".
واستدل الخبير العسكري على فرضيته هذه بأن كل ما يكتشفه الإسرائيليون من أنفاق لا يصل إلى الشبكة الرئيسية، ولا يقدم خدمة عملياتية للجيش، ما يعني أن هناك أنفاقا أعدت لمهمات محددة، برأيه.
خلل رئيسي
ولفت الدويري إلى أن الخلل الرئيسي في مقاربة إسرائيل العسكرية تتمثل في حشد قوات مدرعة كبيرة لكنها ليست مؤهلة لحرب المدن؛ لأن القوات الوحيدة المجهزة لهذه الحروب هي المشاة مسندة بالدروع، حسب قوله.
وعن حجم القوات على الأرض، قال الدويري إن مساحة القاطع الجنوبي أقل من أن تدخلها فرقة عادية وليست مدرعة، ولكن إسرائيل حشدت 8 ألوية في كل منها 105 آليات، ما يعني أن كل مقاتل من مقاتلي المقاومة يواجه آلية واحدة و10 أفراد.
ومع ذلك، فإن هذه القوات -برأي الدويري- "لن تتمكن من بسط سيطرتها على خان يونس حتى لو دخلتها، لأنها ستواجه ما واجهته في شمال القطاع".
ونجحت القوات الإسرائيلية في إحداث خرق بين الزنة وعبسان الجديدة وآخر بين الزنة وعبسان الكبيرة، وتم الدفع بقوة للقرارة وأخرى لقوش قطيف، كما يقول الدويري.
لكن كثافة المباني وقلة فتحات الأنفاق في خان يونس ستكون في صالح المقاومة، لأنها تجعلها غير مكشوفة في تحركاتها، كما هي الحال في الشجاعية، حسب رأيه.
وعلى عكس ذلك، فإن المنطقة الشرقية (الزنة وعبسان) التي تتسم بتباعد المباني وكثرة فتحات الأنفاق، تعطي المقاتلين حرية في التحرك لكنه تحرك محفوف بالمخاطر لأنهم يكونون مكشوفين، حسب الدويري.
ورغم أن جيش الاحتلال غيّر من تكتيكاته في الجنوب بسبب طبيعة الأرض وطبيعة المقاومة، فإنه لم يستفد من دروس الماضي لأنه لا يملك هدفا محددا لهذه المعارك، وفق الدويري.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الجامعات الأردنية والتصنيفات العالمية… بين جوهر التعليم وسطوة الأرقام
#الجامعات_الأردنية و #التصنيفات_العالمية… بين #جوهر_التعليم وسطوة الأرقام
بقلم: الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
في السنوات الأخيرة، راقبتُ – كما راقب كثيرون من المهتمين بالشأن الأكاديمي – اندفاع الجامعات الأردنية نحو التصنيفات العالمية، وتحركها بخطى متسارعة لحجز مكان لها بين قوائم QS وTimes Higher (THE) Education وUS News.
وليس في هذا التوجه ما يُعيب، بل هو في ظاهره دلالة على رغبة في التطور والانفتاح وتعزيز السمعة الأكاديمية على المستوى الدولي. غير أن ما يقلقني، وما دفعني مرارًا للكتابة في هذا الموضوع، هو تحوّل هذه التصنيفات – في بعض الأحيان – من أداة تقييم إلى غاية استراتيجية بحد ذاتها.
لقد أكّدتُ، ولا أزال، أن التصنيفات يجب أن تكون انعكاسًا حقيقيًا لجودة التعليم، وناتجًا طبيعيًا لتحسن المخرجات الأكاديمية، لا أن تصبح عنوانًا يُسخَّر له كل شيء: السياسات، الميزانيات، وحتى الخطط الدراسية. حين نوجّه موارد المؤسسة نحو رقم، فإننا نخسر ما هو أهم: الطالب، والمعرفة، والرسالة الجامعية.
مقالات ذات صلة لا سلام إقليمي دون وجود الفلسطينين 2025/07/09ولا يمكن إنكار التقدّم الرقمي الذي حققته بعض الجامعات الأردنية مؤخرًا؛ فقد أحرزت الجامعة الأردنية، على سبيل المثال، المركز 324 عالميًا في تصنيف QS لعام 2026، وتقدمت إلى المرتبة التاسعة عربيًا في تصنيف THE. كما حافظت جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية على مكانتها بين أفضل الجامعات في الاقتصادات الناشئة.
هذه الإنجازات تثير الإعجاب، لكنها أيضًا تدفع للتأمل: هل يشعر الطالب داخل الحرم الجامعي بانعكاسات هذا التقدّم؟ هل وجد الخريج فرقًا في فرص التوظيف أو مستوى التأهيل؟ وهل بات للمجتمع المحلي علاقة أوثق بالجامعة بسبب هذا التصنيف أو ذاك؟
تعتمد هذه التصنيفات – كما نعلم – على مؤشرات مثل السمعة الأكاديمية، وعدد الأبحاث والاقتباسات، ونسبة الأساتذة للطلبة، وعدد الطلاب الدوليين، والتعاون البحثي. وكلها معايير قد تبدو منطقية وضرورية، لكن المبالغة في استخدامها كمحددات داخلية لأداء الجامعة قد تُفضي إلى نتائج معكوسة، بل ومضللة في بعض الأحيان.
لقد عبّرتُ في أكثر من مقام عن قناعتي بأن “التصنيف ليس غاية، بل نتيجة”. وقلت بوضوح: حين تتحول الأداة إلى هدف، تُفقد فعاليتها.
وما نخشى حدوثه اليوم هو أن نُسلّع الجامعات، ونحوّلها إلى مشاريع تسويق، تبحث عن “الرتبة” قبل “الرسالة”، و”الشهرة” قبل “الجدوى”.
ولذلك، أرى أن الوقت قد حان لإعادة ضبط البوصلة. نحن بحاجة إلى تجديد الالتزام بجوهر العمل الجامعي: تطوير الخطط الدراسية وفق احتياجات السوق، دعم الأبحاث النوعية لا الكمية، خلق بيئة جامعية تنبض بالحياة والمعرفة، وتعزيز علاقة الجامعة بالمجتمع المحلي والقطاع الخاص لا فقط بالمؤسسات الخارجية.
يجب أن نوجّه استثماراتنا نحو الطالب، لأنه جوهر العملية التعليمية، لا نحو مؤشرات خارجية قد لا تعكس واقعه. كما يجب أن نكرّس الشفافية الأكاديمية ونرفض أي شكل من أشكال التلاعب أو تزييف الواقع من أجل تحسين صورة لا تُقنع أحدًا في العمق.
أكتب هذا المقال لأنني أؤمن أن الجامعة ليست موقعًا في ترتيب، بل أثرًا في وعي. ليست شعارًا دعائيًا، بل قدرة على التغيير. وإن أردنا تصنيفًا حقيقيًا لجامعاتنا، فلننظر إلى ما يتركه خريجوها من أثر في مؤسساتهم، ومجتمعاتهم، ووطنهم،هناك فقط، سنجد الترتيب الذي يستحق الاحترام.