الإنسان والفلسفة.. محور الكون
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
زكريا الحسني
قصة الإنسان بدأت بابتكار اللغة، وأصبح من خلالها التواصل والتطور، ومنها بدأت الحكاية، وتكونت تجمعات، وابتُكرت القوانين، والتي جاءت لتسد حاجة الإنسان للأنظمة التي تؤسس له مجتمعا مدنيا يمسك من خلاله بزمام الأمور، فإذا افترضنا عدم حدوث ذلك التطور والتقدم فأتصور أنه لن تكون هناك إنسانية باقية، وحتى لو كانت باقية لما بلغت إلى هذا المستوى من التقدم والتحضر.
من هذا المنطلق قالوا إنّ الإنسان هوَ محور الكون، ولقد عُرّفت الفلسفة عبر تاريخها بتعريفات متعددة اختلفت في تحديد معناها وكانت بعض تلك التعريفات تحط من قيمتها وأهميتها من قبيل أنها ضرب من الكفر والزندقة والإلحاد، وتعمل على ترسيخ فكرة نكران الله وعدم الاعتراف بالدين، وإنها كلام فارغ لا طائل منه سوى مضيعة الوقت، وهذا المعنى هو المتداول كثيرا عن الفلسفة.
وتفسير المفاهيم والمصطلحات يخَتلف من مكان إلى آخر باختلاف الأمكنة والأزمنة، وما لهُ من تأثير في طريقة التعاطي مع الأفكار وتحليلها وتفسيرها من خلال الحصيلة المعلوماتية والتجربة الحياتية، وهذه سنة الله في خلقه، ونتيجة ذلك حدث هذا التطور الإنساني؛ فالمعرفة كلها تراكمية وتتطور وتتغير لتواكب العصر، والذي لا يتماشى مع ذلك يندثر.
وكم رأينا من أمم وحضارات أصبحت كالهشيم ذرته الرياح فأصبحت نسياً منسيا كأنها لم تكن شيئاً يذكر.
وإذا أردنا أن نفهم أي مصطلح أو مفهوم ينبغي علينا أن نعود إلى نقطة البداية ولا يمكن ذلك إلا من خلال التاريخ، وأن نجمع أكبر قدر من المعلومات للوصول إلى أقرب نقطة تقربنا للحقيقة، أو هي الحقيقة بعينها فحتى لو لم نصل إليها فطريقنا إليها جزء من الحقيقة تقربنا الى موضوع الفلسفة وتاريخها وتطورها.
إن الفلسفة وُجدت لحظة وُجد العقل، فالفلسفة تخضع لنطاق العقل والمنطق وبالتأمل في الأشياء وتفسيرها وتحليلها والغوص في أعماقها والإتيان بالحجج والبراهين لفهم الأشياء من جميع الأبعاد. كما إن التفلسف والانبهار أمام عظمة هذا الوجود منح للغات مضمونها العميق.
الفلسفة كانت البداية، ومنها تفرعت شتى العلوم، ولكن مصطلح الفلسفة في عالمنا الإسلامي عامةً والعربي خاصةً مقرونٌ بالغيبيات والكفريات، ولهذه الأسباب يتم التهجم على الفسلفة والخوف منها.
الفلسفة تُحطِّم كثيرًا من الأوهام، وتزيح دائرة الراحة التي يطمئن لها الإنسان فلذلك يطالها الهجوم والتشويه.
تاريخ الفلسفة هو تاريخ التفكير، يتضح هذا بالعودة إلى الوراء، فالإنسان ما برح يفكر قبل أرسطو وأفلاطون وسقراط وفيثاغورث، وحتى قبل ظهور اللغة والكتابة فقد وُجدت الفلسفة عند وجود العقل وكما يقول رينيه ديكارت أنا أفكر إذن أنا موجود.
الفلسفة تفسير وتحليل الظواهر للوصول إلى ماهية الأشياء.
إنها مؤشر لوجود العقل المفكر والتحليل المبدع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تلسكوب جيمس ويب يرصد أقدم مستعر أعظم في تاريخ الكون ويكشف تفاصيل المجرة المضيفة
تمكن تلسكوب جيمس ويب الفضائي، بالتعاون مع مجموعة من المراصد الدولية، من رصد مستعر أعظم عمره 13 مليار سنة، وهو أقدم انفجار نجمي من نوعه يتم تسجيله حتى الآن.
وأعلنت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) يوم الثلاثاء عن هذا الاكتشاف، الذي يسلط الضوء على النجوم والمجرات في مرحلة مبكرة جدًا من تاريخ الكون، حين كان عمره 730 مليون سنة فقط بعد الانفجار العظيم.
ويأتي هذا الاكتشاف بعد أن كان أقدم مستعر أعظم معروف سابقًا يعود لعمر الكون 1.8 مليار سنة، مما يعني أن هذا المستعر الجديد يسبق سابقه بما يزيد عن مليار سنة.
وقد أتاح تلسكوب جيمس ويب، بفضل تقنياته المتقدمة، رصد المجرة المضيفة لهذا الانفجار، وهو ما يوفّر للعلماء فرصة فريدة لدراسة خصائص النجوم والمجرات في العصور الأولى من الكون.
ويظهر المستعر الأعظم في الصور التي التقطها التلسكوب على شكل نقطة حمراء صغيرة داخل مربع مُكبّر على يمين الصورة، وعُرف باسم GRB 250314A.
وتُظهر الصورة المحيطة مئات المجرات بأشكال وأحجام مختلفة، بينها مجرة حلزونية كبيرة تقع إلى يسار مركز الصورة، وهو ما يعكس تنوع البنى المجرية حتى في المراحل المبكرة للكون.
وأشار أندرو ليفان، أحد الباحثين المشاركين، إلى أن هذا الرصد يثبت قدرة تلسكوب جيمس ويب على اكتشاف نجوم فردية منذ أن كان عمر الكون نحو 5% فقط من عمره الحالي.
وقال: "خلال الخمسين عامًا الماضية، تم رصد عدد قليل جدًا من انفجارات أشعة غاما في المليار سنة الأولى بعد الانفجار العظيم، وهذا الحدث نادر للغاية ومثير جدًا."
ولم تكن خصائص هذا المستعر الأعظم مختلفة بشكل كبير عن المستعرات العظمى الحديثة، رغم التوقعات السابقة بأن النجوم المبكرة كانت أكثر ضخامة وأقل احتواءً على العناصر الثقيلة، وربما تختلف عن النجوم المعاصرة.
وقال نيال تانفير، المؤلف المشارك في الدراسة: "بدأنا البحث بعقول متفتحة، ووجدنا أن هذا المستعر يشبه تمامًا المستعرات العظمى القريبة التي نراها اليوم."
وشارك في هذا الرصد سباق دولي متكامل، بدأ برصد مرصد نيل جيريلز سويفت التابع لناسا لمصدر الأشعة السينية، مما ساعد تلسكوب جيمس ويب على تحديد موقع الانفجار بدقة، ثم شارك التلسكوب البصري الشمالي في جزر الكناري بإسبانيا، وامتد التحديد إلى التلسكوب الكبير جدًا في تشيلي، الذي قدّر عمر المستعر بـ 730 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، كل ذلك خلال أقل من 17 ساعة من اكتشاف الإشارة الأولية.
وتم منح فريق البحث ساعات إضافية لاستخدام تلسكوب جيمس ويب لدراسة انفجارات أشعة جاما الأخرى في الكون المبكر، إلى جانب دراسة المجرات التي تقع خلف هذه الانفجارات.
ويتوقع الباحثون أن يساعد هذا التوهج المستعر الأعظم في تحديد بصمات المجرات البعيدة وفهم تطورها المبكر، بما يعزز من قدرة العلماء على فهم الكون في مراحل نموه الأولى.
ويمثل هذا الاكتشاف قفزة نوعية في دراسة النجوم والمجرات القديمة، ويؤكد الدور الفاعل لتلسكوب جيمس ويب كأداة لا غنى عنها في استكشاف أسرار الكون المبكر، وفهم أصل النجوم والمجرات التي شكلت البنية الكونية التي نراها اليوم.