في الوقت الذي يكثف فيه الجيش الأميركي ضرباته على موقع الحوثيين في اليمن ويرد على الهجمات في العراق وسوريا، يبرز سؤال معقد لم يتردد الصحفيون في طرحه على البنتاغون حول تعريف الضربات الأميركية على الحوثيين وماذا إذا كانت عني أن واشنطن في حالة حرب.

وعندما سئلت عن ذلك الخميس، نفت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ بـ"لا" بسيطة، وأضافت،"نحن لا نسعى إلى الحرب، نحن لسنا في حالة حرب مع الحوثيين".

غير أن تحليلا على موقع صحيفة "ميلاتري"، يرى كاتبه كونستانتين توروبين، وهو متخصص في تغطية القوات البحرية ومشاة البحرية الأميركية، وأحد قدامى المحاربين في البحرية الأميركية، إنه رغم تأكيدات البنتاغون فإن القوات الأميركية في حالة قتال وتقترب من حالة شبيهة بالحرب.

وينقل الكاتب عن خبراء أن مثل هذه التأكيدات تبدو متناقضة مع الحقائق العسكرية.

ويقول براد مارتن، وهو نقيب سابق في البحرية تحول إلى باحث أول في مؤسسة راند "إنه بالتأكيد قتال، وهو بالتأكيد شيء يمكن أن يصبح قتالا أكبر بكثير، سواء كان ذلك على المستوى الذي نسميه حربا أم لا، وهذا نوع من التمييز الأكاديمي".

وبدأت مشاركة الجيش في إطلاق الذخائر على الحوثيين وأصول الحوثيين في 19 أكتوبر، عندما أسقطت المدمرة "يو أس أس كارني" أربعة صواريخ و 15 طائرة بدون طيار قيل للصحافة في ذلك الوقت إنها كانت متجهة إلى إسرائيل، وفق ما ينقل التحليل.

وتعرض موقع عسكري أميركي في العراق لإطلاق النار من طائرات هجومية من دون طيار وصواريخ، واستمرت الحوادث في اليمن وكذلك في العراق وسوريا بوتيرة متزايدة.

وبحلول أوائل يناير، أخبر قائد القيادة المركزية للبحرية، نائب الأدميرال براد كوبر، المراسلين أن السفن الأميركية أسقطت 61 طائرة بدون طيار وصاروخا في البحر الأحمر. وحتى الآن، كان هناك أيضا 151 هجوما على مواقع أميركية في العراق وسوريا المجاورة.

وفي الآونة الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة، بمساعدة من البريطانيين، حملة مفتوحة من الضربات ضد الحوثيين، يقول المسؤولون إنها تهدف إلى الحد من قدرتهم على إطلاق الصواريخ في البحر الأحمر. 

ويرى الكاتب أن ما يزيد من حدة الصراع هو أن الهجمات في العراق وسوريا على القوات الأميركية تسببت في إصابات ناجحة. إذ حتى الآن، هناك أكثر من 70 إصابة، وتم تشخيص بعضها على أنها إصابات دماغية.

وفي الوقت نفسه، يقول التحليل، قدم المسؤولون العسكريون رسائل متباينة حول ما يحدث بالفعل في المياه قبالة اليمن، إذ في وقت تركز الرسالة الموجهة إلى الشعب على وصف الإجراءات على أنها جهد دفاعي، بدا أن الجيش يروي لقواته قصة مختلفة، بحسب الكاتب، مشيرا إلى أن الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية قدم في ديسمبر جوائز لـ 20 من بحارة المدمرة "كارني" لما قاموا به في الهجوم في 19 أكتوبر. كما حصل قائد السفينة على النجمة البرونزية.

ويأتي ذلك رغم أن الميجور جنرال بات رايدر، كبير المتحدثين باسم البنتاغون، قال للصحفيين في أكتوبر إن الصواريخ كانت تستهدف إسرائيل، وليس "كارني"، فيما كان متحدث باسم البحرية يقول للصحفيين إن "الفريق دافع عن السفينة من هجوم جوي معقد، تجلى في شكل تهديدات جوية معادية متعددة تعبر البحر الأحمر"، بحسب التحليل.

وعندما سئل رايدر عما إذا كانت الجوائز تعني أن سفن البحرية كانت في قتال أثناء قيامها بعمليات دفاعية على ما يبدو في البحر الأحمر ، أجاب أن "تقديم الجوائز اعتراف بخدمات الطاقم" مضيفا "لذلك دعونا نترك الأمر عند هذا الحد".

أما مارتن، كبير الباحثين في مؤسسة راند، فيشير إلى أنه على الرغم من زيادة وتيرة وكثافة الضربات من جانب أميركا، فإن الوضع في الشرق الأوسط ليس "حربا" بالمعنى الأكاديمي للمصطلح، والذي يعرف أحيانا بأنه أكثر من 1000 ضحية في المعارك خلال تفاعل بين دولتين ذات سيادة.

وأضاف "إذا طبقت ذلك، فلا، نحن لسنا في حالة حرب، نحن في شيء يشبه إجراء عقابي ضد جهة فاعلة غير حكومية".

ومع ذلك، يقول جوناثان لورد، وهو زميل بارز ومدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز أبحاث الأمن الأميركي الجديد، للموقع" إن التفكير في المصطلح بمعناه السياسي أكثر إفادة".

ويشرح أنه في المجال السياسي، يتطلب الدخول في حالة حرب تفويضا من الكونغرس، وفقا لقرار سلطات الحرب لعام 1973.  

وينص القانون على أن يخطر الرئيس الكونغرس في غضون 48 ساعة من الأعمال العدائية، وبعد 60 يوما، يتعين على الكونغرس في نهايتها أن يأذن بمزيد من العمل العسكري.

ويقول لورد إنه "على الأرجح، في كل مرة تشتبك فيها القوات الأميركية مع الحوثيين، من المحتمل أن يكون هناك إخطار محدد ومنفصل بهذا الحدث".

وتسببت هجمات المتمردين المدعومين من إيران، والتي يقولون إنهم يشنونها تضامنا مع قطاع غزة الذي يشهد حربا بين حركة حماس وإسرائيل، بتعطيل حركة الملاحة في مضيق باب المندب الحيوي الذي تمر عبره نحو 12 في المئة من التجارة البحرية العالمية. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی العراق وسوریا البحر الأحمر فی حالة حرب فی البحر

إقرأ أيضاً:

وول ستريت جورنال: الجيش الأميركي يغير أدواته وتكتيكاته استعدادا لحرب المحيط الهادي

قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن عصرا مروّعا من الحروب يلوح في الأفق، مما يجبر الولايات المتحدة على إعادة التفكير في كيفية الاستعداد لصراع القوى العظمى مع الصين.

وكشفت الصحيفة -في مقال بقلم نيهاريكا ماندانا- كيف يمر الجيش الأميركي بمرحلة تحول عميقة في أدواته وتكتيكاته العسكرية استعدادا لاحتمال اندلاع صراع واسع النطاق في المحيط الهادي، ولا سيما في مواجهة الصين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير روسي: الأزمة الأفغانية الباكستانية قد تشعل حربا طاحنة بشرق آسياlist 2 of 2تجربة مسيّرة "الخفاش الشبح" تغير ملامح حروب المستقبلend of list

وبعد عقدين من الحروب غير النظامية في العراق وأفغانستان، بات الجيش الأميركي يواجه واقعا مختلفا جذريا يتميز بساحات قتال مفتوحة، وجزر متناثرة، وتفوق صاروخي وصناعي محتمل لدى الخصم، مما يفرض إعادة نظر شاملة في أساليب القتال التقليدية، كما تقول الكاتبة.

الطائرات المسيّرة أصبحت أحد الأسلحة الرائدة في الحروب الحديثة (الفرنسية)

وخلال مناورات عسكرية واسعة أُجريت في هاواي، عرض الجنود الأميركيون -حسب الكاتبة- أحدث ما لديهم من معدات خفيفة وسريعة الحركة، في مقدمتها الطائرات المسيّرة بأنواعها المختلفة، من طائرات استطلاع صغيرة إلى مسيّرات هجومية وانتحارية تدار منفردة أو ضمن أسراب.

ويعكس هذا التحول انتقال الجيش من الاعتماد على أنظمة باهظة ومعقدة إلى معدات أرخص، مرنة وقابلة للاستهلاك السريع، مشابهة لما فرضته الحرب في أوكرانيا من نماذج جديدة للقتال.

الجميع مرئي

ويؤكد قادة عسكريون أن ساحة المعركة الحديثة لم تعد تقتصر على البر والبحر والجو التقليدي، بل امتدت إلى ما يعرف بـ"السواحل الجوية" وهي المجال الجوي بين الأرض والسماء العالية، حيث تكمن الطائرات المسيّرة وتترصد وتقتل.

وفي هذا السياق، بات الجنود يتدربون على القتال بالطائرات المسيّرة وضدها، وعلى تقليص بصمتهم البصرية والإلكترونية لتفادي الرصد والاستهداف، وسط قناعة متزايدة بأن "الجميع مرئي" في الحروب الحديثة.

وقال اللواء جيمس بارثولوميز، قائد الفرقة 25 مشاة "حقيقة ساحة المعركة الحديثة هي أن الجميع يمكن رؤيتهم".

إعلان

وأضاف اللواء أن على الجنود التعامل مع "أول احتكاك" قادم من السماء أو من الطيف الكهرومغناطيسي الذي أصبح هو الواقع الجديد، حيث تتصارع الطائرات المسيّرة وأنظمة التشويش والاستشعار، كما تشير الصحيفة.

وسلّطت الكاتبة الضوء على تغييرات هيكلية داخل الجيش، أبرزها إنشاء وحدات جديدة تجمع بين الكشافة التقليديين، ومشغلي الطائرات المسيّرة، وخبراء الحرب الإلكترونية، بهدف كشف العدو واستهدافه عبر تتبع الإشارات الرقمية لمشغلي المسيّرات.

الولايات المتحدة بدأت تقلص الاعتماد على المعدات الباهظة مثل بطاريات باتريوت (الجزيرة)

ومن الإضافات عالية التقنية في هذا المجال -كما تقول الكاتبة- جهاز قابل للارتداء لتعطيل الطائرات المسيّرة، يتكوّن من وحدتين بحجم هواتف آيفون تقريبا، إحداهما، وتسمى "وينغمان" تكتشف الطائرات القادمة، والأخرى "بيتبول" تُعطّلها أو تشوش عليها بما يشبه سهما كهرومغناطيسيا، علما أن التشويش يعني كشف الموقع.

عصر مخيف من الحروب

ومع كل ذلك يدرك الجنود أن العدو يمتلك مثل ما يمتلكونه، ولهذا أصبحت الحرب الإلكترونية أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأن الجنود الذين يقاتلون بالموجات والإشارات غير المرئية، وكانوا في السابق في الخلف، باتوا الآن في المقدمة "وجها لوجه مع العدو"، بحسب الملازم أول أندريس رودريغيز، الخبير في هذا المجال.

ولم يعد هؤلاء المتخصصون يعملون من الخطوط الخلفية -حسب الصحيفة الأميركية- بل باتوا جزءًا من الاشتباك المباشر، مما يستدعي تدريبا قتاليا بدنيا إلى جانب مهاراتهم التقنية.

ورغم التقدم السريع في تبني التكنولوجيا، يبرز تحدٍّ رئيسي يتمثل في القدرة على الإنتاج الكمي، إذ تنتج روسيا وأوكرانيا ملايين الطائرات المسيّرة سنويا، وتمتلك الصين قدرة صناعية أكبر، في حين يخشى محللون من أن يكتفي الجيش الأميركي بتطوير نماذج متقدمة من دون امتلاك مخزون كافٍ لخوض حرب طويلة الأمد.

ولهذا يسعى الجيش الأميركي إلى تسريع آليات الشراء وتحفيز التصنيع المحلي، مانحا القادة مرونة أكبر في اقتناء التقنيات الحديثة، كما تقول الكاتبة.

وفي الخلاصة رسمت الكاتبة صورة لجيش أميركي يدخل "عصرا مخيفا" من الحروب، حيث تتقاطع التكنولوجيا الرخيصة والفتاكة مع ساحات قتال معقدة وغير متوقعة، مما يفرض على الولايات المتحدة أن تتعلم بسرعة، وأن تختبر عقائدها الجديدة ميدانيا، استعدادا لصراع محتمل قد يحدد ملامح التوازن العسكري في المحيط الهادي لعقود مقبلة.

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: الجيش الأميركي يغير أدواته وتكتيكاته استعدادا لحرب المحيط الهادي
  • تقرير أمريكي: نفوذ إيران يقف وراء تراجع بغداد عن تصنيف الحوثيين إرهابيين
  • سوريا.. قسد تدين هجوم داعش على القوات الأميركية وتؤكد جاهزيتها للرد
  • الجيش الأميركي يعلن مقتل جنديين ومترجم بهجوم تدمر ويؤكد: نفذه داعش
  • تأجيل تسليم طائرة الرئاسة الأميركية.. وتحديد موعد جديد
  • القوات الأميركية تصادر شحنة عسكرية متجهة إلى إيران من الصين
  • الجيش الأميركي نفذ طلعات جوية فوق ساحل فنزويلا
  • الجيش الأميركي يعترض شحنة عسكرية كبيرة في طريقها لإيران
  • إصابات جلدية تُربك تدريبات البحرية الإسرائيلية… الجيش يوقف الأنشطة ويُطلق تحقيقًا موسّعًا
  • بالصور: الجيش الإسرائيلي يعلن استكمال مناورات مشتركة مع البحرية الأميركية