صور معاشة وتكريم لأصحابها.. ما هي الأيقونات في الكنيسة الأرثوذكسية؟
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
تتميز الأيقونات، الصور داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشيء من الجمال فهي تعتبر صورة تمثل شخصا أو مشهدا مقدسا مرسومة على الخشب أو الجدار وفقا لأساليب وتقاليد خاصة تُظهر حالة الشخص المرسوم فيها وهذا يفرض على الفنان (الرسام) أن يطلع تمام الاطلاع على سيرة الشخص المرسوم فيها، وعلى أحداث الكتاب المقدس وتعاليمه.
الأيقونات ليست فقط مجرد رسم ديني لكنها أحد السبل التي يستعلن بها الله للإنسان فمن خلالها نرى العالم الروحي.
فرسام الأيقونات في الكنسية الأرثوذكسية ليس حرا في الابتكار، ولكنه ملتزم بإظهار روح الكنيسة وعقيدتها في الأيقونة لذلك من المهم أن يكون دارسا لعقيدة الكنيسة الأرثوذكسية، وليس فقط لأصول الفن القبطي الأرثوذكسي.
وتعتبر الكنيسة "أيقونة القديس" هي حضور حي له في الكنيسة، لذلك يمكن مخاطبته والتعامل معه من خلالها.
وتعتبر الأيقونات بوجه عام هي نوافذ على السماء أو هي إطلالة من القديسين والملائكة على سكان الأرض، فعندما ندخل الكنيسة ونجد فيها أيقونات القديسين نتذكر أن هؤلاء هم سحابة الشهود المحيطة بنا وهم أعضاء أسرتنا في جسد المسيح الواحد، وقد سبقونا إلى السماء وهم يشجعوننا لكي نكمل جهادنا بأمانة، حتى نرث معهم أمجاد الملكوت.
حارب البعض الأيقونات على أنها من بقايا الوثنية، ولكن الكنيسة ترد بالآتي:
ــ إن كان الله قد أوصى شعبه في العهد القديم قائلاً: "لا تصنع لك صورة أو تمثالا" فالهدف جاء في تكملة الآية "لا تسجد لهن ولا تعبدهن".
ــ فالكنيسة لا تعبد الأيقونات وإنما تكرمها، وفي ذلك تكريم لأصحابها؛ حسب قول الرب: إن كان أحد يخدمني، يكرمه الآب.
ــ الأيقونة الكنسية تدشن بالميرون، فتصير ممسوحة بالروح القدس، ويمكن التبخير أمامها والتبارُك منها.
ويتسأل الكثير لماذا الأيقونات في الكنيسة، فببساطة أمر الرب شعبه في العهد القديم بعمل أيقونات تجسد لهم حقائق روحية غير مدركة بالحواس البشرية فتقودهم إلي معرفته وقبول تدبيره الإلهي منها :
خيمة الأجتماع. هيكل سليمان.كاروبا تابوت العهد، وكل من تلك تعتبر أيقونة تصور لنا السماويات ، كما أن الهيكل والخيمة كان يحتويان علي صور تحمل معاني روحية .كما أن الأيقونات في الكنيسة توضح مدي الترابط السري بين الكنيسة المنتصرة والمجاهدة والشركة القائمة بينهم وتوضح أيضاً الترابط بين كنيسة العهد القديم و العهد الجديد.
ويضا الأيقونات في الكنيسة هي تعليم صامت بدون كلمات لشعب الكنيسة بل يكفي النظر إليها والتأمل في حياتهم وجهادهم فهو إنجيل مقروء مفتوح أمام الجاهل والفليسوف.
كما أن ألأيقونات لها دور هام في التذكر المستمر للسيد المسيح وقديسيه.
الأيقونات ليست شيء جامد ولقد كانت هكذا لكن بعد التدشين ومسحها بالميرون صار لها روح يعمل فيها وهذا واضح من صلوات تدشين الأيقونات ” تكون ميناء للخلاص ”.
ولعل يرجع مدي حرص الكنيسة القبطية الأرثوزكسية علي إكرام الأيقونات إلي انها وسيلة تعليم للعقيدة وتذكارات حية دائمة مثل:
أيقونة الصليب ــ تذكرنا بالفداء العظيم ومدي عظمة خشبة الصليب.المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأيقونات الكنيسة القبطية الارثوذكسية الكنيسة أيقونة القديس ألميرون البابا تواضروس ــ تذکرنا
إقرأ أيضاً:
عيد دخول المسيح أرض مصر.. البابا تواضروس يشرح محطاته ويتأمل في جوانبه
يحتفل مسيحيو مصر اليوم الأحد 1 يونيو الموافق 24 بشنس حسب التقويم القبطي، بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر، حيث أقامت الكنائس ومقار المطرانيات، القداسات خصيصا بهذه المناسبة في أجواء احتفالية.
عيد دخول المسيح أرض مصرويتذكر الأقباط في مثل هذا اليوم الموافق 1 يونيو من كل عام مجيء السيد المسيح إلى أرض مصر أثناء رحلة العائلة المقدسة.
وأكد نيافة الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، سعادته باحتفالية دخول السيد المسيح إلى مصر.
وقال الأنبا رافائيل، إن كنيسة زويلة كانت مقرا للأباء البطاركة في فترة هامة من تاريخ الكنيسة.
وقال قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في عظه سابقة: “نحتفل أيها الأحباء في هذا الصباح المبارك بأحد الأعياد السيدية ثابتة التاريخ (٢٤ بشنس الموافق ١ يونيو) تذكار دخول السيد المسيح أرض مصر وهذا الاحتفال قديم في الزمن بقدم الكنيسة القبطية ونحتفل به لأنه على هذه الأرض ولدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهي واحدة من أقدم كنائس العالم، فكرسي الإسكندرية هو أحد الكراسي الرسولية الأولى في تأسيس المسيحية عبر العالم كله، فبعد أورشليم جاءت الإسكندرية وأنطاكية وروما ثم القسطنطينية، وفي التاريخ المصري المسيحي نحتفل بهذا العيد وله جوانب كثيرة ونتحدث عن 4 جوانب”.
١- الجانب التاريخي:
هذا الحدث التاريخي وقع بين نقطتين مهمتين في التاريخ؛ النقطة الأولى كانت قبل الحدث بنحو ٧٠٠ عام وهي نبوة إشعياء النبي في أصحاح ١٩ حين قال: "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ" (إش ١٩: ٢٥) ولكنه قال في تلك النبوة "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا." (إش ١٩: ١٩). فهذا المذبح الذي تأسس في وسط أرض مصر وصار دير السيدة العذراء الشهير بـ"المحرق" في أسيوط، وعمود عند تخومها وهو القديس مار مرقس الرسول؛ لأننا نقول عن الآباء الرسل إنهم أعمدة الكنيسة، وهذا العمود الذي أتي من الحدود الغربية لمصر حيث مسقط رأسه في ليبيا، أتى إلى مصر وبشرها بالإيمان المسيحي، فهذا الحدث (دخول العائلة المقدسة) يقع في التاريخ بين نقطتين، نقطة سابقة بـ٧٠٠ عام وهي نبوة إشعياء النبي، ونقطة لاحقة بعد زيارة العائلة المقدسة بنحو ٥٠ سنة وهي كرازة القديس مار مرقس الرسول، وبهذه الثلاثة (النبوة والزيارة والكرازة) تأسست كنيستنا القبطية، وهذا امتياز تنفرد به الكنيسة في كل تاريخ الكنائس المسيحية على مستوى العالم، فلا توجد كنيسة تأسست بهذه الثلاثة؛ النبوة في العهد القديم، وزيارة العائلة المقدسة في بداية العهد الجديد، ثم كرازة القديس مار مرقس في منتصف القرن الأول الميلادي واستشهد عام ٦٨م، وهذا هو الجانب التاريخي، وهذا فخر وامتياز لكنيستنا وأرضنا وتاريخنا، ونحن نعيش في تاريخ الكنيسة من خلال السنكسار ونقرأ الحدث الثابت في التاريخ ٢٤ بشنس.
٢- الجانب الجغرافي:
هذه الرحلة لم تكن في مكان واحد؛ فعندما دخلت العائلة المقدسة من الحدود الشرقية ناحية الفرمة ثم الدخول إلى منطقة الدلتا بجوار فرع دمياط ثم فرع رشيد في وسط الدلتا إلى منطقة وادي النطرون إلى منطقة القاهرة القديمة، وامتدادًا من المعادي إلى الصعيد في بلاد كثيرة من خلال الطريق البحري أو البري، واستقرت في دير المحرق في جبل قسقام نحو ٦ أشهر، هذا هو الجانب الجغرافي وكأن السيد المسيح كان يقصده، ونما السيد المسيح حوالي ثلاث سنوات على أرض مصر ويطوف في بلادها من سيناء إلى الوجه البحري إلى القاهرة ثم إلى الصعيد، وكأنه أراد أن يبارك هذه البلاد والطرقات والتراب والنهر والزرع والهواء، وكأنه أراد أن يشمل مصر ببركة خاصة وهذه البركة من خلال مسار العائلة المقدسة، ونحن نحتفل بهذا العيد منذ القرن الأول الميلادي، ورتبه الآباء من القرون الأولى وفي الزمن الأخير بدأت مصر بكل أجهزتها تهتم بالمسار وتنتبه إلى أهميته، وأن هذا المسار يميز مصر كبلاد ووطن وحضارة، والتاريخ بكل هذه المواضع الأثرية وعندما زارت القديسة هيلانة هذه المناطق وبنت كنائس ومواضع مقدسة في محطات الرحلة ونحن اليوم في القرن ٢١ نقدم هذا المسار والدولة بكل أجهزتها وبقيادة السيد الرئيس وكل السادة الوزراء تقوم بإظهار هذا العمل وهذا التاريخ لكل العالم؛ لكي يأتي ويتبارك به وتقدم مصر نفسها للعالم من خلال هذا المسار المقدس، وهذا هو الجانب الجغرافي.
٣- الجانب الروحي:
والجانب الروحي يهمنا بصورة خاصة؛ لأن الجانب التاريخي والجغرافي أمور عامة حدثت في التاريخ، ونحن نعلم أن الله سيد وضابط التاريخ، فكل الأمور تتم من خلال ترتيب الله وهو ضابط الكل، الجانب الروحي الذي يجب أن نستفيد به لنفسنا، هذا الحدث هو هروب من وجه الشر، هروب من هيرودس العنيف الذي قرر في غضب أن يقتل كل الأطفال من عمر سنتين إلى ما دون، ليموت وسطهم الملك المنتظر ملك إسرائيل الذي هو يسوع المسيح، وكان السيد المسيح يستطيع أن يواجه هذا الشر ولكن الكتاب المقدس قدم لنا هذا الحدث وسجله واحتفظت به الكنيسة لتعلم الإنسان مبدأ من المبادئ الروحية وهو الهروب، "اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ" وهذه إحدى الوصايا، مِمَّ نهرب؟١- اهرب من الشر وأهل الشر: هناك أشخاص سمحوا لأنفسهم أن يكونوا أشرارًا وعاشوا في الشر ونصلي في صلاة الشكر" كل حسد، وكل تجربة، وكل فعل الشيطان، ومؤامرات الناس الأشرار، وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين انزعها عنا".الشر موجود في العالم، اهرب من الشر، والهروب هنا قوة وحكمة واختيار هام للإنسان، اهرب من الشر بكل صوره الظاهر وغير الظاهر، واهرب من الناس الذين يميلون إلى الشرور، لا تقف أمام الشر، اهرب، وهذا ما فعله السيد المسيح والقديس يوسف النجار، الذي نسميه "حارس سر التجسد"، أخذ العائلة المقدسة حسب وصية الملاك "قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ" (مت ٢: ١٣). لتصير مصر رمزًا للأمان والسلام والاحتضان.٢- اهرب من الخطية: بكل أشكالها، الخطية تتسلل إلى الإنسان دون أن يدري، يمكن أن يكون الإنسان سائرًا في مخافة الله والخطية تتسلل إليه، أخطر خطية تصيب الإنسان السائر في طريق الله هي خطية الذات التي تشعر الإنسان أنه الأفضل، وهذه هي الخطية التي أوقعت هيرودس حيث كان يظن أنه لن يموت، اهرب أيها الحبيب من الخطية، الخطايا الذاتية أخطر أنواع الخطايا، لذلك من ترتيبات الكنيسة أنها جعلت سر التوبة والاعتراف ليضبط البوصلة الروحية للإنسان، الخطية تجعل الإنسان يبعد عن مساره الروحي ثم تطرحه خارجًا، والخطية كل قتلاها أقوياء، دائمًا تشغلنا الخطايا الكبيرة لكن الأصعب هي الخطايا الصغيرة، لأن الخطايا الصغيرة تربط الإنسان بخطايا أكبر "لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا." (٢ تي ٣: ٥). لذلك اهرب من الشر كما فعل السيد المسيح واهرب من الخطية بكل صورها، ومن التعاليم الديرية "ليس أفضل بالإنسان من أن يرجع بالملامة على نفسه في كل شيء" بداية التوبة أن يلوم الإنسان نفسه ويعيش حياة جديدة لأن التوبة هي تغيير المسار، اهرب من الشر والخطية.
4- اهرب من الغضب:
"لو أقام الغضوب إنسانًا ميتًا فليس مقبولًا أمام الله" غضب هيرودس جعله يقتل كل الأطفال، الغضب أعماه عن نتائج هذا الشر، اهرب من الغضب، الغضب فعل إنساني يمكن أن يوقع بالإنسان في أشياء لا يمكن إصلاحها، أقنع نفسك أن الغضب لا يصنع حلًا ولا يقدم إجابة وعندما تكلم السيد المسيح كنز الفضائل قال: "تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ." (مت ١١: ٢٩). ليكن الإنسان بطيئًا في الغضب... انتبه لحياتك، علم نفسك أن تخرج من الغضب والانفعال.
وتابع البابا تواضروس: الخلاصة يا إخوتي ونحن نحتفل بفرح هذا العيد ونحن في أيام الخمسين المقدسة، نذكره تاريخيًّا ونشكر الله على هذه النعمة الكبيرة، ونذكره جغرافيًّا ونشكر الله أننا في بلادنا وأننا في أرض مصر. ونذكره روحيًّا في حياتنا اليومية.
وواصل البابا: الله اختصنا وأعطانا هذه النعمة أن يتم هذا الحدث على أرض بلادنا ونعيشه ونفرح به، ونحن اليوم موجودون في محطة من محطاته المهمة، هذا يجعل الإنسان يفكر في مقدار النعمة الكبيرة التي يعطيها الله لنا.