تاق برس:
2025-06-26@08:43:35 GMT

الجميل الفاضل يكتب.. سؤال “الثورة” في زمن الحرب؟!

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

الجميل الفاضل يكتب.. سؤال “الثورة” في زمن الحرب؟!

وإذ يَسألونَكَ عنِ الثورةِ.. قُل إن “الثورة” ضرب من الطهارة، لا يَعرفُها إلا من تَذوقَ حَالُها، وأرتقي بمِثالِها، فارتبط مآله في النهاية بمآلها.
إذ للطهارة الثورية في الحقيقة أربعة مراحلٍ:
أولها: تَطهيرُ الضّميرِ كما ينبغي أن يكون، حيَّاً وحُراً، لا تَزويهِ غَفلةٌ، ولا يَعتريهِ سُباتْ.
وثانيها: تَطهيرُ الذَاتِ من سَطوةِ حُبِ الذاتِ، ومن قَيدِ “الأنا”.


وثالثها: تطهير القلوب من رذائل الخوف، وكافة الأطماعِ “الدُنا”.
ورابعها: تَطهيرُ النُفوسِ من شَهواتِ النُفوسِ، ومن عِللٍ تُغرِقها في أوحالِ الخِزيِ و”الخَنا”.
المهم فإن الثورة حالةٌ تَطهُريةٌ بإمتياز، لا تَقبلُ دنسَ المُساومةِ، ولا تَعرفُ أنصافَ حُلولْ.
إذ أن من يقومُ بنصفِ ثورةٍ، علي رأي “ماو تسي تونغ”: “كمن يَحفِرُ قَبرهُ بِيديهِ”.
ومن هنا نشأ إيمان عميق خاطب به “المهاتما غاندي” كل مُستبدٍ، في أي مكانٍ، وأي زمانْ، قائلا: “يُمكنكَ قتلُ الثُوارِ، لكن لا يُمكنكَ قَتلُ الثورة”.
بل أن “ارنستو شي جيفارا”، قد وصف من يظنون بغير ظن “المهاتما” أنهم أغبياء، قائلا: “لا يزالُ الأغبياء يتصورونَ أن الثورة قابلة للهزيمة”.
إذ لا يخلو زمان في ظني من “أغبياءَ”، ظلوا أوفياءَ جدا علي مَرِ التجارب والسنين لوصف “جيفارا” هذا.
أغبياء لا زالوا يتصورون أن “الثورةَ” قابلةٌ للهزيمة، وأنها يُمكِنْ قَتلُها، لطالما أنهم كانوا قادرين علي دهسِ، وقَنصِ، وقَتلِ، المزيد من ثُوارها، أو حتي بإشعالھم نار حرب عبثية عقيمة، لا زالوا عاكفين عليھا، لقطع طريق الثورة المتحور الطويل.
بل وأغبياءَ ضُعفاءَ آخرين ربما، إعتراهم شيئاً من يَأسٍ، أو رَهقْ في المَسير، ظلوا يحفرونَ كذلك بدأب شديد، قبورهم بأيديهم وأيدي سواهم، دون الأخذ بحكمةِ ونُصحِ “ماو”.
أغبياء هم أيضا قد إكتفوا فيما يبدو بنصف ثورة لم يُكملوا طريقها، الذي أرادوا الآن الأوبةَ من مُنتصفهِ، المحفوفِ بفخاخٍ، ومنزلقاتٍ، ومخاطر، تُحاصرهُ وتَلتفُ عليه، كإستدارة السوار بالمعصم من كل جانب.
فالسودان مهد وملاذ وموئل ثورات وثوار العالم، هو نفسه “أرض الصدق” التي وصفها نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، ودار الهجرتين، وفق روايتي عالمين ضليعين، حازا سهما وافرا من علمي الظاهر والباطن، هما البروفيسران “حسن الفاتح قريب الله، وعبدالله الطيب”.
فقد زار السودان في العام (١٩٦٢) رمز الثورة العالمية “جيفارا” نفسه الذي منح جوازا سودانيا، قبل أن تغتاله المخابرات الأمريكية في بوليفيا سنة (١٩٦٧).
كما زار سودان الثورات “نيلسون مانديلا” ايقونة النضال الأفريقي الذي منح هو ايضا جوازا سودانيا.
وكذا فقد زار أرض هجرة ثوار الأرض، “ستوكلي كار مايكل” زعيم حركة الفهود السود الأمريكية المناهضة للتمييز العنصري.
وبالطبع فقد زارت السودان مرارا وتكررا المطربة الثورية “مريم ماكيبا”.
وهكذا كان ديدن الخرطوم التي إلتأم علي أرضها في العام (١٩٧٠) المناضلون من كافة أرجاء القارة السمراء “اوغستينو نيتو” الذي أصبح رئيسا لانغولا، و”سامورا ميشيل” اول رئيس لموزمبيق، و”سام انغوما” الذي اضحي اول رئيس لناميبيا، مع لفيف من رموز حركات التحرر الافريقية.
المھم فإن علاقة ثورة ديسمبر المجيدة، بحرب أبريل اللعينة، تظل علاقة جدلية عميقة ومركبة.
شأنها شأن كل المعارك التي ظلت تنشأ منذ الأزل، بين سدنة الحق، والخير، والجمال، وأھل الباطل، والشَّر، والقُبح.
فقد قدمت الثورة بإنسانياتھا الراقية، أھل السودان للعالم في أبھي وأنضر وجه، في وقت أبرزت فيه الحرب أسوأ، وأقبح، وأبشع، صورة لھذا الشعب.
تري ھل ھذه الحرب إمتداد لحالة الثورة بطريقة أخري؟ أم أنھا أثر من آثارھا؟، وتداعي من تداعياتھا الكثيرة والمريرة؟.
أم أنھا كرامة من كرامات ھذه الثورة المباركة؟، التي يكاد زيتھا يضيء في كل حين وآن، ولو لم تمسسه في النھاية نار.
ومن ھنا أتصور إن إرتباط ھذه الحرب بالثورة، إرتباط عميق للغاية.
فثورة ديسمبر، ثورة بالعمق، من شأنها أن تنبسط حيثما شاءت، تعتمل ميكانزماتھا الداخلية بقوة عاصفة.. تفور وتمور بأمر ربھا، موجة بعد أخري.
إذ.. ھذه الموجة تعلو
تلو الموجة تلك
ولا تغفو أبدآ
فھذا زمن المّد أتي.
ولا أزيد.

المصدر: تاق برس

إقرأ أيضاً:

سؤال المنتصر والمهزوم في الحرب السريعة بين إيران والكيان

لا يمكن الإجابة على السؤال سوى بالعودة إلى الأهداف التي أعلنها من أطلق الحرب، وتاليا من تبنّاه وقدّم له الدعم الكامل.

العنوان الأبرز تمثّل في القدرات النووية، لكن الحقيقة أن الحرب لم تكن محصورة في العنوان المذكور، بل تشمل برنامج الصواريخ والمسيّرات، وتشمل تغيير الموقف من "الكيان"، وهي قضايا لخّصها الراعي الأمريكي بـ"الاستسلام غير المشروط"، وطبعا على شاكلة ألمانيا واليابان، وصولا إلى الحديث المباشر عن تغيير النظام نفسه.

لا نعرف الكثير، ولا حتى ترامب نفسه، عما تمّ تدميره من القدرات النووية، وهذا الصباح ذكّرت الصحافة الإسرائيلية بمنشأة سرية غامضة تبدو أكثر أهمية وأكثر تحصينا من "فوردو" على "بُعد بضعة كيلومترات جنوب نطنز".

ولنفترض أن الكثير من تلك القدرات قد تم تدميره، بجانب قتل عدد كبير من العلماء، فالذي لا شكّ فيه أن إعادة التأهيل إذا توفّرت النيّة ستكون مُتاحة، أما بقية القضايا فلم يتغيّر عليها شيء، إللهم إلا إذا أسفرت المفاوضات القادمة عن "مقايضة سياسية طوعية". مقايضة لا يمكن وضعها في مربّع "الاستسلام" المعروف في الحروب.

من يعرف ترامب ويقرأ المشهد جيّدا، يدرك أن "الكائن" النرجسي المتقلّب هو من فرض وقف إطلاق النار على نتنياهو، وقد حضر في وعيه بالطبع (بجانب نوبل للسلام)، ذلك الرفض الواضح في صفوف حزبه لتدخّله في الحرب، وفي الشارع الأمريكي بشكل عام، بجانب استنزاف للمال الذي يَعبُده.
خُذوا هذا التقييم من أحد أشهر الباحثين في الشؤون الإيرانية (بني سباتي)، وهو بالمناسبة إيراني الأصل.

غرّد هذا الصباح، كما نقلت "معاريف" قائلا:

"وقف إطلاق النار في خضمّ هجمات على إسرائيل وسقوط قتلى (يقصد هجمات آخر اللحظات قبل حلول موعد إطلاق النار)، قرار غير منطقيّ ارتدّ علينا (..) ستخرج إيران من هذا الموقف أقوى".
كل ذلك لا ينفي حجم الضرر الذي أصاب إيران، والذي ربما يذكّر بعبثية الفكرة النووية من أساسها (أن تشيد مشروعا بعشرات المليارات يعرف أهل العلم بالسياسة أنه سيُواجَه بالرفض الدولي، فتُعرّض بلدك لعقوبات بأضعافها، ثم تفاوض عليه لرفع تلك العقوبات)، وهو ضرر شمل القادة والعلماء، مع كُلفة مالية عالية، لكننا نتحدّث عن دولة كبيرة، بإمكانات ضخمة، يمكنها تعويض المفقود. وهنا لا ينبغي أن ننسى الأضرار البشرية والمادّية في الطرف الآخر، معطوفة على ضرب للهيْبة وإذلال (من طرف بعيد) لم يحدث لـ"الكيان" من قبل.

قلنا من قبل إن أحلام نتنياهو بـ"تغيير الشرق الأوسط" بعد تصفية القضية الفلسطينية لن تتحوّل إلى حقائق بأي حال، لكن النتيجة الحالية (بقاء النظام ولو في وضع أضعف)، سيكون أفضل من الاستسلام وقبول دور "الشاه"، وطبعا على نحو يحوّله إلى أداة لدفع الوضع العربي الرسمي نحو ركوع (وتطبيع) أسوأ من الذي يتورّط فيه راهنا، بدليل عجزه حتى عن إطعام أشقاء له يتضوّرون جوعا في الجوار.

أما التهويلات السابقة عن ابتلاع إيران للمنطقة، والتي كانت تُهين السنّة (الذين هُم الأمّة التي تحتضن الجميع، ولم يعتبروا أنفسهم طائفة في أيّ مرحلة)، فقد انتهت صلاحيتها عمليا بعد عموم التطوّرات الأخيرة، وسيُعيد النظام الإيراني نفسه النظر في فكرة التمدّد، بما يفتح أفقا للتعايش مع العرب وتركيا، وربما التفاهم على التصدّي لمشروع صهْينة المنطقة وتكريس ضعفها وشرذمتها وتبعيتها.

نكرّر: إنه "الطوفان" الذي ضرب "الكيان"، وكتب بداية النهاية للمشروع الصهيوني برمّته، في طبعته "الكيانية"، وفي سطوته أقليّته "الخارجية".. "طوفان" سيواصل الضرب على رؤوسهم، ولن ينسوه، حتى النهاية التي يعرفونها ونعرفها حقّ المعرفة.

مقالات مشابهة

  • إيران.. الثورة المتجددة
  • أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
  • أمير الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
  • “الأغذية العالمي”: المساعدات التي ادخلت أقل من حاجة غزة وتكفي ليوم واحد
  • حماة الوطن: ثورة 30 يونيو أعادت الهوية الوطنية وأنقذت الدولة من الانهيار
  • مؤمن الجندي يكتب: أشرف محمود.. الذي علق فأنطق الهوية
  • محافظ الحديدة لـ” الثورة “:المحافظة لطالما كانت محط أطماع وحصنًا منيعًا أمام أطماع الغزاة والمرتزقة
  • "ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة" فى ندوة لمجمع إعلام أسيوط
  • سؤال المنتصر والمهزوم في الحرب السريعة بين إيران والكيان
  • إيران ترد على العدوان الأمريكي بقصف “قاعدة العديد” في قطر