نيويورك تايمز: 3 خيارات أمام امريكا لمواجهة الحوثيين
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
تتصاعد التوترات والهجمات الحوثية في البحر الأحمر، إذ هاجم الحوثيون حتى الأمس ما لا يقل عن 33 سفينة بأنواع مختلفة من الصواريخ الباليستية والمسيرات، ما تسبب في تعطيل حركة الشحن العالمي، وأثار مخاوف من التضخم العالمي.
وفاقمت تلك الهجمات الحوثية المخاوف من أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والمستمرة منذ 7 أكتوبر الفائت، إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية
ونقل تقرير لـ"نيويورك تايمز" عن مسؤولين عسكريين أميركيين قولهم إن الحوثيين المدعومين من إيران أتقنوا تكتيكات الحرب غير النظامية، وأشاروا إلى أن هذه الجماعة لا تملك الكثير من مستودعات الأسلحة الكبيرة التي يمكن للطائرات المقاتلة الأميركية قصفها - فالمقاتلون الحوثيون يتنقلون باستمرار بالصواريخ التي يطلقونها من شاحنات صغيرة على الشواطئ النائية قبل أن يندفعوا بعيدًا.
وقال مسؤولون في البنتاغون إن الوابل الأول من الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة منذ ما يقرب من أسبوعين أصاب نحو 30 موقعًا في اليمن، ودمر نحو 90 بالمائة من الأهداف التي تم ضربها. ولكن حتى مع معدل النجاح المرتفع هذا، احتفظ الحوثيون بحوالي 75 بالمائة من قدرتهم على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن التي تعبر البحر الأحمر، حسبما اعترف هؤلاء المسؤولون.
ويقول المسؤولون الأميركيون للصحيفة إن الأسلحة التي يتم تدميرها يتم استبدالها، حيث يقوم تيار لا ينتهي من المراكب الشراعية بنقل المزيد من الأسلحة إلى اليمن
ويُعتقد أن الحوثيين كانت لديهم مواقع تجميع وتصنيع تحت الأرض حتى قبل بدء الحرب الأهلية في اليمن في عام 2014. واستولت الميليشيا على ترسانة الجيش في البلاد عندما استولت على العاصمة صنعاء قبل عقد من الزمن.
وقال محللون عسكريون إن الجماعة جمعت منذ ذلك الحين ترسانة متنوعة وفتاكة بشكل متزايد من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار الهجومية أحادية الاتجاه.
وبحسب "نيويورك تايمز" فإن "حزب الله" اللبناني قام بتدريبهم ليكونوا قادرين على التكيف مع متغيرات الحرب وكيفية أن يكونوا ديناميكيين للغاية.
ويقول محللون عسكريون إن هذا لا يترك للولايات المتحدة وشركائها في التحالف سوى ثلاثة خيارات قابلة للتطبيق، بالنظر إلى معايير الأهداف الاستراتيجية للرئيس جو بايدن في اليمن.
وتتمثل هذه الخيارات بقيام التحالف الذي أنشأته أميركا بالاستيلاء على الأسلحة الآتية عن طريق البحر من إيران؛ والعثور على الصواريخ، الأمر الذي يتطلب معلومات استخباراتية واسعة النطاق؛ أو مهاجمة مواقع الإطلاق. والخيار الثالث هو الأصعب.
وتضيف الصحيفة أن المسلحين الحوثيين يخفون قاذفات الصواريخ المتنقلة في مجموعة من المواقع، في أي مكان، من داخل المجاري إلى أسفل الجسور على الطرق السريعة. يتم نقلها بسهولة لعمليات الإطلاق المتسرعة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
نفط اليمن من حضرموت وشبوة إلى مأرب.. صراع على ثروة تحتضر
في قلب الأحداث المتسارعة التي تشهدها محافظة حضرموت يبرز ملف النفط كأحد أهم محركات الصراع المستعر منذ أشهر في المحافظة التي تستحوذ على أكبر مخزون وإنتاج نفطي في اليمن.
الصراع الذي يدور في المحافظة بين سلطاتها المحلية والعسكرية وبين المجاميع المسلحة التي يقودها الشيخ القبلي البارز عمرو بن حبريش ظل طوال نحو عام يتراوح على إيقاع هادئ، قبل أن يتصاعد بشكل خطير السبت الماضي.
تصاعد الصراع جاء بوصوله إلى داخل أهم منشآت ومواقع النفط في المحافظة، بعد إقدام قوات تابعة لابن حبريش السبت الماضي على السيطرة على منشآت وحقول نفط المسيلة، وطرد قوات الحماية التابعة للمنطقة العسكرية الثانية.
هذا التطور اللافت في المشهد بحضرموت أعاد تسليط الضوء على أهمية ملف النفط كدافع رئيسي للصراع في المحافظة، بل وفي اليمن عموماً، خلال سنوات الحرب التي اندلعت عام 2015.
فأعنف معارك الحرب طوال السنوات العشر كانت وما زالت تدور رحاها حول محافظة مأرب النفطية، التي تسعى مليشيا الحوثي للوصول إلى حقولها النفطية والغازية في صافر دون جدوى، وكانت أعنف محاولاتها خلال عامي 2020 و2021.
ورغم أن مليشيا الحوثي تكبدت نحو 15 ألف قتيل من عناصرها في تلك المحاولات، فإن فشلها الذريع، إلى جانب الهزيمة المذلة التي تلقتها على يد قوات العمالقة الجنوبية بطردها من المديريات الغربية لمحافظة شبوة، كان أحد أسباب قبولها باتفاق الهدنة في أبريل 2022.
كما أن طرد مليشيا الحوثي من مديريات بيحان وعسيلان مثل ضربة قاصمة لأحلامها في التمدد لاحقاً نحو حقول النفط بمحافظة شبوة، كمرحلة ثانية بعد نجاح محاولاتها في إسقاط مدينة مأرب والوصول إلى منطقة صافر.
وبعد عام من ذلك، شهدت محافظة شبوة جولة جديدة من الصراع المسلح، في المواجهات التي شهدتها في أغسطس 2022 بين قوات أمنية وعسكرية خاضعة للسلطة المحلية والمحافظ عوض الوزير، وأخرى متمردة عليه، انتهت بهزيمة الأخيرة.
ولم تكن تلك الجولة سوى حلقة من حلقات الصراع على الهيمنة على منابع الثروة النفطية في اليمن، كما هو الحال اليوم في محافظة حضرموت في مناطق النفط بالهضبة.
بل إن المحافظة على أعتاب صراع آخر قد يتفجر خلال الساعات القادمة، باتجاه مناطق الوادي التي تضم أيضاً حقولاً لإنتاج النفط، بعد وصول تحشيدات عسكرية ضخمة من قوات النخبة الحضرمية والقوات الجنوبية إلى مشارف مديريات الوادي، قرب مناطق انتشار الوحدات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى.
ومنذ سنوات، تشهد مديريات الوادي احتجاجات ومطالب شعبية تطالب بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى ونقلها إلى جبهات القتال ضد مليشيا الحوثي، وإحلال قوات النخبة الحضرمية بدلاً عنها، في حين يؤكد المجلس الانتقالي على ذلك باعتباره تنفيذاً لاتفاق الرياض الموقع عام 2019.
بروز تأثير النفط كمحرك رئيسي للصراعات في مناطق إنتاجه يأتي رغم الحقائق والأرقام التي ترسم صورة قاتمة لواقع إنتاج النفط في اليمن حالياً، ومستوى التدهور الكبير الذي شهده قطاع النفط خلال سنوات الحرب، إضافة إلى حجم التحديات التي تواجه هذا القطاع حاضراً ومستقبلاً جراء تداعيات الحرب.
ففي حين تغيب الأرقام الرسمية عن حجم الإنتاج الحقيقي للنفط الذي جرى استئنافه عام 2017 قبل أن يتوقف بهجمات مليشيا الحوثي أواخر عام 2022، تشير التقديرات إلى أنه لم يتجاوز 50% مما كان عليه قبل اندلاع الحرب.
تشير التقديرات إلى أن إنتاج النفط من حقول حضرموت وشبوة ومأرب قبل توقف التصدير تراوح بين 60 و80 ألف برميل يومياً، مقارنة بنحو 167 ألف برميل يومياً قبل انقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر 2014، في حين بلغ ذروة إنتاج اليمن من النفط عام 2002 نحو 439 ألف برميل يومياً.
هذا التراجع الكبير في الإنتاج قبل توقف التصدير أواخر 2022، مقارنة بما كان عليه قبل اندلاع الحرب في مارس 2015، يعود إلى مغادرة الشركات الأجنبية للبلاد بعد اندلاع الحرب، وتولي الشركات الوطنية عملية الإنتاج مثل صافر وبترومسيلة، وفق رؤية إحدى الجهات الحكومية.
إذ يرى رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس خالد باحميش، في إفادة قدمها للجنة برلمانية شكلها مجلس النواب منتصف 2023، أن التراجع في الإنتاج يعود إلى فشل الشركات الوطنية في تطوير الإنتاج في الحقول التي تسلمتها من الشركات الأجنبية، فضلاً عن عجزها عن حفر حقول إنتاج جديدة.
ويرى المسئول الحكومي أن ذلك أمر متوقع، نتيجة طبيعية لافتقار هذه الشركات الوطنية لما تتطلبه الصناعة النفطية من قدرات مالية عالية وتقنيات حديثة إضافة إلى رأس مال كبير.
في حين يرى خبراء ومختصون في ملف النفط أن تراجع الإنتاج يعود إلى حجم الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له حقول الإنتاج، وخاصة في محافظتي مأرب وحضرموت بنسبة تتراوح بين 80 و90%، بينما الأمر أقل حدة بالنسبة لشبوة؛ غير أن حجم الإنتاج المتاح من حقولها لا يخفف من وطأة الأزمة.
ويشير هؤلاء إلى أن ذلك يعود إلى غياب أي عمليات استكشاف لحقول جديدة من قبل الشركات الأجنبية التي تمتلك الإمكانيات لتنفيذ هذه العمليات، حيث توقفت منذ الاضطرابات السياسية عام 2011 مروراً بانقلاب مليشيا الحوثي وتسببها في اندلاع الحرب عام 2015 والمستمرة حتى اليوم.
ويؤكدون أن هجمات مليشيا الحوثي التي أوقفت تصدير النفط أواخر 2022 مثلت ضربة قاصمة لمحاولات إنقاذ القطاع النفطي، إذ قطعت الطريق أمام أي جهود حكومية لعودة الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاع بالمناطق المحررة.
واقع الاحتضار الذي يعيشه القطاع النفطي يثير علامات استفهام حول حدة الصراعات التي يحركها ملف النفط في المناطق المحررة، كما أن عائداته الاقتصادية المحدودة تطرح سؤالاً منطقياً حول مصطلح "الثروة النفطية" ذاته.
فوفق تقارير البنك المركزي في عدن، لم تتجاوز صادرات النفط لعام 2022 نحو 900 مليون دولار، بينما بلغت واردات المشتقات النفطية للعام نفسه 3.4 مليار دولار، ما يكشف حجم الفجوة بين واقع "الثروة النفطية" في اليمن واحتياجاته الاستهلاكية منها.