العراق يسعى لإنهاء مهمة التحالف الدولي.. والولايات المتحدة تتعامل بحذر
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
يناير 29, 2024آخر تحديث: يناير 29, 2024
المستقلة/- كشفت تصريحات المسؤولين العراقيين والأميركيين، أن اللقاء الأول الذي عُقد بين الجانبين في بغداد، أول من أمس السبت، في إطار الحوارات بين بغداد وواشنطن، بشأن إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، جرى الاتفاق خلاله على تشكيل “3 مجموعات عمل” تتولى عملية “تقييم” و”مراجعات”، بحسب بيان للحكومة العراقية، لـ”مستوى التهديد الذي يمثله داعش”، و”المتطلبات العملياتية والظرفية”، و”تعزيز القدرات للقوات العراقية”.
وحتى الآن، من غير المعلوم كم من الوقت الذي ستستغرقه اللجان لإنجاز التقييم أو المراجعة للملفات الثلاثة العاملة عليها، لكن المسؤول ذاته قال إنها “قد تستغرق عدة أشهر”، بعدها سيتم “الاتفاق على الذهاب إلى مفاوضات في ضوء التقييم الموجود”. واعتبر أن “إنهاء دور التحالف في العراق، في حال تقرّر فعلاً، سيكون ضمن جدول زمني وعلى مراحل قد تمتد بين عامين وثلاثة أعوام”.
مخاوف من الفصائل المسلحة
ويُهدد استمرار هجمات الفصائل المسلحة على المعسكرات والمواقع الأميركية في العراق والأراضي السورية، الحوارات بين واشنطن وبغداد، واستمرار عمل اللجان الثلاث، خصوصاً في حال ردّ واشنطن على تلك الهجمات بضربات جوية جديدة على مقرات الفصائل المسلحة.
موقف القوى السياسية
ولفت وتوت إلى أن “القوى السياسية والبرلمان وائتلاف إدارة الدولة والفريق العسكري المتخصص يتابعون سير عملية انسحاب القوات الأجنبية، ويبدو أن هذه المرة تختلف عن بقية المرات التي شهدت حديثاً عن إخراج القوات الأجنبية، لا سيما أن الوضع العراقي بات لا يسمح ببقائها أكثر، جرّاء التوترات الأمنية التي تسبب فيها هذا الوجود، فضلاً عن التجاوزات على مقرات الحشد الشعبي وقتل قادته”.
توقعات الباحثين
وحول الملف، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي أحمد الجعفري، لـ”العربي الجديد”، إن “بيانات الحكومة العراقية، تسعى بالمجمل إلى إقناع الفصائل المسلحة بالتهدئة، من خلال استعمال مفردات التفاوض والانسحاب والجدول الزمني، وإنهاء مهمة التحالف الدولي. في المقابل، فإن الأميركيين يتعاملون مع الاجتماع الأخير في بغداد على أنه لإعادة تقييم تسبق أي حديث عن الانسحاب أو إنهاء دور التحالف”.
وأضاف الجعفري: “نحن هنا أمام ملف شائك ومعقد، لكن بالمجمل حكومة السوداني لا تريد أن تدخل في مواجهة خاسرة مع الجانب الأميركي، قد تجعل العراق في النهاية ضمن دول المحور الإيراني ويكون عرضة لعقوبات مختلفة”. ورجّح أن “تكون هذه الحوارات الجديدة بداية جولات تطول لأكثر من عام، قبل أن يُصار إلى تحديد شكل علاقة أمنية وعسكرية جديدة مع العراق”.
بدأت الحكومة العراقية والولايات المتحدة حواراً لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، من خلال تشكيل 3 مجموعات عمل ستتولى تقييم مستوى تهديد تنظيم داعش، والاحتياجات العملياتية والظرفية، وقدرات القوات العراقية. وعلى إثر ذلك، ستنطلق المفاوضات بين الجانبين لصياغة جدول زمني للانسحاب الأميركي من العراق.
ويواجه هذا الحوار عدة تحديات، أبرزها استمرار هجمات الفصائل المسلحة على القوات الأميركية، واختلاف وجهات النظر بين الجانبين بشأن الجدول الزمني للانسحاب.
نقلا عن صحيفة العربي الجديد القطرية
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: مهمة التحالف الدولی الفصائل المسلحة بین الجانبین فی العراق
إقرأ أيضاً:
كيف ينجح مارك سافايا في مهمته العراقية الصعبة؟
آخر تحديث: 8 دجنبر 2025 - 9:52 ص بقلم :حميد الكفائي لا شك في أن تعيين الرئيس ترامب مبعوثاً أميركياً للعراق أمر ذو دلالة هامة بخصوص علاقة أميركا بالعراق، أما أن يكون المبعوث الأميركي عراقياً، فإن المنفعة المأمولة من مهمته ستكون مضاعفة، أميركياً وعراقياً.لكن نجاح المبعوث الأميركي مارك سافايا في مهمته غير مضمون، إن لم يتعرف بعمق على أسباب تدهور علاقات العراق بأميركا أولاً، وأسباب تعثر الديموقراطية والتنمية في العراق، ثانياً.المشكلة العراقية معقدة، وليس بإمكان رجل أعمال، متشعب الاهتمامات ويعيش خارج العراق، أن ينجح فيها، وإن كان مصمماً على خدمة بلده الأول، وعازماً على خدمة بلده الثاني، وتحقيق النجاح في مهمته التي كلفه بها الرئيس الأميركي شخصياً. النجاح الأولي الذي حققه سافايا بإطلاق سراح الباحثة الروسية المختطفة، كان بداية تبشر بخير، وتُنبئ بنجاحات مستقبلية، بل هو مفتاح لفهم الوضع المأزوم في العراق. فالذي خطف الباحثة الروسية ميليشيات تابعة لإيران، وهي مليشيات متنفذة تمتلك السلاح والمال والمعلومات والصفة الرسمية التي تبيح لها التصرف بإمكانيات الدولة العراقية، وفقما تشاء، لذلك تمكنت من خطف إليزابث سوركوف وإخفائها لسنتين، بينما عجزت الحكومة العراقية أن تعثر على مكان احتجازها، أو الأشخاص الذين نفذوا المَهمة. إذن، يجب أن تبدأ مَهمة المبعوث الأميركي – العراقي بتفكيك هذه الميليشيات ونزع سلاحها ومحاسبة قادتها الذين اعتدوا على الدولة العراقية وفرطوا بسيادتها وقتلوا وخطفوا العراقيين والأميركيين طوال عقدين من الزمن ونهبوا المال العام ونقلوه إلى إيران كي تموِّل به نشاطاتها الموجهة ضد دول المنطقة أولاً، وضد أميركا ثانياً. هؤلاء هم الذين قتلوا وخطفوا وغيبوا مئات العراقيين من العلماء والصحافيين والأكاديميين والكتاب والناشطين، وقتلوا الأجانب، سياحاً وموظفين وديبلوماسيين وعمال إغاثة، أميركيين وبريطانيين وآسيويين وأوروبيين وعرباً وغيرهم. وهم الذين ملأوا المؤسسات العراقية بأتباعهم غير الأكفاء الذين سخروها لمصالحهم الشخصية وتسهيل مهمة إيران في العراق والبلدان العربية. وهم الذين أصابوا الديموقراطية بمقتل، فصارت الانتخابات لا تعبِّر عن إرادة الشعب بل عن إرادة الولي الفقيه وأتباعه. وصار الناشطون العراقيون يقتلون بفتاوى من خلف الحدود، كما اعترف أحدهم بذلك. وتحولت وسائل الإعلام، بما فيها إعلام الدولة الرسمي، إلى أدوات تطبيل لوكلاء إيران وسياساتها التخريبية. وهم الذين أضاعوا فرصة إقامة دولة عصرية مزدهرة ومنسجمة مع العالم. كل شيء في العراق الآن يحتاج إلى إعادة هيكلة، من مؤسسات القطاع العام، متمثلة بجهاز الخدمة المدنية والجيش والشرطة والبنك المركزي والبنوك الحكومية، إلى القطاع الخاص متمثلاً بالشركات وزبائن الجماعات السياسية الذين خربوا الاقتصاد وساهموا في تدهور الخدمات والمرافق العامة. إن معالجة هذه الأمور ليست معضلة عصية على الحل، بل يمكن تنفيذها عبر اتخاذ قرارات سياسية شجاعة، ومن يخالف هذه القرارات يُحاسب قضائياً ويُردع أمنياً. يجب أن يعود المهجّرون العراقيون، في الداخل والخارج، إلى ديارهم، ويمارسوا دورهم في بناء الدولة، وأن يُرفع الحيف عنهم وتلغى الأحكام التعسفية الصادرة بحقهم. ولا بد من ملاحقة سراق المال العام واستعادة الأموال المنهوبة. قد تكون هذه المهمة معقدة، ولكن يجب ألا تترك للصدفة لأنها خطيرة. لن يكتفي السراق بحرمان العراقيين من أموالهم، بل سيسخرون الأموال المسروقة لعرقلة تقدم البلد ولعب دور تخريبي. مارك سافايا لا يمتلك حلولاً سحرية إن بقي وحيداً في تنفيذ المهمة، وإن لم يحصل على الدعم الذي يحتاجه، من العراقيين والأميركيين. لكنه بحاجة إلى الاستعانة بالعراقيين في الداخل والخارج، كي يسندوه في مهمته ويوفروا له الدعم الذي يحتاجه، كما يحتاج لأن يسترشد بأهل الخبرة في الشأن العراقي كي يساعدوه على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة عراقيا وأميركياً. على الأمد المتوسط، لا بد من تعديل الدستور وإزالة المواد الغامضة منه، أو تلك التي تجعل تعديله صعباً، كالمادة 142- رابعاً، التي تشترط عدم معارضة ثلثي الناخبين في ثلاث محافظات لأي تعديل للدستور. من الضروري أن يحظر الدستور توظيف الدين لأغراض سياسية وانخراط رجال الدين والقضاة وضباط الجيش والشرطة في العمل السياسي. كل الدول الديمقراطية تحظر انخراط هذه الفئات في العمل السياسي، لأن هناك تناقضاً بين الوظائف التي يؤديها هؤلاء، والتي تتطلب الحياد، وبين العمل السياسي الذي ينطوي على الانحياز. السياسي منحاز لحزبه وأفكاره، بينما القاضي ورجل الدين ومنتسب الأمن والجيش يجب أن يكونوا محايدين كي لا يميزوا بين الموطنين. المشروع الإيراني في العراق ليس مشروعاً إسلامياً أو شيعياً كما يتوهم البعض، بل هو مشروع قومي إيراني يستهدف الاستيلاء على العراق وجعله دولة تابعة تُسخَّر لخدمة إيران وفق ما يرتضيه حكامها، فهكذا كان يفكر حكام إيران عبر القرون، ولن يستطيع العراق أن يكون دولة مستقلة ذات سيادة إلا عبر التماسك الوطني والتحالف مع الولايات المتحدة. إن لم يتمكن العراقيون من وأد المشروع الإيراني الآن، فإن مستقبل العراق والمنطقة آيل إلى نهاية غير سعيدة، ولن يكون هذا في صالح العالم.