عربي21:
2025-06-12@03:16:38 GMT

وقف تمويل الأونروا استكمال للسقوط الأخلاقي

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية على وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، بوقف تمويلها من بعض الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وأستراليا وفنلندا وايطاليا وسويسرا وهولندا والسويد واليابان، بمزاعم اسرائيلية جديدة عن اشتراك 12 من العاملين بالوكالة في غزة في عملية "طوفان الأقصى"، يعيدنا لسلسلة من المزاعم الإسرائيلية والأمريكية التي ترى في الوكالة وعملها ووجودها تذكير المغتصب الصهيوني بجريمته الكبرى (النكبة) بحق الشعب الفلسطيني عام 1948، وأن تصفية عمل الوكالة هو أحد الأهداف التي عملت عليها الإدارة الأمريكية السابقة، في عهد دونالد ترامب، عندما أخذت قرار وقف التمويل كليا عن الأونروا في آب/ أغسطس 2018، وكان الهدف الرئيس من ذلك يتماشى مع صفقة القرن التي وضعتها إدارة ترامب في سياق التفاهم الأمريكي الإسرائيلي على تصفية حق اللاجئين.



وقف التمويل يتسبب بالضرر المباشر للفلسطينيين، ولا يقف عند حدود وقف المساهمة المالية، بقدر الضغط على تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني. ولا ريب أن هناك بعض التأثير النسبي في بث روح اليأس لكسر إرادة الشعب الفلسطيني بمقاومته لمشاريع التصفية والإبادة، وعلى اعتبار أن الهجمة الصهيونية لم تتوقف على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووصفه بأنه معادٍ للسامية ويعمل كبوق لحركة "حماس"؛ وقف التمويل يتسبب بالضرر المباشر للفلسطينيين، ولا يقف عند حدود وقف المساهمة المالية، بقدر الضغط على تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني. ولا ريب أن هناك بعض التأثير النسبي في بث روح اليأس لكسر إرادة الشعب الفلسطيني بمقاومته لمشاريع التصفية والإبادةعندما انتقد جرائم الاحتلال وقتل الأطفال والنساء، فكانت أجواء استهداف أعمال الوكالة الدولية ومقراتها في قطاع غزة بضربات مباشرة تستند لأكاذيب صهيونية مفضوحة، وذلك على إثر القصف الذي أودى بحياة الآلاف من الفلسطينيين الذين احتموا بمقرات المنظمة الدولية من مدارس ومستوصفات ومؤسسات، وقد أصبحت عاجزة عن تقديم العون للاجئين والنازحين في القطاع.

وحال مقرات وكالة الأونروا لن يكون أفضل حالا من المشافي وكل البنى التحتية، التي تعرضت للتدمير تحت ذريعة وجود أنفاق تحتها، أو اعتبار من نزح إليها هم عائلات المقاومين كما تزعم الرواية الصهيونية.

لا يمكن قراءة خطوة تعليق المساهمة المالية للأونروا، سوى خدمة لسياسات الاحتلال الاسرائيلي، والتي عبّر عنها وزير خارجية الاحتلال، يسرائيل كاتس، بأن إسرائيل تهدف إلى ضمان "ألا تكون الأونروا جزءا من المرحلة" التي تلي الحرب، مضيفا أنه سيسعى إلى حشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف مانحة أخرى رئيسية.

وقف تمويل الأونروا يمثل جريمة جديدة على مجتمع اللاجئين الفلسطينيين الذي يئن من عدوان الاحتلال وجرائمه، والتوقيت الآن، في ذروة الكارثة الفلسطينية، يخدم جرائم الإبادة، التي منها جريمة تجويع السكان المدنيين بعد حصارهم وقصفهم بشكل وحشي، وكمقدمة لتسهيل خطوة تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في بقية دول اللجوء، من خلال الدفع بوقف التمويل وإنهاء الخدمات التي تقدمها الأونروا في مناطق عملياتها الخمس في لبنان والأردن وسوريا وقطاع غزة، ولأن وجود الوكالة يمثل عقبة في وجه مشاريع سياسية تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، بسبب المسؤولية الأممية الأخلاقية والسياسية المترتبة على إنشاء الأونروا عقب النكبة الفلسطينية.

ذريعة الممولين للأونروا بوقف التمويل، تستند لمزاعم إسرائيلية لم يتم التحقق منها، وبغض النظر عن السبب وعدد "المتورطين" 12 شخصا من أصل 30 ألف عامل، كما ادعى الاحتلال والممولين، فإن السؤال عن جريمة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين هي التي تستحق الوقوف عندها، وتعليق المفوض العام للأونروا "فيليب لازاريني" بالتعبير عن صدمته و"تشديده على أن قرارات وقف التمويل تهدد العمل الإنساني الجاري حاليا في المنطقة خاصة في غزة"، وتأكيده أنه لم يكن الفلسطينيون في قطاع غزة بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي" في ذروة العدوان؛ يؤكد مجددا سياسة النفاق الغربي والأمريكي من معاناة الفلسطينيين.

التحدي الناجم عن قرار وقف تمويل الأونروا الذي اتخذته بعض الدول الغربية، وعن كيفية الحفاظ على ضمان وصول المساعدات للفلسطينيين أثناء الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، ورفض مقايضة هذه المساعدات بفرض شروط مهينة ومذلة على الضحايا، ومنها الاستسلام الجماعي الذي تحاول الإدارة الأمريكية والمؤسسة الصهيونية فرضه بحصار مضاعف، يفرض مجموعة أخرى من المسؤوليات العربية والدولية لمواجهتها. وسرعة رد رئيس المجلس النرويجي للاجئين "يان إيغلاند" بأن خطوة تعليق المساهمة بالتمويل تهدف لإحداث مجاعة مركبة للأطفال والنساء والعائلات في غزة، تعني أن العمل الانساني سينهار ويزداد تعقيدا، ووصفها البعض الآخر بأنها انحطاط أخلاقي لمعاقبة من يتعرض للتدمير الشامل.

اعتماد سياسة الضغط على الأونروا يعيد للواجهة الخطط الأمريكية والإسرائيلية لتصفية هذه المؤسسة الدولية المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والتي لطالما ذكّرت الاحتلال وداعميه بجريمتهم الكبرى
ما يجب العمل عليه سياسيا، تكثيف استثنائي لخطورة الخطوة التي أقدمت عليها بعض الدول الغربية بتعليق المساهمة بتمويل الأونروا. ويبقى السؤال عن المساهمة العربية في التمويل والحاجة لزيادتها، لأن هناك فئات واسعة من اللاجئين الفلسطينيين في غزة تعتمد على المساعدة المقدمة من الوكالة، وإيجاد بدائل سريعة لسد النقص لتوفير مقومات صمود المجتمع الفلسطيني، أما التلطي وراء أعذار المؤسسة الصهيونية بوقف المساهمة بالتمويل، فيعني مساهمة مباشرة بحرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم بعدما اعتبر جيش الاحتلال كل المؤسسات الإغاثية الصحية والإنسانية والتعليمية أهدافا "مشروعة" له لتدميرها وقتل العاملين فيها، وتمثل عمليا مشاركة صريحة في حرب الإبادة على الفلسطينيين وتطبيق سياسة العقاب الجماعي عليهم وبما يحاكي سياسة الاحتلال وعدوانه عليهم.

أخيرا، اعتماد سياسة الضغط على الأونروا يعيد للواجهة الخطط الأمريكية والإسرائيلية لتصفية هذه المؤسسة الدولية المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والتي لطالما ذكّرت الاحتلال وداعميه بجريمتهم الكبرى، ومن يُضفي عليها الطابع السياسي هي نفس الدول التي تعمل على تسييس أعمالها الهادفة إلى توفير مناخات من الإحباط واليأس، والتعجيل بتأزيم خانق على غزة للتخلص من مشكلة اللاجئين والمرتبطة بنكبتهم وحقهم بالعودة.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اللاجئين الفلسطينيين غزة المساعدات فلسطين غزة مساعدات لاجئين الأنروا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین الفلسطینیین الشعب الفلسطینی وقف التمویل الضغط على فی غزة

إقرأ أيضاً:

فريدمان: حكومة نتنياهو تقود يهود العالم إلى العزلة والعار الأخلاقي

وجه الصحفي الأمريكي البارز توماس فريدمان تحذيرًا شديد اللهجة من السياسات التي تتبعها حكومة بنيامين نتنياهو، معتبرًا أنها لا تهدد فقط مستقبل "إسرائيل"، بل تضع الوجود اليهودي العالمي برمته في مهب الريح. 

سي إن إن: ترامب يضغط على نتنياهو لإنهاء حرب غزة فورًاإصابة جنديين إسرائيليين وتصاعد الخسائر الإنسانية في غزة وسط استمرار العدوانالمتحدثة السابقة للخارجية الأمريكية: استقلت بسبب تواطؤ واشنطن في جرائم غزةرئيس الوزراء البريطاني: الوضع الإنساني في غزة مروع

وفي مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”،  عبر فريدمان عن قلقه من أن سياسات نتنياهو، وخاصة في قطاع غزة، تدفع العالم نحو موجة متصاعدة من معاداة السامية، وتجعل من "إسرائيل" مصدر خطر أخلاقي وسياسي على اليهود في كل مكان.

وأشار فريدمان إلى أن الصورة التي كانت قائمة حول إسرائيل كـ"ملاذ آمن" لليهود بدأت تتلاشى، لتحل محلها صورة دولة تُغذي مشاعر الكراهية ضد اليهود، نتيجة ما وصفه بـ"الحرب العديمة المعنى" التي فقدت أي أهداف استراتيجية واضحة.

 وأضاف أن هذه الحرب، التي بدأت كردّ على هجوم 7 أكتوبر، تحولت إلى صراع يخدم فقط أجندة حكومة يمينية متطرفة، تسعى لتطهير غزة وإعادة توطين اليهود فيها، في خطوة وصفها بـ"الانهيار الأخلاقي الخطير".

وفي هذا السياق، نقل فريدمان عن عدد من الطيارين الإسرائيليين المتقاعدين وأفراد الاحتياط في سلاح الجو، أعضاء "منتدى 555"، الذين وجهوا رسالة مفتوحة إلى زملائهم، دعوهم فيها إلى رفض تنفيذ أوامر يعتقدون أنها تفتقر إلى البعد الأخلاقي. 

وأكدوا أن سلاح الجو بات يُستخدم كأداة لتنفيذ سياسة لا ترى أي بريء في غزة، مشيرين إلى ضربة جوية في 18 مارس أسفرت عن مقتل نحو 300 شخص، بينهم أطفال، دون أي توضيح أو مساءلة.

كما لفت فريدمان إلى أن قادة عسكريين وأمنيين سابقين، منضوين تحت مظلة مجموعة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، شاركوا في توجيه نداء ليهود الشتات يدعون فيه إلى كسر الصمت ورفض هذا "الجنون" الذي يهدد بتفكيك "إسرائيل" من الداخل، ويحمل في طياته خطرًا على اليهود في كل العالم.

واختتم فريدمان مقاله بالتأكيد أنه يكتب هذه الكلمات بصفته يهوديًا يؤمن بحق الشعب اليهودي في العيش بأمان وكرامة، لكنه يرى أن صمت يهود العالم تجاه ما يحدث من انتهاكات واستبداد يحوّلهم إلى شركاء في العار، محذرًا من أن الثمن سيكون باهظًا إن استمرت الأمور على هذا النحو.

طباعة شارك توماس فريدمان حكومة بنيامين نتنياهو مستقبل إسرائيل الوجود اليهودي العالمي سياسات نتنياهو قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • نيران الاحتلال تحصد أرواح الفلسطينيين.. نزيف غزة يتواصل قرب «المساعدات»
  • فريدمان: حكومة نتنياهو تقود يهود العالم إلى العزلة والعار الأخلاقي
  • البعد الأخلاقي في مسيرة الابتكار الإنساني (2- 3)
  • الأونروا: نظام توزيع المساعدات في غزة «مصائد موت» لإبادة الفلسطينيين
  • قوات الاحتلال تطلق النار على أحد الشبان الفلسطينيين في نابلس
  • “الأونروا”: الاحتلال يجبر سكان غزة على السير عشرات الكيلومترات للحصول على المساعدات
  • ما هي فصائل السلام التي شكلتها بريطانيا لقمع ثورة الفلسطينيين؟
  • عقوبات أوروبية على بن جفير وسموتريتش لتحريضهما على العنف ضد الفلسطينيين
  • نواب: استيلاء الاحتلال على السفينة مادلين تصعيد خطير لتجويع الفلسطينيين
  • “مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال