حل الدولتين أم حل العودتين!؟ (1)
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
تتردد على مسامعنا كثيراً عبارة “حل الدولتين” في سياق الحديث عن حل نهائي، وتسوية مُرضية للطرفين في الصراع بين الشعب الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي، والمستمر منذ أكثر من سبعة عقود متوالية، وذلك على المستويين الرسمي والعام، ومن قبل جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، ولكن النظر في الخلفية التاريخية لهذا الصراع بين الشعب الفلسطيني، والمحتل الإسرائيلي يُعطي تصوراً واضحاً عن استحالة تطبيق هذا الحل على أرض الواقع، فضلاً عن عدم إمكانية قبول هذا الحل على المستوى النظري لعدم مشروعيته؛ دينياً وأخلاقياً بالنسبة للشعب الفلسطيني، وأمة الإسلام، وأحرار العالم أصحاب الفطر السوية والعقول المستقيمة، فالحل غير قابل للتحقق من الناحية العملية أيضاً، فالجانب الإسرائيلي يُجدد رفضه لهذا الحل المقترح رغم كونه يحظى بقبول كثير من دول العالم، وذلك من خلال التردد، والتأجيل المستمر لأي اعتراف بقيام دولة فلسطينية مستقلة، كما يعمل بقوة على إعاقة مساعي الدولة الفلسطينية المستقلة إقليمياً ودولياً، ويجسد الكيان الصهيوني رفضه على أرض الواقع من خلال إجراءات فعلية، وممارسات عملية، وأهمها استمراره – بشكل متعمد وممنهج – في بناء المستوطنات في مناطق الضفة الغربية، وهي الجزء الأكبر من الأرض التي من المفترض أن تقام الدولة الفلسطينية المقترحة عليها، وتستمر تل أبيب في دعم عملية الاستيطان، رغم المخالفة الصريحة للقانون الدولي الذي ينص على أن تلك المستوطنات في الضفة الغربية غير مشروعة، وتعتبرها الأمم المتحدة احتلالاً للأراضي الفلسطينية.
وفي الحقيقة أن مشروع إقامة الدولتين تعرض للوأد، وهو في المهد، فلم يبق منه إلا الكلام فيه، فرغم أن “حل الدولتين ” شكل حجر الأساس الذي قام عليه اتفاق أوسلو للسلام عام 1993م، والذي تم على أساسه اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بشرعية دولة إسرائيل وحقها في الوجود، ونبذ العنف ضدها، وإنشاء السلطة الفلسطينية التي تتمتع بحكم ذاتي على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن هذا الاتفاق كان مكسباً لطرف واحد منذ البداية، ففي حين انتزعت إسرائيل اعترافاً رسمياً بها من الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني آنذاك، ظلت إسرائيل تماطل بعدها في الاعتراف بالدولة التي حلم بها بعض الفلسطينيين لأكثر من ثلاث عقود، فبدا، وكأن اتفاق أوسلو تنازل من طرف واحد مقابل لا شيء، بالإضافة إلى أن السلام المنشود لم يتحقق أبداً، بسبب استمرار الرفض الشعبي المتبادل من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين، على حد سواء لحل الدولتين، فما لبث الرئيس الإسرائيلي “إسحق رابين” الموقع على اتفاق أوسلو أن اِغتيل على يد يهودي قومي متطرف اسمه “إيجال عامير” عام 1995م، اعتراضاً على خيار السلام مع الفلسطينيين، ومنعاً لإقامة الدولة الفلسطينية على لسان القاتل نفسه، والملفت أن الموقف الإسرائيلي الشعبي كان متعاطفاً بشكل ضمني مع هذا المتطرف، منذ عملية الاغتيال. وقد استغل التيار اليميني الإسرائيلي الحدث، ليَصعد إلى السلطة بعد ذلك، ويُبعثر مسار السلام، ويعيق إقامة الدولة الفلسطينية.
وعلى الجانب الآخر، كان الموقف الشعبي الفلسطيني أكثر صرامة وحزماً في رفض مسار السلام، وحل الدولتين، وأكثر إصراراً على خيار المقاومة ضد الاحتلال، وعدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وتَرجم الشعب الفلسطيني إرداته تلك من خلال انتخابه لحركة المقاومة “حماس” بأغلبية ساحقة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006م، حيث فازت حركة حماس بـ 76 مقعد من أصل 132 في انتخابات شملت الضفة وغزة معاً، ومن المعلوم أن حركة حماس رفضت مسار أسلو منذ البداية، وأصرت على خيار المقاومة المسلحة، ونفذت العديد من العمليات الاستشهادية ضد الإسرائيليين في غزة، وداخل الأراضي المحتلة. وحتى حين قَبلت حماس مبدئياً بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م، فإنها شددت على عدم نيتها الاعتراف بإسرائيل. ومازال الموقف الشعب الفلسطيني حتى اليوم ثابتاً، فاستطلاعات الرأي تُثبت أن أغلبية الفلسطينيين يؤيدون خيار المقاومة المسلحة، والحرب مع إسرائيل حتى بعد بدء معركة طوفان الأقصى لتحرير الأرض وطرد المستعمرين.
إن تعنّت المحتل الإسرائيلي الصريح، أحبطت بعض الفلسطينيين، ممن كانوا يُعلقون الآمال على مسار أوسلو، فحتى هؤلاء خاب أملهم، واجهوا الحقيقة التي تقول: إن العدو الإسرائيلي كان يُمنّيهم بإقامة الدولة الفلسطينية بالوعود الكاذبة، والتصريحات التي لم يكن الهدف منها إلا المماطلة التي تغطي على استمرار عملية الاستيطان والاحتلال التدريجي للضفة الغربية، حتى يصبح خيار إقامة الدولة الفلسطينية غير ممكن من الناحية العملية، وذلك بعد خنق المدن والأراضي الفلسطينية تدريجياً، فيجبر الفلسطينيون على التخلي عن طموحهم بحكم الأمر الواقع. بل إن الحكومات الإسرائيلية بدأت برفض حل الدولتين حتى على الصعيد الرسمي والدبلوماسي المعلن، والعمل بالتزامن مع ذلك على تصفية الوجود الفلسطيني، فبلغ الأمر برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه أعلن على منبر الأمم المتحدة قبل بدء معركة طوفان الأقصى أن حل الدولتين بات من الماضي، وأن مسار التطبيع مع الدول العربية لن يتوقف.
وإن موقف نتنياهو، ومن تبعه من الصهاينة المحتلين ليس مستغرباً، فلطالما كانت الصهيونية كإيديولجيا وعقيدة سياسية-دينية، تؤمن بأن أرض فلسطين كلها حقٌ تاريخي وديني لليهود، وذلك بموجب النصوص التوراتية، وأنها أرض الميعاد لشعب بني إسرائيل المحروم من الأرض (حسب ادعاءاتهم)!
فقد كانت عقيدة أرض الميعاد حاضرة بقوة في المتأثرين بأفكار وثقافة، وتاريخ العهد القديم للديانة اليهودية، والمذهب البروتستانتي النصراني، وتتلخص هذه العقيدة في أن الله عز وجل، قد أعطى اليهود منذ أن كان اسمهم (بني إسرائيل) أرض فلسطين، ووعدهم بملكها للأبد، وأباح لهم -على حسب زعمهم- أن يَقتلوا، ويطردوا الأقوام كلهم، والذين كانوا يعيشون فيها، كما دعاهم ألا يمكنوا أحداً من العيش فيها إلى جوارهم، فهي مُلك خاص لهم، وميراث خاص بهم، هذا ما آمنت به بعض جماعات اليهود منذ القديم، وهذه هي العقيدة التي استقرت في نفوسهم، حتى بعد أن طُردوا منها منذ ألفي سنة تقريباً، ولقد ظلوا قروناً كثيرة، وهم ينتظرون الملِك المخلص، والقائد المنصور (الماشيح المنتظر)، ليجمعهم، ويقودهم إلى فلسطين من جديد، فجاءت اليهودية “الصهيونية” التي سبقت المسيح المنتظر، وقادتهم إلى فلسطين، حيث أعلنوا عن قيام دولتهم في مايو عام 1948م. فمن الواضح بأن من يؤمن بهذه المعتقدات لن ينسجم مع فكرة التخلي عن أي شبر من أرض فلسطين المحتلة مستقبلاً، ولن يمكّن الفلسطينيون من العيش فيها.
لقد غرست النبوءات الكثيرة التي نسبوها إلى أنبيائهم هذه العقيدة في قلوبهم، وأنا هنا لا أناقش هذه النبوءات، ومدى صدقها، فتاريخ اليهود القديم في فلسطين يُكذبها، وينسفها نسفاً، وهناك العشرات من النصوص المثبتة في العهد القديم، تقول: بأنهم أُورثوا الأرض بشرط الإيمان والطاعة، وإن هم أخلوا بالشرط فسوف يطردون، ويشتتون في أنحاء الدنيا كلها، وهذا ما كان.
ومن ثم، سعت الصهيونية -في محاولات جادة- لتشويه وطمس القضية الفلسطينية، وذلك في حملات من التضليل المتعمد، والادعاءات الكاذبة، والدعاية المخادعة، التي تراكمت طوال العقود؛ لكي تبرهن لليهود أولاً، وللرأي العام العالمي ثانياً، أحقيتها دون غيرها في فلسطين. وأسندت الدعاية الصهيونية في تبرير احتلالها لفلسطين، وما جاورها من مناطق (المشرق العربي)، على حقوق اخترعها اليهود، وكانت قبلاً لا وجود لها في أيّ قاموس علمي، أو سياسي، أو تاريخي، أو اجتماعي، أو غيره، في أي عصر من العصور؛ ومن ذلك:
أ- الحق التاريخي:
مضمون الحق التاريخي، استيطان اليهود الغابرين (فلسطين)، وإقامة كيان سياسي فيها، في فترات قصيرة ومنقطعة الزمن. وهذا الحق -المزعوم- ساقط لما يأتي:
– إن العرب أول من استوطن (فلسطين)، ولم ينقطع وجودهم فيها على مرّ التاريخ إلى يومنا هذا، وأقدمُ هجرةٍ حفظها التاريخ إلى فلسطين هي هجرة سكان الجزيرة العربية من الكنعانيين، فبعدما أخذ الجفاف ينتشر في المناطق الصحراوية، اضطروا إلى الهجرة إلى مناطق ذات موارد مائية وفيرة، فكانت الهجرة إلى فلسطين، وما جاورها شرقاً وغرباً، حيث كانت من أخصب الأراضي بالخيرات الزراعية والمعدنية منذ العصور القديمة، ويطلق عليها بلاد الشام، أي: سورية، ولبنان، وفلسطين، وشرقي الأردن.
وكانت النشأة الأولى لمدينة القدس على أيدي العرب اليبوسيين الذين وصلوا إلى موقع القدس في موجة انتقال بشري من شبه الجزيرة العربية في حدود عام 2300 ق.م. وقد أثبت علماء الآثار -بعد الحفريات والتنقيب، وبعد دراسة بعض الآثار من حصون المدينة- أنها أنشئت عام 1800 ق.م، أي قبل غزوة العبرانيين لها، قرابة 800 ق.م.
ومنذ عام 1967م، بدأ الإسرائيليون بالتنقيب، وإجراء الحفريات في محيط القدس، وخصوصاً أسفل قبة الصخرة والمسجد الأقصى، بحثاً عن الهيكل المزعوم، ولكنهم لم يجدوا شيئاً وأصابهم اليأس، بل وجدوا آثاراً وشواهد تؤكد عروبة المدينة وإسلاميتها. وإن كان ثمة شيء من آثارهم، فقد انتهت بعد حروب البابليين والإيرانيين، ولم يبق شيء من الآثار الإسرائيلية، وخاصة بعد حرب (تيتوس) الروماني، بل أقام مكانه معبداً عظيماً لأحد آلهته، وغيَّر اسمَ أورشليم إلى (إيليا)، كما ذكرنا سابقا.
إن العرب لم ينقطع وجودهم التاريخي من فلسطين منذ الحضارات القديمة إلى يومنا هذا، كما أن فلسطين قد تعاقب على حكمها عدة دول: الكنعانية، والمصرية، والفلسطينية، واليهودية، والآشورية، والبابلية، والفارسية، واليونانية، والرومانية، والإسلامية، والصليبية، ثم الإسلامية، فلو فتح الباب بناء على أن دولة حكمت أراضي شعوب دولة أخرى، لتغيرت خارطة العالم رأساً على عقب، ولكان حق النصارى في فلسطين أعظم من حق اليهود؛ لأنهم كانوا بعدهم تاريخياً في (فلسطين)، علماً بأن المسلمين فتحوا (فلسطين)، وهي تحت حكم النصارى لا اليهود.
ب- الحق الديني:
إن مضمون الحق الديني: الوعود الإلهية الواردة في (العهد القديم) لأنبياء بني إسرائيل -عليهم السلام- بتمكينهم ونسلهم ما بين النيل إلى الفرات، ولا سيما فلسطين ملكاً أبدياً؛ فقد جاء في العهد القديم: في ذلك اليوم قطع الرب على إبرام ميثاقٍ، قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى الكبير نهر الفرات. وهذا الحق المزعوم ساقط -أيضاً- لأن (العهد القديم) قد ثبت تحريفه، فلا تستبعد أن تكون هذه الوعود مما حُرّف داخل أسفاره، وعلى فرض صحة هذه الوعود -جدلاً- فليس لليهود حق؛ وذلك لما يأتي:
إن هذه الوعود الإلهية مشروطة بشرطين، وهما:الشرط الأول: طاعة الله تعالى، حيث يقول سبحانه: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: 40]. ولكنهم عصوه، ولذلك حكم عليهم الخبير بقوله سبحانه: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأعراف: 167].
الشرط الثاني: أنها محدودة بفترة زمنية تمت خلال حكم اليهود لـــــــــــ(فلسطين) حتى زوال ملكهم عام 586 ق.م.
– إن نسل إبراهيم (عليه السلام) لا ينحصر في إسحاق، والد يعقوب (إسرائيل) عليهما السلام الذي من نسله بني إسرائيل، وإنما يشمل أيضاً إسماعيل (عليه السلام) الذي من نسله (العرب) وعلى رأسهم رسول الإسلام محمد ﷺ، الذي نسخ دينه كافة الأديان الأخرى، وقد ملكت أمته ما جاء في هذه العهود وزيادة، إلى يومنا هذا، بل إلى أن تقوم الساعة بإذن الله تعالى.
– إن الامتداد الطبيعي والوارث الحقيقي لحضارة داوود وسليمان، وتراثهم الحقيقي وتاريخهم المنير هي الحضارة الإسلامية التي أسسها وقادها النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وسلم).
جـ- الحق القومي:
إن مضمون (الحق القومي): هو انتماء اليهود جميعهم في جميع أنحاء العالم، إلى قومية يهودية متميزة لها ذاتيتها، ومعالمها وقيمتها الروحية والمادية، وموطنه الوحيد فلسطين. وهذا الحق المزعوم ساقط أيضاً؛ لأن أكثرية يهود العالم بما يزيد على (90%) لا تنتمي إلى بني إسرائيل الأقدمين الذين كانوا يقطنون (فلسطين)، بل إنهم ليسوا من نسل (سام) أصلاً، وإنما هم من نسل (يافث) الذين اعتنقوا (الديانة اليهودية) في أثناء فتح التبشير بها فيما بين (القرنين الثالث، والثالث عشر الميلاديين).
إن الواقع يُكذب اليهود في دعواهم نقاء جنسهم، وذلك أن النظرة عامة في هيأتهم وسحنتهم تدل على تباين أصولهم، ففيهم ذو السحنة الأوروبية، وذو السحنة العربية، وذو السحنة الإفريقية.
ومع هذا التباين لا يمكن ادّعاء أن أصلهم واحد، إذ لا بد أن يكونوا اختلطوا بأمم أخرى أورثتهم هذا التباين في السمات، ثم إن اليهود ذكروا في كتابهم أن كثيراً منهم تزوجوا نساء أجنبيات، وأن نساءهم تزوجن رجالاً أجانب. وأن اليهود الذين يسمون (الأشكنازيم) هم يهود أوربا، ولا يمتُّون بصلة إلى يعقوب (عليه السلام) وذريته.
د- الحق الإنساني:
إن مضمون (الحق الإنساني): أن اضطهاد اليهود على مدى التاريخ، في كل بلد وجدوا فيه أقلية دينية مستضعفة، منذ العهد الفرعوني المصري، حتى العهد النازي الألماني، وكونهم لا يزالون عرضة لهذا الاضطهاد في أي حين، يخولهم إنشاء دولة خاصة بهم في موطن آبائهم -المزعوم- فلسطين، واضطهاد الأبرياء، وهذا الحق المزعوم ساقط -أيضاً- لما يأتي:
1- إن الاضطهاد عامٌّ لليهود وغيرهم، من الشعوب الأخرى، وهناك الكثير من الأمثلة:
– اضطهاد الشعب الجزائري على أيدي الفرنسيين
– واضطهاد الشعب الليبي على أيدي الإيطاليين
– اضطهاد الشعب والمصري والعراقي على أيدي البريطانيين
– اضطهاد الشعب الأفغاني على أيدي الأمريكان وحلفائهم.
– اضطهاد شعوب الجمهوريات الإسلامية والقوقاز من الروس. وكثير من الشعوب العربية والإسلامية والآسيوية والأفريقية تعرضت للاستعمار الأوربي الحديث.
2- العرب بشكل عام، والفلسطينيون بشكل خاص، لا يتحملون تبعات اضطهاد العالم لليهود، فهم لم يضطهدوهم؛ بل إن أزهى عصور اليهود كانت بين المسلمين. وإذا كان هناك من أحد يتحمل تلك الاضطهادات، فهو من اضطهدهم حقيقةً وليس ادّعاء.
ه- الحق القانوني:
إن مضمون (الحق القانوني) ثلاثة أقسام، هي:
– وعد بلفور: القاضي بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين عام 1917م.
– صك الانتداب: القاضي بانتداب بريطانيا على (فلسطين)، لتحقيق الوطن القومي اليهودي عام 1921م – 1339ه.
– قرار التقسيم: القاضي بتقسيم (فلسطين) إلى دولتين: عربية، ويهودية عام 1927م – 1367ه.
وإن هذا الحق المزعوم ساقط -أيضاً- لأنه ليس لـ(بريطانيا) التي وعدت -وهي لا تملك- اليهود -الذين لا يستحقون- بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، ولا لـ(عصبة الأمم المتحدة) التي انتدبت (بريطانيا) على (فلسطين)؛ لتحقيق هذا الوطن القومي لليهود ولا لـ(هيئة الأمم المتحدة) التي أقرت تقسيم (فلسطين) إلى دولتين بين العرب واليهود، والتي اعترفت بـ(إسرائيل) من خلالها عضواً فيها، ولا لأي أحد حق في التصرف في مصائر الشعوب.
وإن للفلسطينيين حقوقاً في أرض فلسطين، مماثلة لحقوق الفرنسيين في أرض فرنسا، ولحقوق البريطانيين في أرض بريطانيا. وحق العرب التاريخي لا يحتاج إلى أية جهود للدعاية والترويج له، فهو حق ثابت وواضح بذاته، والخطأ الذي يمارس بحقهم إنما هو حقيقي للغاية.
هذه بعض الحقائق التاريخية التي أوردتها في كتابي الأخير: “الأنبياء الملوك داوود وسليمان (عليهما السلام)، وهيكل سليمان المزعوم”؛ وفيه تتبعتُ الجذور التاريخية والعقدية والحضارية، واعتمدتُ على كتاب الله عز وجل، والسنة النبوية الصحيحة، ثم سبرت أقوال المفسرين، وتبحرت فيها، وفي كتب التاريخ والحضارة، ودراسة العهد القديم، وتاريخ التوراة، وطبيعة الصراع على فلسطين، والحضارات التي تعاقبت عليها، وحقوقنا العادلة في مسرى رسول الله والمسجد الأقصى، وحقنا في العيش الكريم، وتحرير بلادنا المغتصبة (فلسطين) من الظالمين، كما حُرّرت في عهد عمر بالأخلاق العمرية، وفي عهد صلاح الدين بالصفات الصلاحية. وإن قضية فلسطين لن تموت، إنها عقيدة في قلب كل مسلم، هل سمعتم أو قرأتم أن عقيدة يحملها في قلبه أكثر من مليار مسلم يمكن أن تموت؟
وهكذا، فإن الحل الوحيد العادل، والمشروع دينياً وأخلاقياً، والمقبول منطقياً هو “حل العودتين”، وليس “حل الدولتين”، وذلك بعودة المحتلين الصهاينة “المغتصبين للأرض” إلى بلادهم، والتي قدموا منها في روسيا وأوروبا الشرقية، وشتى بقاع الشتات اليهودي في العالم. وفي المقابل، يكتمل الحل، بعودة اللاجئين الفلسطينيين من شتاتهم ومخيماتهم إلى أرضهم الأصلية، وموطنهم الحقيقي الذي سُلب منهم عُنوةً، وإقامة الدولة الواحدة، وهي دولة فلسطين الحرة على كامل أرضها من النهر إلى البحر، وعاصمتها القدس الشريف، أما “حل الدولتين”، فهو وهمٌ كاذب، وسرابٌ يحسبه الظمآن ماءً، وليس إلا غِطاءً لكسب الوقت اللازم لإتمام عملية الاحتلال، والاستيطان الممنهج للإسرائيلين على كامل أراضي فلسطين التاريخية، وإكمال الطرد التدريجي للشعب الفلسطيني من أرضه بشتى السبل؛ لأن الكيان الصهيوني في حقيقته، هو دولة استعمارية استيطانية، هدفها السيطرة على المنطقة بأجملها في قلب الأمة العربية والإسلامية في قرارها السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي. ولذلك فلا خيار لاستعادة الأرض، والمقدسات إلا خيار النضال والصمود، ومقاومة المحتلين بالوسائل المشروعة في الدفاع عن النفس، وحماية المقدسات والأعراض والأرض، وطبيعة هذه الأمة الإسلامية أن تقاوم وتكافح وتجاهد، حتى تسترد حقوقها الطبيعية؛ لأن المشكلة ليست مع الشعب الفلسطيني، بل مع الأمة الإسلامية، وأحرار العالم، وهم الذين يرفضون الظلم والاحتلال واغتصاب الحقوق، وقهر الشعوب. ومعادلة الصراع مع المحتلين واضحة: ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والتاريخ شاهدٌ على أن النصر في النهاية للشعوب، وأصحاب الحق ضد الغزاة والطامعين، والظلم عاقبته وخيمة، ولا شك في أن العاقبة للموقنين بوعد الله تعالى، ونصره للمؤمنين. وما ذلك على الله بعزيز.
(وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين)
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)﴾
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الأمم المتحدة العهد القدیم حل الدولتین بنی إسرائیل أرض فلسطین إلى فلسطین فی فلسطین على أیدی من خلال
إقرأ أيضاً:
أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة
تملك إسرائيل ترسانة أسلحة يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقد استخدمتها في عدوانها على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "السيوف الحديدية".
وتشير تقارير في الصحافة الإسرائيلية إلى أن أسلحة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال تتوسع وتتطور باطراد، بعضها صنعته شركات إسرائيلية، وبعضها زودتها به الولايات المتحدة الأميركية.
وفي عام 2023 تفاخر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك أفيف كوخافي بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي منحت جيشه "جهازا استخباراتيا متطورا آنيا".
إنتاجات مركز موشي ديانبدأ الجيش الإسرائيلي استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي عام 2019، فقد أنشأت الوحدة 8200 المتخصصة في التنصت وفك الشفرات والحرب السيبرانية مركز "موشي ديان" لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي الذي يضم مئات الضباط والجنود، في محاولة لتسريع عملية توليد الأهداف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وكان برنامج "فاير فاكتوري" لتوليد الأهداف وتحديد كميات الذخيرة المناسبة هو الأول الذي أنتجه مركز "موشي ديان". وبحسب تقرير لمجلة "ذا نايشن" الأميركية، نشر في 12 أبريل/نيسان 2024 فإن الوحدة المذكورة تتعاون بشكل وثيق مع شركات أميركية تزودها بأعداد كبيرة من الأجهزة وبرامج الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وحسب الصحيفة نفسها، فإن تلك البرامج والأجهزة تعتمد على كمية بيانات هائلة مصدرها التقارير الاستخباراتية السرية، ومنها الواردة من وكالة الأمن القومي الأميركي، لتحديد الأهداف وضربها.
إعلانوفي مؤتمر عقد يومي 15 و16 فبراير/شباط 2023 في مدينة لاهاي بهولندا وشاركت فيه أكثر من 60 دولة، رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة "الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة".
مجالات الاستعمال وأنواع الأنظمةيستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها:
التنبؤ الاستباقي. التنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم. تحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة.أما أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة فهي:
نظام "لافندر"تستعمل إسرائيل نظام "لافندر" في عملها العسكري بغزة، وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب.
ونقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن قائد الوحدة 8200 العميد يوسي شارئيل قوله إن النظام يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها"، وخلص إلى أن البرنامج حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.
ووفقا لما نقلته المجلة عن 6 ضباط مخابرات إسرائيليين، شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب على غزة، فإن "لافندر كان له دور محوري في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، وخاصة في المراحل الأولى من الحرب".
ويقول أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا لافندر "كنت أخصص 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأجري العشرات منها يوميا. لم تكن لدي أي قيمة مضافة سوى أنني كنت أبصم بالموافقة. لقد وفر ذلك كثيرا من الوقت".
نظام "أين أبي؟"نظام "أين أبي؟" من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع "ديموكراسي ناو" الأميركي.
إعلانوبحسب مجلة "+972" وموقع "لوكال كول" الإسرائيليين، فإن نظام "أين أبي؟"، أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.
نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"أعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وحدة الأهداف في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.
وقال الجيش الإسرائيلي وقتئذ إن "الإنجيل" ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة، إذ يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي، فيتيح ذلك "تنفيذ مئات الهجمات في اللحظة نفسها".
ويعمل النظام عبر إنتاج عدد كبير من الأهداف بوتيرة متسارعة (نحو 100 هدف في اليوم الواحد) بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية التي تغذي النظام أولا بأول، بينما كانت الاستخبارات الإسرائيلية سابقا تنجز 50 هدفا في السنة.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن هذا النظام "يعمل على اقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم، داخل محيط معين"، مشيرة إلى أن خوارزمية "غوسبل" تأخذ الخسائر المدنية من بين العناصر التي تعتبرها في تحديد أهداف جديدة للقصف.
يقدم النظام الذي طورته الوحدة 8200 توصياته لموظفي الجيش، وهم يقدرون إذا كانوا سيمررونها إلى الجنود والطيارين الذين يتولون عمليات القصف في الميدان، وبعدئذ يمكن لوحدة الأهداف إرسال تلك التوصيات إلى قوات الجيش عبر تطبيق يعرف باسم "عمود النار".
نظام "فاير فاكتوري"كشف عنه في عام 2023، واستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.
إعلانيحلل هذا النظام مجموعات بيانات واسعة، منها البيانات التاريخية عن الأهداف السابقة التي قصفت من قبل، فيُتيح للخوارزميات حساب كميات الذخيرة اللازمة للقضاء على الأهداف، واقتراح الجداول الزمنية المثلى، وتحديد أولويات الأهداف وتخصيصها.
وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.
نظام "الكيميائي"كشف عنه عام 2021، وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة.
وللنظام قدرات دفاعية وهجومية، فهو يدمج البيانات التي يحصل عليها على منصة موحدة، كما أن لديه القدرة على تحديد الأهداف وإبلاغ قوات الجيش فورا بالتهديدات وتحركات المقاتلين على الأرض.
نظام "فاير ويفر"نظام طورته شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.
وبحسب موقع "آي إتش إل إس" الإسرائيلي، فإن النظام يقدم خيارات للعمل بناء على عوامل مثل الموقع وخط الرؤية والكفاءة والذخيرة المتاحة، بهدف "زيادة الدقة والحد من خطر الأضرار الجانبية".
صُمم النظام لأداء اشتباكات متعددة في قتال عالي الكثافة، إذ يمكّن الجنود من الاشتباك مع الهدف المعادي في ثوان، بدلا من دقائق.
نظام "فلو"وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.
إعلان نظام "هنتر"وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.
نظام "زد-تيوب"وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.
بعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن طلبات تقدمت بها إسرائيل إلى شركة أميركية مختصة في إنتاج المسيرات، لتزويدها بطائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي.
ويستخدم هذا النوع من الطائرات في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أشكالها، وهو ما يساعد في تحديد الأهداف بدقة أكبر.
كذلك استخدمت إسرائيل في حربها طائرات "نوفا 2" الذاتية القيادة وهي صناعة أميركية، وهذا النوع من المسيرات يستخدم داخل المباني، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك الذاتي داخل المباني من دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" أو إلى التدخل البشري.
والمسيرات الانتحارية من طراز "سويتش بليد 600″، أبرز الطائرات المطورة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، استخدمتها أيضا إسرائيل في حربها على غزة، وفيها كاميرا متطورة وتحمل كمية من المواد المتفجرة.
وهذا النوع من المسيرات قادر على استقبال المعلومات من الطائرات من دون طيار القريبة منها، وتستخدم في مهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مداها إلى 40 كيلومترا، وتمتلك قدرة على الطيران مدة 40 دقيقة.
دبابات تعمل بالذكاء الاصطناعي دبابة إيتان إيه بي سيفي يناير/كانون الثاني 2022، كشفت شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية عن مركبة عسكرية أطلقت عليها اسم "إيتان إيه بي سي"، تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسمح للسائق أن يوجّه المركبة بالنظر فقط.
إعلانوركبت على مركبات رفائيل صواريخ من نوع "غيل"، ومنظومات دفاعية نشطة من نوع "معطف الريح"، وهي قادرة على العثور على العديد من الأهداف وتحييدها في وقت واحد، وتعتمد على كوكبة من المستشعرات القادرة على مراقبة محيطها بشكل دائم وتنبيه الجنود داخلها.
مراقبة الحدود بالذكاء الاصطناعييستخدم الجيش الإسرائيلي أيضا الذكاء الاصطناعي لأغراض مراقبة حدوده لا سيما مع قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث ينشر على طول الحدود شبكة واسعة من كاميرات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتنقل البيانات إلى مراكز التحكم والمراقبين لتحليل البيانات وتحديد هوية الأشخاص والمركبات والحيوانات، ومقارنة الصور بمعلومات أخرى ذات صلة، وإرسال تنبيه طارئ عند الضرورة.
ومن أبرز أنظمة كاميرات المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويستخدمها الجيش الإسرائيلي:
نظام "قطيع الذئاب": وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين. نظام "الذئب الأزرق": وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات "قطيع الذئاب". نظام "الذئب الأحمر": ويستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه، إذ يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم. انتقادات واسعةوجهت انتقادات كثيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية استخدامه الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة.
فقد قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه في الحروب السابقة كان تحديد شخص ما واعتباره هدفا مشروعا تتم مناقشته ثم التوقيع عليه من قبل مستشار قانوني، لكن بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارعت العملية بشكل كبير، وكان هناك ضغط لإيجاد مزيد من الأهداف.
ولتلبية هذا الطلب، اعتمد الجيش الإسرائيلي اعتمادا كبيرا على برنامج "لافندر" في توفير قاعدة بيانات للأفراد الذين يعتقد أن لديهم خصائص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن "الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات خاصة تعد أحد أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن 21".
وفي أبريل/نسيان 2024، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا أعرب فيه عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي في حملتها العسكرية في غزة، قائلا "إن هذه الممارسة تعرض المدنيين للخطر وتطمس المساءلة".
إعلانمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أدانت أيضا استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة، إذ قالت في تقرير لها نشرته في 10 سبتمبر/أيلول 2024 إن "استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تعقب أهداف هجماته في غزة يلحق أضرارا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة".
وتابعت أن "الأدوات الرقمية هذه يفترض أنها تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، وخاصة قواعد التمييز والحيطة".
أما مديرة هندسة ضمان الذكاء الاصطناعي في معهد الذكاء الاصطناعي بأميركا هايدي خلاف فقالت إنه "نظرا لسجل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحافل بمعدلات الخطأ المرتفعة، فإن أتمتة الأهداف بشكل غير دقيق ومتحيز لا يختلف في الواقع عن الاستهداف العشوائي".
كذلك وجهت الباحثة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام مارتا بو انتقادات لاستخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على قطاع غزة، وقالت إن "الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي يمنحها تأثيرا كبيرا على القرارات التي يجب على البشر اتخاذها".
وانتقد المحامي السابق في الجيش الإسرائيلي لتال ميمران استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في الحرب، فقال "أشعر بالقلق بشأن دقة عملية صنع القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي في ضباب الحرب. هل سيحدث هذا الأمر تغييرا جذريا من حيث الجودة؟ لا أعتقد ذلك".
وقالت كاثرين كونولي الباحثة في مجموعة "ستوب كيلر روبوت" إن أي تغيير في البرمجيات "يمكن أن يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تصبح شبه مستقلة، بل تصبح مستقلة تماما في اتخاذ القرار".