معتمداً على أساليب القرآن الحكيمة في تبليغ رسالات الله هدايةً وتذكيراً ترغيباً وترهيباً وعداً ووعيداً.. مقتدياً ومتأسياً بحركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، الذي قال الله عنه:
“وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ، لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ”.
قدّم الشهيدُ القائدُ، حسين بدر الدين الحوثي -رضوانُ الله عليه- مشروعَه الثقافي القرآني بطريقة فريدة ركّزت على محورية النص القرآني.
فهو ليس كغيرِه من الأُطروحات الفكرية التي تناولت علومَ القرآن الكريم، بل تميز بكونه مشروعاً تصحيحياً، قيَّمَ واقع الأُمَّــة وشخَّص الأخطاءَ التي أوصلتها إلى واقعِها المرير.
وقدَّم الحلولَ التصحيحية التي نسفت الثقافات المغلوطة التي ترسخت في ثقافتها على مدى قرون من الزمن وانعكست آثارها السيئة في واقعها الضعيف في صراعها مع أعدائها في كُـلّ المجالات.
وكان مشروعاً تنويرياً يضيءُ طريقَ الجهاد والخلاص بنور القرآن، منطلقاً من أخلاق الإسلام وقيمه الراقية لبناء نهضة حقيقية تنقذ الأُمَّــة من مصيرها المحتوم..
ومن واقع المعاصرة للأحداث والمعايشة لها والملامسة لهموم أبناء الأُمَّــة قدم الرؤى القرآنية المرحلية لبناء حضارة إسلامية تحقّق الأمن والرخاء لكل البشر وتنقذهم من ظلمات الاستعباد والظلم الذي تطحن رحاه شعوب أمتنا المظلومة.
محافظاً على أصالة الهُــوِيَّة الإيمانية الجامعة لكل المسلمين، باعثاً للروح الجهادية، مصححاً للدوافع العملية للنهوض بالمسؤولية ورابطا لها بالدين الحق وفق المفاهيم الصحيحة الواعية..
ومن وحي الثقافة القرآنية الفريدة، واقتباساً من نورها الساطع وهداها القويم وبيانها الواضح..
فقد تميزت هذه الرؤية القرآنية عن سائر الأُطروحات والمشاريع الثقافية في عصرنا الحاضر، بكثير من المزايا التي أكسبتها القدرة على الفاعلية والتأثير، والسرعة في إحداث التغيير.
ومنها ما تميزت به في منهجية العرض والتقديم من التركيز على الأشياء المهمة والرئيسية في كُـلّ موضوع تناولته، وحُسن تقديم كُـلّ موضوع من مختلف الجوانب لضمان حسن التلقي من المستمع لها بعيدًا عن تشتيت الذهنية.
وكذلك القدرة على التبسيط دون الغرق في التفاصيل، بما يدع مجالا للفهم الطبيعي للإنسان؛ انطلاقاً من أُسلُـوب القرآن الكريم في تقديم التشريع، مقارنة بما وصلت إليه الكثير من المطولات المخلة من تخريجات الفقهاء وتفريعاتهم وعباراتهم في الكثير من القضايا الدينية.
وكذلك منهجيتها في عرض قضايا الصراع مع الأعداء أخلاقيًّا ومجتمعيًّا وتاريخيًّا، مقيمة لواقع الحياة الحاضر، ومستشرفةً للمستقبل، وُصُـولاً إلى الحياة الآخرة، وفق مبدأ القرآن الكريم في تقديم المواضيع المختلفة في سياق واحد وكتاب واحد وثقافة واحدة ومنهجية تعليمية واحدة متوازنة في الجمع بين التلاوة والقراءة.. وبين التطبيق والعمل.
وبما يحقّق عرضَ الجوانب العبادية في الدين كالصلاة والطهارة، دون عزل القضايا الجهادية كالصراع مع أهل الكتاب وأهميّة الجهاد في مواجهة مشاريعهم الاستكبارية التي فتكت بالأمة في كُـلِّ المجالات، على خلاف الكثير من المشاريع الفكرية المعاصرة التي أخلت في ذلك إفراطاً أَو تفريطاً.
وتميزت أَيْـضاً بالتمثيل بالمحسوس، وقدّمت الشواهدَ، وحشدت الأمثلةَ الواقعية في مختلف القضايا المطروحة في مضامين الدروس والمحاضرات، تجسيدا لتوجيهات الله الحكيمة،”وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا القرآن لِلنَّاسِ مِن كُـلّ مَثَلٍ” “وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَو يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا..”
وقد تفرّد الشهيدُ القائدُ -رضوان الله عليه- في استخدام الأساليب القرآنية الفاعلة في عرضِه وتقديمِه لمشروعه الفكري القرآني، مؤكّـداً على بعضِها بمزيد من الشرح والتفصيل والتوضيح في سياق محاضراته القرآنية المتفرقة..
كأُسلُـوب التقييم للوضعيات بما له من أثرٍ عظيم في تحديد مستوى الخطاب ونوعيته والتدرج في تقدميه للارتقاء بوعي الناس، وأُسلُـوب التذكير المُستمرّ.. بمختلف جوانبه وعواقب نسيانه وتركه والغفلة عنه..
كما أوضح أساليبَ التخويف والترهيب والترغيب، وأساليبَ تنويع الخطاب وتقليبه بين الشدة واللين وأهميتها في التأثير النفسي وصناعة القناعات..
كما أشار إلى أهميّة أُسلُـوب المقارنات وخُصُوصاً مقارنة مخاطر النهوض بالمسؤولية ومخاطر التفريط والتقصير فيها..
كما أنه استخدم أُسلُـوبَ ضرب الأمثال الذي تكرّر في القرآن الكريم، وقدم الأمثلة العملية على أساليب الحوار القرآنية التي تنوعت في كشف واقع الأطراف المعاندة والمعادية لتعرية باطلها ودفعها إلى الإيمان عمليًّا بشهادة واقعها على بُطلان نظرياتها..
وفي أُسلُـوب الرد على التساؤلات والجرجرة أمام المرتابين والمشككين والساخرين، لاستدراجهم لتدبر القرآن وما يوجهنا إليه، وللجعل من عجزهم دافعا قويا لإيمانهم بعيدًا عن الجدل العقيم والحوار غير المجدي المتسم بطابع العناد والكبر اللذين يحولان دون الاقتناع.
وتميَّزت أَيْـضاً في عظمة التبيين والتوضيح لمختلف المواضيع والقضايا الهامة؛ لتثبيت القناعات الإيمانية وترسيخها لدى المنتمين للإسلام، والحيلولة دون قدرة الأنشطة الظلامية والمعادية في الساحة على التأثير عليهم.
وقد كان لهذه المنهجية العظيمة أثرها الكبير وأهميتها البالغة في رفع مستوى وعي وقدرات القائمين بالمسؤوليات العملية في مختلف الجوانب، وخُصُوصاً المجالات التعبوية والثقافية والتبليغية.. وتطوير أساليبهم وقدراتهم ومهاراتهم، وارتفاع مستوى أدائهم وتنامي مؤهلاتهم الفكرية والعملية، التي مكنتهم من تحمل أعباء ومسؤوليات الصراع الذي مرت به المسيرة القرآنية خلال أكثرَ من عشرين عاماً مضت.
فالحمد لله على نعمة الهداية، ولله الفضلُ أولاً وأخيرًا.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة 32 للمسابقة العالمية للقرآن الكريم
هنأ اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم، مشيدًا بما حققوه من إنجازات مشرفة رفعت اسم الغربية عاليًا في واحدة من أعرق وأهم المسابقات القرآنية على مستوى العالم.
وأكد أن هذا التفوق يعكس عمق ارتباط أبناء مصر بكتاب الله، ويجسد ثمرة أسر واعية ومؤسسات دينية وتعليمية غرست في نفوس الأجيال حب القرآن والعلم والانضباط.
تهنئة محافظ الغربيةوأعرب محافظ الغربية عن خالص تهانيه وتقديره لفضيلة الشيخ عبد الفتّاح عبد الحميد أبو زهرة، ابن عزبة السرايا بمركز قطور، بعد فوزه بالمركز الأول عالميًا في فرع القراءات السبع مع التوجيه، معتبرًا أن هذا الإنجاز الكبير تتويج لمسيرة علمية راسخة وجهد متواصل، ونموذج مشرف لعالم أزهري حمل القرآن علمًا وخلقًا ورسالة، وأسهم بعلمه في ترسيخ مكانة مصر في المحافل القرآنية الدولية.
كما هنأ المحافظ ابنة المحافظة أسماء وليد، ابنة قرية المنشأة الكبرى بمركز السنطة، لحصولها على المركز الثالث عالميًا في فرع القراءات السبع مع التوجيه، مؤكدًا أن تفوقها يعكس صورة مشرفة لفتاة مصرية جمعت بين الاجتهاد وحفظ كتاب الله وإتقان علومه، لتكون قدوة حقيقية لأبناء جيلها، ودليلًا واضحًا على أن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان وبناء وعيه على أسس دينية صحيحة.
حفظه القران الكريمكما اعرب المحافظ عن سعادته بالإنجاز اللافت الذي حققه ثلاثة أشقاء من أبناء قرية ميت عساس التابعة لمركز سمنود، بعد فوزهم بالمركز الأول في فرع الأسرة القرآنية وهم محمود سعد إبراهيم عبد الكريم، وعبد الله سعد إبراهيم عبد الكريم، وآية سعد إبراهيم عبد الكريم، حيث أكد محافظ الغربية أن هذا التفوق الأسري يعكس دور الأسرة المصرية الواعية في تنشئة أبنائها على حب القرآن والالتزام بقيمه، ويبعث برسالة قوية بأن البيوت العامرة بكتاب الله تخرج أجيالًا قادرة على التميز والريادة.
وأكد اللواء أشرف الجندي أن محافظة الغربية تفخر بأبنائها من حفظة كتاب الله، وتضع دعمهم وتشجيعهم في مقدمة أولوياتها، مشددًا على أن هذه النماذج المضيئة تمثل ركيزة أساسية في بناء الإنسان المصري، وتسهم في ترسيخ الهوية الوطنية والدينية المعتدلة، مشيرًا إلى أن ما حققوه ليس إنجازًا فرديًا فقط، بل هو فخر لمحافظة بأكملها، ورسالة أمل للأجيال القادمة بأن طريق القرآن هو طريق التفوق والرفعة والاحترام في الدنيا والآخرة.
مسابقة حفظ القران الكريمواختتم محافظ الغربية تهنئته بتمنياته الصادقة بمزيد من النجاح والتوفيق لأبناء المحافظة، مؤكدًا أن الغربية ستظل داعمة لكل موهبة جادة، وحاضنة لكل تميز حقيقي، وأن راية القرآن ستبقى خفاقة بأبناء مصر في كل المحافل الدولية.