خلال مقابلة تلفزيونية أجرتها وكالة أنباء بلومبيرغ مع إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا الأميركية في عام 2011، ضحك الملياردير الأميركي ساخرا من منتجات شركة صناعة السيارات الكهربائية الصينية "بي واي دي" ورفض اعتبارها تهديدا لعرش شركته.

قال ماسك ضاحكا هازئا: "هل رأيت سيارتهم؟ لا أعتقد أنها جذابة، فالتكنولوجيا ليست قوية جدًا، وهم يواجهون مشاكل خطيرة في بلدهم الصين، وأعتقد أن تركيزهم يجب أن ينصب على معالجة هذه المشاكل في موطنهم"، ثم أضاف: "عليهم التأكد أنهم لن يموتوا في الصين أولا" قبل أن يحلموا بمنافسة تسلا.

كان هذا قبل 11 عاما، أما الآن فقد تفوقت شركة "بي واي دي" على شركة تسلا كأكبر صانع للسيارات الكهربائية في العالم، حيث باعت 526 ألف سيارة في الربع الأخير من العام الماضي 2023، في المقابل باعت تسلا 484 ألف سيارة فقط، كما أنتجت "بي واي دي" أكثر من 3 ملايين سيارة كهربائية وهجينة في عام 2023 بينما لم تنتج تسلا سوى 1.81 مليون سيارة كهربائية في ذلك العام لتتربع الشركة الصينية على العرش الذي احتكرته تسلا لسنوات طويلة، وفق ما ذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية مؤخرا.

وتباع سيارات الشركة الصينية بسعر أقل من سيارات الشركة الأميركية، وتلقى إقبالا واسعا في مختلف دول العالم بما فيها الولايات المتحدة معقل الشركة الأميركية.

فكيف أصبحت الشركة الصينية التي بدأت بصناعة بطاريات الهواتف الجوالة، عملاق السيارات الكهربائية في العالم؟

رأس مال متواضع

بدأت الحكاية في عام 1995 عندما أسس الكيميائي الصيني وانغ تشوانفو شركة "بي واي دي" في مدينة "شنتشن" بجنوب الصين، وهي مركز ضخم للتكنولوجيا في البلاد.

تأسست الشركة برأس مال متواضع قدره 2.5 مليون يوان صيني (351 ألف دولار)، وكان يعمل في الشركة في ذلك الوقت 20 موظفا فقط، حسب ما ذكرت شبكة "سي إن بي سي".

في عام 1996، بدأت الشركة الصغيرة في تصنيع بطاريات "الليثيوم أيون"، وهو النوع الموجود في هواتفنا الذكية الحديثة، وتزامن ذلك مع نمو صناعة الهواتف المحمولة في العالم.

أولى بوادر النجاح، كان في تعاقد "بي واي دي" مع أكبر شركتين لتصنيع الهواتف المحمولة في ذلك الوقت وهما شركتا "نوكيا" و "موتورولا" في عام 2000، حيث بدأت الشركة الناشئة في توريد البطاريات التي تصنعها إلى هاتين الشركتين.

في عام 2002، تم إدراج شركة "بي واي دي" في بورصة هونغ كونغ، راكبة موجة نجاحها في صناعة بطاريات الليثيوم أيون.

فجر "بي واي دي" للسيارات

لم تشرع الشركة في التفكير بدخول عالم صناعة السيارات حتى عام 2003 عندما استحوذت على شركة تصنيع سيارات صغيرة تسمى "شيان شينشوان أوتوموبيل"، وبعد ذلك بعامين، أطلقت سيارتها الأولى تحت اسم "إف 3″، وكانت سيارة تعمل بالوقود الأحفوري، لكنها أطلقت أول سيارة كهربائية لها في عام 2008 تحت اسم "إف 3 دي إم" لتبدأ قصة النجاح التي ما زالت فصولها تتوالى إلى اليوم.

في العام نفسه (2008) نجحت الشركة في استقطاب استثمار بلغت قيمته 230 مليون دولار من شركة "بيركشاير هاثاوي" التابعة للملياردير الأميركي، وارن بافت، مما أعطى قوة دفع كبرى لطموحات الشركة الناشئة.

واصلت شركة "بي واي دي" المضي قدما في مجال صناعة السيارات الكهربائية، لتحدث نقلة كبرى أخرى في عام 2020 عندما أطلقت بطارية متطورة جديدة تحت اسم "بليد" ساعدت كثيرا في نمو وتطور منتجات الشركة.

و"بليد" هي "بطارية ليثيوم فوسفات الحديد"، وفي ذلك الوقت كان العديد من صانعي البطاريات يبتعدون عنها بسبب اعتقادهم بأن لديها كثافة طاقة ضعيفة، أي أنها ثقيلة جدا بالنسبة لكمية الطاقة التي من الممكن أن توفرها.

لكن "بي واي دي" وصفت بطاريتها الجديدة بأنها اختراق يوفر كثافة طاقة جيدة ومستويات عالية من الأمان. وبدأت الشركة بالفعل في استخدام هذه البطارية في سياراتها، وكانت النتائج مذهلة للجميع.

باعت الشركة نحو 131 ألف سيارة كهربائية تعمل ببطارية بليد النقية عام 2020، وفي العام الماضي 2023، باعت الشركة 1.57 مليون سيارة كهربائية تعمل بالبطارية النقية، وهي الآن تتربع على عرش صناعة السيارات الكهربائية في العالم، وفق "سي إن بي سي".

أسرار النجاح

وبطارية بليد هي أحد الأسرار فقط، لكن ثمة عوامل أخرى تقف خلف هذا النجاح المذهل للشركة الصينية لعل من أهمها: "التكامل الرأسي حسبما ذكرت "وكالة بلومبيرغ".

كان التكامل الرأسي أمرًا حاسما لنجاح الشركة، فبدلا من الاعتماد على شركات أخرى للحصول على قطع الغيار، والمكونات والأنظمة التي تحتاجها السيارة، اعتمدت الشركة على تصنيع معظم مكوناتها داخل مصانعها الخاصة، وهو ما ساعد الشركة على إنتاج سيارات رخيصة نسبيا مقارنة بسيارات الشركات الأخرى، بما فيها تسلا، التي كانت تشتري العديد من الأنظمة والمكونات وقطع الغيار التي تحتاجها سياراتها من شركات أخرى، مما أسهم في رفع أسعارها، وعدم قدرتها على منافسة أسعار سيارات "بي واي دي" الكهربائية الأرخص والأفضل.

أدى هذا إلى زيادة مبيعات الشركة، وساعدها على تقديم مجموعة واسعة من السيارات الكهربائية ذات الأسعار المعقولة والرخيصة نسبيا، مما أدى لزيادة المبيعات إلى الحد الأقصى مع توسيع نطاق وجودها في أسواق جديدة كانت حكرا على غيرها حتى وقت قريب.

بعد أن تفوقت الصين على الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وألمانيا، أصبحت الآن تنافس اليابان على الريادة العالمية في صادرات السيارات، وفي قطاع لا تزال تهيمن عليه أسماء كبيرة مثل تويوتا وفولكسفاغن وجنرال موتورز، بدأت شركات مثل "بي واي دي" في تحقيق نجاحات واختراقات جادة.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال الأميركية أن "بي واي دي" حصلت على مساعدة كبيرة من الحكومة الصينية خلال مسيرتها.

وحاليا لا تقتصر طموحات الشركة على إنزال إيلون ماسك وتسلا إلى المركز الثاني فقط، بل تقوم الآن ببناء مصانع لها في أوروبا وأميركا اللاتينية وعبر آسيا كجزء من جهد أوسع لتوسيع المبيعات عبر هذه القارات، وتظهر سياراتها وحافلاتها في المدن في جميع أنحاء العالم بما فيها الولايات المتحدة.

ومع تحول العالم بشكل متزايد إلى السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، تستعد شركة صناعة السيارات الصينية لمواجهة المستقبل بثقة وأمل كبيرين.

درس لرواد الأعمال

واسم "بي واي دي" (BYD) اختصار لـ3 كلمات إنجليزية هي (Build Your Dreams) أي "اصنع أحلامك" بالعربية، وربما كان هذا الاسم الذي هو اسم وشعار معًا دليلا مرشدا لرواد الأعمال العرب الذي يحلمون ببناء شركاتهم وعلاماتهم التجارية الخاصة بهم، فالحلم وحده لا يكفي بل عليك أن تعمل بجد واجتهاد كي تصنع أحلامك وتحولها إلى حقيقة واقعة.

وتعد تجربة الكيميائي الشاب وانغ تشوانفو الذي كان يحلم بصناعة البطاريات وبناء السيارات، وبدأ شركته بـ20 موظفا فقط، ورأس مال صغير هو درس للكثيرين في كيفية الإصرار والمثابرة على تحقيق الأحلام، بل صناعتها كما صنع تشوانفو أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: صناعة السیارات الکهربائیة الکهربائیة فی العالم سیارة کهربائیة بی وای دی فی عام فی ذلک

إقرأ أيضاً:

كأس العالم للأندية 2025.. بوكا جونيورز عملاق يسعى لاستعادة الأمجاد في المونديال

يسعى بوكا جونيورز الأرجنتيني إلى استعادة مجده الغائب حينما يشارك في بطولة كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة الأمريكية بين 14 يونيو إلى 13 يوليو المقبل.

وأوقعت القرعة بوكا جونيورز، الذي توج بلقب كأس إنتركونتيننتال ثلاث مرات كان أخرها عام 2003، في المجموعة الثالثة بالبطولة إلى جانب بايرن ميونخ الألماني وبنفيكا البرتغالي وأوكلاند سيتي النيوزيلندي.

وسيفتتح بوكا جونيورز مشواره بمواجهة بنفيكا يوم 16 من الشهر الجاري، وبعد ذلك بأربع أيام سيكون على موعد مع مواجهة قوية للغاية أمام بايرن ميونخ، ثم يختم دور المجموعات بمواجهة أوكلاند سيتي يوم 24 من الشهر ذاته.

ويدخل بوكا جونيورز البطولة بعدما خرج من دور الثمانية بالدوري الأرجنتيني على يد هوراكان الذي خسر بدوره في النهائي أمام بلاتنسي، حيث احتل الفريق المركز الثاني في المجموعة الأولى بالبطولة، قبل أن يتأهل إلى دور الستة عشر ويتخطى عقبة لانوس بضربات الترجيح، لكنه خسر أمام هوراكان في دور الثمانية بالمرحلة الافتتاحية، ويتهيأ لدخول المرحلة الثانية بعد نهاية المونديال.

كما خرج الفريق من كوبا ليبرتادوريس من المرحلة التمهيدية بعد خسارته أمام أليانز ليما البيرفي 4/5 بضربات الترجيح بعد التعادل 2/2 في مجموع المباراتين.

كما لم يعرف الفريق استقرارا على المستوى الفني بعدما تناوب على تدريبه اثنين من المدربين وهما فيرناندو جاجو الذي رحل عن الفريق في نهاية أبريل الماضي، قبل أن يتولى المدرب ماريانو هيرون المهمة مؤقتا حتى 20 مايو الماضي، ثم تولى ميجيل أنخيل روسو المنصب ابتداء من الثاني من يونيو الجاري، من أجل قيادة الفريق خلال البطولة.

ويهدف الفريق إلى استعادة اسمه وكبريائه من خلال مونديال الأندية، والتي قد تكون مناسبة جيدة لذلك من أجل إسعاد جماهيره قبل العودة لمنافسات الدوري الأرجنتيني.

ورغم تلك الاخفاقات سيشارك بوكا جونيورز في البطولة كونه صاحب ثاني أفضل تصنيف في فرق أمريكا الجنوبية، وجاء خلف مواطنه وغريمه ريفر بليت، ليمثلوا القارة الجنوبية إلى جانب الرباعي البرازيلي بوتافوجو وفلامنجو وبالميراس وفلومينينزي.

بوكا الذي تأسس عام 1905، فاز بلقب الدوري الأرجنتيني 35 مرة بفارق ثلاث بطولات خلف ريفر بليت صاحب الرقم القياسي، وفاز بلقب الكأس أربع مرات وهو صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة بفارق لقب عن ريفر بليت، كما توج بلقب ليبرتادوريس مرتين وسودامريكانا مرتين والسوبر القاري مرتين، ولقب إنتركونتيننتال ثلاث مرات 1977 و2000 و2003

ولا يمكن إغفال أساطير النادي مثل دييجو أرماندو مارادونا، الذي كان بوكا بوابة انتقاله إلى برشلونة ومن بعده نابولي ليسطر مسيرة تاريخية، بالإضافة إلى خوان رومان ريكيلمي، الذي بات رئيسا للنادي حاليا، وهو أحد أفضل اللاعبين في تاريخ النادي خلال فترة لعبه له بين عامي 1996 و2002 ثم ما بين 2007 و2014.

وارتدى قميص بوكا جونيورز أساطير أخرى مثل النجم كارلوس تيفيز وجابرييل عمر باتيستوتا والمهاجم السابق للمنتخب الأرجنتيني مارتن باليرمو، والعديد من الأساطير التي تناوبت على ارتداء قميص الفريق الأزرق والأصفر.

وسيكون المدرب ميجيل أنخيل روسو، في مهمة استعادة كبرياء فريقه الذي قدم أداء متواضعا هذا الموسم على كافة المستويات، وستكون تلك المرة الثالثة التي يتولى فيها تدريب بوكا جونيورز.

وتولى روسو تدريب بوكا جونيورز للمرة الأولى في عام 2006، وحقق معه لقب كوبا ليبرتادوريس، لكنه لم يستمر سوى لعام واحد فقط، وانطلق في تجارب تدريبية أخرى في سان لورينزو وروزاريو سنترال وراسينج كلوب وإستوديانتس وفيليز سارسفيلد في الأرجنتين، ثم تولى تدريب ميلوناريوس الكولومبي في عام 2017 ثم أليانز ليما البيروفي وشيرو بورتينو الباراجواياني، قبل العودة إلى بوكا جونيورز في يناير عام 2020.

ونجح روسو في تحقيق لقب الدوري في عام 2020 رغم الصعوبات الكبيرة وجائحة فيروس كورونا المستجد، ثم رحل في ديسمبر عام 2021 إلى النصر السعودي في تجربة لم تستمر طويلا، حيث عاد مجددا لرزواريو سنترال وسان لورينزو، قبل أن يعود في مهمة جديدة مع بوكا جونيورز، والبداية من مونديال الأندية.

وسيستعين روسو بخبرات الأوروجوياني إدينسون كافاني، الذي سيحاول قيادة أحلام الفريق لتحقيق نتائج إيجابية في بطولة مونديال الأندية رغم صعوبة المهمة.

كافاني الذي عاد إلى أمريكا الجنوبية بعد مسيرة طويلة في إيطاليا أولا مع باليرمو ونابولي، قبل الرحيل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، ثم فترة قصيرة مع مانشستر يونايتد ثم الانضمام إلى بوكا جونيورز في 2023، بعد فترة قصيرة مع بلنسية الإسباني.

وفي مسيرته مع الأندية سجل كافاني 404 هدفا في 739 مباراة، وحصل على 24 لقبا، ومنهم اللقب الدولي الوحيد مع منتخب بلاده متمثلا في كوبا أمريكا عام 2011.

وقد تكون منافسات مونديال الأندية هي الفرصة الذهبية لبوكا جونيورز من أجل استعادة أمجاده ومحاولة مناطحة كبار العالم، خاصة وأن الفريق الأرجنتيني صاحب أسم لا يخفت بريقه مهما مرت السنوات، مع مرور العديد من النجوم والأساطير على ملعب "لابامبونيرا" الشهير.

مقالات مشابهة

  • غريب.. سيارة تسلا سايبرتراك الشهيرة تعمل «دليفري»
  • أرخص سيارة مستعملة موديل 2022 في مصر.. سوق السيارات
  • عاجل | هام جداً لأصحاب السيارات الكهربائية
  • “تسلا” تؤسس فرعها بالمغرب لتعزيز حضورها في سوق السيارات الكهربائية
  • رئيس تويوتا: السيارات الكهربائية أكثر تلويثًا من الهجينة
  • مواصفات MG4.. ماذا تقدم أرخص سيارة كهربائية من إم جي الصينية؟
  • شركة طيران الشرق الأوسط: إلغاء رحلات الشركة من وإلى العراق ليوم غد
  • أخبار السيارات| سعر بيجو E-208 GTi الكهربائية الجديدة .. بي إم دبليو تكشف تقدم XM موديل 2026 الجديدة
  • سيارة X بينج G6 الكهربائية 2026 تظهر لأول مرة.. اعرف المواصفات
  • كأس العالم للأندية 2025.. بوكا جونيورز عملاق يسعى لاستعادة الأمجاد في المونديال