خاص – أثير
مكتب أثير دمشق – إعداد الكاتبة والأديبة غادة عماد الدين العيسى مديرة المسرح القومي في طرطوس

“خطاب اليوم التالي للحرب سيكون مختلفًا”
والقائل هو بتلسئيل سموتريتش…هذا اسمه، وعمله ليس وزير حرب ولا مدير مخابرات، إنّه وزير مالية، لكن يبدو أنّ شأنه في موضوع الاستيطان والعنصريّة لا يقلّ عن شأن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتينياهو، كلٌهم يعملون لتنفيذ الإستراتيجيّة الصّهيونيّة التي يميل البعض لتجاهلها “من الفرات إلى النّيل” التي هي ليست أضغاث أحلامِ من ينبّهون من الخطر الإسرائيلي، وخاصّةً عندما تعمد بعض الجهات الإعلاميّة والثقافيّة التي تعمل في خدمة هذا الكيان لصبغه بألوان الطّيف الدّيمقراطي، وحماية حقوق الإنسان، فيعتبرون أن في الموضوع الكثير من المبالغة، خاصّة أنّ لهذا الكيان المقدرة الماديّة والثقافيّة والتكنولوجيّة التي من الممكن أن تمهر النّهار بختمها الأسود، لكن من يهتمّ بكشف الحقائق لن يجد صعوبة في كشف الحقيقة المغطاة بغربال الوهم.

هنا يأتي دور دانييلا فاييس، إنّها ليست مطربة تغني للحريّة، ولا شاعرة تقول القصائد في حلاوة الحبّ وموج البحر؛ إنّها مستوطنة صهيونيّة، صاحبة نظريّةٍ في العنصريّة، فهي ذات أصول بولنديّة أمريكيّة، لكن هذا لم يمنعها، بل دفعها لتكون أكثر عنصريّة.

نظريّة من “الفرات إلى النّيل” هي جزء من أقوالها في خدمة السياسة العنصرية، فعلى حدّ قولها يجب ترحيل الغزّاوييّن إلى أيّ مكان خارج فلسطين، وترى هذه العنصريّة المتجسّدة في سيّدة أنّه من الواجب إلغاء خيار الدّولتين، وعلى الفلسطينيّين أن يعترفوا بإسرائيل، أو أن يخرجوا ويُستعاض عنهم بالإسرائيليّ وهو الحل الأفضل.
إذاً لا دولة فلسطينيّة ولكن كيف؟
ليأتي دور وزير المال الصهيوني ليكمل الإجابة عن دانييلا اليمينية المتطرفة، ليقول: خطاب اليوم التالي للحرب سيكون مختلفاً بعودة المستوطنين اليهود إلى قطاع غزة، وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة،

ثم يكمل: في حال تحركنا بطريقة صحيحة إستراتيجيًا وشجعنا الهجرة وفي حال كان هناك مئة ألف أو مئتي ألف عربي في غزة وليس مليونين، سيكون خطاب اليوم التالي “للحرب” مختلفاً تماماً.

ليستمر العرض لعضلات الصهاينة من خلال شخصيتين قد تكونان نقطة من بحر فلسفة العنصرية الصهيونية الممتدة منذ تصريحات رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير أن الحدود ترسم حيث يقطن اليهود، لا بحسب خط مرسوم..
وانسجامه مع كتابات دافيد بن غوريون سنة 1937 التي صرّح فيها بأن “التّرحيل القسري للعرب من أودية الدولة اليهودية العتيدة يمكن أن يعطينا شيئاً لم يكن لدينا قبلاً…” حتى يومنا هذا.

في المقلب الآخر أو لنقل على الضّفة الأخرى هناك رأي آخر، بل مصير آخر لا يأخذ رأياً ولا ينتظر تشجيعاً؛ إنه رأي الأرض العطشى في المطر، ورأي الساقية في الماء الجاري
إنه الدّم الذي يجري في عروق الفلسطينيين ،فلا حاجة للنّقاش والتّشجيع، الأرض أمانة في رقابنا، ونحن أمانة في عروقها، لن نخترع القصص حول أحقيتنا بالأرض، فنحن هي وهي نحن.

لن نعيد مأساة الهنود الحمر في عصرنا هذا، فالأحمر فقط هو الدم الذي يرفض السكون في عروقنا تحت ظلّ الاحتلال.

الأرض بطولها وعرضها أمامكم، ومفردات اللغات لا نهاية لها قي قاموس التشجيع والاستنهاض لكن نحن لا نحتاجها، فالفلسطيني عندما يولد يقطعون حبل سرّته من أمه فيتصل بفلسطين لينتهي زمن الكلام.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

امتلاك الحقيقة وهْم مَرضي

الكل يناقش

كل إنسان يناقَش فكره، والكمال لله، ولولا الوحي وما ينطق عن الهوى لنوقش خير البشر، ورغم ذلك نوقش ولم يضجر ممن يناقشه، لكن هذه الحماية ليست لشخصه وإنما محددة لمسار ومعايير فكره من أجل هذا نزه الله قوله ورفع ذكره، وإلا فلا يحمل القول الثقيل من لان ستار بنيانه وأضحى قوله كقول البشر في أمر الوحي. لذا ميز الرسول نفسه بين قولين له في أمر الدين والدنيا. ومن ثم علينا أن نميز بين الحضارة المحمية كفكر وعقيدة، وبين النشاط المدني فهو للناس.

نحن في امتحان القلوب

فالله وضعنا على الأرض ليمتحن تفكيرنا، فنحن لسنا مالكي الأرض وإنما هو الإنسان فيها كقاعة امتحان تمر فيها وعلى رحلتها أجيال من الممتحنين، فمنهم من يعبر إلى أعلى المراتب ومنهم من يرسب ويعيد وربما يطرد من القاعة. فالله يمتحن البشر وليس ليسيّر أمورهم بالحتمية أو رسم مسارهم بالتفصيل ويلغي كينونتهم. في علم الله كل أمر معروف لكن الله وضع المقادير ووضع السنن، فمن وافق سنن الكون بحسن إدارته فاز ومن خالفها خسر. وتمكين الرعاع ليس لمطابقتهم سنن الكون وإنما لانحسار الصالحين عن مطابقتها، فالشر من أنزل آدم لكن لإحساسه بذنبه أعطاه الله كلمات.. نقص عزمه، أي تفكيره وفهمه لعلم عنده ولأهميته، لكن نقص الفهم عليه عقاب والانتباه هو الخط الصواب.. أما أن نرجو الصلاح عصبية أو بدعم لتافه كي نرفع شانه وكأنه بفساده يمثل أمة نكاية بغيره، فهذا ليس لذي حجر.

فهم الرسالات

لم نفهم رسالة الإسلام، وهي التفكير ومعالجة المعطيات لبناء الأمم. والصبر صمود على أداء القيمة والمهمة وليس تحمل الظلم والألم، وإنما المطاولة من أجل مقاومة الظلم والظالمين حتى يعودوا إلى الرشاد، فهي تدبير وعمل وليس استسلاما وكسلا. فالله لم يخلق الكون عبثا ولم يجعلنا في الأرض إلا لاختبار منظومتنا العقلية. ولا يكافأ مسلم جاهل بدينه ومعانيه، مختل التفكير والسلوك، ولا مسيحي لأنه يظن أن الخلاص حاصل له بقبول المسيح، ولا ليهودي يظن أنه من شعب مختار، هذا العبث في التفكير يفقد الحياة معناها ويخلق التشظي بين البشر وهو ما نراه اليوم من فساد كبير، بينما لو ترك كل إنسان أخاه الإنسان إلى رأيه وما يحمل من معتقد، مكتفيا بإبلاغه دون التترس ضده، واتجه إلى المشتركات التي تنفع الناس عند الاثنين، لما وُجد هؤلاء الرعاع ولا المرضى بالنرجسية ولا المخبولون في إدارة العالم ودفعه نحو الفساد حتما عندما تختل المعايير وتنتشر الكراهية نتيجة الاستقطاب، فتنكرها الفطرة الآدمية فتذهب إلى الحيرة، وعندما لا تجد جوابا أو ليس لها قدرة على الجواب تذهب إلى الإلحاد والكفر بكل شيء قبل أن تتصالح مع آدميتها، لكنها لا تجد الطريق في المتاهات التي ولدتها الاستقطاب والمتاريس التي سدت الطرق.

طريق الضباب:

لو جئنا إلى المتدينين وهم يضعون أنفسهم وكلاء الله في الأرض وهذا ما لم يُمنح لنبي أو رسول، أو هم يقدمون قدسية مصطنعة لإنسان عالم أو فقيه اجتهد وربما جافاه الاجتهاد عن أصول الفكر السديد، ويقيمون بحجته حجة على الله وكتابه، فهذا أمر عجيب.. فآدم ميّزه الله بالمنظومة العقلية والكرامة الإنسانية والسعة في الاختيار والإبداع، كذلك علمت الملائكة وأعلمها الله أنها لم تعلم ميزات هذا المخلوق، فما السر في هذا النفور؟

إنه طريق الضباب والتعنت والتمسك بما عرفت وأنه الحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، رغم أنه اجتهاد يقابله اجتهاد.. هو نوع من إيقاف المنظومة العقلية وتعطيلها، وبهذا لا تجد تفاهما منفتحا من الجميع على الجميع.

المشكلة عامة ولا تقتصر على دين أو متدين أو ملحد أو علماني، فالكل يتترس مكتفيا بما عنده، ولا يرى إلا أنه صواب ويحاكم الآخرين، ولو عاش -ولا أقول تعايش- هؤلاء الناس لكانت حياة سوية، أن من أمامك أخ لك وما يهمك منه أن يكون إيجابيا في المجتمع، وإن احتجتم لبعضكم تكونون حاضرين

طريق النور:

إن الله خلق الإنسان لاختبار منظومته العقلية، هو في الأرض لعمارتها، والعمارة لا تأتي بالفوضى وعدم الاستقرار، وانشغال الناس بمعتقدات بعضهم تجاوز على خالق الكون، فهو وحده من يحكم بين الناس فيما هم فيه الآن مختلفون، فلا بد أن ينظر إلى قابليات أي إنسان في تحقيق الهدف وهو التعارف والبناء، وأن الكرامة عند الله التقوى، وباب الوصول إلى التقوى هو صفاء الفؤاد من الأحاسيس السلبية ونقاء المنظومة العقلية من الأفكار السلبية.

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر: جيل «ألفا» أول جيل يولد مغمورا بالتقنيات الرقمية‏ ويواجه هذا الكم من ‏التحديات
  • ‏وكيل الأزهر: «ألفا» أول جيل يولد مغمورا بالتقنيات الرقمية‏ ويواجه هذا الكم من ‏التحديات‏
  • وزير الثقافة يلتقي نظيره الفلسطيني ويبحثان عقد مؤتمر لوزراء الثقافة العرب
  • أور رد من إدارة الزمالك على تصريحات وزير الإسكان بشأن أرض أكتوبر
  • عاصمة للثقافة المصرية.. شمال سيناء صحراء يولد فيها الضوء من بين حبات الرمال
  • الكيان الصهيوني ومشروع تقسيم السودان
  • طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني في ندوة بجامعة الحديدة
  • وزير الخارجية السوري: قلقون من سياسات إسرائيل التي تتعارض مع استقرارنا
  • سفارة فلسطين في لبنان نظمت حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني الفلسطيني
  • امتلاك الحقيقة وهْم مَرضي