عربي21:
2025-12-06@15:51:29 GMT

امتلاك الحقيقة وهْم مَرضي

تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT

الكل يناقش

كل إنسان يناقَش فكره، والكمال لله، ولولا الوحي وما ينطق عن الهوى لنوقش خير البشر، ورغم ذلك نوقش ولم يضجر ممن يناقشه، لكن هذه الحماية ليست لشخصه وإنما محددة لمسار ومعايير فكره من أجل هذا نزه الله قوله ورفع ذكره، وإلا فلا يحمل القول الثقيل من لان ستار بنيانه وأضحى قوله كقول البشر في أمر الوحي.

لذا ميز الرسول نفسه بين قولين له في أمر الدين والدنيا. ومن ثم علينا أن نميز بين الحضارة المحمية كفكر وعقيدة، وبين النشاط المدني فهو للناس.

نحن في امتحان القلوب

فالله وضعنا على الأرض ليمتحن تفكيرنا، فنحن لسنا مالكي الأرض وإنما هو الإنسان فيها كقاعة امتحان تمر فيها وعلى رحلتها أجيال من الممتحنين، فمنهم من يعبر إلى أعلى المراتب ومنهم من يرسب ويعيد وربما يطرد من القاعة. فالله يمتحن البشر وليس ليسيّر أمورهم بالحتمية أو رسم مسارهم بالتفصيل ويلغي كينونتهم. في علم الله كل أمر معروف لكن الله وضع المقادير ووضع السنن، فمن وافق سنن الكون بحسن إدارته فاز ومن خالفها خسر. وتمكين الرعاع ليس لمطابقتهم سنن الكون وإنما لانحسار الصالحين عن مطابقتها، فالشر من أنزل آدم لكن لإحساسه بذنبه أعطاه الله كلمات.. نقص عزمه، أي تفكيره وفهمه لعلم عنده ولأهميته، لكن نقص الفهم عليه عقاب والانتباه هو الخط الصواب.. أما أن نرجو الصلاح عصبية أو بدعم لتافه كي نرفع شانه وكأنه بفساده يمثل أمة نكاية بغيره، فهذا ليس لذي حجر.

فهم الرسالات

لم نفهم رسالة الإسلام، وهي التفكير ومعالجة المعطيات لبناء الأمم. والصبر صمود على أداء القيمة والمهمة وليس تحمل الظلم والألم، وإنما المطاولة من أجل مقاومة الظلم والظالمين حتى يعودوا إلى الرشاد، فهي تدبير وعمل وليس استسلاما وكسلا. فالله لم يخلق الكون عبثا ولم يجعلنا في الأرض إلا لاختبار منظومتنا العقلية. ولا يكافأ مسلم جاهل بدينه ومعانيه، مختل التفكير والسلوك، ولا مسيحي لأنه يظن أن الخلاص حاصل له بقبول المسيح، ولا ليهودي يظن أنه من شعب مختار، هذا العبث في التفكير يفقد الحياة معناها ويخلق التشظي بين البشر وهو ما نراه اليوم من فساد كبير، بينما لو ترك كل إنسان أخاه الإنسان إلى رأيه وما يحمل من معتقد، مكتفيا بإبلاغه دون التترس ضده، واتجه إلى المشتركات التي تنفع الناس عند الاثنين، لما وُجد هؤلاء الرعاع ولا المرضى بالنرجسية ولا المخبولون في إدارة العالم ودفعه نحو الفساد حتما عندما تختل المعايير وتنتشر الكراهية نتيجة الاستقطاب، فتنكرها الفطرة الآدمية فتذهب إلى الحيرة، وعندما لا تجد جوابا أو ليس لها قدرة على الجواب تذهب إلى الإلحاد والكفر بكل شيء قبل أن تتصالح مع آدميتها، لكنها لا تجد الطريق في المتاهات التي ولدتها الاستقطاب والمتاريس التي سدت الطرق.

طريق الضباب:

لو جئنا إلى المتدينين وهم يضعون أنفسهم وكلاء الله في الأرض وهذا ما لم يُمنح لنبي أو رسول، أو هم يقدمون قدسية مصطنعة لإنسان عالم أو فقيه اجتهد وربما جافاه الاجتهاد عن أصول الفكر السديد، ويقيمون بحجته حجة على الله وكتابه، فهذا أمر عجيب.. فآدم ميّزه الله بالمنظومة العقلية والكرامة الإنسانية والسعة في الاختيار والإبداع، كذلك علمت الملائكة وأعلمها الله أنها لم تعلم ميزات هذا المخلوق، فما السر في هذا النفور؟

إنه طريق الضباب والتعنت والتمسك بما عرفت وأنه الحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، رغم أنه اجتهاد يقابله اجتهاد.. هو نوع من إيقاف المنظومة العقلية وتعطيلها، وبهذا لا تجد تفاهما منفتحا من الجميع على الجميع.

المشكلة عامة ولا تقتصر على دين أو متدين أو ملحد أو علماني، فالكل يتترس مكتفيا بما عنده، ولا يرى إلا أنه صواب ويحاكم الآخرين، ولو عاش -ولا أقول تعايش- هؤلاء الناس لكانت حياة سوية، أن من أمامك أخ لك وما يهمك منه أن يكون إيجابيا في المجتمع، وإن احتجتم لبعضكم تكونون حاضرين

طريق النور:

إن الله خلق الإنسان لاختبار منظومته العقلية، هو في الأرض لعمارتها، والعمارة لا تأتي بالفوضى وعدم الاستقرار، وانشغال الناس بمعتقدات بعضهم تجاوز على خالق الكون، فهو وحده من يحكم بين الناس فيما هم فيه الآن مختلفون، فلا بد أن ينظر إلى قابليات أي إنسان في تحقيق الهدف وهو التعارف والبناء، وأن الكرامة عند الله التقوى، وباب الوصول إلى التقوى هو صفاء الفؤاد من الأحاسيس السلبية ونقاء المنظومة العقلية من الأفكار السلبية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات العقلية معتقد الانسان العقل اختلاف معتقد مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هل يغفر الله للمنتحر.. وهل الانتحار كفر؟

هل يغفر الله للمنتحر.. وهل الانتحار كفر؟ سؤال يسأل فيه الكثير من الناس فأجاب الدكتور محمد العشماوي  من علماء الازهر الشريف وقال أولا .. الانتحار حالة يأس بتنتاب الإنسان .. في لحظة ضعف .. بيغذيها الشيطان .. وينفخ فيها .. ويغيب العقل تماما .. لحد ما الإنسان ينهي حياته بإيديه .. ظنا منه إنه هيرتاح من المعاناة .. أيا كانت .. مادية أو نفسية .. والحقيقة إنه ما بيرتحش ..

ثانيا .. كل إنسان عرضة للانتحار .. حتى الإنسان المتدين .. لأنه مرتبط بلحظات ضعف الإنسان .. والإنسان أصلا مخلوق من ضعف .. لكن بالاستقراء تبين أن الناس اللي إيمانهم قوي .. ولهم صلة بالله .. وارتباط بالعبادة .. والقرآن .. والذكر .. والمساجد .. وحب الصالحين .. بيبقى عندهم رضا وسكينة وطمأنينة .. بتهون عليهم الصعاب .. علشان كده دايما بننصح الناس بالأمور دي .. بخلاف الناس اللي حياتهم كلها مادة في مادة .. بييجي عليهم وقت .. الروح بتتخنق خالص .. بتبقى عاوزة تطلع من البدن .. لأن ملهاش حاجة تغذيها .. من الأمور الإيمانية اللي ذكرناها .. فبيتخلصوا من حياتهم بالانتحار ..

ثالثا .. اتنين من الناس .. أسرار الناس عندهم .. رجل الدين .. والطبيب النفسي .. ودا بيأثر غالبا على حالتهم النفسية .. أنا شخصيا من كتر ما بيتعرض عليا من مشاكل واستفتاءات .. شعر راسي شاب قبل الأوان .. ووقع من كتر الهم .. لأن أنا من النوع اللي بيحمل هموم الناس .. لدرجة برجع أحيانا البيت مغموم .. ونفسيتي تعبانة .. فأولادي يسألوني انت كنت كويس .. ايه اللي جرى .. أقولهم مشاكل الناس .. وكان ده حال سيدنا الشيخ عبد السلام أبو الفضل .. كنت ادخل عليه أحيانا ألاقيه في حالة قبض شديد .. ما بيتكلمش .. ولا حتى بيرحب .. وبعد شوية ألاقيه يحكيلي ان حد كان عنده وحكاله حاجة .. نكدت عليه .. وخليته في حالة قبض .. وكانت مشاكل والله لا يصدقها عقل .. كان أحيانا بيذكرها في كتبه .. وأحيانا على المنبر .. أو في الدرس .. ولما جربت الحالة دي عذرته .. مشاكل الناس النهاردة شيء فوق تصور العقول .. شيء ملوش مثيل .. لا شرع .. ولا عقل .. ولا منطق .. ولا توقع ..

وبفكر ما عنتش أستقبل مشاكل الناس .. ولا فتاواهم .. لأن بصراحة بقيت بتعب جدا .. هما بيرتاحوا بالفضفضة .. وأنا اللي أفضل تعبان .. وحامل الهم .. وفعلا أنا مبردش على معظم الرسايل والمكالمات بقالي فترة ..

رابعا .. المرض النفسي مش بعيد عن حد .. دا نوع من البلاء .. والبلاء ما بيفرقش .. فممكن إنسان لا تتوقع إنه يكون مريض نفسي .. وتلاقيه مريض نفسي .. لأن الأمراض النفسية المعاصرة من نوع معقد وغامض جدا .. وأكتر الناس لما تقرب منهم .. تحس ان عندهم حاجة نفسية .. ربنا يكون في عون الناس والله .. ويرحمنا ويرحمهم برحمته الواسعة .. ويطبطب علينا وعليهم بإيده الحنونة الكريمة ..

واختم كلامي بتكرار النصيحة .. لنفسي ولكل المسلمين .. خليكو مع ربنا .. قربوا من ربنا .. مفيش أحن منه .. ولو ضاقت عليك نفسك أو الدنيا .. قول يا رب .. بإذن الله تهون .. والفرج بييجي أكيد .. بس خلي عندك صبر .. الصبر مفتاح الفرج .. وكل شيء بأوان ..

مقالات مشابهة

  • قال عنه رسول الله ﷺ "مخ العبادة" فضل الدعاء في الإسلام
  • أزهري: العقلية المحمدية نموذج شامل للحياة والاقتداء بالنبي يشمل العبادات والمعاملات
  • لماذا اتسم الله بالحق وليس الحقيقة؟.. علي جمعة يوضح الفرق
  • حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية وتهنئة المسيحيين
  • لا تقلق... سيأخذ الله حقك ممن أوجعك
  • سراب الذكاء الاصطناعي... الحدّ الفاصل بين الحقيقة والزيف
  • رحيل الشاعر فوزي خضر.. المشهد الثقافي يودع صوتا ظل يكتب بروح الأرض ووجدان الناس
  • هل يغفر الله للمنتحر.. وهل الانتحار كفر؟
  • مال الله.. المستباح