الخليج الجديد:
2025-06-27@12:57:42 GMT

آخر معاقل الكرامة وأهم معارك التحرير

تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT

آخر معاقل الكرامة وأهم معارك التحرير

آخر معاقل الكرامة وأهم معارك التحرير

أصبح مجتمع الاحتلال يعلم أن جهازه الاستخباراتي "الأكفأ في المنطقة" لم يستطع منع الهجوم.

حدث 7 أكتوبر اكتسب أهميته من نقاط أخرى أكثر رمزية من مجرد ضخامة العدد، أو الاختراق الأمني والمعلوماتي.

يحرق الإسرائيلي الأرض وأهلها بالقطاع، ويحاول ترميم قوة الردع، لكن مجتمع الاحتلال الذي يبيت في الملاجئ أصبح يعلم أنه لا أمان في هذه الدولة.

الجيش "الأقوى في المنطقة" لا يستطيع القضاء على حركة محاصَرة منذ 17 عاما، ولديها تسليح محدود، وقطعا لن يستطيع خوض معركة ضد حزب الله الأقوى بأضعاف.

البوابة الرئيسية لكل النقاط الفرعية، هي جرأة الهجوم الذي اخترق حدود القطاع ودخل إلى عمق الأراضي المحتلة، وخاض اشتباكات قوية ولمدة ساعات في قواعد عسكرية، أدت إلى إشاعة الخوف في عموم الأراضي المحتلة.

* * *

يخوض جيش الاحتلال منذ أكثر من أربعة أشهر معركته الأطول في تاريخه القصير، والمفارقة أن طول مدة المعركة لا يتناسب مع المساحة المستهدفة، إذ سبق لهذا الجيش أن احتل آلاف الكيلومترات في ستة أيام فقط عندما واجه جيوشا نظامية، لكنه اليوم وقف أمام قوات متمرسة؛ يقاتل قادتهم بجوار جندهم، وتدفعهم قيم ومُثُل تجعل قوة كل شخص في الميدان مماثلة لقوة آلية عسكرية ضخمة، وهذا الدافع المعنوي هو ما صنع هؤلاء الرجال وجعلهم بهذه الصلابة.

(1)

كانت غزة منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية حجر عثرة أمام المشروع السرطاني الدموي، وبعد انتخابات 2006 في فلسطين قرر العالم أجمع أن يدير ظهره إلى تلك البقعة الصغيرة وتأديبها لأنها معقل لحركة حماس، وبالتبعية هي معقل لمدرسة الإخوان المسلمين الفكرية التي يخاصمها حكام الإقليم بلا استثناء.

تعرض الغزيون لحصار خانق منذ عام 2007، لتركيع المقاومة فيها، ولصرف ناخبي حماس عن الحركة، وهذه أمور تُخضع المتضررين، وهذا طبيعي بالمناسبة، لكن ما نعلمه أن غزة لم تخرج عن بكرة أبيها في تظاهرات ضد حماس لتطالبها بترك السيطرة على القطاع وتسليمه إلى سلطة أخرى، ولم نعلم أنها خرجت وقمعتها الشرطة في القطاع، بل تجرع الغزيون ضيق الحياة ونزْعَ صفة الإنسانية عنهم طوال سنوات، ملتحفين بغطاء فلسطيني فقط، ومدركين بوضوح جهة العدو الذي ينبغي الصراخ في وجهه، والخصم الوطني الذي يُناقش، والقابض على السلطة الذي تُشكى إليه أحاديث مرارة الحياة، أو انتقادات سوء إدارته للشأن العام.

كان يمكن للغزيين أن يجأروا برفضهم لحماس، وكان يمكنهم على الأقل استقبال العدو بالاحتفاء وهو يدخل القطاع للمرة الأولى منذ عام 2005، ليعلنوا للعالم رفضهم لحكم الحركة "التي تقامر بحياتهم"، لكنهم صمدوا رغم القتل ومرارة ما يلاقونه، ورفَض مئات الآلاف ترك أماكنهم كما في شمال القطاع المدمر تماما، مؤكدين أنهم محضن قوي جدا للمقاومة ضد الاحتلال، دون أن يمنع الاحتضان الخلاف مع المحضون، إلا أن استمرار الاحتضان يؤكد قبول المحضون.

(2)

انطلقت من غزة معارك متكررة لإعادة التوازن في القضية الفلسطينية، وربما كانت معركة سيف القدس عام 2021 أبرز المعارك، إذ أعلنت المقاومة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الانتهاكات في الأراضي المحتلة خارج قطاع غزة، وقدمت نفسها مسؤولة عن الفلسطينيين كلهم بما في ذلك المقدسيون في حي الشيخ جراح، كما كانت الدلالة الأخرى الأبرز أن معركة سيف القدس بدأتها المقاومة ولم تكن رد فعل على هجوم صهيوني كأي عدوان سابق، ما أعطاها رمزية أخرى أوصلت المقاومة بعد أقل من عامين ونصف إلى شن أكبر هجمة عسكرية تجاه المحتل.

لم تكن هجمات طوفان الأقصى حدثا عسكريا عاديا كأي عملية أسر لجنود صهاينة، وليس العدد الضخم من الأسرى هو الذي أكسب الحدث أهميته ورمزيته، إذ لو أسرت المقاومة 1000 جندي من على حدود القطاع لما استدعى نفس رد الفعل والتصلب في المواقف والهرولة الدولية نحو العدو، وليست سرية المعلومات التي وصلت إليها المقاومة هي السبب أيضا، فالاختراقات الأمنية تظل واردة مهما كانت درجة السرية، لكن الحدث اكتسب أهميته من نقاط أخرى أكثر رمزية من مجرد ضخامة العدد، أو الاختراق الأمني والمعلوماتي.

البوابة الرئيسية لكل النقاط الفرعية، هي جرأة الهجوم الذي اخترق حدود القطاع ودخل إلى عمق الأراضي المحتلة، وخوض اشتباكات قوية ولمدة ساعات في قواعد عسكرية، أدت إلى إشاعة الخوف في عموم الأراضي المحتلة.

(3)

كان هناك فيديو شهير لأحد الجنود السابقين في جيش الاحتلال، قال فيه إنهم يقومون بطرق الأبواب ليلا على الفلسطينيين في الضفة بصورة عشوائية ويفتشون المنازل التي يدخلون إليها، لا لسبب سوى إعلام الفلسطينيين بـ"أنهم هنا" ويمكنهم الوصول إليهم متى أرادوا، لكن في صبيحة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر اتضح أنهم ليسوا هنا، وأن الفلسطينيين هم الذين على الأرض. وقد أشار السيد نصر الله إلى معنى مهم بقوله أمس، إن اللبنانيين في الجنوب صامدون رغم الهجمات العسكرية للاحتلال، بينما هرب 100 ألف مستوطن من منازلهم ولن يعودوا إليها قبل وقف الصواريخ اللبنانية، لأنهم يدركون أنهم احتلال.

نعم، استيقظ الصهاينة صبيحة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وأدرك أبناء الأجيال المولودة هناك بعد النكبة أنهم محتلون لأراضي غيرهم، غابت هذه الحقيقة التي عاصرها سابقوهم من المغتصبين الأوائل الذين قاتلوا من أجل سرقة الأرض حتى عام 1948، وغابت هذه الحقيقة بعد سلام دافئ بدأته مصر وتبعتها دول عربية أخرى في السر إلى أن صار السر علنا، وغابت هذه الحقيقة بسبب الشعور المفرط بالقوة، والاحتقار الكامل للفلسطينيين.

(4)

كان العالم قد اهتم بترتيبات أغفلت وجود الفلسطينيين، فالقطاع محاصر، والسلطة مستأنسة، والحكام العرب يهرولون نحو التطبيع وإرضاء الأمريكان، والقضية الفلسطينية تتعرض إلى موت بطيء بفعل كل هذه العوامل، ولم يتصور أحد أن يُعاد إحياؤها مرة أخرى، فأتى الطوفان كانسا لكل التصورات، وغاسِلا لوجوهنا التي دنسها تراب الاستبداد والاحتلال.

اليوم يحرق الإسرائيلي الأرض ومَن عليها في القطاع، ويحاول فرض مشهد القوي مرة أخرى، لكن مجتمع الاحتلال الذي يبيت في الملاجئ أصبح يعلم أنه لا أمان في هذه الدولة، وأن قواته "الأقوى في المنطقة" لا تستطيع القضاء على حركة محاصَرة منذ 17 عاما، ولديها تسليح محدود، وقطعا لن تستطيع خوض معركة ضد حزب الله الأقوى بأضعاف، وأصبح المجتمع يعلم أن جهازه الاستخباراتي "الأكفأ في المنطقة" لم يستطع منع الهجوم ولا العثور على فرد واحد لدى الفصائل المقاوِمة، وهذا الشعور أقوى بكثير من جميع تطمينات العالم للاحتلال وقادته، وهو كفيل بتفريغ قوافل المهاجرين إلى أرض "الحلم اليهودي"، ليجعلها قوافل عكسية للمهاجرين من "الكابوس الإسرائيلي".

*شريف أيمن كاتب وباحث سياسي

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل فلسطين غزة المقاومة 7 أكتوبر الكابوس الإسرائيلي مجتمع الاحتلال الأراضی المحتلة فی المنطقة یعلم أن

إقرأ أيضاً:

تقدير إسرائيلي يوصي بالاستعداد لمواجهة عسكرية أخرى قادمة مع إيران

رغم النشوة التي اعترت قادة الاحتلال بمزاعم القضاء على المشروع النووي الايراني والبرنامج الصاروخي، لكن المخاوف بدأت تظهر رويدا رويدا، من إمكانية أن تحقق إيران اختراقا سريعا نحو حيازة "قنبلة بسيطة"، وتقدير بعدم موافقتها على تقديم تنازلات حقيقية في المفاوضات مع الولايات المتحدة، والأخطر ضرورة المسارعة لسدّ فجوات الحماية التي ظهرت خلال الجولة الأخيرة على اعتبار أن المواجهة القادمة مسألة وقت.

رون بن يشاي الخبير العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أنه "في الوضع الحالي، وعلى افتراض صمود وقف إطلاق النار مع إيران، واستقراره، فمن المستحسن لدولة الاحتلال أن تتحرك بشكل فعال في عدة مجالات رئيسية، على المستوى الفوري، يتعين عليها أن تضمن عدم محاولة إيران تحقيق اختراق سريع لحيازة سلاح نووي بسيط، على سبيل المثال، قنبلة قذرة، باستخدام اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة المتبقي لديها، ومئات أجهزة الطرد المركزي المتقدمة المخبأة في مكان ما".

وأضاف  في مقال ترجمته "عربي21" أنه "ربما تكون إيران تسعى لشراء الوقت للسماح لعلمائها بتجميع مثل هذا الجهاز النووي البدائي في رأس صاروخ، وإذا نجحت في ذلك، فستحقق الحصانة باعتبارها قوة نووية، ربما ليست من الدرجة الأولى، لكنها كافية لردع الاحتلال والولايات المتحدة".

وأشار أن "الخلاصة تتمثل بضرورة زيادة الجهود في جمع المعلومات الاستخبارية بكل الوسائل، للتحقق من مدى تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وإلى أي مدى لحق الضرر بمشروع الأسلحة النووية، خاصة مرافق التخصيب، وكم بقي لدى الإيرانيين يورانيوم عالي التخصيب تمكنوا من إخفائه، وقد يستخدمونه لصنع قنبلة في وقت قصير".

وأشار أن "هناك مسألة أخرى تستحق الدراسة وهي مدى تقليص القدرات الصاروخية، وما تبقى لديها في مجال الصواريخ الباليستية، والطائرات بدون طيار، والصواريخ المُجنّحة، التي نادرا ما استخدمتها في الحرب، ولا يزال من الممكن أن تكون هناك قدرات متبقية كبيرة في هذا المجال، وتشكل خطرا على الاحتلال".

وأوضح أن "هناك مهمة أخرى تتمثل بمراقبة استعداد الإيرانيين للجلوس لطاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة بسرعة نسبية، وكم سيكونون على استعداد لتقديم التنازلات التي تطالبهم بها، ويبقى رؤية ليس فقط ما إذا كانوا على استعداد للتخلي عن تخصيب اليورانيوم على أراضيهم، بل والحدّ من برنامج الصواريخ، كما أن وتيرة المفاوضات والسلوك الإيراني فيها، خاصة ما إذا كانوا يوافقون على المراقبة الوثيقة والمتطفلة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من الأمور المهمة للغاية التي ستحدد مدى تحقيق الحرب لأهدافها".

وأكد أنه "إذا لم تكن إيران مستعدة للتنازل عن برامجها النووية والصاروخية، أو لفرض الرقابة المناسبة، فسيضطر الاحتلال لإعادة النظر في كيفية عمله، وستستغرق كلتا العمليتين: تقييم الأضرار، والتفاوض على اتفاق نووي جديد، قرابة ستة أشهر، وإذا تبين أن النتائج غير مرضية من وجهة النظر الإسرائيلية، وإذا تردد الإيرانيون، فسيكون من الضروري الاستعداد لجولة أخرى من الحرب، ربما بالتنسيق مع الولايات المتحدة".



وأوضح أنه "على أية حال، ينبغي للاحتلال أن يفكر منذ الآن في إمكانية أن تكون هناك حاجة لمثل هذه الجولة، مما يتطلب سد الفجوة في الكتائب والمناطق المحمية في الجبهة الداخلية، وإذا لم يتم إغلاقه، فلن تتمكن أي حكومة من تحمل أخلاقيا التصرف من موقع قوة ضد إيران، وإلا فإن الصمود الوطني سيتعرض لتآكل خطير".

وأشار أنه "صحيح ان جميع تفاصيل المحادثات والترتيب الزمني الذي جرت فيه حيثيات وقف إطلاق النار غير معروفة حتى الآن، لكن يبدو أنه بمجرد أن قرر المرشد خامنئي وقادة الدولة الرد الرمزي الضعيف والمنسق مسبقًا على الهجوم الأمريكي، فقد أشار لرغبته، وحتى طلبه، بوقف إطلاق نار "مشرف"، مع العلم أن هذا التلويح بالعلم الأبيض لم يأتِ على الطريقة القديمة، ولكن بمجرد أن تكون إيران أول من يوضح للولايات المتحدة وجيرانها في الخليج أنها لا تريد استمرار القتال، فهذا يعني كل شيء".

وختم بالقول أنه "يمكن الافتراض أن الهجوم الأميركي عجّل بنهاية الحرب في إيران، كما كان متوقعاً، ليس فقط لأن الإيرانيين كانوا يخشون تلقي ضربات إضافية وأقوى، بل لأن الاستسلام للضغوط العسكرية الأميركية "أكثر شرفاً" من الاستسلام للضربات التي توجهها لهم دولة الاحتلال، فالاستسلام لـ"الشيطان الأكبر"، الذي يعتبر القوة العالمية الأقوى، يضرّ بهيبة واستقرار إيران بدرجة أقل من الاستسلام لـ"الشيطان الأصغر".

مقالات مشابهة

  • الضغوط باتجاه إنجاز صفقة في غزة
  • معارك غزة تشتعل: المقاومة الفلسطينية تعلن عن سلسلة عمليات ضد جنود الاحتلال
  • قناة عبرية : مقتل 20 جنديا إسرائيليا في معارك القطاع بالأسبوع الأخير
  • تقدير إسرائيلي يوصي بالاستعداد لمواجهة عسكرية أخرى قادمة مع إيران
  • الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
  • “الأغذية العالمي”: المساعدات التي ادخلت أقل من حاجة غزة وتكفي ليوم واحد
  • حماس: عمليات المقاومة النوعية تؤكد فشل العدو في كسر إرادة شعبنا
  • بين قنص المدنيين وكمائن المقاومة.. تصعيد ميداني يكشف ارتباك الاحتلال في غزة
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية: أما الانتحاريان فالأول الذي نفذ تفجير الكنيسة الغادر، والثاني الذي ألقي القبض عليه وهو في طريقه لتنفيذ تفجير انتحاري في مقام السيدة زينب في ريف دمشق، فقد قدما إلى دمشق من مخيم الهول، عبر البادية السورية، وتسللا بعد تحرير العاص
  • ماذا حقق الكيان من حربه على إيران‎؟