واشنطن/تل أبيب/إسطنبول "وكالات":

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم أن الولايات المتحدة ستعقد مباحثات مع إيران خلال "الأسبوع المقبل"، بعد الحرب بين طهران وإسرائيل والتي تدخلت فيها واشنطن عبر قصف منشآت نووية في الجمهورية الإسلامية.وقال ترامب في مؤتمر صحافي في ختام قمة حلف شمال الأطلسي في مدينة لاهاي "سنتحدث إلى الإيرانيين الأسبوع المقبل، قد نوقع اتفاقا (بشأن برنامج طهران النووي)، لا أعرف".

وقال ترامب" إن إسرائيل وإيران منهكتان، لكن الصراع بينهما قد يتجدد.

وأضاف "لقد تعاملت مع كلتيهما، وكلتاهما مُجهدة ومنهكة.. وهل يمكن أن يتجدد؟ أعتقد أنه ممكن يوما ما. ربما يبدأ قريبا".

من جهة أخرى تحدث ترامب اليوم عن "تقدم كبير" بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، بينما أكدت الحركة الفلسطينية أن الاتصالات بشأن التوصل الى هدنة في القطاع تكثّف خلال الساعات الماضية، عقب اتفاق وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وإيران.

وقال ترامب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي "أعتقد أن تقدما كبيرا يتحقّق في ما يتعلق بغزة وأعتقد أن السبب هو الهجوم الذي نفّذناه"، ملمحا الى أن الضربات الأميركية على منشآت نووية في إيران قد تنعكس إيجابا على الوضع في الشرق الأوسط. وعكس ترامب تفاؤلا بتوقعه "أنباء جيدة جدا" بشأن القطاع المدمّر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 20 شهرا، ويواجه أزمة انسانية حادة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ألمح الى أن الحرب التي خاضتها اسرائيل على مدى 12 يوما ضد إيران ، قد يُسهم بإنهاء النزاع في غزة.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطا من قبل معارضيه ومنتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، وكذلك من بعض أعضاء ائتلافه اليميني، لإنهاء الحرب التي بدأت في القطاع عقب هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنّته حماس في السابع من أكتوبر 2023.

واليوم أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل سبعة من عسكرييه في حادثة واحدة في جنوب القطاع، في إحدى أكثر الحوادث دموية يتعرض لها منذ بدء الحرب.

وكان رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي تتوسط بلاده في محادثات الهدنة الى جانب القاهرة وواشنطن، أكد الثلاثاء أن الدوحة تعمل على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل.

وقال "نحاول البحث عن فرصة خلال اليومين القادمين لأن تكون هناك مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين للوصول إلى الاتفاق"، مضيفا "نتمنى ألّا يستغل الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار مع إيران لتفريغ ما يريد تفريغه في غزة ويستمر (في) قصفه".

بدوره، قال القيادي في حماس طاهر النونو "اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة". لكنه شدد على أن الحركة "لم تتلقَ أي مقترح جديد بشأن وقف النار حتى الآن".

وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعادته بالنهاية السريعة للحرب بين إيران وإسرائيل وقال إنه يتوقع علاقة مع طهران من شأنها أن تحول بينها وبين إعادة بناء برنامجها النووي رغم عدم اليقين بشأن الأضرار التي ألحقتها الهجمات الأمريكية بمنشآت نووية إيرانية.

وقال ترامب، متحدثا في لاهاي حيث يحضر قمة حلف شمال الأطلسي اليوم الأربعاء، إن قراره الانضمام إلى هجمات إسرائيل باستهداف مواقع نووية إيرانية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات أنهى الحرب واصفا الأمر بأنه "انتصار للجميع".

وعبر عن ثقته في أن طهران لن تحاول إعادة بناء مواقعها النووية وستنتهج بدلا من ذلك مسارا دبلوماسيا نحو تسوية الأمر.

وقال "سأقول لكم، آخر ما يريدون فعله هو تخصيب أي شيء في الوقت الحالي. إنهم يريدون التعافي".

وأضاف أنه إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي "فلن نسمح بحدوث ذلك. أولا، لن نفعل ذلك عسكريا"، مضيفا "أعتقد أن الأمر سينتهي بإقامة علاقة ما مع إيران لضمان ذلك".

وقال ترامب اليوم إن الولايات المتحدة لم تتراجع عن سياسة أقصى الضغوط على إيران، والتي تتضمن قيودا على مبيعاتها من النفط، لكنه أشار إلى احتمال تخفيف تطبيق العقوبات لمساعدة البلاد على إعادة البناء.

وقال"سيحتاجون إلى المال لإعادة البلاد إلى سابق عهدها. نريد أن نرى ذلك يحدث".

وأعلنت كل من إيران وإسرائيل النصر، إذ قالت إسرائيل إنها حققت أهدافها في تدمير المواقع النووية والصواريخ الإيرانية، بينما قالت طهران إنها فرضت نهاية للحرب باختراقها الدفاعات الإسرائيلية خلال ردها على الهجمات.

وقال الرئيس مسعود بزشكيان في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية "هذه الحرب وما عززته من تعاطف بين الشعب والمسؤولين فرصة لتغيير نظرة الإدارة وسلوك المسؤولين بما يمكنهم من بناء الوحدة".

وفي إيران وإسرائيل، أبدى السكان ارتياحهم لنهاية أسوأ مواجهة على الإطلاق بين الجانبين، اللذين يتناصبان العداء منذ فترة طويلة، لكنهم عبروا أيضا عن قلقهم إزاء المستقبل.

قالت فرح (67 عاما) التي عادت إلى طهران قادمة من لواسان قرب العاصمة حيث فرت هربا من القصف الإسرائيلي "عدنا بعد إعلان وقف إطلاق النار. يشعر الناس بالارتياح لتوقف الحرب لكن هناك الكثير من عدم اليقين بشأن ما سيحدث لاحقا".

وفي تل أبيب، قالت روني هوتر-إيشاي ماير (38 عاما) إن نهاية الحرب أوجدت مشاعر متباينة من الارتياح لعودة الأطفال للمدارس واستئناف الحياة الطبيعية إلى الإنهاك الناجم عن التوتر والقلق.

وقالت "إنه أمر مرهق جدا. كان الأسبوعان الماضيان كارثيين في إسرائيل ونحن منهكون للغاية "

وقالت السلطات الإيرانية إن 610 أشخاص قتلوا وجرح ما يقرب من خمسة آلاف في إيران ولم يتسن التأكد من حجم الأضرار على نحو مستقل. وقُتل 28 شخصا في إسرائيل.

ولا يزال التقارب بين طهران والغرب يتطلب اتفاقا يحكم طموحات إيران النووية طويلة المدى مقابل رفع العقوبات الأمريكية والدولية.

وقال رافائيل جروسي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن أولويته القصوى هي ضمان عودة المفتشين الدوليين إلى المنشآت النووية الإيرانية.وأضاف "على أية حال، المعرفة التكنولوجية والقدرة الصناعية موجودة. وهذا أمر لا يمكن لأحد أن ينكره. لذا، علينا أن نعمل معهم".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقال ترامب فی غزة

إقرأ أيضاً:

إيران ومعركة السيادة

 

 

 

خالد بن سالم الغساني

 

لم تتغير ملامح الاستعمار عبر التاريخ إلا في أشكاله وأدواته، فبعد أن كانت البوارج الحربية والمدافع هي اللغة الوحيدة للتوسع والهيمنة، صارت العقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية هي السلاح الجديد لفرض الإرادة والسيطرة.

وما تشهده إيران اليوم من هجمة سياسية وإعلامية واقتصادية ليس سوى امتداد لذلك النهج الاستعماري الذي يصر على التعامل مع الشعوب المستقلة وكأنها مجرد أطراف متمردة على "النظام العالمي" الذي صاغته القوى الكبرى بما يخدم مصالحها وحدها. إن عودة العقوبات على إيران تحت ما يسمى آلية الزناد تكشف بوضوح أن الهدف الحقيقي ليس منع الانتشار النووي، كما يدّعي الغرب ويروج، وإنما إخضاع دولة اختارت أن تسلك طريقها المستقل، وتصر على أن تمتلك قرارها السيادي بعيدًا عن الوصاية الخارجية.

لقد أوضح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في تصريحاته أن بلاده لن تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي رغم كل الضغوط، وهو موقف عقلاني يعكس حرص إيران على البقاء في إطار الشرعية الدولية، وتفويت الفرصة على خصومها الذين يتربصون بها لإظهارها كمنفلتة من القوانين. غير أن هذا التمسك لا يعني قبول الانصياع، بل على العكس، فهو يوازيه إصرار على حق طهران في مواصلة تخصيب اليورانيوم واستخدام التكنولوجيا النووية بما يتوافق مع مصالحها وتطلعاتها، وهو حق سيادي لا يحق لأي قوة أن تحرمها منه.

فهل يُعقل أن تُترك دول تمتلك ترسانات نووية هائلة، مثل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، خارج أي مساءلة أو محاسبة، بينما تُحاصر إيران لأنها تريد استخدام التقنية ذاتها لأغراض سلمية وتنموية؟

إن جلسة مجلس الأمن الأخيرة، التي أسقطت المشروع الروسي- الصيني الرامي إلى تعطيل إعادة فرض العقوبات، عكست حقيقة المشهد الدولي؛ فقد صوّتت غالبية الدول الغربية ضد المشروع، لتؤكد مرة أخرى أن مجلس الأمن أداة في يد القوى المهيمنة أكثر مما هو منصة حيادية لحماية السلم والأمن الدوليين. لقد انكشفت ازدواجية المعايير بشكل صارخ، فعندما يتعلق الأمر بمصالح الغرب أو حلفائه، تغيب القرارات العقابية ويتبدل الخطاب، أما عندما يتعلق الأمر بدولة ترفض الخضوع للهيمنة، تتحول القوانين إلى قيود وأغلال. هذه الازدواجية هي جوهر السياسة الاستعمارية الجديدة، التي تستبدل الاحتلال المباشر بآليات اقتصادية وسياسية تضمن استمرار التبعية.

ولعل ما قاله نائب المندوب الروسي دميتري بوليانسكي من تحذير بأن إعادة فرض العقوبات قد تفضي إلى عواقب وخيمة هو قراءة واقعية لخطورة التصعيد. فإيران ليست دولة هامشية يمكن تهميشها أو إقصاؤها بسهولة، بل هي قوة إقليمية لها امتداداتها وتحالفاتها في المنطقة، وقدرتها على التأثير في معادلات الشرق الأوسط لا يمكن إنكارها. ومن الواضح أن استمرار سياسة الحصار والعقوبات لن يدفع طهران إلى الاستسلام، بل سيدفعها إلى مزيد من الصلابة والتحدي، وربما إلى تسريع خطواتها نحو الاقتراب أكثر من العتبة النووية. وهنا تكمن المفارقة الكبرى؛ فبدلًا من أن تؤدي العقوبات إلى احتواء الخطر كما يزعم الغرب، فإنها قد تفتح الباب لتفاقم التوتر ودخول المنطقة في سباق خطير نحو المجهول.

إن إصرار الدول الاستعمارية على إذلال العالم يتجلى اليوم بأوضح صوره في الملف الإيراني. فهذه القوى لا تحتمل أن ترى شعبًا ينهض بإرادته، أو دولة تحاول أن تكون مستقلة بقرارها. إيران تمثل نموذجًا لمجتمع يريد أن يمتلك العلم والتكنولوجيا وأن يستثمر ثرواته لصالح شعبه، لكن هذا الخيار يصطدم دومًا بجدار من العقوبات والحصار والتهديدات. وهكذا يتحول الحق المشروع في التنمية والاكتفاء الذاتي إلى خطر على الأمن الدولي، بينما يبقى الاحتلال الصهيوني لفلسطين، بكل ما يحمله من جرائم يومية، خارج أي محاسبة أو مساءلة. أي منطق هذا وأي عدالة؟

وليس من قبيل الصدفة أن تزامن هذا التصعيد مع تجاهل الغرب لنداءات الحوار الجاد، فقد أشار بزشكيان إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تُظهر أي جدية في المحادثات النووية، حتى قبل الهجوم الإسرائيلي على إيران، السلوك الذي يعكس أن واشنطن، ومن خلفها العواصم الغربية، لا تبحث عن حلول عادلة بقدر ما تبحث عن ذريعة لإبقاء المنطقة في حالة توتر دائم، بما يبرر وجودها العسكري ويخدم مصالحها الاقتصادية والسياسية.

والحديث عن الأمن والاستقرار ليس سوى خطاب للاستهلاك الإعلامي، بينما الحقيقة أن الاستعمار يريد شرقًا أوسط مضطربًا، غارقًا في الأزمات، يسهل التحكم بمساراته وثرواته.

اليوم.. يقف العالم أمام لحظة فارقة، إما أن يُسمح لإيران أن تمارس حقها المشروع كدولة ذات سيادة، أو أن يستمر الغرب في غطرسته التي لن تجلب سوى مزيد من الفوضى. إن ما يُواجهه الشعب الإيراني ليس صراعاً حول برنامج نووي، إنه معركة حول حق الشعوب في أن تختار طريقها دون وصاية. الوقوف إلى جانب إيران في هذه المعركة هو وقوف إلى جانب مبدأ الحرية والسيادة والكرامة الإنسانية، وإذا كان الغرب يصر على إذلال العالم بوسائل جديدة، فإنَّ مقاومة هذا النهج هي مسؤولية كل من يؤمن بعدالة القضايا وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

إنَّ الاستعمار مهما غير من أدواته وأساليبه يبقى هو الاستعمار ذاته، يسعى دائمًا إلى السيطرة والإذلال. لكن الشعوب التي قاومت بالسلاح من قبل، قادرة اليوم أن تقاوم بالعزيمة والعلم والإصرار. وإيران، برفضها الانصياع، إنما تمثل طليعة هذه المقاومة في وجه منظومة استعمارية لم تتوقف يومًا عن محاولة إعادة رسم العالم وفق مقاساتها الخاصة. ومن هنا، فإن دعم موقفها ليس دفاعًا عن دولة بعينها؛ بل هو دفاع عن حق البشرية جمعاء في التحرر من قيود الهيمنة والوصاية الاستعمارية.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تفاؤل إزاء محادثات فلوريدا بشأن الحرب الأوكرانية الروسية
  • تبادل أراض وجدول زمني.. مباحثات في فلوريدا بشأن حرب أوكرانيا
  • إيران: ندعو دول المنطقة لوقف توسع “إسرائيل” ومستعدون لتعزيز التعاون الاقتصادي مع تركيا
  • إسرائيل تضع الموعد النهائي لتوجيه ضرباتها القادمة إلى إيران
  • ترامب يعلن الحرب على القلم الآلي ويهدد بمحاكمة بايدن
  • إيران ومعركة السيادة
  • رسمياً..”ترامب” يعلن الحرب على فنزويلا “آخر المستجدات”
  • توتر كبير.. العراق يدخل الحرب الصفرية بين إيران وإسرائيل
  • مشاهد غير مألوفة في قلب طهران.. هل يقف الحجاب في إيران على عتبة تحوّل كبير؟
  • ترامب يعلن تعليقاً دائماً للهجرة من جميع دول «العالم الثالث»!