عقد معهد التخطيط القومي محاضرة متميزة بعنوان "حوكمة الهجرة والتنوع: من منظور عالمي” للعام الأكاديمى٢٠٢٣ – ٢٠٢٤، ألقاها أ.د.  بيتر شولتن الأستاذ بجامعة ايراسموس روتردام، ومدير مركز " ليدن-دلفت- إيراسموس" لحوكمة الهجرة والتنوع، وقد أدارت الحلقة أ.د. هالة أبوعلي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ونائب رئيس المعهد لشئون البحوث والدراسات العليا السابق، وبحضور أ.

د. أشرف العربي رئيس المعهد، ونخبة من الأساتذة والخبراء والباحثين، والمهتمين بهذا الشأن.

وفي هذا السياق أوضحت أ.د هالة أبو علي أن المحاضرة استهدفت إلقاء الضوء على المسئولية العالمية لحوكمة الهجرة والتنوع باعتبارها  قضية إنسانية ملحة، ناتجة عن التزايد المستمر في أعداد المهاجرين كنتيجة للتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية التي تدفع ملايين الأفراد إلى اتخاذ قرار الهجرة حتى ولو بطرق غير آمنة وغير نظامية، خاصة في ظل ما يشهده المجتمع الدولي من نشاط مكثف لإرساء القواعد اللازمة لها بطريقة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الإنسانية والحقوقية للمهاجرين.

ولفتت أبو علي إلى المسؤولية المشتركة للدول نحو الحماية الدولية لحقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين من خلال الالتزام بالأسس والمبادئ والمعايير التي تشجع إلى تبني اتفاق عالمي بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة والقانونية، ليس فقط من خلال العمل على حوكمة الهجرة عبر سياسات وخطط عمل متخصصة، ولكن أيضًا من خلال تعميم جميع الإجراءات الهادفة إلى حوكمة الهجرة في مختلف جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وفي سياق متصل أوضح الدكتور بيتر شولتن أن حوكمة الهجرة باتت جزءً لا يتجزأ من الاقتصاد السياسي العالمي، حيث يؤدي تدفق اللاجئين إلى ضغوط كبيرة على الاقتصاد، إلى جانب زيادة الطلب على الإسكان والتوظيف والرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى مما يؤدي إلى نقص الموارد وزيادة الأعباء على البنية التحتية، مشيراً إلى بعض أزمات اللاجئين في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.

وأضاف بيتر شولتن أن حوكمة الهجرة والتنوع تستهدف تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين والمجتمع عبر الالتزام بالمعايير واللوائح التنظيمية الدولية وتأمين حقوق المهاجرين، لافتاً إلى أنها تواجه ثلاث أزمات رئيسية هي أزمة مؤسسية، تلك المرتبطة بالمؤسسات الوطنية وآلية تكيفها مع الهجرة في ظل العولمة، والأزمة الإنسانية المتعلقة بمآسي المهاجرين بشكل مباشر، وأزمة اجتماعية مرتبطة بأوجه عدم المساواة العالمية التي تأتي مع الليبرالية الجديدة.

ولفت شولتن إلى عدم وجود إطار رسمي للتعاون الدولي المستمر بشأن الهجرة في الأمم المتحدة، لذلك كانت الحوكمة الدولية عبارة عن مزيج من التعاون الثنائي والإقليمي والعالمي، مؤكدًا على ضرورة وجود نهج شامل، وتعاون دولي، إلى جانب العمل على تعزيز السياسات القائمة على الأدلة لمنع فقدان المزيد من الأرواح.

وأكد مدير مركز ليدن- دلفت- إيراسموس لحوكمة الهجرة والتنوع على ضرورة جعل المؤسسات الخاصة أكثر مسؤولية عن إدارة الهجرة إلى جانب تصميم المدارس والمستشفيات وغيرها بطريقة تلبي احتياجات التنوع السكانى ، وكذلك تمكين المشاركة السياسية للمهاجرين، فضلًا عن إدماج لجان مشتركة معنية بالهجرة بكافة الوزارات المختلفة.

وأشار بيتر شولتن إلى أن البيانات المتعلقة بالهجرة غير دقيقة وهو ما يصعب مهمة صناع القرار في وضع سياسات فعالة للهجرة، مؤكدًا على أهمية توفير بيانات شاملة وموثوقة كمطلب أساسي لجودة حوكمة الهجرة والتنوع بحيث تكون أفضل وأكثر فعالية في تعبيرها عن مشكلات المهاجرين.

 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

مخاوف دولية | أمريكا تبحث ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وذوي السجلات الجنائية إلى أفريقيا.. القصة الكاملة

في خطوة جديدة تعكس تشدد الإدارة الأمريكية في ملف الهجرة، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن بلاده تبحث بجدية عن دول جديدة لاستقبال مهاجرين غير شرعيين، على غرار السلفادور، لترحيل المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول ثالثة.

اللافت في هذه التصريحات أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل محادثات مع ليبيا ورواندا، وهو ما يثير تساؤلات حقوقية وسياسية بشأن جدوى هذه الخطوة ومآلاتها الإنسانية.

محادثات مع ليبيا

بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مصادر مطلعة، فإن الإدارة الأمريكية أجرت محادثات مع ليبيا بشأن إمكانية استقبال مهاجرين غير شرعيين، خصوصًا من ذوي السجلات الجنائية. ويبدو أن واشنطن تدرس بجدية خيار إبرام ما يُعرف بـ"اتفاقية الدولة الثالثة الآمنة"، وهي صيغة قانونية تسمح بإعادة طالبي اللجوء إلى بلد ثالث يُعتبر آمنًا، وهو ما لا تنطبق شروطه، بحسب تقارير دولية، على ليبيا.

وتشير المصادر إلى أن القرار لم يُتخذ بعد بشكل رسمي، ولا تزال هناك تساؤلات حول الجنسيات التي قد تشملها هذه الاتفاقيات. إلا أن الواضح أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا واضحًا في سياسة الإدارة الأمريكية لردع محاولات الدخول غير النظامي إلى أراضيها.

رواندا على طاولة التفاوض أيضًا

لم تقتصر المحادثات على ليبيا فقط، فقد كشفت المصادر أن مسؤولين أمريكيين أجروا، خلال هذا الأسبوع أيضًا، محادثات مع رواندا، بهدف مناقشة إمكانية استقبال مهاجرين غير شرعيين من الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن التواصل مع رواندا في هذا السياق يعود إلى بدايات إدارة ترامب الأولى، حينما أُرسلت مذكرات دبلوماسية لعدة دول لاستكشاف استعدادها للمشاركة في هذه الخطة.

وبحسب ذات المصادر، فقد أبدت رواندا انفتاحًا على هذه المفاوضات، ما قد يمهد الطريق لاتفاقيات مستقبلية مشابهة لتلك التي أبرمتها دول أوروبية مع كيغالي.

تصريحات مثيرة من وزير الخارجية

وفي خطاب صريح، قال وزير الخارجية ماركو روبيو: "نحن نبحث بنشاط عن دول مستعدة لاستقبال أشخاص من أكثر البشر دناءة، ونأمل أن يكونوا بعيدين قدر الإمكان عن حدود الولايات المتحدة."
وأضاف: "نحن نعمل على إبرام شراكات تخدم مصلحتنا، وسنطلب من تلك الدول أن تؤدي لنا هذه الخدمة."

ويُلمّح روبيو إلى أن الولايات المتحدة قد تستخدم أدوات ضغط، مثل فرض قيود جديدة على السفر من بعض الدول، في حال لم تجد تعاونًا في هذه السياسة، مشيرًا إلى احتمالية فرض حظر سفر جديد يشمل دولًا كانت مدرجة سابقًا في لائحة الحظر خلال ولاية ترامب الأولى، من بينها ليبيا.

سياسة مثيرة للجدل وتحديات قادمة

بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تشديد قبضتها على ملف الهجرة غير الشرعية عبر التعاون مع دول خارجية، تبقى هذه الخطط محفوفة بالمخاطر القانونية والإنسانية. فاختيار دول مثل ليبيا ورواندا، يطرح تساؤلات عن مدى التزام واشنطن بالمعايير الأخلاقية والقانونية في تعاملها مع قضية المهاجرين.

وفي ظل تصاعد وتيرة هذه المفاوضات، يبقى المستقبل مفتوحًا على سيناريوهات متعددة، لا تخلو من الجدل.

طباعة شارك الإدارة الأمريكية ليبيا ورواندا وزير الخارجية مهاجرين غير شرعيين

مقالات مشابهة

  • "سدايا" تدعو الجهات الحكومية للتسجيل في منصة حوكمة البيانات الوطنية
  • المكسيك تعترض على الضرائب الأمريكية بخصوص التحويلات المالية للمهاجرين
  • الداخلية وسفارة بنغلاديش تبحثان تسريع وتيرة العودة الطوعية للمهاجرين
  • مخاوف دولية | أمريكا تبحث ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وذوي السجلات الجنائية إلى أفريقيا.. القصة الكاملة
  • المغاربة بعد الجزائريين أكثر المهاجرين في فرنسا
  • إطار حوكمة جديد لمؤسسات المجتمع المدني
  • الحقيقة من منظور فلسطيني.. «طوفان الأقصى.. من غيّر قواعد اللعبة؟» كتاب جديد لـ حسين عبد الغني
  • محاكمة أفراد في خفر السواحل اليوناني على خلفية مقتل مئات المهاجرين
  • اليونان تتهم خفر السواحل بحوادث غرق قوارب المهاجرين
  • لتعزيز الشفافية.. نص قرار حوكمة دراسة الطلبات والموضوعات التي تحال إلى وزارة المالية