قصر ثقافة الطفل بطنطا يستعرض أسرار التحنيط عند الفراعنة
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
استقبلت مدرسة الزهراء الإعدادية للبنات بمدينة طنطا، محاضرة تثقيفية لقصر ثقافة الطفل، بعنوان "التحنيط وأسراره في مصر القديمة"، والتي أقيمت صباح اليوم الخميس، ونظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، ضمن البرنامج المعد من وزارة الثقافة، وذلك بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم، وإدارة الوعي الأثري بمحافظة الغربية.
بدأت المحاضرة بكلمة من حسام الدين السيد، مفتش بالآثار، استعرض خلالها فكرة البعث والخلود عند القدماء المصريين، وهو الأمر الذي دعاهم لتحنيط موتاهم، موضحا بأن البداية الحقيقة لأول عملية تحنيط كانت في أواخر عصر الأسرة الثالثة، وبداية من الأسرة الرابعة.
وتناول بالشرح أشكال وأنواع التحنيط عند الفراعنة، لافتا إلى أنها ضمت العديد من الإجراءات، من خلال استخراج المخ والأحشاء الداخلية للبطن، ومن ثم وضع المومياء في ملح النطرون لمدة 70 يوما، واستطرد بأن هناك شكلا آخر لعملية التحنيط من خلال حقن المومياء بزيت الأرز، فيما جاءت الطريقة الثالثة بمعالجة للجسد فقط.
من جانبه، قال أحمد السيد، مفتش آثار، إن عملية التحنيط لم تقتصر على الإنسان فقط، بل امتدت لبعض من الحيوانات المقدسة عند المصري القديم، مثل القطط، والتماسيح، وعدد من الطيور، فيما تابعت نصرة مصطفى، مفتشة آثار، بالتأكيد على أن الفراعنة قد اهتموا بتدوين عمليات التحنيط في البرديات وعلى جدران المعابد، موضحة أن الحضارة المصرية القديمة قامت على إتقان العمل والتدقيق في التفاصيل الصغيرة، ما جعلها قبلة العديد من الباحثين والمهتمين من شتى بقاع العالم.
هذا وضمن فعاليات قصر ثقافة الطفل بطنطا وبإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، توافد العديد من الأطفال إلى القصر وذلك للمشاركة في فعاليات ورشة فنية لتعليم مبادئ الرسم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الهيئة العامة لقصور الثقافة قصر ثقافة الطفل بطنطا
إقرأ أيضاً:
قبل أن يقع الخلل
خالد بن حمد الرواحي
في مؤسساتٍ كثيرة، لا تبدأ الحركة إلّا بعد أن يقع الخلل، ولا تُستدعى الحكمة إلا حين تتعقّد المشكلة. نعيش ثقافةً تُجيد إطفاء الحرائق أكثر مما تُحسن منع اشتعالها، فتتحوّل الإدارات إلى غرف طوارئ لا تهدأ إلا لتشتعل من جديد. وبين أزمةٍ وأخرى، يبرز سؤالٌ مُقلق: لماذا ننتظر حتى تتفاقم الأمور؟ ولماذا لا يتحول التخطيط الوقائي إلى ممارسةٍ مؤسسية ثابتة بدل أن يبقى ردّة فعل متأخرة؟ لقد أصبح انتظار المشكلة كي تُعلن عن نفسها جزءًا من الروتين اليومي، مع أن نصف الجهد كان يمكن توفيره… لو أننا بادرنا في اللحظة المناسبة.
تعود جذور هذا السلوك إلى منظومةٍ إدارية اعتادت التعامل مع الواقع خطوةً بخطوة، لا مع المستقبل وما يحمله من احتمالات. فحين يغيب التخطيط الاستباقي، يتحوّل الموظفون إلى منفذين جيدين، لكنهم يفتقرون إلى القدرة على التنبؤ أو اتخاذ المبادرة. وتغدو التقارير مرآةً لما حدث، لا لما يمكن أن يحدث، بينما ينشغل القادة بمعالجة النتائج بدل فهم الأسباب. ومع مرور الوقت، يتكرس داخل المؤسسة وعيٌ جمعي يقوم على الانتظار: ننتظر الشكوى لنُحسِّن، وننتظر التعثر لنُعدِّل، وننتظر الأزمة لنغيّر. وهكذا تعود المشكلات بالوجوه ذاتها والسيناريو نفسه، وكأن الزمن يعيد تشغيل الحلقة ذاتها دون توقف.
وغالبًا ما تتوارى خلف هذا النمط أسبابٌ أعمق من مجرد نقص الأدوات؛ فالمبادرة تحتاج إلى شجاعة، بينما الاستجابة لا تتطلب أكثر من الامتثال. فالموظف الذي يبادر يتحمّل مسؤولية قراره ويعرّض نفسه لاحتمال الخطأ، في بيئة قد لا تُميّز دائمًا بين الاجتهاد المخلص والخطأ المبرَّر. أما الاستجابة فهي الطريق الأكثر أمانًا؛ لا مخاطرة، ولا مساءلة، ولا حاجة لاستشراف المستقبل أو مواجهة المجهول. وهكذا تتسع دائرة الحذر، ويتراجع الحسّ الابتكاري، حتى تغدو المبادرة استثناءً فرديًا لا ثقافةً مؤسسية راسخة.
وليس أدلّ على أثر هذا السلوك من المشاهد اليومية في الميدان؛ فحين تُعالج المشكلة بعد وقوعها، تكون كلفتها أعلى ووقتها أطول وانعكاساتها أعمق. تتكدس المعاملات، وتتأخر الخدمات، ويُرهق الموظفون في محاولات اللحاق بما فات. والأصعب من ذلك أن ثقة المتعاملين تتآكل تدريجيًا، لأن المؤسسة لا تبدو مستعدة ولا مبادرة. ومع مرور الوقت، يتحول الضغط إلى جزءٍ من البيئة، ويغدو العمل تحت «مُنبّه الأزمات» هو النمط السائد، بينما تتبخر فرص التحسين الوقائي التي كان يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا بأقل جهد وأوضح أثر.
المؤسسات التي تتجاوز هذه الدائرة ليست بالضرورة تلك التي تمتلك موارد أكبر، بل تلك التي تبني عقلية مختلفة. فهي تدرك أن المبادرة ليست مشروعًا إضافيًا بل طريقة عمل، فتزرع في فرقها منهجية رصدٍ مبكرٍ للمخاطر، وتمنح موظفيها مساحة آمنة للتجريب، وتشجعهم على طرح الأسئلة قبل ظهور المشكلة لا بعدها. أما المؤسسات التي تكتفي بالاستجابة، فهي غالبًا ما تُغلق الأبواب أمام الأفكار الجديدة وتنتظر التعليمات قبل كل خطوة، فتتقدم خطوة حين يتقدم الآخرون عشر خطوات. وهنا يتجلى الفارق بين مؤسسة تصنع الحدث… وأخرى تكتفي بملاحقته.
وفي نهاية المطاف، لا تحتاج مؤسساتنا إلى جهدٍ خارق كي تنتقل من ثقافة الاستجابة إلى ثقافة المبادرة، بل إلى وعي إداري يدرك أن الوقاية ليست رفاهية، وأن الاستباق جزءٌ أصيل من الحوكمة الحديثة. فحين يتبنى القادة عقلية المبادرة، ويتعاملون مع المستقبل بروح الباحث لا بردّات الفعل، يتحوّل الخلل من مصدر إرباك إلى فرصة تحسين. وعندما يشعر الموظف بأن المؤسسة تثق في اجتهاده وتسمح له بأن يسبق المشكلة بخطوة، تتولد طاقة إيجابية تدفع الجميع نحو أداءٍ أذكى وأكثر استدامة. فالمبادرة ليست مهارة فردية فحسب، بل ثقافة تُبنى… ونقلة تصنع الفرق بين مؤسسة تُطفئ الحرائق، وأخرى تمنع اشتعالها.
رابط مختصر