لافروف: الكرة الحوار ليست في ملعب روسيا
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الكرة ليست في ملعب موسكو في الحوار مع أوكرانيا، وعلى فلاديمير زيلينسكي قبل ذلك إلغاء مرسومه الذي يحظر التفاوض مع روسيا.
وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحفي بالذكرى العاشرة للانقلاب في أوكرانيا: "أريد التذكير بمرسوم زيلينسكي الذي يحظر التفاوض مع الحكومة الروسية. لقد أشار الرئيس الروسي إلى ذلك مرارا عندما أثار الغرب مسألة الحوار مع كييف.
وقال: "هناك اتفاق مضى عليه نحو عامين، إلا أن الأنغلوساكسونيين عرقلوا الاتفاق. الكرة في ملعب الغرب وليس في ملعبنا".
وأضاف أن "الغرب في صوت واحد يريد عقد مؤتمر للسلام، ويقولون أن صيغة زيلينسكي هي الطريق الوحيد للمفاوضات، وأن الغرب يحاول "إقناع" دول الأغلبية العالمية بالانضمام إلى صيغة زيلينسكي من خلال العقوبات والتهديد".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الحكومة الروسية الرئيس الروسي الرئيس الانضمام انقلاب أوكرانيا مفاوضات
إقرأ أيضاً:
هل أصبح الخطاب الغربي مقبولًا في ظل المعايير المزدوجة؟
لا شك أن السياسات الغربية الراهنة وكما كانت من قبل، وفي المقدمة سياسة الولايات المتحدة، في الكثير من قضايا العالم المعاصر، أنهم يتحدثون ويكثرون من الحديث عن إنسانية الإنسان، وحقوقه العادلة التي يجب أن تعطى لكل طالب حق دون النظر إلى عرقه ودينه، من أي شعب من شعوب العالم، وكذلك يتحدثون عن ضرورة الديمقراطية والتعددية السياسية وقبولها، باعتبارها صمام الأمان للشعوب والمجتمعات الإنسانية في أي زمان ومكان، ويطالبون كل الدول بتطبيق الديمقراطية فيها بكل حذافيرها ومنطلقاتها ورؤيتها، كما هي سائدة في أغلب النظم الغربية، وأن سبب العثرات والتوترات في عصرنا الراهن، سببها غياب الحقوق والديمقراطية، سواء حق الإنسان في الحرية، أو التمتع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بحسب قوله،
لكن الغرب الذي يتحدث بهذا الكلام الجميل والمنطقي كتعبير في المنتديات والمحاضرات، أو إصدار المؤلفات عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فهو أول ما يتجاهلها عمليًا وواقعيًا، ولم يعد يهتم بما يقوله ويدعو إليه، وفي الأمم المتحدة فإن الدول الغربية، وفي المقام الأول الولايات المتحدة، تستخدم حق النقض(الفيتو)، ضد أي قرار يقر حقوقا عادلةً لشعوب ظُلمت واحتلت، وتم الاستيلاء على أراضيها بالقوة بدعم الدول الغربية الكبرى، واعتبرت أن هذا المعتدي، هو صاحب الحق،
وليس صاحب الحق الأصلي منذ مئات وآلاف السنين! وأول الشعوب التي تم هضم حقوقها وسرقت أراضيها، هم شعب الفلسطيني، مع أن القرارات الدولية أقرت هذا الحق وألزمت إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الدول الغربية وقفت مع الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948، وما بعدها.
ولا شك أن الغرب الليبرالي الذي كان يتحدث عما ينبغي للشعوب أن تقتفي أثره في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، جعل هذه الدول تنفر وتستهجن مثل هذه المعايير والمقاييس الغربية المزدوجة، التي جعلت موازين الحق تنقلب رأسا على عقب، بسبب هذه المقاييس التي تكتب كمواثيق، وهم أول من يمزقها أو يتجاهلها، ويرمي بها عرض الحائط! وما يحدث في مدينة غزة منذ ما يقرب من عامين من قتل جماعي وتجويع وتدمير المدارس والمستشفيات لهو أبرز مثال، نعم بعض الدول الغربية تستنكر قولًا، لكن لا تفعل شيئًا مؤثرًا مع هذا القول، وكان بإمكانها أن تقوم بدور قوي في مسألة وقف العدوان، واتخاذ مواقف أكثر حزمًا مع إسرائيل للتوقف عما تفعله في غزة ،
صحيح أن بعض السياسيين الغربيين، تحدثوا عن هذه المظالم والانتهاكات، كما أن الجيل الجديد من شباب الجامعات والكليات العلمية في الغرب، تظاهروا وخرجوا في مسيرات كبيرة وضخمة بالآلاف، منددة بالمظالم الصهيونية في غزة والضفة الغربية والقدس، لكن التأثير الغربي الرسمي كحكومات، لم يكن له ذلك الدور المطلوب لوقف الإبادة الجماعية اليومية للشعب الفلسطيني في غزة، عدا بعض الدول كان لها موقف سياسي متميز قوي كإسبانيا، من منع الغذاء والدواء الذي لم يدخل بالكمية التي تكفي لمئات الآلاف من سكان غزة، هذه الممارسات وضعت الشرعية الدولية ـ كما تسمى ـ على المحك، دون أي دور لها عمليا، عدا التصريحات للأمين العام للأمم المتحدة، دون القيام بنشاط فعال من هذه المنظمة، لأنه منزوع القدرة على الفعل لمثل هذه الانتهاكات.
الغرب الآن لم يعد له الحق في الكلام في نقد الشعوب الأخرى، عندما يطالبها كعادته بالكلام عن الحقوق والحريات والديمقراطية، التي استهلكت دون أن تكون حقيقة واقعية مطبقة، لكل شعب مظلوم ومهدور الحقوق والحريات، لذلك الخطاب الغربي خالف شعاراته المرفوعة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأسس المنظمات التي أنشأها، وأصبح مثل الدول الأخرى التي يقال عنها أنها ليست بها ديمقراطية أو حقوق إنسان أو حريات في دولها، لذلك في غياب العدل الإنساني، تصبح المقولة الشائعة (كلنا في الهوى سواء)، عندما يتم تغييب ما يقال من عبارات جميلة ووعود جذابة، وأحلام وردية لكل الأمم والشعوب، ثم يتم التخلي عنها! ويقول المفكر والأكاديمي العربي المعروف د/ جورج قرم في كتابه: (شرق وغرب: الشرخ الأسطوري): «لا شيء يثير القلق في الثقافة الغربية كنظرتها إلى الإسلام ومقاربتها له.
فيختار الغرب من بين الصور التي يشرف على ترويجها وصياغتها في العالم، تلك التي تشرّع رؤيته السلبية إلى الإسلام، فيتعامل معه بصفته عقيدة كلية شاملة ورابطة اجتماعية وثيقة، زمنية ودينية في آن، وبصفته أيضا عقيدة متصلبة تنضح عنفا ولا تتسم بالعقلانية». ويتساءل د/ قرم: لماذا تركزت التحليلات الأكاديمية أو الإعلامية الغربية بشأن الإسلام، في النصف الأخير من القرن الماضي، على ما أسماه الأصولية الإسلامية، فقط خارج أي سياق جيوسياسي؟ لماذا تجاهلت التيار الناشط للفكر العربي الليبرالي والنقدي، علمًا بأن هذا التيار يستعيد الجذور العقلانية للفكر الإسلامي في عصره الذهبي خلال القرنين التاسع والعاشر، ويستحضر كذلك الجذور الفكرية لحركة النهضة العربية التي بدأت مع حملة نابليون على مصر واستمرت خلال القرن العشرين مغذية مقاومة الاستعمار،
ولكن بالحفاظ على التواصل الفكري مع فلسفة الأنوار؟ ولماذا اقتصرت صورة الإسلام في الثقافة الغربية منذ نهاية الستينيات على صورة الحجاب والسيف والعمامة والجهاد الإسلامي ولحى المشايخ؟ يجيب د/ قرم: هناك مجموعة معقدة من العوامل أدت إلى الاستخدام الاستثنائي للأصولية الإسلامية لتأدية أغراض شتى في كل المجتمعات التي توجد فيها طوائف إسلامية، ولا يبدو أن شيئًا بإمكانه إيقاف التعبئة للمواقف الأصولية المتشددة، وهذا ما أثبتته لاحقًا التبعات الاستثنائية التي تمخضت عنها أحداث الحادي عشر من أيلول. لقد تسبب الخطاب الغربي الذي يتناول الشرق، بسوء فهم هائل ، نابع من الإطار المنهجي والمفهومي المعتمد للنظر إلى الشرق، ما أدّى إلى هذا الشرخ بين الشرق والغرب، فقد تصور الغرب أنه قطع صلة الوصل بعالم البطاركة والأنبياء الأسطوري وأوكل إلى الشرق رمزيًا مهمة تتمثل في تجسيد كل ما هو سلفيّ وروحانيّ.
إذا درسنا الصورة التي كوّنها الغرب ـ كما يقول قرم ـ عن المسار التنموي المنفصل الذي يفترض أنه تميّز به، فقد لا تكون في الجوهر عداءً للآخرين، بل رغبة شديدة في الراحة والأمان النفسيين. لا شك في أن الغزاة الذين سعوا إلى السيطرة على العالم إبّان عصر النهضة الأوروبي أسهموا في تكريس السمات السلبية للشق الشرقي من ثنائية الشرق والغرب، وعمّقوا فكرة التمايز بينهما لتبرير الغزوات والاستعمار. لكن، من غير المؤكد أن التصوير الذي قُدّم للعالم على أنه يقوم على شرخ جوهري بين الشرق والغرب نابع من عداء أصيل أو «وراثي» بين عالمين ، كما يحلو لبعض المفكرين ترسيخه في المتخيلين الغربي والإسلامي. هذا ما أثبتته التحليلات التي تناولت نظام القيم والاهتمامات التي صاغت مفاهيم الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا المعاصرين، وعلى وجه التحديد، الإرث الذي خلفه فيبر والتحريف الذي مارسته الألسنية.
إن نقد الخطاب الاستشراقي وتخيلاته ـ كما يشير/ قرم ـ الذي يعتمد فقط على فرضية وجود عداء إرثي الطابع بين الشرق والغرب، قد يفشل في إصابة هدفه الحقيقي المتمثل في ضرورة تفكيك الأسطورة المنسوجة حول الشرخ بين الشرق والغرب، ذلك أن هدف التفكيك لا يجب أن يكون تأجيج العداء بين العالمين، بل ـ بالعكس ـ الحد ّمنه، وإثبات بطلانه، وإظهار أثره المشؤوم في اللاوعي الجماعي الذي يرتوي، برغم التطور المزعوم للعلمانية، من معين النماذج التوراتية الأولى، سواءً كانت يهودية أم مسيحية أم إسلامية. هذا ما تفتقده أيضاً التحليلات البراقة التي أبرزت الطابع «الاستعماري» و«التوتاليتاري» الذي يتسم به خطاب الغرب عن الشرق، كما قام به إدوارد سعيد في كتابه الشهير عن الاستشراق.
عندما حصل الاعتداء على «أوكلاهوما» سيتي في الولايات المتحدة عام 1995، «أخذت أصابع الاتهام تشير بشكل حاسم إلى المسلمين. ثم أصيب الجميع بالذهول عندما تبيّن لاحقًا أن المسؤول عن العملية أمريكي « قحّ» يضمر حقدًا ذا طابع فوضوي على الدولة الفيدرالية. لا ينحصر، إذن، الجنون بالإسلام، لكن منظمة «الجهاد الإسلامي» و «حزب الله» و«حركة حماس» هي التي تتعرض لسمعة سيئة.
فبعد اعتداء الحادي عشر من سبتمبر، بذل الإسرائيليون كل ما في وسعهم للتأكيد على العلاقة بين عناصر القاعدة المنتمين إلى منظمة ابن لادن، والمنظمات الإسلامية التي تحارب الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين. بات الإسلام من الآن فصاعدًا معادلًا للإرهاب.
فهل سيصبح الإسلام، آخر الديانات التوحيدية ، طريد النظام الجديد الذي يفرضه الغرب المهيمن على العالم؟ وماذا سيكون مصير هذا الدين الإسلامي الذي تمّ جعله غريب الأطوار ومنبوذًا، بعد أن تعرض لفرنجة منحرفة تحت وطأة الاستعمار الأوروبي والثقافة الغربية الظافرة».
ويصعب علينا الجواب عن هذا السؤال الآن كما يرى جورج قرم، لأن جزءًا من الإجابة موجود في المسار المستقبلي لتطور الفكر الغربي والسياسة الدولية. : «ثم إن الثقافة الغربية لا يمكن توقع ردود فعلها، لأن طابعها الأساسي هو بعدها الجدلي والتناقضي، وصعوبة إيمانها بقناعات ثابتة، وكذلك طابعها النضالي والأيديولوجي الذي اتسمت به منذ عصر النهضة: يحكمها الخطاب النرجسي عن الذات والتحقيري عن الآخرين؛ النماذج التوراتية الأولية والنبوية ولاهوت الخلاص و «الشعب المختار» التي تهيكل هذا الخطاب العلماني الذي ادّعى إزالة الصفة الدينية عنه؛ الصدام بين الميل إلى تقوية الحريات إلى أقصى حد، والميل إلى تبني النموذج النبوي في نشر الأفكار والمعتقدات.
كذلك، لا تتمثل معجزة الغرب في قوته بحد ذاتها». بل في قدرته على الحفاظ على هذه القوة وتوسيعها بحسب د.قرم، بينما يكاد يقضي على نفسه وهو يبتلع الآخرين. : «الغريب هو أيضا التأرجح بين مواقف متطرفة ومتناقضة طبعت القرن العشرين وقبله القرن التاسع عشر. إنه الثورة والثورة المضادة في آن. إنه المواجهة العاتية بين الرأسمالية والاشتراكية. إنه العلمانية الداعية إلى إطلاق الحرية بشكلها الواسع ومواطنية على النسق الجمهوري، ويمثّل في الوقت نفسه حركة الانجذاب إلى تأكيد الهوية والانتماء العرقي والديني والتمسّك بتقاليد تخطاها الزمن، والنفور منها في آن، وغالبًا المزج بينهما. هذا ما لا نستطيع تمييزه جيدا، لأن الغرب يبقى دائمًا ظافرًا، ولأن لدينا ميلًا إلى التباس بين القوة والرشدانية».
أما اليوم، كما يرى هذا الباحث، فإن الغرب يقودنا إلى معركة أخرى: معركة العولمة الاقتصادية التي تريد إرساء نظام عالمي جديد و « عادل » فهل سنكون أكثر حكمة وتبصّرًا إزاء هذه المعركة الفكرية والسياسية؟ الإنسانية في انتظار مثل هذه الرؤى العادلة والصحيحة عن الآخر العربي والمسلم في إدارات الرؤساء الأمريكيين، لكنْ شيء لم يتحقق مع تعاقب رؤساء من الحزب الديمقراطي والجمهوري على السوى، فلم تتأثر القضايا العربية وأهمها قضية فلسطين بالمتغيرات والتحولات السياسية التي تحدث هنا وهناك، والتي يتناولها البعض بأحكام مسبقة ومتحيزة بصورة قاتمة ومتجاوزة للحقائق والوقائع الثابتة عن العرب والمسلمين، وستظل هذه التحيزات قائمة كلما كانت بعيدة عن العدل والإنصاف والمقاييس المتناقضة.