الصليب الأحمر لـ«التغيير»: ١٠٩٩ طلبًا عن مفقودين جراء الحرب و453 ادعاءً بالاعتقال
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
أسهم الصليب الأحمر في إطلاق سراح 565 محتجزاً بالخرطوم وغرب ووسط وشمال وجنوب دارفور في 13 عملية، ومن بين المحتجزين المفرج عنهم 91 قاصراً و170 جريح حرب و27 جندياً مصرياً
كمبالا: التغيير: سارة تاج السر
كشف المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام، عن استلام 1099 طلبًا للبحث عن مفقودين و453 ادعاءً بالاعتقال من عائلات لديها أفراد مختفون، منذ اندلاع الصراع بين الجيش والدعم السريع في الخامس عشر من أبريل.
وفي ديسمبر الماضي، تعرضت قافلة إنسانية للصليب الأحمر، لإطلاق نار متعمد، على ثلاث مركبات وثلاث حافلات تحمل جميعها إشارة اللجنة، أثناء إجلاء ما يزيد على مئة مدني بينهم أجانب من كنيسة القديسة مريم بالخرطوم إلى ود مدني، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين.
وأشار حزام في تصريحات لـ(التغيير)، إلى أن اللجنة سهلت، إطلاق سراح 565 محتجزاً بالخرطوم وغرب ووسط وشمال وجنوب دارفور في 13 عملية، ومن بين المحتجزين المفرج عنهم 91 قاصراً و170 جريح حرب و27 جندياً مصرياً.
إضافة إلى تقديم المشورة الفنية والدعم المادي “بما في ذلك أكياس الجثث ومعدات الحماية الشخصية” للمستشفيات في ولايتي الخرطوم والجزيرة ولفروع جمعية الهلال الأحمر السوداني في الخرطوم وبحري وأم درمان والجزيرة وكوستي والأبيض لدعم فرق الجمعية والمتطوعين في أعمال استعادة الرفات والتوثيق والدفن المؤقت للموتى.
وأكد حزام إجراء أكثر من 66,500 مكالمة هاتفية بين أفراد العائلات المنفصلين، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر السوداني، وتبادل 835 رسالة من الصليب الأحمر و352 تحية شفهية لإعادة التواصل بين العائلات. فضلا عن الرد على أكثر من 1900 مكالمة منذ بداية النزاع عبر الخط الساخن الذي أنشأته اللجنة الدولية للعائلات التي تبحث عن أحبائها في السودان.
ولفت إلى دعم 14 فرعاً للجمعية في جميع أنحاء السودان لتقديم خدمات إعادة الروابط العائلية للعائلات التي تفرقت بها السبل.
وأكد المتحدث باسم اللجنة، أن حادثة إطلاق النار المتعمد في ديسمبر الماضي، لم تؤثر على أنشطتها وأنهم موجودون في كسلا زبورتسودان، ودارفور والدمازين.
وأضاف:” فقط نعمل على مراجعة الإجراءات والتواصل مع الأطراف” لافتا الى إن اللجنة وزعت الأسبوع الماضي، موادا إغاثية للنازحين بولاية كسلا، مستهدفين أكثر من ٣ آلاف أسرة.
ونفذت اللجنة منذ منتصف أبريل الماضي، بشكل مستقل أو بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر السوداني، أنشطة مختلفة لحماية ومساعدة المتضررين من آثار الحرب. كما عملت بصفتها وسيطاً محايداً بين أطراف النزاع حيث تمكنت من إجلاء 300 طفل و 72 من المشرفين من دار المايقوما بالخرطوم إلى ود مدني، وإجلاء 10 أطفال اخرين تقطعت بهم السبل في جمعية خيرية للأيتام بحي أمبدة بالخرطوم إلى ود مدني، بجانب تدريب 10 من أخصائيي الأطراف الاصطناعية والأجهزة التعويضية وأخصائيي العلاج الطبيعي من مراكز إعادة التأهيل البدني وإدارة البتر التي تدعمها اللجنة، تبعت ذلك بتدريب حوالي 30 ممرضًا وأخصائي علاج طبيعي من مستشفى ود مدني لجراحة العظام والإصابات والمستشفى التعليمي ومستشفى الحصاحيصا، فضلا عن التبرع بـ 150 من معينات الحركة لمستشفى ود مدني والمستشفى التعليمي ومعسكر للنازحين من ذوي الإعاقة .
وأسهمت اللجنة في تقديم دورات في القانون الدولي الإنساني لأكثر من 5,150 من حاملي السلاح في الخرطوم ودارفور وكسلا والنيل الأزرق وجنوب كردفان لتعزيز معرفتهم بقواعد الحرب.
الوسومالجيش السوداني الدعم السريع الصليب الأحمر الهلال الأحمر السوداني مفقودو الحرب
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع الصليب الأحمر الهلال الأحمر السوداني
إقرأ أيضاً:
عامان على الحرب: صورٌ تحكي مأساة الإعلام السوداني وصمت استوديوهاته
الخرطوم في 9 مايو 2025- (راديو دبنقا) - البعد عامين من لهيب الحرب الذي اكتوى به السودان، تتجلى فصول كارثة إنسانية متفاقمة، لا تقتصر فصولها المؤلمة على قصص الضحايا والنازحين الذين عصفت بهم رياح الصراع. ففي العاصمة القومية الخرطوم، يبرز وجه آخر للمأساة، يتمثل في الدمار الشامل الذي لحق بجميع المؤسسات الإعلامية والصحف السودانية التي كانت يوماً نبضاً للحقيقة ومنبراً للمعرفة، مُسهمةً في ترسيخ قيم التعايش المشترك والديمقراطية. باستثناء مبنى الإذاعة والتلفزيون القوميين الذي سقط تحت سيطرة قوات الدعم السريع لرمزيته السيادية، تحولت هذه الصروح الإعلامية إلى مجرد أطلال صامتة، شاهدة على حجم الخراب الذي طال حتى صوت الكلمة.
يتضح من خلال هذا المشهد المأساوي، كيف لم يسلم من نيران الحرب حتى حراس الحقيقة وناقلوها، ليضاف فصل جديد ومؤلم إلى سجل الخسائر الفادحة التي تكبدها السودان وشعبه. نحاول في هذا التقرير استعراض نماذج للدمار الذي تعرضت له هذه المؤسسات، بعد ان اصبح الوصول لدور ومقار هذه المؤسسات ممكنا عقب اعادة الجيش السيطرة على الخرطوم.
إذاعة "هلا"... صمتٌ يلف الأثير
ياسر أبوشمالة، مدير إذاعة "هلا" التي كانت نبض الشباب السوداني وأحد أكثر المنابر الإذاعية شعبية، حبس أنفاسه وهو يشاهد للمرة الأولى صوراً ومقاطع فيديو لمبنى الإذاعة العريق في قلب العاصمة الخرطوم. "الخسارة فادحة ومؤلمة"، قالها بصوت يخنقه الأسى.
يضيف أبوشمالة، واصفاً حجم الكارثة: "لم يكن الأمر مجرد تدمير لمبنى، بل هو تدمير ممنهج لاستوديوهات البث والإنتاج بالكامل. كانت هذه الاستوديوهات مجهزة بأحدث التقنيات الرقمية: مازجات صوت متطورة، سيرفرات ضخمة، مكتبات صوتية لا تقدر بثمن، أرشيف برامجي يوثق لتاريخنا، ميكروفونات، كوابل، وحتى جهاز الإرسال الرئيسي الذي كان يحمل أصواتنا عبر الأثير إلى المحطات الأرضية لإعادة البث". يؤكد أبوشمالة أن كل تلك المعدات الثمينة "أتت عليها نيران الحرب ويد النهب، ولم تسلم الملحقات الأخرى، بما في ذلك أنظمة البودكاست الصوتية والمرئية المتطورة، شبكة الحواسيب، وأجهزة لا حصر لها". قُدّرت الخسائر المادية الأولية لإذاعة "هلا" بأكثر من 350 ألف دولار.
مركز "أرتكل"... حلمٌ تحوّل إلى أنقاض
مشهد الخراب لم يقتصر على "هلا"، بل امتد ليطال مركز "أرتكل" للإنتاج الإعلامي، الذي كان يُعد منارة إعلامية واعدة وصرحاً إنتاجياً ضخماً في السودان، مبنىً ومعنى. عثمان فضل الله، مدير المركز، عبّر عن صدمته بصوت كاد يغيب من فرط الألم: "ليتني لم أرَ تلك الصور القاسية... الدمار الذي لحق بالمركز جعلني أشعر وكأن خمسين عاماً من عمري قد سُحقت، وأن 25 عاماً من مسيرتي المهنية تحولت إلى مجرد ركام."
يتحدث عثمان عن "أرتكل" بحرقة، كأنه يتحدث عن كائن حي فُجع فيه: "المركز لم يكن مجرد مبانٍ ومعدات تُقدّر بمئات الآلاف من الدولارات، بل كان قصة حياة، مشروع حلم راودني طيلة مسيرتي المهنية، سكبت فيه عصارة فكري وجهدي، وكل ما أملك من خبرة وعلاقات وتفانٍ."
ويستطرد قائلاً: "كل قطعة أثاث، كل جهاز، كان يمثل لي جزءاً من كياني، ومساحة من ذاكرتي. كان طموحنا كبيراً، أردنا لـ"أرتكل" أن يكون نقطة ضوء حقيقية تشع في سماء الإعلام السوداني."
يكشف فضل الله أن المركز، الذي أُنشئ عام 2022 بُعيد ثورة ديسمبر المجيدة، حمل في طياته رؤية طموحة ليتجاوز كونه مجرد مركز إنتاج، ويصبح مدرسة للصحافة. "نظمنا العديد من الدورات التدريبية المتخصصة في صحافة السلام، ومكافحة خطاب الكراهية، وتعزيز النسيج الاجتماعي. كان المركز منصة لتوثيق فعاليات الثورة وملتقى للحوارات البناءة بين الصحفيين والصحفيات."
من الناحية الفنية، كان "أرتكل" صرحاً متكاملاً لإنتاج البرامج التلفزيونية، يضم استوديوين من أفخم الاستوديوهات المتكاملة، وخمس وحدات صوت مجهزة بتقنيات متنوعة، وثماني وحدات إضاءة حديثة، وثماني كاميرات احترافية، من بينها ثلاث كاميرات من طراز Canon 5D. كما كان يحتوي على ثلاثة حواسيب "ماك" متقدمة بأنظمة مونتاج وأرشفة متكاملة، ووحدة طباعة حديثة، وقاعة مؤتمرات شهدت العديد من الفعاليات الهامة، بالإضافة إلى قاعتين تدريبيتين مجهزتين بأحدث الوسائل.
"كنا نطمح لتحويله إلى أكاديمية تخرّج أجيالاً من الإعلاميين القادرين على مواكبة التطورات المهنية باحترافية عالية"، يقول فضل الله بحسرة، ثم يتنهد بعمق: "لكن كل ذلك الطموح أمسى حطاماً."
الدمار الشامل... ورغم الجرح، يبقى وميض الأمل
لم يسلم شيء من آلة الدمار؛ فالأجهزة والمعدات والأثاث وشبكات البث، وحتى السيارة الخاصة بإدارة المركز، كلها إما سُرقت أو دُمّرت بالكامل. ورغم هول الفاجعة، يقول فضل الله بنبرة يمتزج فيها الأسى بالإصرار: "لا أريد أن أبدو محبطاً أو يائساً، فذلك ليس من شيمنا، ولكن إعادة بناء المركز بنفس المواصفات والمعايير تبدو مهمة بالغة الصعوبة في ظل الظروف الراهنة." ومع ذلك، يختتم حديثه بلمحة أمل: "سنبذل قصارى جهدنا لإعادة الحياة إلى "أرتكل" قدر المستطاع... فالأمل، رغم كل شيء، ما زال يراودنا."