قليلة هي المواد الوثائقية الخاصة بسرد السير الذاتية وكشف التجارب الإنسانية العميقة، إذ إن معظم المقابلات والبرامج يغلب عليها الجانب الدعائي بعد إجراءات عمليات التعديل والتجميل لأصحابها بما يتوافق مع سياسة الجهة الممولة أو الهيئة المحررة للمادة، التي في العادة تُمرر خطابات مبطنة لترسيخ فكرة أو وأد معلومة.
أما الأفلام التي تحاول سبر أغوار التجارب فإنها تُحفظ في الذاكرة مثل الفيلم الوثائقي (ذهاب وعودة) الذي أنتجته قناة (RT Arabic) الروسية، وجاء مختلفا مع أن تدشينه كان بمناسبة الذكرى الثمانين على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا ومصر، ولكن طريقة تناول العلاقات بدأت بشكل مختلف عبر مترجم روسي مكث في مصر عدة سنوات في القطاع العسكري يدعى فيكتور ياكوشيف، الذي راح يتحدث عن تجربته في مصر ويسرد علاقته بثقافتها، و«فيكتور واحد من آلاف الروس الذين عملوا في مصر وبقيت لهجتها وثقافتها ومدنها وشوارعها وأناسها جزءا من حياتهم وذكرياتهم إلى الأبد». ختمت هذه العبارة الفيلم الوثائقي الممتد لخمس وثلاثين دقيقة، لكنها كانت كافية لنتعرف على التجارب الإنسانية غير المؤدلجة أو الببروجندا السياسية العسيرة على الفهم والإقناع.
في هذا الفيلم يستعرض المترجم العسكري ياكوشيف، الحاصل على رتبة مقدم في الجيش الروسي، بداية اهتمامه باللغة العربية، إذ استمع في بداية مراهقته إلى إذاعة صوت العرب من القاهرة، وشعر بجاذبية اللغة العربية وسحرها، فبدأ بالاطلاع على الكتب المتعلقة باللغة العربية في المكتبات الروسية، وبعد حصوله على شهادة الدبلوم العام حاول الالتحاق بجامعة لينينجراد ولكنه فشل في مسعاه، وسمع عن كلية عسكرية للغات الأجنبية في موسكو فالتحق بها سنة 1967، بعدها أُوفِد في مهمة عسكرية إلى مصر في شهر أغسطس من عام 1971، ثم بعد خمسين عاما على خروجه من مصر عاد إليها مرة أخرى، وطوال نصف قرن بقيت القاهرة وثقافتها في خياله، إذ يتذكر الأفلام المصرية التي ساعدته في إتقان اللهجة المصرية، منها فيلم (النظارة السوداء) الذي أنتج في سنة 1963 من بطولة نادية لطفي (1937-2020) وأحمد مظهر(1917-2002 ) وأحمد رمزي (1930-2012) وسناء مظهر (1932-2018)، وفيلم (في بيتنا رجل) الذي أنتج في سنة 1964، من بطولة عمر الشريف (1932-2015)، وزبيدة ثروت (1940-2016)، ورشدي أباظة (1920-1980)، ويوسف شعبان (1931-2021)، وفيلم (الصراع في الوادي) الذي أنتج في سنة 1954، من بطولة فاتن حمامة (1931-2015)، وعمر الشريف (1932-2012) وزكي رستم (1903-1972)، وفريد شوقي (1920-1998).
كانت مهمة المترجم ياكوشيف شرح العمليات العسكرية بين الجيشين المصري والروسي، والتقى في زيارته باللواء طيار أحمد كمال المنصوري، الذي حلّق بطائرات الميج الروسية نتيجة للتعاون المصري والروسي، (وهو الذي سيقضي عليه لاحقا الرئيس المصري أنور السادات (1918-1981) بعد طرده للخبراء السوفييت من مصر في يوليو 1972). كما ذكر ياكوشيف، أثناء حديثه مع اللواء المنصوري، مقتل بعض الطيارين الروس نتيجة للقصف الإسرائيلي، بقوله: «حتى أنني أتذكر أسماءهم، وهم جورافليوف ويورتشينكو وياكوفليف. جميعهم برتبة نقيب». في نهاية الفيلم يختتم المترجم العائد إلى القاهرة الحديث بقوله: «إحنا فهمنا إنه ما أخذ بالقوة لازم يتم استرداده بالقوة، وكان شعار الشعب المصري ساعتها، وكنا نؤيد هذا الشعار لأن فكرة الاحتلال تثير كراهية لدى الشعب الروسي، ونحن نشعر بأن قضية الشعب المصري والشعب العربي قضية عادلة، ونحن العسكر نؤيد الشعب الذي يريد يسترجع حقه في الأرض وحقه في السيادة».
هذه العبارة التي ختمت فيلم (ذهاب وعودة) تُذكّر بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتُعيد التذكير بأن الحقوق المسلوبة لا تُسترد إلا بالقوة، وإن اتفاقيات الاستسلام والارتهان للتطبيع لا تستعيد كرامة ولا أرضا ولا توقف آلة الاحتلال عن حصد الأرواح.
يبقى التذكير بأن فيلم (ذهاب وعودة) من إخراج كريم نجيب، وسيناريو وإعداد الإعلامية أنيسة مراد مديرة البرامج في قناة ( RT Arabic) وألّف موسيقى الفيلم الأخوان محمد وأحمد صالح.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
رمز جديد في واتس آب يثير الجدل…ما الذي يجب معرفته عن Meta AI؟
صراحة نيوز ـ أثار ظهور رمز دائري أزرق جديد داخل تطبيق واتس آب الكثير من التساؤلات بين المستخدمين. هذا الرمز يُمثل مساعد الذكاء الاصطناعي “Meta AI” التابع لشركة ميتا، والذي تم دمجه في التطبيق تلقائياً دون إمكانية حذفه أو تعطيله بالكامل حتى الآن.
ورغم أن بعض المستخدمين قد لا يرغبون في استخدام هذا المساعد، فإن الرمز سيبقى ظاهراً في الواجهة الرئيسية للتطبيق، ولا يمكن إزالته سواء تم استخدامه أم لا.
تنصح الشركة بعدم النقر على الرمز أو إدخال Meta AI في الدردشات الجماعية عبر الرمز @MetaAI، بالنسبة لأولئك الذين لا ينوون استخدام المساعد. ومع ذلك، من استخدمه بالفعل أو وافق على شروط الاستخدام، يمكنه فقط حذف المحادثات الفردية مع Meta AI.
لحذف محادثة الذكاء الاصطناعي، يمكن اتباع الخطوات التالية:
على أجهزة أندرويد: مرر المحادثة إلى اليسار واختر “المزيد” ثم “حذف”.
على أجهزة آيفون (iOS): مرر واختر “حذف” مباشرة.
وفقاً لقسم المساعدة في واتس آب، قد تكون بعض الردود التي يقدمها الذكاء الاصطناعي “غير صحيحة أو غير مناسبة”. لذا يُنصح بعدم مشاركة أي بيانات شخصية أو معلومات حساسة أو سرية أثناء التفاعل مع Meta AI. وفي حال تم إدخال هذه المعلومات بالفعل، توصي ميتا بحذف المحادثة وطلب حذف البيانات من الشركة عبر قنوات الدعم الرسمية.
بينما تسعى ميتا إلى تعزيز تجربة المستخدم عبر دمج الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتها، يبقى الحذر واجباً في التعامل مع هذه التقنيات، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية وحماية البيانات الشخصية.