وسط أوضاع اقتصادية شديدة التأزم وديون وصلت أعلى مستوى لها تحاول الحكومة المصرية تدبير  العملة الأجنبية اللازمة لتوفير احتياجاتها وسداد التزاماتها من خلال بيع أصول شهيرة وتاريخية، الأمر الذي خلق حالة من الجدل حول عمليات البيع وما إذا كانت سدادا لأمر طارئ أو استراتيجية دائمة في إطار خطة الدولة للتخارج من القطاعات الاقتصادية.

 

وزير قطاع الأعمال السابق في الحكومة المصرية هشام توفيق قال لموقع "الحرة" إن "إقدام الحكوم على بيع بعض أصولها هو جزء من سياسة تمكين القطاع الخاص ولابد أن تكون سياسة كاملة وصادقة الغرض منها دعم القطاع الخاص". 

وعن علاقة عوائد البيع بديون الحكومة المصرية، أشار الوزير السابق إلى أنه "لابد أن يكون عائد البيع موجها لسداد الديون بنسبة 100%، وليس لأي شيء آخر من مشاريع أو خلافه، ولو لم يحدث ذلك ستكون الحكومة كأنها لم تفعل شيئا". 

سداد الديون ودعم القطاع الخاص 

ويبلغ حجم ديون مصر 164.7 مليار دولار كثاني أكبر دولة من حيث حجم الديون التي يعد 42 مليار دولار منها مستحق التسديد في العام الحالي 2024، وهو ما تبحث الحكومة المصرية عن تدبيره حاليا من خلال عدة صفقات لبيع أصول كان آخرها بيع فندق مينا هاوس التاريخي ومعه عدة فنادق تحمل طابعا تاريخيا في القاهرة والإسكندرية وأسوان والأقصر. 

وأكد توفيق أن "إجمالي مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار انخفضت من 65% إلى 20% منذ عام 2011 حتى الآن، وهو أمر يتطلب دعما كبيرا وصادقا ومؤسسيا للقطاع الخاص للقيام بدوره بشكل تنافسي جيد ولتحقيق ذلك لابد للدولة أن توقف نشاطاتها الإستثمارية حتى في مشروعاتها التنموية التي كانت في مجملها أمرا جيدا لكنها أنفقت عليها بسخاء، وحين تقوم الحكومة بذلك فهي تعطي رسالة إيجابية لدعم القطاع الخاص وتمكينه من السوق سواء في عمليات التخطيط أو الإنتاج. 

وكشف الوزير السابق أنه حين تولى حقيبة وزارة قطاع الأعمال الذي يملك جانبا كبيرا من أصول الحكومة، طلب من رئيس الحكومة مصطفى مدبولي أن تساعد الحكومة في خلق كيانات تعزز من قدرة القطاع الخاص على أن يكون دور الحكومة رقابيا، يحمي أطراف الاستثمار من التغول على بعضها، لكن ما طرحه لم يلق القبول طوال 50 شهرا استمر فيها في موقعه الوزاري إلى أن غادره في أغسطس من عام 2022، بحسب قوله. 

وعن توقيت القيام بعمليات بيع الأصول، قال الخبير الاقتصادي مدحت نافع "هناك تأخر شديد في الالتزام بخطة تخارج الحكومة من النشاط الاستثماري وعدم مزاحمة القطاع الخاص. ونظرا لهذا التأخر تقرر القيام ببيع الأصول بشكل فيه تعجل، والتعجل يخلق حالة ارتباك في السوق خاصة وهناك أصول تملكها الحكومة لا تقدر قيمتها ولا تستطيع إدارتها وتحقيق ربحية منها". 

مزاحمة القطاع الخاص يفسد المنافسة 

وحول ما إذا كان بيع الأصول يخلق نتائج عكسية تتعلق بالربح من تشغيل تلك الأصول لحساب الحكومة كما في حالة الفنادق المباعة مؤخرا، أكد نافع أن "تخارج الدولة من الملكية أكبر من فكرة العائد من تلك الأصول لأن مزاحمة الدولة للقطاع الخاص في الاستثمار يفسد المنافسة، والتأخر في عملية التخارج يجعل البيع يتم تحت ضغط الديون والالتزامات المالية". 

ويبلغ معدل التضخم السنوى في مصر 35.2% وفقا للبيانات الرسمية وتعاني الأسواق من موجات متتالية من ارتفاع الأسعار خاصة في ظل انخفاض قيمة الجنيه المصري مع ارتفاع سعر العملات الأجنبية إلى مستويات قياسية خاصة في السوق غير الرسمية. 

ويرى نافع أن "صفقات بيع الأصول ستستخدم بالتأكيد في سداد الديون المستحقة سواء كان البيع داخل الموازنة العامة للدولة أو خارجها، كما أن ديناميكية الاقتصاد تقول إن تلك العمليات يمكن أن تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي بشكل عام لأنها يفترض أن تعطي مؤشرات إيجابية تؤثر على الأسواق". 

وأعلن مجلس الوزراء المصري أن قيمة الاكتتاب النهائي لعملية بيع الفنادق السبعة بلغت 800 مليون دولار هي قيمة 39% من حصة شركة ليجاسي المالكة للفنادق بما يتوزع معه هيكل ملكية الشركة لتصبح شركة أيكون التي يساهم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بشكل رئيسي لتصبح ضمن الملاك لفنادق ماريوت الزمالك ومينا هاوس وشتيجنبرجر وسوفوتيل وينتر بالاس وموفنبيك أسوان وأولد كتراكت. 

وحول ما إذا كانت تلك القيمة تمثل سعرا عادلا، قال نافع إن "العمليات الكبيرة من هذا النوع تتحكم فيها عدة عوامل معروفة وتتكون من عدة عمليات تتضمن ما يطلبه البائع وما يعرضه المشتري وما يحدده خبراء التثمين من خلال الوضع الاقتصادي للأصول المباعة، والحكومة لديها مقيمون على درجة من الاحتراف وبالتالي الأرقام المعلنة للصفقة تمثل نقطة الالتقاء التي وافق عليها كل الأطراف المشاركة في العملية". 

اشتراطات البيع تحافظ على القيمة التاريخية 

وبالإضافة للقيمة المادية الكبيرة والشهرة المحلية والإقليمية تحمل تلك الفنادق المباعة قيمة تاريخية كبرى، وكانت شاهدة على أحداث هامة من التاريخ المصري حيث بنى ماريوت الزمالك الخديوي إسماعيل لاستقبال صيوف مصر عند افتتاح قناة السويس قبل أن يصبح فندقا في نهاية القرن التاسع عشر عام 1879م. وماريوت مينا هاوس وسوفيتيل وينتر بالاس وتأسسا عام 1886م، أما فندق أولد كتراكت أسوان فقد تم افتتاحه 1902 وشتيجنبرجر الإسكندرية عام 1929 في حين افتتح منتجع موفنبيك أسوان في القرن العشرين عام 1975. 

ومنذ الإعلان عن صفقة بيع الفنادق ثارت أسئلة عدة حول الوضع التاريخي لتلك الفنادق بشكل خاص وللقيمة التاريخية للأصول التي تبيعها الحكومة بشكل عام على اعتبار إنها تحمل هوية مصرية خالصة، وهو ما يرى معه هشام توفيق أن "هذه التساؤلات ووجهات النظر في محلها في ما يتعلق بالهوية لكن الأمر يتعلق بالتخطيط ومساعدة القطاع الخاص في النهوض وليس لتغيير الهوية لأن الفنادق ستبقى موجودة كما هي ولن تختفي". 

واتفق مدحت نافع مع ذلك، مشيرا إلى أن "تلك الأصول لم تكن مملوكة للحكومة ملكية عامة وإنما هي ملكية خاصة بمعنى أنها مملوكة لجهات وشركات وصناديق مملوكة للحكومة، وستبقى تلك الأصول كما هي ولن تتغير. ووفقا للقانون واشتراطات البيع فإنه سيمنع على مالكها سواء كان مصريا أو غيره أن يقوم بأشياء تغير من طرازها المعماري أو قيمتها أو مقتنياتها التاريخية". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحکومة المصریة القطاع الخاص بیع الأصول تلک الأصول

إقرأ أيضاً:

طفرة تاريخية.. الزراعة: صادرات القطاع حققت 8.8 مليون طن حتى الآن

كشف علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، عن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية حتى الآن، حوالي 8.8 مليون طن، وذلك بزيادة تقارب 750 ألف طن عن نفس الفترة العام الماضي.


يأتي ذلك وفقا لتقرير رسمي تلقاه الوزير من الدكتور محمد المنسي رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي، بقطاع الخدمات الزراعية والمتابعة، حول أبرز إحصائيات الصادرات الزراعية المصرية، وتقدمها حتى الآن.


ووفقا للتقرير واصلت الموالح المصرية تصدرها قائمة الصادرات الزراعية المصرية، بكمية إجمالية تجاوزت 2 مليون طن، تليها البطاطس الطازجة بكمية 1.3 مليون طن، ثم تأتي البطاطا في المركز الثالث بكمية إجمالية حوالي 328 ألف طن، يليها الفاصوليا (طازجة + جافه) في المركز الرابع بكمية حوالي 312 ألف طن، ثم البصل الطازج في المركز الخامس بكمية إجمالية 282 ألف طن.

وأشار التقرير إلى تقدم عدد كبير من الحاصلات الزراعية المصرية الأخرى، من بينها العنب بكمية 191 ألف طن، الرمان بكمية 154 ألف طن، ثم المانجو 122 ألف طن، تليها الطماطم، والفراولة الطازجة، الثوم الطازج، والجوافة.

وفي سياق متصل أكد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن هذه الطفرة التاريخية، في الصادرات الزراعية المصرية، تعد دليلاً قاطعاً على قوة ومرونة الاقتصاد الوطني، وتؤكد على التزام مصر بأعلى معايير الجودة والسلامة الغذائية التي تتطلبها الأسواق الدولية، كما انها شهادة دولية على نجاح مصر في تعزيز تنافسية صادراتها.

وأشار الوزير إلى أن المنتج المصري يحظى بثقة كبيرة في الأسواق الدولية، مما يعزز مكانة مصر كقوة زراعية عالمية ويسهم بفاعلية في دعم الاقتصاد الوطني وجذب العملة الأجنبية، وذلك بإعتبار الصادرات الزراعية أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني، مشيداً بالجهود المبذولة من جميع حلقات المنظومة، بدءاً من المزارع وانتهاءً بالمصدر.

ولفت الوزير إلى الدور المحوري الذي تلعبه الإدارة المركزية للحجر الزراعي والمعامل المرجعية في ضمان سلامة المنتجات، فضلا عن العلاقات الزراعية الخارجية، وجهود الوزارة المستمرة بالتعاون مع الجهات المعنية لفتح المزيد من الأسواق الجديدة وغير التقليدية أمام المنتجات المصرية، وتذليل كافة التحديات اللوجستية والإجرائية التي تواجه المصدرين لدعم استدامة النمو في قطاع الصادرات.

طباعة شارك الزراعة وزير الزراعة الصادرات الزراعية

مقالات مشابهة

  • تراجع تاريخي في مخاطر الديون المصرية: تكلفة التأمين تهبط لأدنى مستوى منذ 70 شهرًا (خاص)
  • طفرة تاريخية.. 8.8 مليون طن إجمالي الصادرات الزراعية المصرية العام الحالي
  • طفرة تاريخية.. الزراعة: صادرات القطاع حققت 8.8 مليون طن حتى الآن
  • صراع تاريخية الحضارة المصرية .. مناظرة قوية بين زاهي حواس ووسيم السيسي | فيديو
  • مصر.. الحكومة تكشف حقيقة نيتها بيع المطارات ضمن برنامج الطروحات
  • الحكومة تطرح المطارات المصرية للبيع .. وزارة الطيران تكشف الحقيقة
  • مجلس الوزراء يكشف حقيقة اعتزام الحكومة بيع المطارات المصرية ضمن برنامج الطروحات
  • عاجل- الحكومة توضح حقيقة بيع المطارات المصرية: الدولة تؤكد الملكية الكاملة وتوضح أهداف برنامج الطروحات
  • أسبوع أبوظبي المالي يرسم خريطة طريق لمستقبل سوق الديون المرمّزة
  • عاجل- رئيس الوزراء يناقش مع القطاع الخاص فرص الاستثمار في منطقة "المثلث الذهبي" ويؤكد دعم الحكومة للمستثمرين الجادين