موقع النيلين:
2025-07-06@13:48:57 GMT

هوية الكائن الرقمي الجديد

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT


ـ (هناك تجاوزات رقمية سريعة التأثير في بنى المجتمع الهش. وهناك آثار خطيرة على وحدة قيم هذا المجتمع. لكن الأجدر بالتفكير الآن، هو كيف نجتاز عصر الرقمنة، في بؤر متفسخة من الأدلجة والمثاقفات المستغربة وتنويعاتها اللا أخلاقية الشاذة؟).

ما يطلق عليه حديثا بـ”علم الاجتماع الرقمي”، لا يبحث فقط في الاتصالات والإعلام والدراسات الثقافية، بل يتجاوز ذلك، إلى تقنيات الكمبيوتر واستخداماته الشعبية المنتشرة.

أدارت تكنولوجيا الرقمنة، عالما مدهشا، وحقلا غير مسبوق في السوسيولوجيا الإعلامية، وهو ما سيؤثر لا محالة في متاهات التعامل مع المنصات عبر الإنترنت، وتجاوراتها وتقاطعاتها أيضا مع المجتمع والثقافة والسلوك البشري. وأضحى مفهوم المجتمعات الرقمية، والتفاعلات الاجتماعية عبر الإنترنت، وتأثير التكنولوجيا على الهياكل الاجتماعية، وآثار الوسائط الرقمية على الهوية والعلاقات الاجتماعية، الأكثر حضورا في علم الاجتماع الرقمي المذكور. الشيء الذي سيفرز قيما في النقاش العام لهذا التوجه، في السنوات القليلة القادمة، خصوصا وأن العديد من منظري هذا السياق الأكاديمي والبحثي، سيضعون ضمن تناولاتهم الأساسية مسألة “عدم المساواة وديناميكيات القوة التي تنشأ في العالم الرقمي”، وواجهات النشر السريع ضمن وحدات التواصل الاجتماعي المختلفة، وآفاقها وانتظاراتها في دراسات الاتصال والأنثروبولوجيا ودراسات التكنولوجيا.

لقد أثار الأمريكي فاريل وبيترسن، مصطلحا جديدا، يواكب هذا الرصد المستقى مما أسماه “عالم الاجتماع المتردد”، ويقابل هذا التوجه التقائية البيانات للدراسات البحثية الاجتماعية، التي يتكئ عليها، مع ما يحتمله التحول الطفيف، في مجال الدراسات الثقافية متعدد التخصصات (الذي غالبًا ما يكون مرتبطًا بالدراسات الإعلامية) والذي ظهر في السبعينيات، وكذا الأبحاث والتنظيرات المتعلقة بوسائل الإعلام.

وتذهب دراسات غربية، إلى أن مختصي الدراسات الثقافية كانوا يهتمون بشكل خاص بالثقافة السيبرانية بدلا عن مصطلح “مجتمع المعلومات” أو “علم اجتماع تكنولوجيات المعلومات” الذي يميل إلى استخدامه في علم الاجتماع. إلا أن التركيز “السيبراني” على الدراسات الثقافية ضمن باراديغم الأبعاد المستقبلية والخيال العلمي للتكنولوجيات المحوسبة، ضيقت واسعا، وأضحت “تكنولوجيا المعلومات” موجهة بالضرورة للاستخدام المبني والواقعي والنفعي لهذه الأجهزة للوصول إلى المعلومات.

والحقيقة أن وحدة الهدف السوسيولوجي، في هذا المضمار الجديد والمتجدد، ظل يمايز في الجوهر بين الثقافة الإلكترونية والجوانب الموازية التي تؤطرها وسائل الإعلام والثقافة الشعبية.

واستبق علماء الاجتماع البريطانيون هذا الاحتدام، ليطرحوا تيمات أكثر وعيا وأوسع نطاقا، فقاربوا الجريمة والاغتصاب والقتل والطبقية الاجتماعية. فكان لذلك وقع فاعل في عقول الناس وثقافتهم واجتماعهم، وهو ما سرع بطرح إشكالات القيم المجتمعية، كالقيود المفروضة على الحريات التي تفرضها الهياكل الاجتماعية مثل الطبقة الاجتماعية والجنس والعرق، والآثار الناجمة عن تداخلات السياسة بالدين، والحقوق الإنسية في المجتمعات الإثنية… إلخ.

من خلال قراءاتي البحثية، لبدايات هذا العلم، ودوره في حلحلة السياقات التي شهدت أخيرا بزوغ أسئلة جديدة في وسائل الإعلام الجماهيرية والرقمية، اكتشفت أن أول بحث نُشر لاستخدام مصطلح “علم الاجتماع الرقمي” كان لعالم اجتماع أمريكي في مجلة أمريكية “وين” سنة 2009، وأن جمعية علم الاجتماع البريطانية قد وافقت رسميا على مجموعة دراسية جديدة في علم الاجتماع الرقمي عام 2013. كما قدمت جامعة غولدسميث، جامعة لندن، أول درجة ماجستير في علم الاجتماع الرقمي، وتم نشر أول كتاب بهذا العنوان في عام 2013 (Orton-.

يقول كيب أورتون “لا يقتصر علم الاجتماع الرقمي على قيام علماء الاجتماع بالبحث والتنظير حول كيفية استخدام الآخرين للتقنيات الرقمية أو التركيز على البيانات الرقمية المنتجة عبر هذا الاستخدام”.

ووفق هذا المنطلق، فإن لعلم الاجتماع الرقمي مضامين أوسع بكثير من مجرد دراسة التقنيات الرقمية، مما يثير تساؤلات حول ممارسة علم الاجتماع والبحث الاجتماعي نفسه.

ويواجه هذا التخصص رهانا آخر حول كيفية استخدام علماء الاجتماع أنفسهم للوسائط الاجتماعية وغيرها من الوسائط الرقمية كجزء من عملهم. كما تميل نفس أنواع الاهتمامات والمناهج النظرية إلى المشاركة من قبل علماء الاجتماع الذين يكتبون على وسائل الإعلام الرقمية وآخرون يعلقون على القضايا ذات الصلة مثل مستقبل علم الاجتماع كنظام، وأنواع أساليب البحث التي ينبغي استخدامها، وكيف ينبغي تصورها، والطرق التي أصبحت بها قضايا القياس والقيمة بارزة في المجتمعات المعاصرة، وظهور اقتصاد المعرفة والتشكيلات السياسية الجديدة وعلاقات القوة الواضحة. في حين أنه لا يمكن لجميع هؤلاء العلماء تصنيف أنفسهم على أنهم علماء اجتماع رقمي على وجه التحديد، إلا أن عملهم ساهم بشكل كبير في الاتجاه المميز للتخصص الفرعي كما ظهر أخيرًا.

السؤال المطروح بإزاء هذا القول، كيف ننخرط نحن كإعلاميين وباحثين في حقول الاتصال والثقافة والفكر، في بنية مفاهيمية لا تتمظهر ضمن تفاعلاتنا المجالية. وليس لها أي صدى في اختياراتنا وتمثلاتنا؟

ما هي العلامات التي تتقاطع فيها معارف العلم التأويلي الجديد “علم الاجتماع الرقمي”، وقياساته الأفقية، التي أضحت فاعلا استراتيجيا في كل اكتشافات العصر التكنولوجي المتغول، بكل جغرافياته اللامحدودة وفواعله المترامية وأدواته الخطيرة؟

كيف سنتمكن من تجاوز الفوارق الشاسعة بين عالمين متناقضين متصارعين، يتفاوتان في تحديد عناصر الفهم والتلقي، ويتناظران في أسباب الوجود والسيرورة؟

هل ننجح في توسيع هذه الحدود المصطنعة، ليصير الكائن التكنولوجي الرقمي، جزءا من الفهومات السياسية والثقافية والهوياتية، المأمولة أن تنتقل بنا من عالم الخوف والشك والاستقواء وتردي القيم الكونية، إلى فضاء مشترك مسالم متسامح، يعدل في توزيع الثروة العلمية والمادية، وينصف في توحيد رؤى التحضر والعيش بكرامة، ويناصر مواثيق الأمن والائتمان، بكل خلفياته المجالية والبيئية والتنموية… إلخ.

مصطفى غلمان – هسبريس المغربية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی علم الاجتماع

إقرأ أيضاً:

المنصات الرقمية تعزّز بيئة الأعمال وتزيد من ثقة المستثمرين

مسقط- العُمانية

مع تسارع وتيرة التطور التكنولوجي وتزايد أهمية الحلول الرقمية في دفع عجلة التنمية، أطلقت وزارةُ التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العديد من المنصات الرقمية كأدوات محورية لتسهيل الإجراءات، وتبسيط الخدمات، وتمكين المستثمرين، ورفع جودة المنتجات الوطنية، وصولًا إلى تحفيز الابتكار ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وتأتي في مقدمة هذه المنصات منصة "عُمان للأعمال" التي تقدم مجموعة واسعة من الخدمات الإلكترونية الموجهة لتحسين تجربة المستثمرين وأصحاب الأعمال في بيئة الأعمال العُمانية، وتشمل هذه الخدمات تسجيل وإلغاء السجلات التجارية، وإصدار شهادات المنشأ، واستخراج التراخيص، وإدارة الوكالات التجارية، وخدمات الملكية الفكرية، إلى جانب التصاريح التجارية، وتصفية الشركات، والبحث في قاعدة بيانات السجلات التجارية ضمن بيئة رقمية موحدة وسهلة الاستخدام تُسهم في تسريع الإجراءات وتعزيز كفاءة العمل.

وتتكامل منصة عُمان للأعمال مع 17 جهة حكومية وتتبادل البيانات مع 35 جهة حكومية إضافة إلى غرفة تجارة وصناعة عُمان، كما بلغ عدد الجهات التي فعّلت سجل الالتزام في المنصة 10 جهات حكومية لتقديم تجربة شاملة ومتكاملة في تعزيز بيئة الأعمال.

وبلغت نسبة الخدمات المُرقمنة نحو 76.5 بالمائة من إجمالي خدماتها، و89 بالمائة من الأنشطة التجارية رُخصت تلقائيًّا دون الحاجة إلى موافقات مسبقة، كما تم إصدار أكثر من 328 ألفًا و215 ترخيصًا تلقائيًّا منذ تدشين الخدمة في أبريل 2021م وحتى نهاية عام 2024م.

وتتيح منصة "استثمر في عُمان" الإلكترونية لزوارها إمكانية التعرف على البيئة الاستثمارية والحوافز والمناطق الصناعية والحرة والاقتصادية في سلطنة عُمان، إضافة إلى وجود قنوات اتصال متنوعة تُمكِّن الصالة من التفاعل مع المستثمرين وتلبية احتياجاتهم والرد على استفساراتهم، وتوفير قاعدة بيانات للمستثمرين المهتمين بالاستثمار في سلطنة عُمان في مختلف المجالات.

وشهدت المنصة منذ انطلاقها في فبراير 2023م وحتى يونيو 2025م، أداءً متناميًا يعكس فاعلية الجهود الوطنية في جذب الاستثمارات النوعية؛ إذ استقبلت المنصة 90 طلبًا استثماريًّا بإجمالي قيمة استثمارية بلغت 5.38 مليار ريال عُماني، وتم توطين 43 مشروعًا بقيمة 2.25 مليار ريال عُماني في قطاعات استراتيجية كالصناعة، والصحة، والأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، وأسهمت فرق العمل المتخصصة في دعم هذا التوجه، حيث اعتمد فريق استهداف الشركات وتطوير الأعمال نهجًا قائمًا على تحليل البيانات لتحديد الأسواق ذات الأولوية.

وفيما يتعلق بدعم المنتج الوطني، تأتي منصة "صُنع في عُمان" إحدى المبادرات الاستراتيجية الداعمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسهم في تهيئة بيئة مواتية لنموّها واستدامتها، وتوفر المنصة للمؤسسات الحاصلة على شعار "صُنع في عُمان" فرصة عرض منتجاتها الوطنية أمام شريحة واسعة من المستهلكين في السوقين المحلي والدولي، ما يعزز زيادة الطلب على تلك المنتجات ورفع الطاقة الإنتاجية للمؤسسات، بما يستلزم توظيف كوادر إضافية في مجالات الإنتاج والإدارة والتسويق.

وتُعد "منصة معروف عُمان" أداة وطنية لتوثيق المتاجر الإلكترونية المرخصة في سلطنة عُمان وتعزيز موثوقيتها لدى المستهلكين، وتتيح لأصحاب المتاجر إمكانية تسجيل متاجرهم وربطها بسجلاتهم التجارية أو بسجلات العمل الحر، ما يكسب ثقة العملاء وزيادة قاعدة المتعاملين معهم، وقد أسهمت المنصة في زيادة عدد المتاجر المسجلة بنسبة 236.4 بالمائة.

وتعمل "منصة حزم" كأداة تنظيمية ورقمية متقدمة تسهم في رفع جودة المنتجات وتعزيز الابتكار في الأسواق العُمانية، على إدراج المنتجات التي تتطلب الحصول على شهادات المطابقة وتحديد جهات تقويم المطابقة المعتمدة، ما يُسهم بشكل مباشر في رفع مستوى جودة المنتجات المحلية وضمان مطابقتها للمواصفات القياسية، وتتيح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة توسيع نطاق أعمالها بما يتوافق مع طبيعة المنتجات المدرجة، ويعزز فرص النمو والانتشار في الأسواق المحلية والإقليمية.

وحققت منصة مراكز سند للخدمات إقبالًا متزايدًا على إنجاز المعاملات ليصل عدد ما تم إنجازه عبر البوابة الإلكترونية للمراكز أكثر من 872 ألف معاملة وخدمة إلكترونية خلال عام 2024م، وبلغ عدد مراكز سند للخدمات حتى نهاية شهر يونيو 2025م نحو 920 مركزًا، تقدم حوالي 377 خدمة إلكترونية.

مقالات مشابهة

  • الكارت الموحد.. خطوة استراتيجية نحو التحول الرقمي وتحقيق العدالة الاجتماعية
  • الكشف عن ثروة ترامب وحصة العملات الرقمية فيها
  • يعلن مكتب الشئون الاجتماعية بمحافظة إب و جمعية الرضمة التعاونية عن نتائج الاجتماع التأسيسي
  • المنصات الرقمية تعزّز بيئة الأعمال وتزيد من ثقة المستثمرين
  • المغرب يمهّد لتقنين العملات الرقمية عبر مشروع قانون جديد
  • دبي تدرج العملات الرقمية في تركة المتوفى
  • تعلن محكمة سنحان الأبتدائية عن بيعها بالمزاد العلني العقار الكائن في صبر خيره محطة النصر
  • السلامة الرقمية محور في «عطلتنا غير»
  • سورية تطلق هوية بصرية جديدة
  • سوريا تكشف عن هوية بصرية جديدة.. فما الرسائل التي تحملها؟