لجريدة عمان:
2025-10-12@14:02:00 GMT

فلسطين في الثقافة العربية

تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT

فلسطين في الثقافة العربية

أمران نمهّد بهما مضمون هذا المقال:

الأول: إن فلسطين، بحواضرها، وبشكل خاص القدس ويافا، منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، شكلت زمانا ومكانا حاضنا للنهضة العربية الحديثة، حيث شاركت فيها بشكل مميز، فكانت ندا ثقافيا فاعلا للحواضر العربية. لقد كانت مدن نابلس وعكا حيفا والخليل حواضر ثقافية مشاركة وحاضنة للثقافة العربية، عبر الكتب والمجلات والندوات والمؤتمرات الثقافية.

الثاني: إن فلسطين التي تعرضت للاحتلال البريطاني والهجرات الصهيونية كانت أيضا حاضرة في عمق الثقافة العربية، والصحافة التي كانت بمثابة ثقافة فعلية. وبذلك فقد كانت الثقافة العربية أكبر حاضن لفلسطين قضية سياسية وثقافية. وقد تجلى ذلك بشكل مهم واستراتيجي بعد عام 1948، بعد أن تمّ وأد النهضة العربية في فلسطين بشكل لافت.

لم تقصّر الثقافة العربية ولا المثقفون العرب في الاحتفاء بفلسطين، أكان في تمكين مثقفيها وشعرائها وكتابها وفنانيها في الاندماج فيها، أو في تناول الهمّ الفلسطيني في الصحافة والأدب والتعليم المدرسي والجامعي.

وقد تواجدت فلسطين في الدراما، ومنحها ظهور التلفزيون، وبالأخص الدراما التلفزيونية مجالا حيويا.

استقصاء التاريخ الفني الدراما خصوصا، بما تشتمل من دراما مسرح وسينما ومسرح يؤشّر على وجود فلسطين الفاعل؛ ذلك أن الفترة المزدهرة المرتبطة بعقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، بسبب حالة المدّ العربية المتضامنة ليس مع فلسطين فقط، بل دول الطوق، حيث تعرضت بلاد الشام ومصر للعدوان الإسرائيلي؛ فتركزت الأعمال الفنية التي جعلت فلسطين، والصراع العربي الصهيوني موضوعا لها، في كل من مصر لما لها من دور أصلا في الإنتاج الفني، لكن مصر كانت وما زالت الحضن الحنون لفلسطين، إضافة لبلاد الشام سوريا والأردن ولبنان. ولا ننسى عديد الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التي كان الاستعمار والاستقلال موضوعها. ثم خفت تقريبا نسبيا في عقد الثمانينات لتعود مرة أخرى مع انتفاضة الحجارة عام 1988، ولعلنا نتذكر مسرحية واقدساه المصرية العربية، والمسرحية الأردنية البلاد طلبت أهلها. لكن ولأسباب لها علاقة بمؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وما تبعه من تسويات، ومنها اتفاقية أوسلو للسلام عام 1993، جعل الموضوع الفلسطيني يتراجع، لكنه عاد في الانتفاضة الثانية عام 2000 حيث كان اوبريت الحلم العربي، واعتقد أن الحرب الصهيونية على غزة الحبيبة وعلى الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، ستكون موضوعا قادما في الفن والأدب في العالم العربي.

إنه سؤال وطني للفلسطينيين وسؤال قومي للعرب، وهو سؤال وجودي عميق، لعله يعيد البوصلة إلى مكانها، ذلك وقد جربنا وهم التسويات السياسة، في فلسطين وغيرها من البلدان، فإن الاشتباك الثقافي والفني مع القضية الفلسطينية هو طريق الخلاص القومي فعلا، وهو منطلق التحرر من الاستعمار الاقتصادي والثقافي والعسكري، لذلك فإن ما يحصل في الحرب على غزة، أكان ذلك متمثلا بملحمة المقاومة، أو إبادة الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة، يشكل رافعة قومية في الفن والثقافة والإعلام. إن الفن العربي الحرّ والمتنور يتضامن مع فلسطين وقضايا الأمة العربية، وأهميته أنه يقدم بأسلوب جمالي مشوق، ولا يقتصر على الشعارات والخطب. وإن البداية ستكون هنا في فلسطين، لإعادة وهج القضية إلى الأدب والفن الفلسطيني.

لم تقصّر العروبة الثقافية؛ فما زالت الأمة العربية متجانسة ومتضامنة، وهي تسعى من خلال الأفراد، والذين سيصير لهم ناظم شعبي (ورسمي مستقبلا)، انطلاقا من الوعي على أن استهداف فلسطين المستمر انما هو استهداف للأمة العربية، وعليه فسيكون دوما للمثقفين دورهم في الانتصار لقضاياهم الحقيقية، في الهوية والوحدة، لا ما تلهيهم بعض الدوائر بقضايا غير حقيقية، عبر محاكاة الفن الموصوف بالمعاصر الذي لاءم الأماكن التي خرج فيها في الغرب، لما كان من سياق وأسباب وخصوصيات تختلف عن واقعنا العربي.

عودة فلسطين إلى الثقافة العربية يكون بالمساهمة في تحريرها، وكذلك في جعلها إحدى قضايا الأمة المرتبطة فعلا بها، فلا يتحقق التحرر العربي جزئيا، من هنا يصبح الإقبال على فلسطين هو إقبال على كل بلد أيضا.

وعودة الثقافة العربية إلى فلسطين، هي عودة طبيعية، بل استئناف لما كان، كون القضية العربية، وقضية الثقافة العربية والنهضة العربية هي جميعا مندرجة في منظومة واحدة موحدة فعلا، تشكل بوصلة المصير، فليس المطلوب فقط حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني، بل مصير الأمة العربية؛ فلم يكن مثلا يوسف شاهين في فيلمه المصير قبل ثلاثة عقود، متحدثا عن الأندلس في زمن معين، ولا مصر في زمن حديث ومعاصر، بل أراد مصيرنا العربي.

إن القطرية الموغلة في التقوقع على الذات لن تنجي هذا القطر أو ذاك، كذلك فإن مد التحالفات خارج الوطن العربي ليس خلاصا. لم يكن مثلا مدّ الجسور مع الأوروبيين سياسيا في قطر عربي عزيز وغال، على حساب الرابطة العربية مخلصا، كما لم يكن التحالف خارج العروبة مخلصا أيضا.

الطريق واضح لوجود فلسطين على خارطة الثقافة العربية، وتفعيل هذا الوجود. كذلك فإن الاهتمام بالتنوير على الثقافة العربية في فلسطين المحتلة أمر مهم للأجيال هنا في فلسطين، حتى تعرف طريقها وتتجنب الاغتراب.

ثمة مقترح مهم اليوم وغدا، يساهم في استلهام الحالة الفلسطينية ثقافيا، أدبيا وفنيا، من خلال فكرة القوافل الثقافية التي يمكن أن تصل إلى رفح، تضامنا مع شعبنا في قطاع غزة، فإن ذلك بالطبع يعود للمثقفين والكتاب والفنانين في مصر المحروسة، وهو بلا شك سيعني الكثير ليس للأهل هناك، بل للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، كونه سيكون ملهما لجمهور الثقافة العربية. إن إصغاء المثقفين المصريين والعرب الذين يمكنهم الوصول إلى حدود فلسطين، سيعني لنا وقوف الأشقاء معنا. من ناحية أخرى، وفي حال التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإننا نتمنى أن تتوجه جموع المثقفين إلى داخل قطاع غزة، لعمل مخيم شبه دائم لأشهر، يعايش فيه المثقفون شعب فلسطين، ويخففون من آلامهم، خصوصا أن الغزيين والفلسطينيين بشكل عام هم جمهور أدبي وفني لهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الثقافة العربیة فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

مجلس إدارة منظمة العمل العربية يصدر بيانا عاجلا لدعم عمال وشعب فلسطين

أصدر مجلس إدارة منظمة العمل العربية، برئاسة محمد جبران رئيس مجلس الإدارة، وزير العمل المصري، في دورته الثالثة بعد المائة، المنعقدة في القاهرة، بجمهورية مصر العربية، اليوم السبت، بدعوة من المدير العام للمنظمة فايز المطيري، بيانا لدعم عمال وشعب فلسطين، جاء فيه أن مجلس إدارة منظمة العمل العربية، يؤكد موقفه الثابت والداعم للحقوق المشروعة لعمال وشعب فلسطين، وفي مقدمتها حقّهم في تقرير مصيرهم وإدارة شؤون دولتهم.

ويرحب المجلس بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبدء عودة آلاف النازحين مع الانسحاب التدريجي لقوات الاحتلال، مثمناً الجهود الدبلوماسية التي ساهمت فيها الدول العربيه لإنجاح وتيسير تدفّق المساعدات الإنسانية، ويشيد بكل تحرّكٍ عربي ودولي أفضى إلى إنهاء الحرب المدمرة، وتبني مسار السلام العادل والشامل.

ويطالب المجلس بإلزام سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الاضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية نحوهم، وتقديم مرتكبي هذه الانتهاكات أمام المحاكم الدولية باعتبارها جرائم حرب وإبادة.

وإذ يُعرب المجلس عن بالغ قلقه إزاء جرائم الإبادة الجماعية غير المسبوقة التي خلفتها حرب سنتين في قطاع غزّة، فإنه يُشدّد على ضرورة الفتح الفوري والدائم للمعابر لإدخال الغذاء والدواء والوقود والمياه، وضمان وصولها الآمن إلى جميع المناطق السكنية، والتعجيل باستعادة الخدمات الأساسية. 

كما يؤكد أنّ إعادة إعمار قطاع غزّة أولويةٌ ملحّة لتمكين العودة الآمنة والكريمة للأسر إلى منازلهم وأحيائهم، وتشغيل الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل كريمة، دون المساس بحقوق العمّال الفلسطينيين، ويدعو المجلس الحكومات وأطراف الإنتاج الثلاثة في الدول العربية إلى تكثيف الدعم لعمّال وشعب فلسطين عبر المساهمة الفاعلة في البرامج الإغاثية والصندوق الفلسطيني للتشغيل، ودعم برامجِ التشغيلِ كثيفِ العمالة والتدريبِ المرتبطِ بالعمل؛ بما يساهم في تخفيف آثار الحصار الاقتصادي والقيود المفروضة على دولة فلسطين.

وأوضح المجلس رفضه الكامل لدخول قوات الاحتلال والمتطرفين إلى المسجد الأقصى والأماكن والمقدسات الدينية بما يحمله من استفزاز لمشاعر المسلمين والمسيحيين ويتعارض مع كافة المواثيق الدولية في هذا الشأن.

وشدد مجلس إدارة منظمة العمل العربية، على التزامه بمواصلة جهوده في الدفاع عن حقوق عمال وشعب فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى (جنوب لبنان والجولان السوري) في المحافل الاقليمية والدولية، والعمل على حشد الدعم لإنفاذ خطط الإغاثة والإنعاش المبكّر للاقتصاد إلى أن تُستعاد الحقوقُ كاملةً. 

و يناشد المجلس، الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين للانضمام إلى موجة الاعترافات الدولية الأخيرة، دعمًا لحقّ الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرّف في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • العربية للتنمية الإدارية تنظم غدا بتونس الملتقى العربي السابع للحوكمة
  • منظمة العمل العربية تؤكد دعمها لحقوق عمال وشعب فلسطين
  • مجلس إدارة منظمة العمل العربية يصدر بيانا عاجلا لدعم عمال وشعب فلسطين
  • بوقرة : “مباراتنا ضد منتخب فلسطين كانت اختبار جيد لنا”
  • ميقاتي: تحية للدكتورة لينا الطبال التي عبرت عن تضامننا جميعاً مع أهل فلسطين
  • بوتين: روسيا لديها مستوى عال من الثقة مع الدول العربية بما في ذلك فلسطين
  • برلماني: رفع علم مصر في غزة ترجمة لمكانتها في الوجدان العربي ودورها في دعم فلسطين
  • خبير سياسي: زيارة ترامب لمنطقة الخليج العربي كانت محطة فاصلة بمسار حرب غزة
  • سفير فلسطين السابق : موقف مصر الصخرة التي تحطمت عليها مخططات التهجير
  • سمو وزير الثقافة يشارك في الاجتماع الـ29 لوزراء الثقافة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية