الجزيرة:
2024-06-02@22:58:20 GMT

كامب ديفيد.. أول اتفاقية سلام مع إسرائيل

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

كامب ديفيد.. أول اتفاقية سلام مع إسرائيل

كامب ديفيد، اتفاقية سلام مصرية إسرائيلية، تنص أبرز بنودها على إنهاء الحرب بين الدولتين وإقامة علاقات ودية بينهما، وُقعت بالبيت الأبيض يوم 26 مارس/آذار 1979 بعد أشهر من اتفاق إطاري للسلام في منتجع كامب ديفد الرئاسي بالولايات المتحدة الأميركية يوم 17 سبتمبر/أيلول 1978.

وقع الاتفاقية كل من الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن وحضرها الرئيس الأميركي جيمي كارتر، وتعدّ أول خرق للإجماع العربي الرافض للاعتراف بإسرائيل.

وبعد التوقيع مرّت العلاقات بين مصر وإسرائيل بمحطات من التوتر وتبادل الاتهامات حول مدى الالتزام بمقتضيات الاتفاقية، وفي 11 فبراير/شباط 2024 تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تهديد مصري بتعليقها "إذا تحرك جيشها بريا في رفح".

ما قبل السلام

تعود أولى حروب مصر وإسرائيل إلى عام 1948، حين اندلعت أولى حروب العرب وإسرائيل عقب إنهاء الانتداب البريطاني على أرض فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل، وانتهت هذه الحرب بهزيمة العرب فأطلق عليها "النكبة".

وعلى مدى السنوات والعقود اللاحقة، تواصل الصراع العسكري بين مصر وإسرائيل، فكانت أبرز محطاته حرب 1956 التي شاركت فيها كل من بريطانيا وفرنسا إلى جانب إسرائيل، ووقَعت بعد إعلان تأميم قناة السويس من طرف الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر، وعُرفت بالعدوان الثلاثي على مصر.

ثم هاجمت إسرائيل مصر وسوريا والأردن عام 1967 بشكل متزامن ومفاجئ، وتمكّنت من شلّ معظم العتاد الحربي العربي بتدمير أسراب الطائرات وهي على الأرض، واحتلت شبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية، وعرفت هذه الحرب بـ"النكسة" لما تسببت فيه من خسائر للثلاثي العربي.

وبتنسيق بين مصر وسوريا، اندلعت حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 على إسرائيل، فحققت أهدافا هامة في أيامها الأولى، واستطاع الجيش المصري عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، كما توغلت القوات السورية حتى بحيرة طبريا مرورا بمرتفعات الجولان، قبل أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من إعادة احتلالها والعبور إلى الضفة الغربية لقناة السويس، واستمرت الحرب نحو 20 يوما انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.

واستنادا إلى القرارات 338 و339 و340 التي أصدرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأيام الأخيرة للحرب، بدأت محادثات بين مصر وإسرائيل توصلت إلى ما عرف باتفاق مفاوضات الكيلو 101، ثم اتفاقية فك الاشتباك الأولى بجنيف يوم 18 يناير/كانون الثاني 1974، واتفاقية فك الاشتباك الثانية في الرابع من سبتمبر/أيلول 1975.

وكان لوزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر حضور لافت في محادثات الطرفين خلال هذه المرحلة، وصرح في مقابلات صحفية بأن الإدارة الأميركية سعت للوقوف أمام النصر العربي على إسرائيل باعتباره ضربة للولايات المتحدة نفسها.

سياقات وفاعلون

تقول سياقات الأحداث إن طبيعة شخصية السادات الساعية إلى تحقيق نصر ولو جزئي بعد هزائم مدوية للعرب في 3 حروب متتالية (1948 و1956 و1967) كانت باعثة على تحول في الموقف المصري، خصوصا في ظل قرارات مجلس الأمن الدولي التي مهدت للجلوس على طاولة المفاوضات جنبا إلى جنب مع الإسرائيليين وتوقيع اتفاقيات تهدئة.

كما أن مصر واجهت خلال الفترة التي تلت الحرب أزمة اقتصادية ألجأت نظام السادات، الذي وعد برخاء اقتصادي لشعبه، إلى تغيير بوصلة التحالف نحو الغرب الرأسمالي، كما اضطرته إلى إعلان مشروع ميزانية يرفع أسعار معظم المواد الاستهلاكية، فكان من نتائجه ما عرفت بثورة الخبز مطلع عام 1977 التي اندلعت بالتزامن في عديد من المدن المصرية.

ويوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1977 أعلن السادات أمام مجلس الشعب المصري استعداده لزيارة القدس والحديث أمام الكنيست الإسرائيلي، مما رأى فيه مناحيم بيغن فرصة مواتية، فأرسل دعوة إلى السادات.

وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1977 كان السادات يلقي خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي، وفيه استعرض رؤيته للسلام، وأكد أن الفكرة ليست جديدة بالنسبة إليه وأن فيها مخاطرة، ليدعوا بيغن بعدها لزيارة مصر، وهو ما تم يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 1977، حيث انعقد مؤتمر قمة الإسماعيلية.

وبرعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر، خاض الطرفان مفاوضات في منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأميركية، تمخضت عن التوقيع على الاتفاق الإطاري للسلام يوم 17 سبتمبر/أيلول 1978، ثم التوقيع الرسمي على اتفاقية السلام يوم 26 مارس/آذار 1979 من طرف كل من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ورئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن.

أبرز البنود

حملت بنود اتفاقية كامب ديفيد أول اعتراف عربي رسمي بإسرائيل وسيادتها على الأراضي الفلسطينية التي تحتلها، وحقها في أن تعيش في سلام، مع تعهد كل من الطرفين المصري والإسرائيلي بـ"أن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه"، وتقديم مرتكبي هذه الأفعال أو المشاركة فيها للمحاكمة.

وتمثل المادة الأولى أبرز مضامين الاتفاقية، فهي تنص على إنهاء حالة الحرب بين الطرفين، وإقامة علاقات طبيعية وودية بينهما، كما تنص على أن تسحب إسرائيل "قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب".

وتشمل بنود الاتفاقية إقامة ترتيبات متفق عليها لتوفير الحد الأقصى من الأمن لكلا الطرفين، بما في ذلك مناطق محدودة التسليح في الأراضي المصرية أو الإسرائيلية، ووجود قوات أممية ومراقبين من الأمم المتحدة، ومنح السفن الإسرائيلية والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها حق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها.

وتنص الاتفاقية أيضا على تعهد الطرفين بعدم الدخول في أي التزامات تتعارض معها، وأن تكون الالتزامات الناشئة عنها ملزمة ونافذة حتى في حالة تناقضها مع التزامات أخرى سابقة لأطرافها.

مصر خارج الجامعة العربية

حملت قمة بغداد في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1978 أبرز رد عربي على الاتفاق الإطاري للسلام بين مصر وإسرائيل، حيث أصدرت قرارا يحظر الصلح المنفرد مع إسرائيل، ودعت حكومة السادات إلى التراجع عن مشروع السلام باعتباره خروجا عن الإجماع العربي الرافض للتفاوض.

كما قررت القمة التي دعا لها 10 زعماء عرب، تطبيق قوانين اقتصادية لحصار الشركات المصرية التي تتعامل مع إسرائيل، مع تجنب أي تدابير من شأنها الضرر بمصالح الشعب المصري، وكلفت وزراء الخارجية بوضع هذه التدابير.

لكن السادات مضى في طريق السلام مع إسرائيل ووقع الاتفاقية في شهر مارس/آذار التالي، وهو ما ردت عليه الجامعة العربية بتعليق عضوية مصر ونقل مقر الأمانة العامة من القاهرة إلى تونس، وتعيين الشاذلي القليبي أمينا عاما جديدا، وهو الوحيد الذي تقلّد المنصب من غير المصريين، ولم تستعد مصر عضويتها إلا بعد 10 سنوات، وتحديدا عام 1989.

وقبيل التوقيع النهائي على المعاهدة، مُنح الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن جائزة نوبل للسلام بالتقاسم بينهما يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 1978، إلا أن السادات قرر عدم تسلمها بشكل مباشر وتبرع بقيمتها المالية لسكان قريته ميت أبو الكوم بالمنوفية.

منعطفات تاريخية

في 11 فبراير/شباط 2024، وفي وقت تحدث فيه الإعلام الدولي عن خطة عسكرية إسرائيلية لاقتحام جنوب قطاع غزة بمحاذاة الحدود المصرية، نقلت هيئة البث الإسرائيلي أن مصر أبلغت حكومة بنيامين نتنياهو بتعليق اتفاقية كامب ديفيد "إذا تحرك جيشها بريا في رفح"، باعتبار أن الاتفاقية تحظر أي تحريك للقوات العسكرية على الحدود دون توافق بين الطرفين.

وبينما لم تصدر حكومة مصر ما يؤكد رسالة التهديد إلى إسرائيل، حذرت شخصيات مقربة من النظام المصري من "الدفع إلى انفجار الموقف"، واعتبرت أن "حدود مصر تشكل خطا أحمر".

لم تكن هذه هي المرة الأولى من نوعها، فعلى مدى العقود التي تلت توقيع كامب ديفيد، تبادل الطرفان المصري والإسرائيلي الاتهامات أكثر من مرة حول مدى الالتزام بمقتضيات الاتفاقية، فحسب وثيقة تعود للعام 1981 وكشفت عنها المخابرات المركزية الأميركية يوم 26 أبريل/نيسان 2008، فإن السادات كان يفكر قبيل اغتياله في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1981 في قطع العلاقات، إذ اعتبر أن إسرائيل والولايات المتحدة تخلتا عن تعهداتهما.

ولم تستعد مصر منطقة طابا إلا في مارس/آذار 1989، أي بعد 10 سنوات من توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبعد عدة أشهر من صدور حكم محكمة لاهاي في سبتمبر/أيلول 1988 بأحقية مصر في المنطقة.

ووصل الفتور في العلاقات أوجه مع الاجتياح العسكري الإسرائيلي للمدن الفلسطينية في الثاني من  أبريل/نيسان 2002 حيث أعلن وزير الإعلام المصري حينها صفوت الشريف وقف جميع الاتصالات بين حكومتي الدولتين باستثناء "القنوات الدبلوماسية التي تخدم القضية الفلسطينية".

وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وقعت عدة حوادث على الحدود، بينها هجوم إسرائيلي أدى لقتل 6 عسكريين مصريين في سيناء خلال أغسطس/آب 2011، مما تسبب في حالة غليان شعبي وتوتر في العلاقات، وأدى لاقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة لأول مرة في تاريخها.

كما أن إسرائيل وجهت العديد من الاتهامات لمصر بعدم تطبيق مقتضيات الاتفاقية على مدى العقود الماضية، وفي أغسطس/آب 2012 اعتبرت أن إدخال طائرات مقاتلة ودبابات وآليات مدرعة إلى سيناء بذريعة الحرب على منابع الإرهاب دون تنسيق مسبق يشكل انتهاكا سافرا للاتفاقية، ودعت إلى إخراجها عقب انتهاء العمليات العسكرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بین مصر وإسرائیل الرئیس المصری سبتمبر أیلول کامب دیفید مع إسرائیل مارس آذار

إقرأ أيضاً:

تشيلي تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل

أعلن رئيس تشيلي غابريال بوريتش يوم السبت أن بلاده ستنضم إلى جنوب إفريقيا في دعواها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

وزيرة الاستيطان الإسرائيلية تهاجم "العدل الدولية" وتتهم أبو مازن بسن "قوانين لقتل اليهود"

وقال بوريتش في خطاب ألقاه أمام كونغرس بلاده: "قررت أن تدعم تشيلي وتنضم إلى الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، في إطار اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".

تجدر الإشارة إلى أنه في 29 ديسمبر 2023، قدمت جنوب إفريقيا طلبا لإقامة دعوى ضد إسرائيل بشأن انتهاكات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها "اتفاقية الإبادة الجماعية" فيما يتعلق بالحرب على قطاع غزة. وفي 26 يناير 2024، أصدرت المحكمة إجراءات احترازية بناء على طلب جنوب إفريقيا.

وفي 24 مايو الماضي، صوت 13 من قضاة العدل الدولية لصالح وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح مقابل معارضة اثنين أحدهما القاضي الإسرائيلي أهارون باراك.

ومن ضمن التدابير الجديدة التي أصدرتها المحكمة ضد إسرائيل، فتح معبر رفح أمام دخول المساعدات إلى القطاع، وتقديم تقرير للمحكمة خلال شهر عن الخطوات التي ستتخذها. كما أمرت المحكمة إسرائيل بضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية.

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان قد أعلن في بيان يوم الاثنين الماضي، أنه تقدم بطلبات لإصدار مذكرات اعتقال ضد بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فضلا عن طلبه إصدار مذكرات اعتقال ضد قادة حركة "حماس" الفلسطينية على رأسهم يحيى السنوار.

وتلزم مذكرة الاعتقال الصادرة عن محكمة العدل الدولية جميع الدول الـ123 الموقعة على اتفاقية روما، والتي تستمد المحكمة سلطتها منها، بالقبض على الشخص الذي صدرت بحقه مذكرة التوقيف، عند وصوله إلى أراضيها.

المصدر: RT + فرانس برس

مقالات مشابهة

  • وفاة وزير خارجية إسرائيل الأسبق ديفيد ليفى.. ونتنياهو: نشعر بحزن عميق
  • وفاة نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق المغربي الأصل ديفيد ليفي
  • اتفاقية تعاون لتوريد وتوصيل المحروقات مع جامعة عجلون الوطنية
  • تشيلي تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل
  • "مدائن" توقع اتفاقية مع "سداد" لتقديم خدمات الدفع الإلكتروني الذاتي
  • دولة آسوية تعلن استعدادها للمشاركة بقوات حفظ سلام في غزة
  • هل تتصدع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل بعد التوتر الأخير؟
  • أوكرانيا والسويد توقعان اتفاقية للتعاون الأمني
  • وفد "IPPC" يزور الحجر الزراعي المصري لبحث تعزيز قدرات الصحة النباتية المصرية
  • وفد «الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات» يزور الحجز الزراعي المصري